(توتا ابسلوتا ) (Tuta absoluta) ، ليست ماركة سيارات يابانية ولا حتى صينية ، أنها الاسم العلمي لآفة مدمرة ، بل فائقة التدمير ،معروفة باسم حافرة الطماطم، كونها تهاجم الطماطم في جميع أطوارها الإنتاجية فلاتبقي علي العروش أو المنتج النهائي لثمار الطماطم، فتحدث بها انفاقا فتصاب الثمرة بمسببات مرضية تقود إلى تعفن الثمرة، وبالتالي فإن الحشرة تتطور علي جميع أجزاء النبات فوق سطح التربة حيث تحفر أنفاقا وممرات غير منتظمة بين بشرتي الورقة لتظهر بقع بيضاء تتحول لاحقاً إلي بقع جافة.
هذه الافة " التوتا ابسلوتا " المدمرة للطماطم ظهرت في العديد من دول امريكا الجنوبية منذ عام 1970، ثم اكتشفت " حديثا في بضعة مواضع في أوروبا ومنطقة حوض البحر المتوسط مسببة أضرارا خطيرة لمستقبل انتاج الطماطم في مناطق البحر المتوسط. وكان تسجيل التوتا لاول مرة عام 2006علي الطماطم في اسبانيا. وفي عام 2008اكتشفت التوتا ابسلوتا في بعض المناطق من فرنسا، الجزائر، المغرب في عام 2009 سجلت هذه الحشرة رسميا في فرنسا، ايطاليا، تونس ومالطا، وبسرعة جداً انتشرت هذه الحشرة خلال مناطق البحر المتوسط ، مروراً بلبنان وفلسطين والأردن وسوريا ومصر والسعودية وحالياً اليمن الذي أعلن عنها مؤخراً .
تعدّ هذه الحشرة من الحشرات التي تتطور بسرعة في الظروف البيئية المناسبة وبخاصة مع ارتفاع درجة الحرارة والأكثر من هذا فأن مكافحة هذه الحشرة تكون صعبة عندما تدخل في منطقة جديدة كما هو الحال في اليمن حتي الآن علي الاقل وعلي الأخص صغار المزارعين.
تقول الأبحاث العلمية إنها حشرة مدمرة لمحصول الطماطم ، موطنها الأصلي امريكا اللاتينية ، معروفة باسم حافرة الطماطم ، طول الحشرة الكاملة 5-7 ملم وعرض الجناح بين 8-10ملم، قرون الاستشعار مخرازية خيطية . تضع الاناث البالغة حوالي 250 بيضة خلال فترة حياتها. البيضة صغيرة اسطوانية الشكل لونها كريمي مبيض الى مصفر طولها0.35 ، دورة حياتها قصيرة عند توفر ظروف مساعدة تعطي 10 أجيال في السنة تتغذى على ثمار الطماطم وداخل حامل الثمرة وحتى داخل ساق النبات ،تتميز الإصابة بوجود آثار التغذية على الثمرة المصابة كذلك البراز الذي تطرحه الدودة خارج الثمرة ، تسبب أضرار كبيرة لمحصول الطماطم من تقليل المحصول ورداءته فضلاً عن تسببها في انتشار العفن على الثمار المصابة ، لديها مناعة مكتسبة مقاومة للمبيدات، وتسبب خسائر كبيرة في محصول الطماطم ، وهي ذات قدرة فائقة لتدمير العائلة البادنجانية التي تضم الباذنجان والبطاطس, وهذه كارثة بحسب العلماء, وهناك اعتراف بخطورة الحشرة.
يشير المهندس وجيه المتوكل الباحث في مجال وقاية النباتات بالهيئة العامة اليمنية للبحوث والإرشاد الزراعي - فرع المرتفعات الشمالية إلى انه تم الكشف عنها في حقول المزارعين في محافظة صعدة في 2012 ، ويتوقع أنها دخلت قبل ذلك الوقت ولم يتعرف عليها المزارعين ثم ظهرت بشكل واضح في إقليم تهامة في الموسم الشتوي لزراعة الطماطم ، وفي نهاية 2012 عملت ورشة لمرشدين وأخصائي وقاية النبات بالتعاون مع منظمة الفاو للتدريب لمواجهتها ، وبعدها وجه وزير الزراعة القطاعات التابعة للوزارة والبحوث للتعاون لمواجهة هذه الآفة. وبحسب المهندس وجيه، فأن زراعة الطماطم في اليمن تتعرض لهجوم حشرة (توتا ابسلوتا ) المدمرة ، التي يرجح المختصون أنها قد تكون دخلت اليمن عن طريق شحنات من الطماطم تم استيرادها من سوريا خلال فترة ارتفاع اسعار الطماطم .
