أخبار الساعة » »

الهيئة العامة للمطبات !!

- هايل علي المذابي

* لا شك مطلقاً في أن السيد مسعود سعدان- رئيس هيئة الشوارع- رجل في منتهى النزاهة وقمة الذوق، حيث رفض رفضاً قاطعاً تعيين سامي- شقيق زوجته- موظفاً بالهيئة إلا بعد اتخاذ كافة الإجراءات القانونية التي سنها القانون.. حيث استدعى السيد مسعود مدير عام الشئون الإدارية بالهيئة، وأفضى إليه برغبته في إيجاد وظيفة مناسبة لشقيق زوجته.

وعاد مدير عام الشئون الإدارية إلى السيد مسعود سعدان ليخبره بأنه قد عثر على وظيفة شاغرة هي وظيفة مدير هندسي بإدارة الأرصفة بالهيئة.

وقال السيد مسعود سعدان: إن سامي لا يحمل بكالوريوس هندسة ولكنه يحمل بكالوريوس آداب قسم تاريخ، وأكد له المدير الإداري أن هذه الوظيفة الهندسية بالذات مطلوب لها واحد بكالوريوس آداب قسم تاريخ.

وبعد أيام ظهر إعلان في الصحف يخص الهيئة يقول: تعلن هيئة الشوارع عن حاجتها إلى شغل وظيفة مدير قسم هندسي بإدارة الأرصفة بالهيئة، وذلك بالشروط التالية:

1-أن يكون المتقدم إلى هذه الوظيفة الهندسية حاصلاً على بكالوريوس آداب قسم تاريخ دفعة "35" 2003م.

وسوف يستبعد أي متقدم حاصل على بكالوريوس هندسة، ولن يلتفت إلى طلبه.

2-أن يكون عمر المتقدم إلى الوظيفة عند تاريخ الاختبار الشخصي 24 سنة و3 شهور و11 يوماً.

3-يشترط في المتقدم لهذه الوظيفة أن يكون له نظارة طبية وله شامة في رقبته تحت الأذن اليسرى مباشرة.

4-يشترط في المتقدم لهذه الوظيفة أن يكون قد أجرى عملية استئصال اللوز يوم 4 يناير 1996م.

5-يشترط في المتقدم أن يكون طوله 174 سنتيمتر.

6-يشترط في المتقدم أن يكون مقيماً في شارع حدة، وأن يكون رقم بطاقته "5532" الأمانة.

7-أن يكون اسمه سامي سرحان.

8-أن يكون له أخ يصغره بسنتين اسمه هاني سرحان.

عند توافر هذه الشروط، سيعقد اختبار شخصي للمتقدمين يوم 17 سبتمبر القادم وسيعين الأول على المتقدمين بالفئة الخامسة مع بدلات الوظيفة التالية: 10 آلاف ريال بدل طبيعة شوارع، 15 ألف ريال بدل طبيعة أرصفة، 10 آلاف ريال بدل انتقال، 10 آلاف ريال بدل عدم انتقال، 20 ألف ريال بدل اغتراب في الشوارع البعيدة عن بيته.

والواقع أن ذلك الرجل النزيه مسعود سعدان كان يبدي دهشته الشديدة لمدير الشئون الإدارية لأن أحداً لم يتقدم إلى هذه الوظيفة سوى شخص واحد فقط هو سامي سرحان، وكان السيد مسعود يؤكد أنه نشر الإعلان حتى يحقق مبدأ تكافؤ الفرص بين طلاب الوظائف كما يحتم القانون العادل، فلماذا أحجم طلاب الوظائف عن التقدم إلى هذه الوظيفة؟! وكان مدير الشئون الإدارية أكثر منه حيرة في الإجابة على هذا السؤال، إذ كان يمط شفتيه قائلاً لرئيس الهيئة: والله مانا عارف يا أستاذ..

اختبار القبول الصعب جداً..!!

وجلس سامي سرحان أمام لجنة الاختبار الشخصي التي وضعت قواعد عادلة، إذ خصصت لكل سؤال عشر درجات، وكان السؤال الأول الذي وجهته اللجنة إلى سامي عما إذا كان يمشي أحياناً في شارع الزبيري. فأجاب بالإيجاب، وهنا سأله عضو اللجنة:

* من مِِن الثوار سمّي شارع الزبيري باسمه؟

-فأجاب سامي: الزعيم السلال.

