أخبار الساعة » الاقتصادية » عربية ودولية

صدأ القمح ..يعبر القارات ويتفشي باليمن وإيران ويهدد سلة غلال العالم

- إلهام محمد علي

 

 

 

 

 

 

أدخل نفسه ضمن قائمة الأوبئة المشهورة حول العالم ( أنفلونزا الطيور والخنازير ) ، ومن الممكن أيضاً أن يتربع على عرش سرعة الإنتشار عبر القارات ، هذا هو ( صدأ القمح ) ، يرمز له بــ"Ug99" سلالة متوحشة من فطر صدأ سوق القمح، يسميها العلماء "شلل الزراعة"، نزل على العالم كالسيل العرم ، وأخذ من اليمن وإيرن محطات أستيطانية ، أما مصر والسودان لم يناولوا منه سوى إنتشار محدود ، فالخوف الأن من أن يقفز تلك الوباء إلى البلدان الواقعة شرق إيران التي تعتبر ( سلة غلال العالم ) .. فإلى التفاصيل ..؛؛

ما هو صدأ القمح ..؟

"Ug99" سلالة متوحشة من فطر صدأ سوق القمح، يسميها العلماء "شلل الزراعة"، تواصل الانتشار على نطاق واسع منذ ظهورها الأول في أوغندا في العام 1999. وقد قاومت حتى هذه اللحظة كل محاولات السيطرة عليها.

والخبر الأسوأ أنها باتت الآن قادرة على التحور، مثل فيروسات الإنفلونزا، وأن طفراتها يمكن أن تهدد محاصيل العالم وغذاء سكانه، بل والإستقرار السياسي في العديد من البلدان.

وفطر صدأ سوق القمح (Puccinia graminis) في ذاته ليس آفة زراعية جديدة. فقد عرفه الإنسان منذ أن عرف الزراعة. وهو يمثل تهديداً دائما لزراعات القمح وبعض البقوليات، لكنه يبقى من الناحية التاريخية، أكثر الأمراض تدميرا للقمح. فالمرض يتمتع بالقدرة على تحويل محصول مفعم بالصحة إلى مجموعة من السيقان السوداء والحبوب الذابلة قبل أسابيع معدودات من موسم الحصاد، حيث يدخل إلى سيقان النبات ويدمر أنسجته الوعائية. ويمكن أن تصل خسائر الغلات، في ظل ظروف مواتية لانتشار الفطر، إلى 70 % أو أكثر.

وعلى مدى عصور التاريخ المختلفة، ظلّت موجات أمراض الصدأ النباتيّ الفطرية تهديداً يجتاح محاصيل القمح بجميع أنحاء العالم بين حقبة وأخرى.

ومن بين أنواعه المختلفة، شكَّل صدأ السوق stem (الأسود)، وصدأ الشقران stripe (الأصفر)، وصدأ الأوراق leaf (البنيّ) أشدّ الأمراض ضرراً بإنتاج محاصيل القمح بالمقياس الاقتصادي.

لكن العقود القليلة الماضية شهدت تزايداً مثيراً للقلق لتهديدات صدأ السوق (الأسود)، وصدأ الشقران (الأصفر).

وقد أثار الإكتشاف الأخير لظهور طَفرة فوعيّة متبدِّلة من فيروس المرض في جنوب إفريقيا مزيداً من القلق حول انتشاره على نحوٍ يشكِّل تهديداً خطيراً لمحاصيل القمح في العالم.

وفي الوقت الراهن، ثمة سبع طفرات أقِّر بوجودها فعلياً من سلالة مرض ""Ug99 التي تمثل تهديداً حقيقيا لما يقدِّر بنحو 90 % من أصناف القمح التجارية العالمية المعرَّضة للإصابة به.

وفي توازٍ مع ذلك، تتجه الأنظار الدولية قلقةً باتجاه الكشف أخيراً عن سلالتين شديدتي العدوانية من صدأ السوق (الأسود) وصدأ الشقران (الأصفر)، اللتين يُبلَغ عن عبورهما للقارات وانتشارهما بمعدلاتٍ بالغة السرعة في فاشياتٍ خطيرة لدى العديد من البلدان.

وتُسلِّط السلالتان الجديدتان من صدأ القمح خطراً إضافيّاً على الإنتاج العالمي من هذا المحصول الأساسي، خاصة مع تطوير قدراتهما التكيُّفية مع درجات الحرارة الأعلى، بعدما اقتصر انتشار صدأ الشقران (الأصفر) سابقاً على المناطق الأبرد.

