أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

(18) إلى دعاة تمزيق اليمن نظام اللامركزية الإدارية المستقل إداريا ماليا ضمن إطار أقاليم الدولة الموحدة

- د.طارق الحروي
             
  • بالاستناد إلى ما أوردناه من مؤشرات كثيرة في مقالاتنا المنشورة أو تلك قيد الإعداد والنشر وصولا إلى مقالتنا المنشورة بعنوان (بصراحة المعضلة الشائكة هي في عدم وجود الحصان والعربة و....من الأساس !!) وسلسلة المقالات  الأخرى (البحر بوابة اليمن للنهوض القادم: ضرورة إعادة ترتيب البيت الداخلي ضمن إطار الدولة المركزية أولا !!)...الخ؛ بما حملته بين ثناياها من دلالات ومضامين وأبعاد لها شأنها ليس حول أهمية لا بل وضرورة الانتقال الأمن لليمن نظاما وشعبا وتاريخا وطموحا إلى مصاف الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة.
  •  في اتجاه إمكانية ولوجها أهم مرحلة من مراحل العمل الوطني قاطبة التي تمثلها مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة من أوسع أبوابها، انطلاقا من أوساط الشعب ومجتمعاته المحلية ضمن إطار نطاق حدود المناطق النائية والريفية تحديدا، بالارتكاز على إقليمي الشريط الساحلي والجزري والتي تبشر بحيثيات إرهاصات قيام ثورة وطنية تنموية عملاقة اكتملت أركانها الأساسية في شقها الذاتي والموضوعي- إلى حد كبير.
  • لا بل وفي ضوء ما أشرته من وجود فرص عديدة متنامية لها شأنها يتوقع لها أن تفتح المجال واسعا أمامها في إمكانية الوثوب بقفزات نوعية وقطع أشواط متقدمة جدا في وضع اللبنات الأساسية لها وإرساء مداميكها على كافة الأصعدة وولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة المنشودة من أوسع أبوابها، من خلال البوابة العملاقة التي يمثلها البحر كما أوردنا الكثير من مؤشراتها مسبقا.
  • في اتجاه بسط ومن ثم إبراز مظاهر هيمنة الدولة بأجهزتها ومؤسساتها المختصة والمعنية المختلفة على كامل ترابها الوطني وفرض مقاليد سيطرتها على حدودها والبحرية منها- بوجه خاص- وصولا إلى ضمان مد نفوذها واهتماماتها الرسمية وغير الرسمية إلى أبعد نقطة في البلاد؛ بما يضمن لها تحقيق الحد الأعلى من مقومات أمنها القومي.
  • بصورة يتوقع لها أن تفضي إلى احتواء وتقويض ومن ثم إسقاط مدوي لمعظم الأطروحات الحاضنة والمحفزة لأية توجهات رسمية وغير رسمية قبل وأثناء وبعد مؤتمر الحوار الوطني الشامل القادم؛ في اتجاه محاولة مسايرة المطالب السياسية للتيارات الناشطة بهذا الشأن التي تدور حول ضرورة تبني تلك الأشكال من النظم الإدارية القائمة سواء في حدها الأدنى على مبدأ اللامركزية الإدارية ممثلة بـ(نظام الإدارة المحلية) بوضعه الحالي أو في إطار الأقاليم.
  • أو في حدها الأعلى القائمة على مبدأ اللامركزية السياسية التي يبرز منها إلى حد كبير نظامي الحكم الفيدرالي والمحلي ليس هذا فحسب، لا بل وتؤسس القاعدة المادية والمعنوية اللازمة لولوج أتون المرحلة الثانية المتمثلة بحيثيات تطبيق نظام اللامركزية الإدارية المستقل إداريا وماليا ضمن إطار تجربة الأقاليم المتوقعة من أوسع أبوابها- وفقا- لطبيعة المعطيات الظرفية السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية وبالاستناد إلى حيثيات تفرضها أولويات المصلحة الوطنية العليا في حدودها العليا وليس أقل من ذلك.  
  • وتأسيسا على ما تقدم تكون اليمن نظاما وشعبا وأرضا وطموحا بعد نجاحها في استكمال الجزء الأكبر والمهم من حيثيات المرحلة الأولى المشار إليها في مقالتنا السابقة المقدرة بالعشرين عاما الأولى من عمر بناء الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة قد أصبحت بالفعل بحاجة ماسة جدا أكثر من أية وقت مضى للانتقال إلى مصاف نظام الإدارة المحلية المستقل إداريا وماليا ضمن إطار تجربة المجالس المحلية سواء بوضعها الحالي (محافظات، مديريات) أو بوضعها المتوقع (أقاليم/ محافظات، مديريات) ليس أكثر أو أقل من ذلك في المدين المتوسط والبعيد.