فضحك عضو آخر باللجنة معبراً لباقي الأعضاء عن حقيقة ما يقصده سامي سرحان وهو أن شارع الزبيري كان مسمى في الأول باسم الزعيم السلال، وأن سامي يريد أن يقول أن الشارع باسم الزبيري حالياً والزعيم السلال سابقاً.

وتوالت أسئلة الاختبار من اللجنة:

*كيف حالك يا أستاذ سامي؟

-فرد سامي: الله يسلمك.

وهنا سجلت اللجنة عشر درجات أخرى على هذه الإجابة الصح.

*اسمك الثلاثي يا أستاذ سامي؟

-سامي خليل سرحان.

وسجلت اللجنة عشر درجات أخرى

*الساعة كم يا أستاذ سامي؟

-الساعة 11 إلا ربع.

عشر درجات لهذه الإجابة الصح.

*عنوانك فين يا أستاذ سامي؟

-المدينة- حدة.

عشر درجات لهذه الإجابة الصح.

وهكذا أصبح سامي مديراً للقسم الهندسي بإدارة الأرصفة بهيئة الشوارع، ورغم أنه بكالوريوس في التاريخ، فقد أصبح لقبه: المهندس سامي سرحان، وأصبح معروفاً أنه مهندس في التاريخ وأصبحت المكاتبات الرسمية ترد إليه في الهيئة: السيد المهندس التاريخي سامي سرحان رئيس القسم الهندسي.

وهكذا توالت الأحداث وكان يمكن أن يسير كل شيء على ما يرام لولا ذلك المعتوه ناجي حسن- وكيل إدارة الشئون القانونية- وناجي حسن، مهندس حصل على درجاته العلمية في الهندسة من جامعات صنعاء وألمانيا، وراح يتدرج في الهيئة حتى أصبح رئيساً للقسم الهندسي في إدارة الأرصفة، وعندما فاتح مسعود سعدان السيد مدير الشئون الإدارية في إيجاد وظيفة لسامي، لاحظ مدير الشئون الإدارية في اليوم التالي ملاحظة مفاجئة لم يكن متنبهاً لها وهو أن المهندس ناجي حسن غير كفء في عمله كرئيس للقسم الهندسي فتم نقله رئيساً للإدارة القانونية عله يثبت أنه موظف منتج في الشئون القانونية، غير أنه أبدى فشلاً ذريعاً في كتابة المذكرات القانونية وكان الأستاذ مسعود سعدان رجلاً رحيماً، فأشار بإعطاء المهندس ناجي حسن فرصة ثالثة يثبت معها أنه موظف منتج، فتم نقله رئيساً للإدارة الطبية، وكان شيئاً مؤسفاً حقاً أن رجلاً أنفقت عليه الدولة ليدرس في أكبر جامعات ألمانيا، لم يكن يعرف كيف يستعمل السماعة للكشف على المرضى، ولا عنده أدنى فكرة عن استعمال جهاز قياس ضغط الدم، ولا حتى هو- عند تغيب الممرض- قادر على إعطاء حقنة لمريض في العيادة الخارجية، هذا برغم أن الهيئة لم تقصر معه، إذ خصصت له سيارة يزين رقمها الهلال الأحمر للكشف على مرضى الهيئة في البيت، كما زودت له غرفة العمليات بأحدث آلات الجراحة، ومع ذلك فقد رفض أن يجري عملية زائدة لعامل في حالة خطرة يهدده انفجار الزائدة، وحول العامل- كسلاً منه وتقاعساً- إلى المستشفى العام فمات العامل هناك.

عند هذا الحد من الجهل والإهمال كان يمكن لرئيس الهيئة أن يفصل المهندس ناجي حسن، غير أن الرجل رحيم حقاً- مسعود سعدان- رأى أن يعطيه فرصة رابعة فأعاده رئيساً للإدارة القانونية، ونقل رئيس الإدارة القانونية إلى إدارة الوحدات الكهربائية، على أن يتولى رئاسة الإدارة الطبية المحاسب محمود صالح.

ولا شك أن السيد مسعود سعدان- بهذه التوجيهات- يعطي فرصاً ذهبية لمن لا ينتج في موقع، لكي ينتج في موقع آخر يمكن أن يكون أكثر ملائمة لمواهبه.

