أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » تحقيقات واستطلاعات

فتيات يعانين ضغوطاً اجتماعية ورجال يقعون في مصيدة الغزل علاقات الـ"فيسبوك".. إدمان لعالم وهمي يدمر عش الزوجية

- دعاء بهاء الدين- ريم سليمان

يستغل ضعاف النفوس مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها الـ"فيسبوك" بشكل خاطئ، حيث يفترض أنه وسيلة اجتماعية لتقريب المسافات وتوطيد أواصر الصداقة، بيد أن هناك بعضاً من الفتيات أصبح هدفهن هو غواية الحمقى من الرجال، كما أن هناك أيضاً فئة من الرجال لا تبحث إلا عن الرذيلة من خلال الـ"فيسبوك"، فيتقابلان معاً في مصيدة الحب والغزل، إلى أن ينقلب الموضوع في النهاية إلى قضايا ابتزاز ساهمت الفتاة بشكل كبير في حدوثها.

"سبق" تطلق صيحة تحذير من خطورة العلاقات الـ"فيسبوكية" في تدمير عش الزوجية!!

إهانة أنوثتي

إحدى السيدات - تحتفظ سبق باسمها - تحدثت عن معاناتها مع زوجها قائلة: لم أكن مثل سائر المتزوجات اللاتي ينعمن بالسكينة وراحة البال، مبدية أسفها لسوء معاملة زوجها، وقالت: زوجي يتجاهلني تماماً ولا يراعي مشاعري، ويتعمد إهانة أنوثتي، وأوضحت أنها لاحظت أن زوجها يمكث مدة طويلة أمام الكمبيوتر، مضيفة: للأسف الشديد أجهل التعامل مع التقنية الحديثة، ولم أستطع معرفة أسرار زوجي مع فضاء الإنترنت.

وتابعت: طلبت من أختي الجامعية متابعة زوجي على الإنترنت، مبدية صدمتها لما علمته عن زوجها، وقالت: زوجك الوسيم لديه صفحة في الـ"فيسبوك" مليئة بالنساء، وأغلب ما يعرض في صفحته الكلام البذيء، وجاءت لبيتي ومعها جهازها، ورأيت أسوأ منظر لزوجي من خلال كلامه، لافتة إلى أنها طلبت من زوجها الإضافة فتجاوب فوراً، وقالت: مثلت على زوجي الحب، وأوهمته بعبارات الغزل، وأيقنت أنه يعيش في عالم منعزل عني، وتساءلت في دهشة: ما الحل لمشكلتي الخطيرة؟

زوج "عزابي"

وتحدثت إحدى المتزوجات لـ"سبق" قائلة: تقدم لخطبتي شاب من أقاربي، سعدت كثيراً به لحسن أخلاقه، مبدية دهشتها لانزوائه الدائم وعزلته أثناء شهر العسل، وقالت: لاحظت على زوجي انشغاله الدائم بجهازه "الآى باد"، وعندما أقترب منه يرتبك ويغلق صفحته على الـ"فيسبوك"، وأوضحت أن صديقتها اتصلت بها عن طريق "البلاك بيري"، وأخبرتها بموقعها في الفندق، الذي شاهدته على صفحة زوجها في الـ"فيسبوك".

وتابعت: طلبت من صديقتي أن تعطيني عنوان الموقع، فوجدته في الـ"فيسبوك"، معرباً عن دهشتها لما شاهدته في صفحته، وقالت: بعد تسجيلي في صفحة زوجي على الـ"فيسبوك"، شاهدت صوراً له من البلد الذي نقضي فيه شهر العسل، وظهر فيها أنه "عزابي" وليس في شهر عسل، موضحة أنها بدأت تتابعه بشكل دائم، حتى لاحظت أن الكثير من الفتيات يكتبن تعليقات وعبارات كحبيبي، النشمى، الكاش، وأعربت عن حزنها لوقوع زوجها فريسة لهؤلاء الفتيات، وتساءلت في حزن: ماذا أفعل كي لا أخسر زوجي.