  • من خلال السعي الحثيث وراء توظيف كافة المستلزمات المادية والمعنوية في اتجاه محاولة تفعيله إلى أقصى مدى ممكن، أو لنقل تفعيل نظام الإدارة المحلية الحالي إلى أقصى حد ممكن، مع أهمية لا بل وضرورة إحداث نقلة نوعية تطال الجانب الإداري والمالي؛ بما يضمن استقلاله (الكلي/ الجزئي) الكافي واللازم لتفعيله إلى أقصى مدى ممكن في محاولة منها للمواءمة بين أكثر المطالب الإدارية- المالية والسياسية حضورا في المشهد السياسي والشعبي، بما يتناسب إلى حد كبير مع أولويات المصلحة الوطنية العليا في حدودها العليا.
  • في ضوء استمرار تنامي طبيعة ومستوى ومن ثم حجم المعطيات الظرفية السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية الحاضنة والمحفزة له، سيما أن اليمن قد قطعت شوطا متقدما جدا لا بأس به في تجذير منظومة الإدارة المحلية بأبعادها المختلفة في أرض الواقع بصورة نسبية، بالاستناد إلى ما حققته من انجازات مهمة لها شأنها على الصعيدين النظري والعملي طالت إلى حد كبير كافة مناحي الحياة، حتى وإن كانت دون مستوى الطموح مقارنة بالغاية الأساسية من ولوج هذا المضمار عند خط البداية، بصورة وضعت اليمن على مقربة كبيرة نسبيا من عتبة بوابة أهم مرحلة من مراحل العمل الوطني (مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة المنشودة). 
  • ولا تحتاج- في المحصلة النهائية - إلا إلى منظومة إدارية أو قوالب إدارية تشكل- بالمجمل النهائي- وعاء لاحتواء وتفعيل عناصر البيئة الداخلية والخارجية الحاضنة والمحفزة لعملية النهوض المنشودة بمراعاة عامل الوقت والسرعة والكلفة، ترتكز قلبا وقالبا على ما حصدته من منجزات لها شأنها بهذا الأمر، بصورة تتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية والقادمة وتراعي طبيعة خصوصية التجربة التي بدأ التخطيط والإعداد والتحضير لها ومن ثم التنفيذ للكثير من أركانها وعناصرها منذ مطلع العقد الماضي.
  • بما يضمن تحقيق الحد الأقصى من الاستفادة المنشودة، باعتبارها قد أخذت جزء مهما جدا من جهود وأوقات ومن ثم موارد وإمكانات اليمن، كي يصبح بموجبها من الضروري السعي الجاد وراء إعادة استيعابها ضمن إطار الرؤية والسياسة الجديدة المزمع إتباعها كجزء من تجسيد أعلى مستويات المسئولية الوطنية والتاريخية.    
  • على خلفية ما يجب أن تحوزه هذه الحلقة من حلقات العمل الوطني مكانة مرموقة لها شأنها في مجمل عمليات الحراك الرسمية وغير الرسمية القادمة في ضوء ما يجب أن تشكله من محور ارتكاز أساسي في المهام القادمة الرامية إلى إحداث نقلة جذرية نوعية في واقع البلاد على كافة الأصعدة، لاعتبارات عديدة لها علاقة وثيقة الصلة بواقع المجتمعات المحلية نفسها.
  • ابتداء من كونها البيئة الأكبر والأهم الحاضنة لأركان الثورة الوطنية (التنموية) الرابعة القادمة التي يجب أن تشهدها البلاد والكفيلة بإدخال اليمن دولة وشعبا مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة من أوسع أبوابها، والوصول بها إلى مصاف الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة، وانتهاء باعتبارها الوعاء الأكبر الحاضن لمعظم فئات الشعب بكل احتياجاتها وتطلعاتها وأوجاعها وهمومها، نظرا لما تحمله من مؤشرات ودلالات وأبعاد لها قيمتها يعتد بها في إدارة الشأن المحلي.
  • في ضوء ما سوف يتمخض عنها من تحريك مهم ونسبي لأجزاء مهمة من فئات الشعب كما وكيفا ومن ثم لرأس المال السياسي المفقود وغير المستخدم حتى وإن كان دون مستوى الطموح، سيما في ضوء ما أثبتته الدلائل التاريخية بهذا الشأن من واقع ولوج اليمن لمضمار الإدارة المحلية منذ العام 2000م بالاستناد العديد من الاعتبارات الرئيسة بهذا الشأن ابتداء بتلك التي لها علاقة وثيقة الصلة بالبني التحتية ذات العلاقة، في ضوء اكتمال بناء الجزء الأكبر والمهم للهياكل التنظيمية والإدارية والمالية التي تمثلها الوزارة والأجهزة والمؤسسات التابعة لها على طول البلاد وعرضها.