وكان المعتقد أن المهندس ناجي حسن شخص بغيض جاحد لا يقدر لرئيس هيئة الشوارع تلك اللمسات الإنسانية، إذ كان يسب علناً- وفي كل مكان- السيد مسعود سعدان، غير أن المدير العام للشئون الإدارية اكتشف أن ذلك لا يرجع إلى جحود أو قلة أدب أو سوء تربية، بل الأمر كله يرجع إلى خلل عقلي، فقد أكد المدير العام للشئون الإدارية للسيد مسعود سعدان أنه دخل على المهندس ناجي حسن فوجده يكلم نفسه ويهذي بكلام غريب وغير مفهوم، وعلى الفور استدعى مسعود سعدان المحاسب محمود صالح مدير الإدارة الطبية وكلفه بمراقبة المهندس ناجي مدير الإدارة القانونية، ووضعه تحت الملاحظة الطبية، وكتابة تقرير طبي عاجل عن حالته العقلية، وأشار مسعود سعدان مؤكداً لمحمود المحاسب أن نجاحه في هذه المهمة يمكن أن يؤكد كفاءته الطبية التي لا شك فيها، ويمكن أيضاً أن يرشحه لتولي منصب المدير العام للشئون الإدارية الذي سيخلو بتعيين مدير الشئون الإدارية مديراً عاماً للمؤسسة.

وخرج المحاسب محمود صالح من مكتب مسعود سعدان وقد عزم العزم الأكيد على إثبات كفاءته كمدير للإدارة الطبية، وعاد بعد أيام بتقريره الطبي عن الحالة العقلية للمهندس ناجي حسن، وجلس أمام مسعود سعدان الذي أمسك بالتقرير يقرأ ما كتبه المحاسب محمود صالح:

الميزانية العقلية للمهندس ناجي حسن:

"إذا نظرنا إلى رأس المال والأصول الثابتة والمنقولة في مخ المهندس ناجي حسن، وإذا أمعنا النظر في المعدل الاستهلاكي لرأس ماله الذي هو رأسه....".

عند هذا الحد، ألقى السيد مسعود سعدان- ساخطاً- بالتقرير المالي لعقلية المهندس ناجي حسن، وأنب المحاسب محمود تأنيباً موجعاً على جهله بالطب، وانتهى الأمر بنقل المحاسب محمود صالح مستشاراً فنياً لإدارة التشغيل الكهربائي، وتعيين مدير الوحدات الميكانيكية مديراً للقسم الطبي.

إضعافاً للحجة التي يرددها ذلك المجنون ناجي حسن من أن السيد مسعود سعدان اغتصب منه منصبه ليعطيه لشقيق زوجته، تقرر إنشاء إدارة عامة المطبات الشوارع يتولى إدارتها- بدرجة مدير عام- المهندس التاريخي سامي سرحان..

وأوفد المهندس التاريخي سامي سرحان في بعثة للخارج على نفقة الهيئة، عاد بعدها خبيراً في علم " المطبولوجي" الذي درسه في البعثة، وأصبح سامي سرحان صيحة علمية جديدة، حيث لعبت دراسته التاريخية دورها الكبير في تطور علم المطبولوجي، فهو بنظرة واحدة إلى أي مطب في أي شارع يستطيع أن يحدد عمر المطب وسبب المطب وتاريخ المطب وبالنظر إلى أهمية مطبات الشوارع في حياة الإنسان العصري قرر السيد مسعود سعدان إنشاء معهد يلحق بالإدارة العامة للمطبات هو المعهد العالي للمطبولوجيا، وأصبح عميد المعهد المهندس التاريخي سامي سرحان يلقي فيه المحاضرات على موظفي الإدارة وطلاب العلم الذين التحقوا بالمعهد.

وبثاقب نظره، قرر مسعود سعدان أن يخطو خطوة أولى يحبط بها كل محاولة للاستيلاء على المطبات فيما بعد، حيث وأنها قد أصبحت- أي المطبات- ثروة قومية وأثرية بعد إنشاء معهد متخصص بها، وحتى تكون مطبات الشوارع ملكاً خالصاً لهيئة الشوارع، غيّر مسعود سعدان اسم الهيئة إلى " الهيئة العامة للمطبات ".

STRINGS-7@HOTMAIL.COM

Total time: 0.0298