وبناءً على ذلك حذَّر ديفيد هادسن الخبير لدى الفاو من: "إمكانياتٍ محتملة لتسجيل خسائر قيمتها ملايين الدولارات بسبب حالات تفشّي صدأ الشقران (الأصفر) في مناطق الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وآسيا الوسطى، والقوقاز".

إنتشار سريع عبر القارات

يتمتع صدأ سوق القمح بقدرة عالية على التنقل، فهو ينتشر بسرعة عبر مسافات كبيرة بفعل الرياح أو عن طريق الإنتقال العرضي بواسطة البشر (الملابس الملوثة أو معدات الزراعة).

وكان صدأ سوق القمح تحت السيطرة إلى حد كبير لأكثر من ثلاثة عقود، نظراً لإنتشار إستخدام أصناف مهندسة وراثيا تتميز بالقدرة على مقاومة الآفات، خاصة نلك التي تحتوي على الجين Sr31.

وفي العام 1999، أكتشف العلماء سلالة جديدة شديدة الضراوة من صدأ سوق القمح في حقول القمح في أوغندا، تعرف باسم Ug99، نسبة إلى السنة والبلد الذي اكتشفت فيه. وباستخدام التسميات العلمية لأمريكا الشمالية، فإن سلالة Ug99 تعرف بسلالة TTKSK.

وتشكل سلالة (TTKSK (Ug99 مصدر قلق لأنها تحمل أنماطا فريدة من الفوعة (الفوعة هي قدرة أي كائن حي إذا دخل جسماً على التكاثر والتسبب في المرض).

إذ لم تلاحظ أي سلالة أخرى من صدأ ساق القمح أستطاعت التغلب على العديد من جينات القمح التي تتسم بالقدرة على مقاومة الآفات، بما في ذلك الجين المهم جدا Sr31.

وبحلول العام 2007، كانت سلالة (TTKSK )Ug99 قد أنتشرت بواسطة حركات الريح من شرق أفريقيا إلى اليمن ووصلت حتى جمهورية إيران الإسلامية.

وبحلول أكتوبر الماضي، كان العلماء قد تمكنوا من تحديد خمسة أشكال معروفة ضمن نسل سلالة Ug99 من صدأ سوق القمح. وكلّها تعتبر طفرات ذات خطوة واحدة. وثلاثة أشكال منها معروفة حاليا في كينيا (اعتباراً من أكتوبر 2009)، وهي السلالة TTKSK (سلالة Ug99 الأصلية) التي تتسم بفوعة إزاء الجين Sr31، ثم السلالة TTKST (الشكل Sr24 لسلالة Ug99)، والتي تتسم بفوعة إزاء الجين Sr31 والجين Sr24، ثم السلالة TTTSK (الشكل Sr36 لسلالة Ug99)، والتي تتسم بفوعة إزاء الجين Sr31 والجين Sr36.

وتعتبر سلالة TTKST (الشكل Sr24 لسلالة Ug99) الآن هي السلالة الغالبة من صدأ سوق القمح في العينات التي جمعت من كينيا.

وقد تسببت هذه السلالة، التي جرى الكشف عنها في العام 2006، في ظهور أوبئة في كينيا العام 2007.

أما السلالةTTKSK (سلالة Ug99 الأصلية) فهي السلالة السائدة في إثيوبيا واليمن. وتأكد وجود السلالة TTKSK (السلالة Ug99 الأصلية) في السودان وجمهورية إيران الإسلامية.

وثمة شكلان آخران من نسل السلالة Ug99 معروفان في جنوب أفريقيا فقط، وهما: السلالة TTKSF، التي تعتبر سلفا للسلالة Ug99، وهي مطابقة للسلالة Ug99 لكنها تفتقر إلى الفوعة إزاء الجين Sr31.

أما السلالة TTKSP فهي شكل للسلالة TTKSF وتفتقر إلى الفوعة إزاء الجين Sr31 لكنها تتسم بفوعة إزاء الجين Sr24. وكلتا السلالتين TTKSF و TTKSP مسجلتان في جنوب إفريقيا، السلالة TTKSP سجلت في العام 2000 في حين أن السلالة TTKSF سجلت في العام 2007 ثم سجلت في زيمبابوي في عام 2009.