  • على خلفية تجربة أكملت لحد اليوم سنتها الثانية عشرة- مستندة في ذلك- على محطات رئيسة مهمة لتجارب حية مضى عليها قرابة أربعة عقود من الزمن، وصولا إلى ما سوف تمثله التجربة اليمنية من تراث وطني شبه زاخر، لا غنى عنه في إعادة تقيم ومن ثم تقويم التجربة الحالية التي سوف تمهد كثيرا الطريق نحو الانطلاقة الكبرى المنشودة، بمراعاة عامل السرعة والزمن والتكلفة.
  • ومرورا بتلك الاعتبارات وثيقة الصلة بطبيعة مدى توفر كوادر بشرية متخصصة ومدربة أو مؤهلة نوعا ما تتملك خبرة تراكمية بهذا الشأن لا بأس بها، وصولا إلى ما تمتلكه من بنية تشريعية ورؤية فلسفية مكتملة الأبعاد تقريبا تبرز منها المواد والبنود الدستورية الأساسية التي تشير إلى مبدأ اللامركزية ونظام الإدارة اللامركزية، وقانون السلطة المحلية الصادر عام 2000م ونسخته المعدلة التي تؤسس لقيام نظام إدارة محلية مستقل في الجانب الإداري والمالي، الذي اكتملت بنودها بعد مناقشتها من قبل السلطة التشريعية عام 2010م، وأخيرا اللوائح التنفيذية الخاصة.
  • وانتهاء بتلك الاعتبارات ذات العلاقة بوجود حاجة وطنية وشعبية ملحة لخوض غمار هذه الثورة بكل أبعادها، باعتبارها المدخل الوحيد لترجمة احتياجاتها وتطلعاتها، وبما يتناسب مع المعطيات الظرفية الداخلية والخارجية، في ضوء استمرار تنامي حالات التدهور الحادة في الواقع المعاش، وصولا إلى توفر نية وإرادة حقة للتفرغ كليا لبناء البلاد ومن ثم إلى رؤية سياسية واضحة المعالم لخوض مضمار تجربة المجالس المحلية من أوسع أبوابها، في ضوء ما أبدته من جراءه في الانخراط المباشر والسريع في أتون هذا التجربة حتى قبل أن تكتمل بعض أهم عناصرها، في اتجاه تحقيق هدف محوري ومهم يتمحور حول تهيئة ما يمكن توفيره من البني التحتية اللازمة.
  •  سيما في ضوء ما سوف تمثله التجربة من تراث زاخر لا غنى عنه تفيد في إعادة تقيم ومن ثم تقويم التجربة عند توفر المعطيات الظرفية المهيأة لدخولها من أوسع أبوابها، نظرا لإدراك القيادة السياسية أن الوصول إلى صميم قضايا الشعب اليمني لن يكون إلا من خلال المجتمعات المحلية، وإن الانتظار حتى تختمر الظروف المواتية لم يعد ممكنا البتة وإن التجسيد العملي لأولويات المصلحة الوطنية العليا قد أصبح واجبا أساسيا وملحا لا مناص منه.
  • وفي الختام تتضح أمامنا الكثير من الاعتبارات الرئيسة الحاكمة لهذا الأمر من الأساس، بالاستناد إلى أولويات المصلحة الوطنية العليا، في ضوء طبيعة ومستوى ومن ثم حجم المشروع الوطني الطموح جدا المقترح لنقل اليمن نظاما وشعبا وتاريخا وطموحا إلى مصاف الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة وولوج أتون مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة من أوسع أبوابها في الأربعين عاما القادمة على أقل تقدير.
  • سيما أن هذا السياق العام المشار إليه في هذه السلسلة يجب أن يبقى باعتقادي هو محور ارتكاز المعضلة الشائكة الأكثر أهمية وحضورا في المرحلة الحالية والقادمة التي يجب تنشغل بها أذهان وعقول كل الناس والمعنيين منهم- بوجه خاص- وهم يعيدون بلورة ومن ثم صياغة المعالم الرئيسة للواقع اليمني من الناحية النظرية والعملية، من حيث حيوية التقسيم الإداري، (وكذا السياسي إلى حد ما)، ومدى توفر القدرات والموارد اللازمة للنهوض بواقع المجتمعات المحلية ضمن إستراتيجية وطنية معدة لمثل هذا الغرض، كي يتناسب إلى حد كبير مع شكل نظام الإدارة اللامركزية المنشود، وفي نفس الوقت بما يضمن لها الحفاظ على وحدة ترابها الوطني وتماسك كيانها القومي ومن ثم دمج وتوحيد أواصر نسيجه المجتمعي ضمن إطار إستراتيجية أمنية وطنية متكاملة الأبعاد يشارك فيها الجميع حكاما ومحكومين، وصولا إلى ضرورة استحضار مجمل إمكاناتها ومواردها بما يضمن لها تحقيق طموحاتها المشروعة على المدى القريب والمتوسط والبعيد.

                                                                 والله ولى التوفيق وبه نستعين



([1]) باحث في العلاقات الدولية والشئون الاستراتيجية وكاتب ومحلل سياسي.

 

المصدر : الكاتب

Total time: 0.0647