أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

الزواج بأجنبيات في الإمارات:هروب من تكاليف الزواج الباهظة أم بحث عن المتعة والراحة

- مروة كريدية من دبي
تتصدّر ظاهرتا العنوسة والطلاق المشكلات الأسرية في معظم الدول العربية فيما تقضّ هاتان الظاهرتان مضجع الاخصائيين في العديد من الدول الخليجية التي عادة ما تفرض قوانين الأحوال الشخصيّة فيها على المرأة صعوبات بالغة في الزواج برجل من غير جنسية بلدها أو تمنعها من تزويج نفسها بغير إذن الوليّ.

في وقت تفرض فيه العادات والتقاليد الاجتماعية ضغوطات لا يستهان بها لجعل هذه الظواهر في دائرة المسكوت عنها يتنامى التحذير في الأوساط الثقافية والاجتماعية حيث أصبحت التداعيات السلبية ظاهرة للعيان بعد ازدياد نسبة المتحدرين من أمهات من أصول آسيوية وأجنبية في الجيل الجديد ما أسفر عنه تداعيات خطرة أبرزها ما يتعلق بالهوية الوطنية وعدم اندماج الابناء مع العادات وتراجع اللغة العربية، فيما أظهرت دراسة للمراكز الاجتماعية في الشارقة أن 60 % من الأحداث المنحرفين في الامارات هم أبناء لمواطنين مسنين تزوجوا بآسيويات صغيرات.

إحصائيات تدق ناقوس الخطر! 

وتُعد الامارات إحدى الدول الخليجية التي تعاني نسبة عنوسة مرتفعة حيث تتجاوز نسبة عنوسة الفتاة الاماراتية 40 % في ظلّ إقبال المواطنين الذكور على الزواج من أجنبيات بسبب ارتفاع تكاليف المهور والمتطلبات الخيالية والتبذير غير المبرر في حفلات الزواج – حيث تقام أكثر من حفلة للزواج الواحد تتوزع بين خطبة وشبكة وليلة حنة وعرس للنساء وآخر للرجال – حيث قاربت تكلفة مجموع ما ينفق في الأعراس 11 مليار درهم سنويًّا وُفق مركز دبي للإحصاء وهو مبلغٌ كبير إذا ما قورن بمجموع حالات الزواج وعدد المواطنين في الدولة.

وتشير الإحصاءات الرسمية الى ارتفاعٍ ملحوظ بنسبة الزواج من أجنبيات خلال الأعوام الأربعة الأخيرة حيث بلغت حتى منتصف هذا العام نسبة 30,7 % فيما كانت 26,3% عام 2006 أي ان أكثر من ثلث الزيجات المسجلة في المحاكم الشرعية تكون بغير مواطنة، هذا عدا الزواج العرفي والصوري وزواج المسيار والكثير من الزيجات السريّة التي تتم دون تسجيلها في المحاكم وبالتالي فإن النسبة الحقيقية تكون أضعاف الرقم المذكور .

وكان جمال البح رئيس منظمة الأسرة العربية قد أعلن عن أن60% من الإماراتيين الذين تزوجوا أجنبيات كزوجة ثانية طلقوا الزوجة الأولى المواطنة مشيرا الى أن 36% من المواطنين المتزوجين من أجنبيات دخلهم المادي يقل عن 10 آلاف درهم شهريا ونسبة الزوجات الأجنبيات الجامعيات لا يتجاوز 9% فيما 91% منهم غير ذلك.

ولعل الأمر المقلق في الإحصاءات هو ان 62 % ممن تزوجوا بأجنبية كان قد سبق لهم الزواج من مواطنة، أي أنهم لجأوا الى الزواج بالأجنبية كخيار ثانٍ أو بديل اما للتعبير عن واقع غير مرضٍ او بحثا عن الراحة. فيما تتوجه أصابع اتهام الخبراء الى المتغيرات الحداثية التي طرأت على المجتمع في الأعوام الأخيرة.