إغراءات فتاة

وأعرب أحد الأزواج - تحتفظ "سبق" باسمه - عن ندمه لاستجابته لإغراءات إحدى الفتيات على الـ"فيسبوك"، وقال: طلبت منى إحدى الفتيات إضافتها كصديقة عبر الـ"فيسبوك"، ووجدت صوراً مثيرة لها، فانجذبت لها، لافتاً إلى تطور العلاقة بينهما إلى علاقة محرمة عبر الإنترنت، وقال: أثارتني هذه الفتاة بصورها وصوتها، معرباً عن أسفه لما ارتكبه معها، وقال: لا أدري لماذا فعلت ذلك، بالرغم من أن زوجتي تحاول إسعادي بشتى الطرق، ولكنني في لحظة ضعف انجذبت لعبارات الغزل التي كانت تأسرني بها هذه الفتاة.

تخصص الغواية

في البداية ألقى المستشار الأسري عبد الرحمن القراش لمحة عن الكمبيوتر الذي كان من الأشياء التي منعت منها المرأة لكونه مفسدة للأخلاق والدين، إلى أن تم رفع الحظر الاجتماعي عن المرأة حتى أصبح الكمبيوتر معها في كل مكان.

وقسَّم الفتيات في تعاملهن مع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة إلى قسمين، أولهما من تعاملت معه بعفة وحسن السلوك، فكان أثرهن واضح في المنتديات من ثبات على المبدأ وحسن الخلق واحترام النفس.

أما القسم الثاني فقد تخصص في "الغواية"، ودائما ما تتراوح أعمارهن بين 15 و 25 سنة، وربما تزيد، وأصبحت مهمتهن البحث عن الرجل المتزوج الذي يدفع لهن فاتورة الاتصال في مقابل سويعات من الكلام المعسول، وبعدها يتطور الموضوع إلى طلب صورة، وتبدأ رحلة الابتزاز.

ورأى أن بيئة الرجال الخصبة يتوفر فيها الحمقى والمغفلون، حيث نجد المتزوج عادة ما يبحث في الإنترنت عن الرذيلة، فيجد ذلك الأحمق حمقاء تعطيه ما يريد، وينقلب الموضوع في النهاية إلى قضايا الابتزاز التي زادت بكثرة في الآونة الأخيرة، مشيراً إلى كم البيوت التي هدمت، وكم الزوجات اللاتي طلقن، والأبناء الذين شردوا جراء تلك الممارسات غير المحسوبة.

البحث عن المتعة

وعن الأسباب الداعية لتفشي هذه الظاهرة قال القراش: إن هروب الزوج للإنترنت بات عقاباً نفسياً للزوجة، من خلال إغلاق شتى منافذ التواصل، سواء بالكلام أو الإنصات، حيث تعد رسالة ضمنية من الزوج إلى زوجته بأنه غير سعيد في حياته الزوجية، إلا أن الغالب من الأزواج يلجأ إلى الإنترنت باحثاً عن المتعة والتغيير والتجديد لكونه يتضجر من البقاء مع امرأة واحدة، فيجري خلف تلك العلاقات المشبوهة عبر الـ"فيسبوك" الذي أصبح ميداناً خصباً لممارسة تلك الأفعال.

وعما يتعلق بالفتيات ودخولهن لهذا العالم أوضح الاستشاري الأسري أن بعض الفتيات تكون البيئة التي تعيش بها منفتحة أكثر من اللازم، حيث لا تمانع في الحرية المطلقة للفتاة والخصوصية الزائدة عن حدود المعقول، كما أن البعض منهن تبحث عن الحنان المزيف من خلال بناء علاقات مع كبار السن، مشيراً إلى أن هناك من الفتيات من تعتقد أن الرجل المتزوج أكثر طاعة للفتاة اللعوب، كاشفاً عن وجود فئة من النساء المريضة يكتمن الحسد للمتزوجات، فرضين لأنفسهن بتحقيق المتعة لطالبي الهوى.

وحذر الرجل من الدخول في علاقات دون أي ضابط أو قانون أو مراقبة، حيث يساهم في زرع قنابل وألغام في حياته الزوجية، حتى لا يهدم بيته كما يجب على الزوجة أن تنتبه للخطر الذي قد يدخل منزلها من الإنترنت، وأن تفتح قنوات التواصل المستمرة مع زوجها، وتحاول أن تقترب منه حتى لا يقع بنفسه في براثن الخطيئة.

جذور اجتماعية

وحول التحليل النفسي لشخصية الفتاة التي تسعى لجذب الرجال، أوضحت استشارية علم النفس الإكلينيكي دكتورة مها حريري أنها شخصية تعاني من فراغ وتفتقد للقيم الأخلاقية، أو تحاول إثبات أنوثتها، لافتة إلى أنها شخصية سيكوباتية "مضادة لقيم المجتمع"، وتحاول هدم بيوت الآخرين، أو شخصية جامحة تريد تجريب كل شيء، ويمكن أن ترتكب أي سلوك يرفضه المجتمع.

