وتعتبر قبيلة بكيل كبرى القبائل اليمنية، وهي المنافس لقبيلة حاشد التي ينتمي إليها معظم المسؤولين في المفاصل المهمة في الدولة اليمنية، والقبيلتان فرعان من قبيلة همدان الكبرى.
في هذه الأثناء، قال الشيخ محمد الشايف، عضو مجلس النواب، نجل الشيخ ناجي عبد العزيز الشايف، زعيم قبيلة بكيل، إنهم لا يعترفون بـ«مؤتمر بكيل»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا نعترف بهذا المؤتمر ولا يحتاج ولا يستحق الحديث عنه»، مؤكدا أن أطرافا «معروفة ومأجورة وشاذة ضد الوطن، تقف وراء انعقاده».
وتعليقا على عدم اعتراف الشيخ الشايف بمقررات مؤتمر الجوف، قال الشيخ العكيمي لـ«الشرق الأوسط»: «إن بكيل ليست ملكا لأحد، وليس من الضروري أن يعترف بها الشيخ الشايف ولم يعارض أي أحد المؤتمر واختياري لرئاسته من دون أن أرشح نفسي»، وأضاف: «أنا أحترمه وأقدره كثيرا، لكن قرارات بكيل يجب أن تحترم كثيرا، بعد أن تجمع رجالها 6 أيام في مكان المؤتمر».
وأكد العكيمي أن بكيل قبيلة كبيرة و«بحاجة إلى وحدة صفها والسعي إلى حفظ الأمن والاستقرار في البلاد». ونفى لـ«الشرق الأوسط» وجود أي جهة خارجية تدعمهم، وقال: إن المؤتمر انعقد بـ«جهود ذاتية» لأبناء قبائلها «لأننا عانينا كثيرا الفرقة والضياع». ثم تساءل: «لماذا لم يتنبهوا من قبل لما يصلح ويجمع وحدة بكيل؟». أما بشأن موقفه كزعيم جديد للقبيلة من تنظيم القاعدة، فقال العكيمي إنهم ضد «كل من يسعى إلى العنف والدمار في البلاد»، مؤكدا أن «(القاعدة) تنظيم ليس مقبولا لدينا ولدى العالم».
من جانبه، نفى الشيخ الحسن بن علي أبكر، أحد مشايخ بكيل الذي ترأس اللجنة التي حضرت «مؤتمر قبائل بكيل» في الجوف، وجود أي انقسام في القبيلة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن بكيل لم تنقسم «بل اجتمعت والتأمت بكل قبائلها وأطيافها وكل معتقداتها وأفكارها، وكذا اتحدت واجتمعت ورمت بالفرقة، إلى الأبد، إلى مزبلة التاريخ، وبدأت تخط خطا جديدا في التاريخ يليق بمشوارها ومكانتها الجغرافية والسياسية».
واعتبر أبكر عدم مشاركة الشيخ ناجي الشايف في المؤتمر أمرا «يرجع إليه»، مؤكدا أنه «مرجعية، ومن الصعب أن يجر إلى الجوف النائية وطرقها غير المعبدة». وقال الشيح الحسن أبكر لـ«الشرق الأوسط»: إن قبيلة بكيل تسعى إلى أن تلعب دورا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا و«سنقوم بأي دور يخدم البنية اليمنية». ونفى، في الوقت ذاته، أن يكون انعقاد «مؤتمر قبائل بكيل» بزعامة جديدة، يهدف إلى خوض منافسة ضد قبيلة حاشد التي تسيطر على معظم مفاصل الحكم في البلاد والتي ينتمي إليها الرئيس علي عبد الله صالح، وهي القبيلة التي يتزعمها، حاليا، الشيخ صادق الأحمر الذي كان والده الراحل، عبد الله بن حسين الأحمر، شيخا لمشايخ اليمن، وقال: «لسنا متنافسين وسيأتي يوم من الأيام والقبائل اليمنية موحدة، من دون أن تهيمن قبيلة على أخرى أو تحاول قبيلة الاستيلاء على أخرى». وأردف: «سيكون هناك اتحاد وتعاون أخوي هدفه بناء البلاد وإخراجها من أزماتها التي تعيشها».
وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما إذا كان هذا التكتل القبلي يأتي نتيجة ضعف الأحزاب السياسية ومواقفها إزاء القضايا الراهنة، قال أبكر: «إن مؤتمر بكيل لا يلغي دور الأحزاب والقوى السياسية وإنما هو رديف للقوى السياسية والقبلية، ولا بد أن ندرك أن على القبيلي أن يقوم بدوره في خدمة بلده وسنتعاون مع الحزبي والقبيلي والمستقل».
وتعليقا على خلو البيان الختامي الصادر عن المؤتمر من أي إشارة إلى تنظيم القاعدة والإرهاب والتصدي له، قال الحسن أبكر: «إن سياسة المشاركين في المؤتمر اقتضت ذلك وأقر المشاركون، بالإجماع، على أن يخرج البيان بتلك الصيغة، من دون استعداء أي طرف آخر». لكنه أضاف: «سنكون، إن شاء الله، أكبر قوة لإبعاد أي فكر يتنافى مع قيمنا وأخلاقنا ومعتقداتنا وسياساتنا، وسيقبل بنا الجميع كطرف من خلال عدم استعدائهم أو جرهم إلى معترك سياسي استفزازي».
واختار «مؤتمر بكيل» في الجوف الشيخ أمين العكيمي رئيسا له، وضمن مقررات تشكل قيادة موحدة لقبائل بكيل وإنشاء مجلس يضم «شباب وشيوخ» جميع القبائل البكيلية، وذلك بهدف «التشاور ووضع الخطوط العامة واتخاذ القرارات اللازمة». وأكد البيان، الصادر عن المؤتمر «تضامن جميع قبائل بكيل في حالة اعتداء على إحدى قبائلها أو رموزها». وأكد أنها «يد واحدة ضد من يهدد أمنها واستقرارها». ودعا المؤتمر إلى «نبذ الخلافات بين أبناء بكيل خاصة، وقبائل اليمن عامة، وإلى حل الخلافات وفض النزاعات وعقد صلح عام بين جميع أبناء الوطن الواحد». وطالب بـ«جميع الحقوق العامة والمشروعة التي كفلها الدستور والقانون لأبناء بكيل، بما يناسب حجمها السكاني والجغرافي في الجمهورية اليمنية»، إضافة إلى إعلانه «التمسك بالوحدة اليمنية كخيار لا رجعة عنه والعمل على احترام الدستور والقانون والحريات العامة وحقوق الإنسان».
وفي الطرف الآخر وبصورة تبين، مرة أخرى، الانقسام في القبيلة وما يمكن وصفه، مجازا، بالانقلاب على زعيمها، أصدر الاجتماع المضاد الذي انعقد في صنعاء، في اليوم التالي لـ«مؤتمر بكيل»، بيانا انتقد المؤتمر واعتبر انعقاده «شقا للصف»، كما انتقد الدولة «التي سمحت للحرية المطلقة التي تؤدي إلى الفوضى وتقلب الأمور عاليها سافلها». وأكد الشيخ ناجي بن عبد العزيز الشايف أنه سيدعو إلى عقد مؤتمر عام لجميع قبائل اليمن في محافظة عمران، بالاشتراك مع شيخ مشايخ حاشد، الشيخ صادق الأحمر.
من جانبه، قال فيصل أبو رأس، سفير اليمن لدى لبنان وأحد وجهاء بكيل: «الانقسام قائم وكان وما زال وسيبقى حتى يقيض الله للقبيلة والوطن رجالا أوفياء ومخلصين أحرارا شرفاء». وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عبر البريد الإلكتروني من مقر إقامته في بيروت: «أنا أدق ناقوس الخطر من أجل الثوابت الوطنية، فغريب أمر بعض المشايخ وطريقة تعاطيهم مع مصلحة القبيلة التي هي جزء من مصلحة الأمة والوطن»، مؤكدا أن من يتحدث عنهم «يريدون القبيلة على مقاساتهم، لا على قياس القبيلة والأمة والوطن، ولا يريدون أن تكون أهدافها وتطلعاتها كما كانت عبر التاريخ من أجل إرساء دعائم الدولة العادلة وخلق الوطن الحر، المستقل والآمن».