الزواج من أجنبية: هروب من تكاليف الزواج الباهظة أم بحث عن المتعة والراحة

سالم :" الزوج أصبح مجرد صّراف آلي يعمل بإشارة الزوجة"
حصة :"القانون يُصعّب علينا الزواج من جنسيات أخرى" 
جمال :"لابد من تقديم مصلحة الوطن على النزوات الشخصية"

للاطلاع على خلفيات هذه المشكلة ايلاف استطلعت آراء بعض الشابّات والشبان حول أسباب عزوف الاماراتي على الارتباط بابنة البلد فيما رفض البعض فكرة الارتباط بأجنبية سواء كانت من جنسية عربية او غيرها وسواء كانت الزوجة الثانية أم لا.

حصّة. س( 37 سنة ) تقول : "شارفتُ على الأربعين عامًا ولم أرزق بابن الحلال... لقد فاتني قطار الزواج وأصبحت "عانسًا " كما يقولون وان كنت أرفض استخدام هذا المصطلح لكنه هو الحقيقة ". وردًّا على سؤالنا حول الأسباب من وجهة نظرها قالت :" أولا عدد الرجال لا يكفي كل السيدات هذا لو افترضنا ان كلّ مواطن تزوج مواطنة فعدد الاناث يبلغ 4 أضعاف عدد الذكور... والقانون يُصعّب علينا الزواج من جنسيات أخرى. .. كما أن الأمر مرفوض اجتماعيا بالكامل. فالأسرة تسمح للرجل بالزواج من غير المواطنة وتمنع الفتاة من الزواج بغير مواطن...". وحول امكانية القبول ان تكون الزوجة الثانية لرجل متزوج قالت: "لا يوجد امرأة سويّة على وجه الأرض تقبل بأن يشاركها أحد في زوجها، ولكن الظروف الضاغطة من جهة والقوانين من جهة أخرى والعادات والتقاليد من جهة ثالثة تحتّم على الشابّة مرغمة القبول بالزواج من رجل متزوج.... فالزواج من كبير السن او النزول على ضرة أفضل من البقاء "عانسًا" عند البعض".

سالم.ع.(42سنة) ألقى باللوم على الشابّات المتطلبات اللواتي يُرهقن الرجل بطلباتهن وكثرة "زنّهن" ما يدفع بالرجل للارتباط بأجنبية "خفيفة المصاريف" "قليلة المشاكل" مقارنًا بين الزواج بمواطنة واجنبية فيقول: "أنا زوجتي الأولى (أم عيالي) مواطنة ولكنها تكاد ترهقني بمصاريفها وتبذيرها وخفة عقلها وكثرة إنجابها ما حوّل بيتنا الى جهنم الحمراء..... فلو سمعت بموديل حقيبة جديد أسرعت باقتنائه ولو ذهبت الى صديقاتها زيارة اشترت أفخم الملابس... والأولاد يتربّون مع "البشكارات" (الخادمات) فيما هي تقوم بتحنية يديها ونفخ شعرها والبحث عن أفخم أنواع العباءات وموديلاتها ". مشيرا الى ان هذه هي حال معظم المواطنات في زواجهن وأضاف :" جداتنا وامهاتنا كانت الواحدة فيهن تغسل بيديها وتطبخ وترعى أطفالها وتعجن الخبز... إني أقدسّ امرأة أول (زمان)... أما الحين (الآن) الحرمة ترى الزوج مجرّدATM machine صراف آلي يعمل بالإشارة. هذا عدا تكاليف الزواج الخيالية فمتوسط سعر العرس الواحد حوالى 350 ألف درهم ( حوالى 100 ألف دولار)". سالم متزوج بزوجة ثانية ويؤكد انه اختارها عن وعي لتكون رفيقة دربه لذلك فهو اختارها من جنسية عربية ويقول عن زواجه الثاني: "لقد سئمت من كثرة المشاكل مع الأولى وحاولت ان أبحث عن زوجة تريحني ومحترمة في الوقت نفسه... فتزوجتها بمهر متواضع جدًّا وخاتم فقط وأسكنتها في شقّة صغيرة، وهي فوق هذا متعلّمة وموظفة في شركة كبيرة وجميلة الشكل... أنجبت منها ولدا واحدا حيث تقوم بالعناية به بنفسها وتدريسه كما تقوم بتنظيف البيت والطبخ. .. اني فخور بالزواج منها تزوجتها منذ 6 اعوام وستبقى زوجتي لأنها تحبني وتحترمني ولا تستغلني بكثرة طلباتها المادية".