الفاو تتعقبه عبر الشبكة العنكبوتية

ودفعت هذه التطورات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إلى إطلاق موقع متخصص على شبكة الإنترنت لتعقُّب إنتشار مرض "Ug99" الفتّاك بالحبوب والذي يُصيب سوق نبات القمح وغيره من سلالات المرض المدمّرة لمحاصيل الحبوب الأساسية، وسط قلقٍ عام من تواصُل انتشار الفطر المسبِّب للمرض عبر إفريقيا وباتجاه جنوب آسيا.

ويتمثل الهدف من إطلاق موقع "Rust SPORE" في إتاحة معلومات محدَّثة بإستمرار عن تطورّات مرض صدأ سيقان نباتات الحبوب الأسود، ورصد سلالاته الجديدة وتوفير أهم البيانات الموثوقة للمتابعين على الصعيد العالمي.

ويتركّز نظام معلومات " Rust SPOR" حالياً على رصد مرض صدأ السوق وسلالة فيروس "Ug99"، لكنه سيتوسّع في المستقبل المنظور لإدماج غير ذلك من تهديدات سلالاتٍ أخرى من مرض صدأ القمح.

تسرب بمصر والسودان وإستوطان باليمن وإيران

وتكشف بيانات Rust SPORE أن عمليات المسح التي أجريت في 18 منطقة زراعية في مختلف محافظات العراق في 14 مايو الماضي لم تسفر عن العثور على أي صدأ أسود.

بينما سجلت حالات محدودة للغاية في كل من مصر والسودان. وشملت عمليات المسح الحقلي في السودان خلال شهر فبراير 34 موقعاً من حقول المزارعين.

ولم يسجل فيها أي وجود لمرض صدأ الساق الأسود. في حين سجلت أعراض الإصابة بمرض الساق الأسود في ثلاثة مواقع في مصر من أصل 83 موقعاً مدروساً من حقول المزارعين في الفترة الممتدة من شهر فبراير حتى إبريل، تواجد صدأ القمح الأسود في مراكز (محطات) البحوث في كلا البلدين. بينما لم يتم رصد أي دلائل على انتشار السلالة في محطات مراقبة تطور الأمراض Ug99.

لكن الإنتشار الأسوأ كان في اليمن وإيران والبلدان الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، حيث سجلت في اليمن معدلات تتراوح بين معتدلة إلى عالية لحالات صدأ ساق القمح في مشتل الكيدان للفرز على ساحل البحر الأحمر في الأسبوع الأول من فبراير 2010، كما وردت تقارير عن ارتفاع نسبة إنتشار صدأ الساق في القمح في المرتفعات خلال شهر أكتوبر الماضي. وليست هناك حالياً أية معلومات عن السلالة المعنيّة.

وفي إثيوبيا، أجريت عمليات مسح شاملة جدا غطت تقريبا جميع مناطق زراعة القمح الرئيسية. وشملت هذه العمليات ما مجموعه 877 موقعاً. وتبيّن أن 35 % من المواقع أصيبت بصدأ ساق القمح.

وسجلت المناطق الجنوبية، ولا سيما منطقة أرسي/ بالي، أعلى معدلات الإصابة بصدأ ساق القمح، وكان هذا المرض منتشرا على نطاق واسع في منطقة الوادي المتصدع جنوب أديس أبابا.

وفي كينيا، أجريت عمليات مسح ميدانية في جبل كينيا ومناطق الوادي المتصدع في الفترة الممتدة من يناير إلى فبراير 2010. وشملت عمليات المسح ما مجموعه 90 موقعاً. وتبيّن أن 59 % من المواقع أصيبت بصدأ ساق القمح، وكان هذا المرض منتشراً على نطاق واسع في مختلف المناطق التي شملتها عمليات المسح. وتم رش حوالى 77 % من المواقع التي شملتها عمليات المسح بمبيدات الفطريات.

كما أفادت التقارير عن إنتشار صدأ الساق في القمح على نطاق واسع في تنزانيا وأفادت المناطق التي يُزرع فيها القمح في المقاطعات الشمالية وفي المرتفعات الجنوبية عن وجود صدأ الساق في القمح.

وفي جنوب أفريقيا، أُفيد عن انتشار صدأ الساق في القمح بشكل واسع في جنوب وشرق منطقة الكاب، وفقد أحد الحقول التي بلغت مساحته 160 هكتاراً محصوله بالكامل بسبب صدأ الساق. كما سجلت حالات انتشار واسعة في أوغندا، وكينيا، وزامبيا، وزمبابوي.

صدأ القمح يهدد سلة قمح العالم

لكن الخوف الآن أن يقفز الوباء إلى البلدان الواقعة شرق إيران مثل أفغانستان، والهند، وباكستان، وتركمانستان، وأوزبكستان، وكازاخستان، التي تعتبر سلة غلال العالم.

