أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

هجرة الكفاءات .. نزيف أم فرص

- تحقيق / إشــــراق دلال

الشميري: كنت الأول على الجمهورية وبعد سرقة منحتي أكثر من مرة بحثت عن وساطة

الشرعبي: وزارة المغتربين تسعى لحصر الكفاءات اليمنية العلمية المهاجرة والاستفادة منها في بناء الوطن


, الحريبي:
كوادر مؤهلة غادرت خارج الوطن بهدف تحسين أوضاعهم المادية


لفتت الأنظار إعلاميا وعالمياً إحدى الكفاءات اليمنية المهاجرة الدكتورة العالمة : مناهل ثابت المتخصصة في علم الهندسة المالية والمقيمة في دبي ..
الدكتورة مناهل: قدمت مؤخراً صيغة أو معادلة رياضية لحساب سرعة الضوء (في 350 صفحة) وتوقع العلماء أن تحدث تغييراُ نوعياً في رياضيات الكم الذي يعتبر من أعقد العلوم الطبيعية).. مما دعا وكالة " ناسا " والعديد من الوكالات المختصة بالفضاء الدولية أن تتفاوض معها لتطوير المعادلة..
مناهل ثابت (32 سنة) تعتبر أصغر طالب في العالم يحصل على الدكتوراة في علم الهندسة المالية ، وحصلت على IQ مقياس ذكاء لا يحصل عليه إلا 0.1 % من الناس في العالم.. تم تعيينها رئيسة لشبكات الذكاء العالمية وبجانب انجازاتها العلمية فهي تؤسس شركتها الخاصة الاستثمارية في دبي تجدر الإشارة إلى أن العالمة اليمنية مناهل ثابت كما أشارت مصادر مقربة منها لم تتنازل عن جوازها اليمني حتى اليوم.
ومن ضمن الكفاءات اليمنية المهاجرة الدكتور خالد نشوان والحائز على الميدالية الذهبية وجائزة الجدارة والتميز على اختراعه ذائع الصيت جهاز »نشوان باراساوند« ، الخاص بمعالجة تضيق الشرايين دون عملية جراحية وبدون أي آلام أو مضاعفات.