إذاً الآفة المدمرة " التوتا ابسلوتا " في أرضنا بعد أن وفدت إلىنا من الخارج ، وهي وافد غير مرحب به مطلقاً .. لكن السئوال المهم هنا والذي ينبغي أن تجيب عليه وزارة الزراعة والري هو : لماذا لم تعلن الوزارة أو الجهة المختصة فيها عن إكتشاف هذه الحشرة المدمرة مبكراً - أي - حين إكتشافها في حقول المزارعين في محافظة صعدة في 2012 ، و في إقليم تهامة ، قبل أن يكشف الباحث المهندس وجيه المتوكل عنها بعد ثلاثة أشهر، في حديثه للثورة نت الإثنين المنصرم ؟ .. هل التأخير يعود إلى تقصير في معرفة هذا النوع من الحشرات ،وعدم متابعة الجهات المختصة للحشرات الوافدة من خارج الحدود ،وبالتالي رصد وتتبع حركتها أول بأول؟؟ أم أن هذه الفترة كانت فترة تتبع وبحث ودراسة لهذه الحشرة التي غزت أراضينا في غفلة من الجهات المعنية وذات العلاقة ؟؟؟
لقد تسببت هذه الآفة في خسائر مادية فادحة خلال الموسم الحالي و أدت إلى ارتفاع سعر الكيلو الطماطم إلى 700 ريال ، وبلغت نسبة الإصابة بهذه الحشرة 80 – 100 % في مزروعات الطماطم .. حيث تزرع اليمن من الطماطم 18,274 هكتار و86 ألف هكتار من العائلة الباذنجانية التي تنتمي إليها الطماطم .
يقول الدكتور محمد الغشم وكيل وزارة الزراعة و الري لقطاع الخدمات الزراعية أن اليمن تواجه كارثة حقيقة في انتشار حشرة صانعة الأنفاق ( توتا ابسليوتا ) في 20 محافظة و التي تقضي على محاصيل الطماطم و مزروعات العائلة البذنجانية .
ولا شك أن وجود هذه الحشرة في مزارع الطماطم في اليمن زاد النار المشتعلة في أسعارها الملتهبة أصلاً لهيباً متصاعداً بوجه المواطن، كما أن هذه الآفة ألحقت مزارعي الطماطم خسائر كارثية في الإنتاج و زادت هذه الشريحة فقرا ،و أفقدت شرائح أخرى أعمالهم و انعكس ذلك سلبا على على شريحة من المواطنين ذوي الدخل المحدود الأشد فقرا ، كون محصول الطماطم يعد الطبق الرئيس لوجباتهم مع رغيف الخبز .
وعليه ، فوزارة الزراعة والري ممثلة في الهيئة العامة للبحوث ولإرشاد الزراعي ،والجهات ذات العلاقة الأخرى مطالبة ببذل المزيد من العمل لمواجهة هذه الآفة المدمّرة ، وتجنيب زراعة الطماطم شرها الفتّاك ، والاستفادة من خبرات الدول التي نجحت في مكافحتها ، مثل أسبانيا .. فمواجهة هذه الآفة "عابرة القارات " والتي لاحدود لها ، حيث يحملها الهواء وتنتشر بسرعة رهيبة ، يتطلب تقييماً صحيحاً ومدروساً للموقف ومتابعته وتحديد سبل المواجهة ، وبذل جهداً مضاعفاً وصادقاً ، لأن هذه الحشرة تعدّ من الآفات المدمرة لمحصول الطماطم ، ومكافحتها يتطلب وقتاً طويلاً وإمكانيات كبيرة ، أما إذا تهاون الجميع في مكافحتها ، فعلى زراعة الطماطم والعائلة الباذنجانية في اليمن السلام ، لأن هذه الحشرة بالفعل فائقة التدميرالشامل .