وجميع هذه البلدان ينبغي أن تتحلّى بأعلى درجات الحَذَر، إذ يُقدَّر أن نحو 80 % من أصناف القمح كافة في آسيا وإفريقيا عُرضةً للإصابة بهذا بالمرض الذي يسبّبه الفطر، خاصةً وأن أبواغ صدأ القمح تحملها الرياح في الغالب لمسافاتٍ طويلة أو عبر القارات.

وباء عابر للقارات

وفي تصريح نقلته شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال رافي سينغ، كبير العلماء في مجال علم الوراثة والأمراض النباتية في المركز الدولي لتحسين القمح والذرة الذي يتخذ من المكسيك مقراً له: "سيكون علينا الآن التأكد من أن كل سلالة جديدة من القمح ننتجها تقاوم كل فطريات Ug99 والأشكال الجديدة منها".

وأضاف أنه "مع التحورات الجديدة التي نراها، لا يمكن للبلدان أن تنتظر حتى تصيبها لدغات الصدأ، فنوع Ug99 الذي تم العثور عليه في كينيا، على سبيل المثال، انتقل من مرحلة الإكتشاف الأولي في كميات ضئيلة (عام 2006) إلى مستويات وبائية في العام التالي".

وقد اكتسبت التحورات أو "الأجناس" الجديدة القدرة على هزيمة اثنين من أهم الجينات المقاومة لصدأ القمح المستخدمة على نطاق واسع في معظم برامج إنتاج القمح في العالم. وقال سينغ إنه عندما ظهر نوع جديد من Ug99 في كينيا، اضطر المركز الدولي لتحسين الذرة والقمح لتأخير تدشين سلالات جديدة من القمح كانت تحتوي على جين واحد فقط مقاوم لصدأ القمح الأسود.

وتنتشر فطريات الصدأ، التي تسبب بقعاً بلون الصدأ في الأجزاء المصابة من النبات، بواسطة الأبواغ التي يمكنها تحمل الشتاء القاسي، ولكنها تتكاثر في الأجواء الأكثر دفئاً. وعادة ما تنتقل الأبواغ بواسطة الرياح - وفي بعض الأحيان عن طريق الملابس - لمسافات طويلة وعبر القارات.

وسيقدم العالم الجنوب إفريقي بريتوريوس، الذي صنف الأجناس الجديدة، النتائج التي توصل إليها أثناء اجتماع لخبراء القمح العالميين في الشهر القادم في سانت بطرسبرج بروسيا لمناقشة مكافحة صدأ القمح الأسود.

وقال بريتوريوس: "لقد أظهر عملي في الدفيئات أنه من بين 129 صنفاً تجارياً في جنوب إفريقيا وفي خطوط التربية المتقدمة التي تم اختبارها، كان 47 بالمائة عرضة في مرحلة الشتلات للإصابة بأحد نوعي صدأ الساق الجديدين أو كليهما معاً".

هل من الممكن القضاء على ( صدأ القمح ) ..؟

والخبر السار هو أنه يمكن منع هذا المرض بإستخدام مبيدات الفطريات ففي جنوب إفريقيا، يزرع المزارعون التجاريون القمح، وهم على دراية بالتهديد، ولكن صغار المزارعين في البلدان النامية، الذين لا يتمكنون غالباً من الحصول على مبيدات الفطريات أو على المعلومات حول هذا المرض، هم الأكثر عرضة للخطر.

ويبقى الخيار الأسلم هو الاستمرار في تطوير الأصناف المقاومة لصدأ القمح الأسود. وأوضح سينغ أن المركز الدولي لتحسين الذرة والقمح قد طور عدة جينات بسيطة لمقاومة الصدأ تم جمعها معاً لمكافحة العدوى، مما منحها تفوقاً على جين مقاومة الصدأ الوحيد. وأضاف أن "وجود عدة جينات مقاومة للصدأ يجعل من الصعب على الفطر مهاجمة (الجينات المجمعة) وتحطيمها".

المصدر : خاص
تعليقات الزوار
1)
احمد حسن المربط -   بتاريخ: 05-04-2013    
 موضوع جيد ولكن لم اجد في اي من المواقع شئ عن المبيدات الكيميائيه المختصه في مكافحة هذا المرض ارجو اغنائنا بشيئ من المعلومات في هذا المجال وفقكم الله

Total time: 0.042