أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

هل الوحده اليمنيه في قلوبنا ام في جيوبنا (2)

- عمرو محمد ناجي الرياشي

ها هي أيام قليلة قد مضت على مناسبة عزيزة على قلوبنا ذكرى 22 مايو صفحه من التاريخ رُسم فيها حلم إعادة وحدة اليمن سياسيا وجغرافيا.

 ذلك الجزء من تاريخ اليمن السياسي حمل معناه السياسي اكثر منه شعبيا لأن شعبنا اليمني قبلها كان واحدا متوحداً.


لقد نفضت الأمه اليمنيه عنها عباءة الأمامه ورجس الإستعمار وكانت تعز  بوابة انطلاق لثورتيين يمنتيين شاق واشتاق اليها اليمنين بأرواحهم وبذلوا غالي النفيس ليترجموا من خلال تلك التضحيات توحد الهويه اليمنيه عملا واملا  ليصنعوا  بعدها امانيهم واحلامهم بتحقيق وحدة ترابهم اليمني ليقتسموا بعدها حلم بناء وطن يسوده العدل والأمن والطمأنينة ويغلقون صفحة الماضي التي حملة في اسطرها معانات وتضحيات الاجداد راسمين مستقبلا للأجيال القادمه .


 لكن لم تاتي الرياح كما تشتهي السفن لقد كانت الكلمة العليا والأثر الكبير للعواصف السياسيه و صراع الإيدلوجيات الفكريه  التي استمتدت زخمها من خارج اليمن وداخله فحلم الوحده اليمنيه رسم سياسيا مع الاسف على اساس شراكة بين مدرستين :


 الأولى في شمال الوطن حملت الفكر القبلي العسكري المتخلف فكريا واجتماعيا وكان بعيدا عن نهج بناء الدولة الحديثة.


اما المدرسة الثانيه فكان الفكر الاشتراكي مسيطرا على جميع تصوراتها وسلوكياتها  التي نجحت عمليا في بعض نظرياتها لكنها فشلت في القسم الاكبر منه  .


 لا يمكن ادخال أي عملية مقارنة بين المدرستين فنظام الحزب الاشتراكي بالرغم من سلبيات نظرياته الا انه كان اقرب الى مفهوم بناء دولة يمنيه مؤسسيه عكس النظام العائلي القبلي المتخلف الذي كان له دورا في حرف مسار الوحده .

مع شديد الاسف قراءت لكثير من الكتاب المحسوبين على تيار حزب الاصلاح وجعلوا من ذكرى اعادة توحيد اليمن الى مناسبة يتم فيها السباق المرثوني البطولي ليس لتحقيق اهداف تخدم اليمن ولكن لنبش بعض المحطات التاريخيه بعضها صحيح وبعضها الاخر محرف بشكل كبير وملفت لا ينم عن رؤية حقيقية ووطنيهم للكيفيه والطريقه التي حصلت بها بعض المغامرات السياسية بعد توقيع إعادة توحيد اليمن .


فلم يكن نظام صالح ومن معه صادقين في دخولهم لوحدة يمنيه حقيقيه تكون السياده للقانون والدولة .


بباسطه لا تحتاج الى نقاش طويل وجدل فضفاض يمكننا الوقوف عند المحطه الأولى ... وهي حادثة اغتيال الشهيد الحمدي وهذه الحادثه التي حملت معها اغتيال طموح واحلام اليمنين الى يومنا وزمننا هذا فتحتاج منا الى مراجعة حقيقية وموضوعيه لنعرف لماذا كانت لحادثة الغدر بالشهيد الحمدي لها توقيت زمان ومكاني يرتبط بالوحده واشرت الى ذلك من باب الإستدلال فبإغتيال الشهيد الحمدي إغتيلت احلام اليمنيين في مؤامرة استهدفت مشروع الوحده فلو نٌفذ في ذلك الزمن لكان وضع اليمن مختلفا بشكل جذري عما عنه اليوم لسبب بسيط ان القيادتين اللتان حكمتا شطري اليمن في ذلك الوقت (الحمدي – سالمين) كانا يمثلان مدرسه واحده وهي  بناء اليمن الحديث جملة وتفصيلا    .

 

المحطه الثانيه... فبدأت مع اغتيال اعضاء الحزب الاشتراكي بعد الوحده والذي وصل عددهم الى 155 عضو حتى 94م وما رافق تلك الفتره من ممارسات غير دستوريه وغير وطنيه من التلاعب بالمال العام والاستفراد بالدولة بشكل يخالف مفهوم الشراكه والبناء المخطط له عن طريق بوابة الوحده أدخلت اليمن في حرب صيف 1994م التي ساهم فيها المخدوع البيض بسذاجته وعدم حنكته في التعامل مع الازمه التي افتعلها  نظام صالح  و تسبب فيها .


التعجرف السياسي للمخدوع البيض واستفراده بالقرار للحزب الاشتراكي ساعد بشكل كبير بل واختصر طريق النجاح لصالح المخلوع  في الاستفراد بحكم اليمن بشكل كامل وتطبيق مفهوم الحكم القبلي العسكري المتخلف الذي كان سائداً في الشمال وتطبيقه في الجنوب.


 فما تسبب به نظام صالح بظلمه واحتكاره لمفهوم الوحده وكأنها كنز شخصي له حقوق الحصريه التي حصل عليها عبر حرب 94م ومواصلة سياسة الإقصاء حتى مع حلفائه القدامي ورفاق دربه والغاء مفهوم المواطنه والشراكه كان المحرك الرئيسي الذي ساعد على  خروج ثورة التغيير لتطهير الوحده اليمنيه من رجس ودنس نظام المخلوع علي صالح .  