فواغي. ع (28 سنة) موظفة غير متزوجة وترفض ان يلقى باللوم على المرأة وطلباتها وتساءلت: "لماذا يرفض الشاب مصاريف الزواج والانفاق فيما يحرص على شراء أفخم السيارات لنفسه ويعمل على اقتناء أحدث الموبايلات وساعات اليد؟" ورفضت ان تتزوج من رجل متزوج مفضّلة ان تبقى من غير زواج مدى الحياة على ذلك.

جمال. م ( 35 سنة) يرفض فكرة الزواج بغير ابنة الامارات ويقول: "أرفض الزواج بغير مواطنة تمامًا" مؤكدًّا ان العادات العربية العريقة وحس الانتماء لا تكون الا بالحياة مع انسانة تفهم تلك الأمور ويشير الى انه لابد من تقديم مصلحة الوطن على النزوات الشخصية داعيًا الشاب الاماراتي الى الزواج بأكثر من مواطنة لحل مشكلة العنوسة وداعيا الاماراتيات الى المساهمة في ترويج فكرة تعدد الزوجات وعدم المبالغة في متطلبات الزواج لانها قضية وطنية قبل كل شيء.

تداعيات إجتماعية وانهيارات أسرية:

ويرى المحللون ان من أهم المشكلات الاجتماعية الناجمة عن مشكلة الزواج بأجنبية ما يتعلق بالانتماء الوطني والهوية. وحول ذلك يقول سلطان. ق باحث في قضايا التوجيه الأسري: "نحن أمام معضلة حقيقية فالطفل يتأثر بلغة والدته وانتمائها وعاداتها لا سيما في مرحلة الطفولة... فما الذي يحصل عندما تكون الام لا تتكلم العربية ولا تعرف عن العادات الاسلامية شيئًا. .. لاشك في ان كارثة ستحلّ بنا مع الوقت".

ويرى سلطان ان كان الزواج بأجنبية شرّا مستطيرا لابد منه ويستحيل بالتالي منعه فلا بأس من الزواج بعربية لوجود الرابط اللغوي والديني ما يخفف الكثير من الأضرار مؤكدّا ضرورة تحديث برامج توعية مميزة حول الزواج ومسؤوليته الأخلاقية المترتبة عليه ولابد من تنبيه الشاب إلى الأضرار المحتملة من الزواج بأجنبية.

وعن تداعيات مشكلتي الزواج بأجنبية وتفاقم العنوسة من الناحية النفسية قال الدكتور محمد. س أخصائي نفسي وأعصاب: "في المجتمعات العربية للعنوسة أثار نفسية قاسية ربما لا نجدها في المجتمعات الغربية. ... والسبب ان المرأة تتمتع في بلاد الغرب باستقلالية تمنحها حرية اختيار شريك حياتها بنفسها بغض النظر عن جنسيته او ديانته او مستواه كما ان القانون يمنحها حق الانفصال. ... أما في مجتمعاتنا الخليجية فالشابة تنتظر من يأتي ويطلبها وتقع فريسة الملل والانتظار لذلك نجدها في حالة بحث مستمر عن زوج مع ما يرافق ذلك من تصرفات ومشكلات كثيرة فالعادات تمنعها من التكلم المباشر مع الشاب والتصريح المباشر له... لديّ حالات كثيرة لمُرَاجعات يعانين من الاكتئاب الحادّ ومن حالات الوسواس القهري وغيرها من الامراض النفسية التي قد تؤدي الى انهيار عصبي".

وينبّه إلى أن من أخطر الأضرار الناجمة عن الزواج بأجنبية في ان معظم هذه الزيجات تنتهي الى الطلاق ويكون الضحايا من الاطفال الذين يحتاجون الى رعاية نفسية خاصة عقب حرمانهم من أحد الوالدين ما يزيد احتمالات الانحرافات السلوكية خلال مراحل حياتهم. 

Total time: 0.0611