يمثل الحوار الوطني ممرا آمنا للولوج باليمن إلى بوابة الأمن والاستقرار, وذلك جل ما ينشده الجميع على امتداد الوطن اليمني الحبيب؛ فبالأمن والاستقرار يمكن بناء اليمن الجديد في كافة مناحي الحياة المختلفة: السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
مشكلة اليمن منذ أمد بعيد تكمن في انعدام الأمن والاستقرار؛ الأمر الذي عكس نفسه على الاقتصاد, الذي بتدهوره تدهورت بقية المواضيع الأخرى وبالذات السياسية منها.
أجزم بأنه لا يستطيع أحد أن ينكر بأن جل ثورات الربيع العربي أساسها المشكلة الاقتصادية وتدني مستوى المعيشة في تلك الشعوب؛ فالاقتصاد والسياسة مسألتان متلازمتان؛ فإذا كان الاقتصاد قويا فإن قوته تعكس نفسها على بقية المسائل الأخرى: السياسية والثقافية والاجتماعية, وهشاشة هذه المسائل إنما تكون بهشاشة الاقتصاد.
بتدهور اقتصاديات الشعوب توقعوا أكثر من ثورة, وأكثر من تنظيم إرهابي, وألف حراك وحراك, تختلف مسمياته واتجاهاته, لكن أسبابه تنبع من مجرى واحد.
كيف لمستثمر أجنبي أن يشد رحاله إلى بلد مستثمروه يشدون رحالهم إلى بلدان أخرى؛ بحثا عن الأمن والاستقرار لهم ولأهلهم واستثماراتهم!!
واجه رجال الأعمال تحديات عديدة من الفساد والابتزازات وضغوطات مختلفة, لكن أن يصل الأمر إلى حد تهديد حياتهم وحياة أسرهم واستثماراتهم فهذا ما لا يمكن لأحد السكوت عنه!!
لقد شهدت البلاد عملية تهجير كبيرة لاستثمارات وطنية في الآونة الأخيرة نتيجة الانفلات الأمني, فيما يبحث آخرون عن موضع آمن في دول أخرى, وكل ما نخشاه أن يأتي يوم نجد فيه البلاد خاوية من مستثمريها, في حال لو استمر الانفلات الأمني وتسيدت فيه دولة القوة على قوة الدولة.
أفيقوا أيها السادة؛ ولتتفق كل الأطياف والنخب السياسية قبل أن يأتي يوم لا نجد فيه دولة ولا شعبا, ولا حتى كائن حي في بلد كانت ذات أمس بعيد: جنتان عن يمين وشمال.
فالحوار الحوار للخروج من عنق الزجاجة الملتهبة, لأنه فرصة سانحة يجب علينا ألا نفوتها؛ فقد لا نجد ذات يوم غيرها, وحينها لن تنفع أي مبادرة أن توقف أنهار الدماء التي سوف تراق, واعلموا أن الرصاصة الطائشة قد تقتل شخصا واحدا, غير أن الرصاصة الموجهة قد تقتل أكثر من شخص واحد في آن واحد, والحروب الأهلية أشد فتكا وضراوة من الحروب المصيرية.