وحقق نشوان أرقاماً قياسية من حيث عدد ونوعية الجوائز العالمية التي حصل عليها، والتي تجاوزت الثلاثين جائزة منها ميدالية وايبو الذهبية التي تمنحها المنظمة العالمية للملكية الفكرية ، وتعتبر الجائزة الكبرى لمنظمة الأمم المتحدة في مجال الاختراع، وتمنح لأفضل مخترع كل عام، كما حصل على جائزة ولقب مخترع العام 2006 في المجر، وعلى جائزة ملك تايلند، وكذلك على لقب ووسام فارس المخترعين الدوليين برتبة بروفيسور، وميدالية ماريا كوري، وميدالية الشرف الفرنسي، ودرع الجامعة العربية، والعديد من الميداليات الذهبية الدولية من كل من ألمانيا وسويسرا وروسيا وبولندا ورومانيا وكرواتيا وصربيا والمجر وتايوان وكوريا الجنوبية وماليزيا وسلوفينيا.
كما حصل على كأس الاتحاد الدولي للمخترعين وميدالية نيكولا تسلا الذهبية وكأس سدني من أستراليا وغيرها من الجوائز والميداليات الذهبية الدولية الأخرى.
الحياة غابة
يحدثنا الدكتور علي قائد الشميري من الكفاءات المهاجرة إلى دولة المجر والذي يعمل طبيبا للأطفال حيث شارك في العديد من الندوات الطبية، وحصل على عدد من الجوائز والشهادات التقديرية، ومنها شهادة تقديرية من الهيئة العامة لنقل الدم وأمراضه .
يقول الشميري عن سبب هجرة الكفاءات: أن الحياة غابة تحكمها قوانين الطبيعة ، أما في اليمن للأسف ماهو ثابت فقط هو الرشوة والأنانية والطمع والجهل، وأهم ما يغيب في اليمن البنية التحتية : " أنا لا أقصد البنية التحتية في جانبها المادي فالأهم من ذلك هو الإنسان وبناؤه ربما أكون مبالغا لكني أشك أن أسلوب تربيتنا قد يكون خاطئاً أو أن به نقصاً".
ويضيف الشميري: نحن نقدم مصلحة الفرد على مصلحة الوطن نقدم المصلحة الآنية على المستديمة نحن نكذب وننافق عقودا من الزمن نصفق للثري والقوي وعندما نثور تكون ثورتنا منتهية بمجرد أن نتقاسم مع الأقوى قطعة من مال أو منصب..
ويتحدث الشميري عن تجربته لاستكمال دراسته وابتعاثه للخارج كونه الأول على دفعته في المرحلة الثانوية قائلاً : " شعرت بأني سأنتحر قهرا بعد الثانوية كنت الأول على الجمهورية وبعد سرقة منحتي أكثر من مرة بحثت عن وساطة ولولا الوساطة لما خرجت من اليمن لاستكمال دراستي استحي من نفسي على نفسي لذلك لكن هذا واقعنا".
ويتابع : " لم أكره العودة لأرضي فكم أتمنى العودة لكنها بنظري شبه مستحيلة والسبب كما يقولون في اليمن "مافيش درجات وظيفية " ..
وحول إمكانية عودته وانتفاع أبناء اليمن من علمه وخبرته يقول الشميري : " لم أعد شخصياً للاستقرار في اليمن بسبب شهادتي وخبرتي سأكون حينها شخصاً غير مرغوب فيه لذلك أنا سعيد بمكاني وعملي الذي أشغله الآن"..
ويرجح الشميري بأن انعدام اتباع الأسلوب العلمي في كل المجالات في اليمن قد يكون بسبب خطأ في التربية أو المجتمع أو مراكز الدولة والظروف التي تفرض بأن نكون مطبلين ودمى وفاقدين الثقة والإنسانية..
ويضيف الشميري : " بنيت بيتا في صنعاء على الأقل سنوات تقاعدي سأقضيها في وطني بين أهلي وأحبتي فكل يمني ويمنية بأخلاقهم وعقولهم هامات فليس جميعنا تتاح لهم الفرصة للخروج أو الابتعاث لكن اليمني أجدر بأن يكون أفضل من ذلك بكثير ، ومن مزايا الإنسان اليمني بأنه لا يسمح لليأس بالتغلغل لنفسه فلو نظرنا إلى المدرجات الزراعية في اليمن مع كل الأسباب والعيوب لوجدنا درجة عالية من الصبر والمثابرة والإبداع .. رغم كل ذلك فأمنيتي أن أعود للعيش والعمل ومساعدة أبناء بلدي الطيبين..
ويعتذر الشميري قائلاً: "أعتذر إن كنت أنانيا واخترت الهروب".
الجدير بالذكر بأن الدكتور الشميري حصل على المركز الأول بين طلاب الجمهورية في الشهادة الثانوية وابتعث لدراسة الطب البشري إلى جمهورية المجر، حصل على بكالوريوس الطب العام والجراحة بتقدير امتياز من جامعة (بتش) عام 1997م، حصل على درجة الماجستير من جامعة (سملفايس) في (بودابست) عام 2001م . حصل على درجة الدكتوراة من نفس الجامعة عام 2003م.
شيء مخجل ومؤسف
ويؤكد الدكتور يحيى علي الحريبي– رئيس قسم التخدير بمستشفى الثورة أستاذ مساعد بكلية الطب في مجال التخدير والعناية المركزة قائلاً : " نحن بحاجة للخبرات اليمنية خاصة في مجال التخدير حيث وهناك عدد من الكوادر المتخرجة في هذا المجال والحقيقة أنها غادرت خارج الوطن نظراً لسعيهم لتحسين أوضاعهم المادية والذي لم يجدوها أو يحصلوا عليها في وطنهم هذا الشيء المؤلم مع العلم بأنهم كوادر مؤهلة تأهيلاً جيداً".
ويتمنى الحريبي من الدولة الانتباه لهجرة تلك الكوادر هجرة عكسية .. واستقطاب أجانب بدلاً عنهم وبالعملة الصعبة ولدينا من أبناء الوطن من لا يحصلون على الشيء الكافي مما يضطرهم للهجرة فشهاداتهم العليا تقبل من جميع الدول لكنهم لا يجدون القبول في وطنهم وهذا شيء مخجل ومؤسف أن تكون النظرة هكذا من قبل الدولة أو الجهات المعنية ..

