د. محمد حسين النظاري
الرئيس والتهيئة للحوار
من منا لا يدرك حرص الاخ عبد ربه منصور هادي –رئيس الجمهورية- على انجاح الحوار الوطني، فالرجل على كاهله حمل ثقيل، أولاً كرئيس للدولة، وثانياً كنائب وأمين عام للمؤتمر الشعبي العام –الشريك الرئيسي في عملية التسوية السياسية- وثالثاً كمواطن يمني يريد لبلده أن تخرج من هذه المحنة التي كادت أن تعصف بالبلد، لولا تسلمه السلطة من الرئيس السابق للجمهورية الاخ علي عبد الله صالح، بطريقة سلمية عبر صناديق الانتخابات، التي خففت الاحتقان الكبير الذي كان سائداً في تلك الفترة من جهة، وجعلت وجوده على رأس الدولة شرعياً ودستورياً من جهة أخرى، بحيث صعّب الامور أمام من كانت تسول له نفسه استمرار فصول الازمة.
الرئيس هادي يشعر تماماً حجم المسئولية التي قبل بتحملها، ولهذا نجده مثقلاً بهموم الدولة وعلى رأسها انجاح مؤتمر الحوار الوطني، ويسعى جاهداً بكل الوسائل جمع كل الاطراف السياسية تحت مظلة المؤتمر، ليقينه أنه السبيل الوحيد الذي لا يوجد غيره للعبور من الوضع الذي تمر به البلاد.
لهذا نلمس جيداً الجهود الحثيثة التي يقوم بها الرئيس للتوفيق بين كل الاطراف داخلياً، ومن كل التيارات السياسية، وقد نجح في خلق العديد من التفاهمات التي جنبت اليمن اختلاق مشاكل كثير أثناء فترة عمل اللجنة الفنية لمؤتمر الحوار الوطني، وساعده في ذلك التفاف كل الاطراف حوله بالإضافة للمساندة الشعبية، كون استطاعته الخروج باليمن من هذا المأزق والوصول بها للانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة سيكون انجازاً كبيراً، لا يقل عن انجاز تحقيق الوحدة ذاتها.
تحركات الاخ الرئيس لا تنصب فقط مع الاطراف الداخلية، بل نجده يحرص على إشراك الاشقاء والأصدقاء في اتمام التسوية السياسية، كونهم شركاء فيها من خلال تبنيهم للمبادرة الخليجية وآلياتها المزمنة، وعلى هذا جاءت الجولة الاخيرة للأخ الرئيس الى دولتي الامارات والكويت وسلطنة عمان، فالدول الثلاث دول شقيقة يهمها نجاح اليمن في الخروج بالأزمة وفق بنود تلك المبادرة، بالإضافة الى أن الدعم الاقتصادي الذي يقدمه الاشقاء عنصر رئيسي، ولا غنى لليمنيين عنه خلال هذه الفترة تحديداً، كون المشكلة ليست سياسية فقط، بل هي اقتصادية بالمقام الاول.
إن تأكيد الاخ الرئيس على نجاح زيارته لتلك الدول ليؤكد أن رؤاهم تتوافق مع ما يقوم به منذ انتخابه في فبراير الماضي، فما يحدث في الداخل لا يمكن عزله عن دول الجوار، فالأطراف السياسية خاصة المعارضة الموجودة في الخارج يمكن أن تتأثر بالحلول التي سيقدمها الأشقاء -وتقتنع بها- والذين لن يدخروا جهداً في دفع تلك الاطراف للاشتراك في مؤتمر الحوار الوطني، كون عدم اشتراكهم فيه، أو مشاركتهم المشروطة، لن تسهم في تنقية الأجواء، والشروع بمصالحة حقيقية من أجل الوطن.
ولأن إبعاد أو استبعاد معارضة الخارج لن يقود الى نجاح التسوية، فالأمر ذاته ينطبق على المنادين بعدم مشاركة الرئيس السابق في عملية الحوار، فاستبعاده خطأ سيقع فيه الجميع، كون المناصرين له كرئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام لن يقبلوا بإقصائه، ولن تفلح أي جهود للتسوية وأحد الاطراف يشترط استبعاد طرف بعينه إلا لطرفين أولهما يحمل السلاح ضد الدولة والمواطنين، وثانيهما يبعد نفسه بنفسه من خلال وضع العراقيل السبّاقة أمام عربة التسوية.
إذا كنا نريد أن نخرج بالبلاد مما هي فيه، فما علينا جميعاً إلا نسيان كل شيء حدث قبل فبراير 2011م إلا دماء الناس الذي ثبت بالدليل تورط البعض في قتلهم، فهذا يأخذ القضاء فيه مجراه، أما ما هو سياسي، فقد جبّت الانتخابات الرئاسية ما قبلها وارتضى الجميع الاحتكام للمبادرة الخليجية والياتها المزمنة، وبالتالي فهي دستور هذه المرحلة، ومن يحيد عنها فسيجد المجتمع الدولي أمامه ممثلاً بمجلس الامن وبقية الدول الشقيقة والصديقة الراعية للمبادرة.
نتمنى من الجميع لا سيما الاطراف المتواجدة خارج البلاد، ألا يُبقوا أنفسهم خارج التوافق الوطني، وأن يستجيبوا لمناداة الاشقاء خاصة، فكما أكد مبعوث الامين العام للأمم المتحدة السيد جمال بن عمر: لا يوجد حالياً أي طرف في مجلس الامن مع أي مطلب ينهي الوحدة اليمنية، باعتبارها عامل استقرار للمنطقة... وعليه فإن أي رؤى مع هذا التوجه سيكون مرحب به من الدول الشقيقة والصديقة، أما غير ذلك فهو السير بعكس تيار الداخل والخارج من الذين يأملون بدولة يمنية موحدة يسودها القانون على الجميع وفق التساوي في الحقوق والواجبات والانتفاع العادل بالثروات.
.أستاذ مساعد بجامعة البيضاء
14 أكتوبر