فيما وصفت مها شخصية الرجل الذي يستجيب لإغراء الفتاة بأنه يفتقد للقيم الأخلاقية، يحاول إثبات ذاته بتعدد العلاقات النسائية حتى يشعر بالرضا الداخلي، لافتة إلى أنه شخصية "سيكوباتية"، ويعاني من اضطراب نفسي، واعتبرت تواصله مع الفتيات خيانة للزوجة، وإشباعاً للغرائز فقط، رافضة أن يصبح الاضطراب النفسي مبرراً للخيانة، وقالت: إن أي شخص عندما يسلك سلوكاً خاطئاً يصف نفسه بالمريض نفسياً، ورأت أن هذه المشكلة جذورها اجتماعية، وليست نفسية في المقام الأول.

وبسؤالها عن تأثير هذه العلاقات على الفتاة والرجل على المدى البعيد أجابت بأن الفتاة التي ترتبط بعلاقات خيالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتأثر علاقتها الجنسية بعد الزواج، لافتة إلى أن الرجل الذي يكوّن علاقات عبر هذا العالم الوهمي يشعر بعدم الرضا مع زوجته لاعتماده على الخيال في إشباع رغباته، ويصاب باضطراب نفسي في علاقته الحميمة معها، وحذرت الاستشارية من "إدمان العلاقات غير المباشرة"، قائلة: إن تكوين علاقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي يؤدي إلى انسحاب الفرد من المجتمع، وانعزاله عنه، مشددة على الفتاة والرجل بمراجعة الاستشاري النفسي؛ لتشخيص المشكلة ومعرفة العلاج.

تواصل سري

ورأى الكاتب محمد العصيمي أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في اتساع دائرة الاتصال بين الرجل والمرأة، واصفاً إياه بالتواصل السري، وقال: للأسف الشديد يحدث دائماً تواصل مرفوض بين الرجل والمرأة، وممارسة للغرائز الجنسية عبر فضاء الإنترنت، ولفت إلى خطورة هذه العلاقات على تدمير الحياة الزوجية، وزعزعة الأمان في البيوت.

وأرجع العصيمي هذه العلاقات للكبت والضغط الاجتماعي الذي يتعرض له الرجل السعودي؛ مما يجعله ينزلق سريعاً لأي فتاة تغازله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، محذراً في الوقت ذاته الفتاة من السقوط إلى هاوية هذه العلاقات، وقال: إن الفتاة تتعرض أيضاً لضغط اجتماعي، يجعلها فريسة لعلاقات غير مأمونة العواقب عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

فضائح ومهازل

من جهته، اعتبر أمين مساعد الندوة العالمية للشباب الدكتور محمد بادحدح أنه لا لوم على الوسائل العصرية، فقد تستعمل للخير أو للشر، مفيداً بأن هناك فئة تنشد الصواب من خلال الـ"فيسبوك" وفئات عدة تبحث عن الخطأ، وقال: من الخطأ أن تنفتح الفتاة بشكل كبير على الـ"فيسبوك" مع أشخاص لا تعرفهم، حتى لو كانت تنشد الصواب كما ذكرنا.

وأوضح لمن يبحث عن المتعة المؤقتة في وسائل التواصل أن هذا حرام شرعاً لا جدال فيه، والمتضرر الرئيسي هو البنت نفسها، داعياً إلى ضرورة التفكير الجيد قبل البدء والدخول في أمور ربما تهدف في البداية إلى التهريج، وتختتم بفضائح ومهازل نحن في غنى عنها.

وأشار إلى ضرورة أن توجه أنشطة الفتيات للتنمية والعمل، حتى تستطيع أن ترتقي بمستوى إدراكها، محذراً من خطورة ارتباط الفتاة بالكمبيوتر والـ"فيسبوك" تحديداً، وقال: أصبح الجلوس في المنزل في حضن الـ"فيسبوك" أخطر بكثير من الذهاب لخارج المنزل، مطالباً الأسرة بضرورة التقرب للفتيات ومعرفة احتياجاتهن ومحاولة مشاركتهن في العمل الخيري الذي يسهم في تنمية العقول.

Total time: 0.0571