وقياسا في التوقيت الحالي بما يجري على ارض الواقع ومقارنة بتلك الاحلام التي رسمها اليمانيون نجد ان اليمن ونخبته الوطنيه المخلصه في سباق سياسي يأخذ منعطفات خطيره للغايه وعلى رأسها ثلاثة منعطفات رئيسية  :


المنعطف  الاول .. يغلب عليه طابع العنف التخريبي الانتقامي لمرافق الدوله ومؤسساتها  فأذناب وحلفاء النظام المخلوع سياسيا ومن ادمنوا امتصاص ثروة الشعب مازالوا حاضرين وعليه يجب علينا الإيقان التام ان المخلوع مازال يسجل حضوره عن طريقهم اكانو عسكريين ومشائخ وسياسيين مروجين للقتل والانفلات الامني والعنف ... ولا ننسى ايضا دخول المخدوع علي سالم البيض على نفس الخط الذي اوهمه الوهم بنفسه وقدرته على ان يكون وصيا على ابناء جنوب اليمن فنجد ان (المخلوع والمخدوع) قد وضعا امر الوحده وكانها  صوره لا يحق ان تكون الا بوجودهما .


المنعطف الثاني .. هو حالة التنافر والتشاجر بين مكونات اللقاء المشترك والتي بالفعل بداءت تعيد ذكريات الماضي وتؤكد ان هناك طابور خامس يحاول ان يعيد اليمن الى مربع العنف والصراع السياسي الى ما قبل سبعينات وثمانيات القرن المنصرم نكاية بما حصل من تغيير افقد البعض مصالحه .


فمع الاسف لا زالت بعض القيادات تنظر الى تكوين اللقاء المشترك تحت معادلة سياسة (رفقاء في الربح و فرقاء في الخسارة) وهذه المعادلة لا تخدم الاستقرار في اليمن  .


المنعطف الثالث.. هو مسلسل الاغتيالات التي غالبا تحمل معها رسائل سياسيه تستهدف العناصر المؤثرة في القطاع العسكري والامني وتهدف تلك الاغتيالات الى اغلاق بعض الاسرار و الملفات السياسية لحامليها وابقاء المؤسسة العسكرية والامنيه ساحة تصفيات وصراعاتمن اجل الانتقام من بعض القيادات التي كان لها دور وطني في ايقاف عجلة دوران نظام صالح .

 

لكن مالذي تبقى لنا من الوحده بعد 23 سنة ؟

 

بعيدا عن التشجات التي ادمن عليها الكثير خصوصا من يدَعون بانهم من النخبه بين مقدس لمفهوم الوحده اليمنيه و مدنس لها ..... نقول وبكل وضوح بأن امر الوحده اليمنيه يمكن تشخيصها في الملف الاقتصادي  فلا يمكن السيطره على الوضع في اليمن الا باستقرار ملفه الاقتصادي الذي يحتاج الى استقرار امني وسياسي يتحمله الجميع بلا إستثناء ... وقد يقول البعض ان امر الوحده اليمنيه هو مطلب وطني ولا قياس له باي ملفات اخرى ..


ونرد ان نقاط الضعف التي تكونت بشكل اساسي ضد الوحده كانت بواسطة هشاشة الملف الاقتصادي في اليمن الذي كان له الدور الكبير في افساح المجال لإختراق خصوم الوحده  واعدائها حصونها في ظل ضعف الحصانه والمناعه الحاصله بسبب انهيار وتدهور معيشة المواطن اليمني .


 وحتى نعرف النهايه يجب نشخص البدايه فمن عايش فترة ما قبل تاريخ اعادة الوحدة اليمنيه يجد ان الحماس والرغبه الجامحه لليمنيين جنوبه قبل شماله  كانت أقوى وأكثر زخما  مما هي عليه ألان لدى البعض والامر لا يكمن في مسمى الوحده ولكن هو الفشل في ادارتها وتحويلها الى مشروع للنهب والسلب والاستبداد ادخل في قلوب كثير من ابناء الامه اليمنيه اليأس وحطمها وشتت حلم الكثير منهم في الوصول الى يمن يحمل في كنفه العدل والمساواه لا يميز بين مواطنيه ولا يفرق بين ابناءه .

 

اخيرا  ..... لا يمكن ان نوصل مفهوم الوحده في ظل مكونات داخل اليمن وخارجه مازالت تبعث الفساد والخراب باليمنيين ومازالت ايديها ملطخه بدماءهم في الجنوب والشمال بل جعلوا من الوحده اليمنيه ميزان ظلم يشترون الارض والانسان والوظيفه والمنصب حتى دُمر كل شيء جميل له صله بالوحده  .

تعليقات الزوار
1)
يمني -   بتاريخ: 02-06-2013    
يتضح من خلال قرآت الموضوع بانه تحليل عميق وشامل اكد فيه ان الزمن الذي تم التوحيد فيه غير مناسب وغير لائق اولا باختلاف النهجين لكلا الفريقين وهذا فيه صعوبه شديده للاتقاء الا اذا كان كل نظام مبيت بنوايا غير سليمه لسيطرة فكره النظامين كل علي الاخر ثانيا انه لاتوجد دولتين وطنيتين بمعني الوطنيه الشامله والتي يسودها العدل والمساواه والحريه والديمفراطيه والتي تحتكم للقانون والدستور والشرعيه وتكونان اساس

Total time: 0.046