تتحمل الدولة تكاليف التأهيل
من جانبه يقول ثائر الشرعبي - مدير عام العلاقات بوزارة شؤون المغتربين : يبدأ نزوح الكفاءات وهجرتهم من أوساط الجامعات حيث يتم ابتعاث الكفاءات للتأهيل وما أن تتخرج وتجد أن بلد الاغتراب أفضل بكثير من الوطن تحب أن تستقر للعمل هناك وتفضل عدم العودة للوطن، وهنا إشكالية كبيرة في تحمل الدولة تكاليف طائلة للتأهيل والتعليم ولكن هذه الكفاءات لا تعود لأرض الوطن للأسباب والظروف التي يعيشها الوطن وقد تعود تلك الكفاءات لكنها لا تجد المكان الذي كانت تحلم بالعودة لشغله.. ويضيف : ظاهرة هجرة الكفاءات من الوطن في تزايد مستمر خصوصا في الآونة الأخيرة نتيجة للظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها الوطن ونتيجة لتدني مستوى الدخل خصوصا في مجال الطب والهندسة ما يعني أن ممرضاً أجنبياً في اليمن بالعملة الصعبة والكفاءات من الأطباء راتبه لا يساوي مرتب ممرض أجنبي.
منوهاً بأن الكفاءات المهاجرة أنواع : كفاءات هاجرت منذ الأربعينيات والثلاثينيات من القرن الماضي وكفاءات من أبناء المغتربين الذين يسكنون مع عوائلهم في بلدان المهجر وكفاءات ذهبت للدراسة عبر الابتعاث الخارجي سواء كانت الدولة هي التي ترعى الابتعاث أو على حسابهم الشخصي واستقرت في البلدان التي درست فيها ، وكفاءات هاجرت خلال الأعوام الماضية كما أن ظاهرة الهجرة في تنامٍ مستمر نتيجة للعديد من العوامل الاقتصادية أو السياسية.
الهجرة في تنامٍ
أصدرت جامعة الدول العربية مؤخراً تقريراً يوضح بأن هجرة الكفاءات العربية في تزايد إلى دول الغرب وأن هذه الكفاءات تتركز في مجال الطب والهندسة حيث كشف التقرير أصدرته الجامعة حول هجرة العلماء العرب تحت عنوان (هجرة الكفاءات ..نزيف أم فرص) .. بأن الهجرة ستنمو في الأيام القادمة ..وأشار التقرير إلى أن أعداد الكفاءات المهاجرة من أصحاب الشهادات الجامعية العليا فاقت أعدادهم المليون كفاءة، وهذا العدد يشمل فقط المولودين في دول عربية ولا يشمل الكفاءات المهاجرة إلى الدول الأخرى ونتساءل كم نصيب اليمن من هذه الإحصائية؟
حلول
ويذكر الشرعبي بأن الاهتمام بالكفاءات بدأ منذ العام 2009 أثناء انعقاد مؤتمر المغتربين الثالث والذي خصص جزء من أوراق عمله للكفاءات المهاجرة وعقدت على هامش المؤتمر ورشة خاصة سميت ورشة الكفاءات العلمية المهاجرة قدمت خلال هذه الورشة مجموعة من أوراق العمل من قبل الكفاءات إلى جانب توصيات في نهايتها رُفعت للمؤتمر وكانت هذه التوصيات جزءاً من قرارات مؤتمر المغتربين الثالث.
ويلفت إلى أنه وبالرغم من وجود قضايا وشكاوى المغتربين ووجود توجه للوزارة نحو إيجاد حلول لقضايا المغتربين الشائكة والمعقدة سواء في الداخل أو في الخارج يتم إغفال مايسمى بالاتصال والتواصل معهم وإيجاد نوع من العلاقة بين الدولة و الكفاءة والاستماع إليهم وإلى آرائهم وكيف يريدون أن تكون عليه وزارتهم .
ويضيف : كان أغلبية من تواصلنا معهم من الكفاءات المهاجرة يعبرون عن حنينهم إلى وطنهم وأبدوا استعدادهم لتقديم تجاربهم وخبراتهم ونجاحاتهم كواجب وطني يتحتم عليهم.
وتجدر الإشارة إلى انه تم إنشاء صفحة خاصة بالكفاءات على موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك " تحت مسمى "الكفاءات اليمنية المهاجرة" هذه الصفحة تعنى بتقديم هذه الكفاءات للآخرين وإبراز دورهم ونجاحاتهم في الخارج والمراكز المتقدمة التي وصلوا إليها سواء من خلال أعمالهم أو من خلال اختراعاتهم حتى يتسنى للمتابعين والمهتمين التعرف عليهم والتفاخر بهم أو التواصل معهم والاستفادة من خبراتهم..
وكشف مدير عام العلاقات بوزارة المغتربين بأن الوزارة لم تكن أول من يهتم بهذه الكفاءات حيث قال " وجدنا من الكفاءات في الخارج وبدرجة البرفيسور من عمل على إنشاء صفحة تعمل على التواصل فيما بينهم أسموها رحلة البحث عن الكنوز اليمنية المهاجرة " ، مضيفاً بأن الكفاءات اليمنية المهاجرة في أمريكا كانت النواة الأولى لإنشاء جمعية أسموها جمعية العلماء والمهنيين اليمنيين ولديها موقع على الإنترنت قامت بإبراز الكفاءات المهاجرة في أمريكا وتوثيق نجاحاتها أولاً بأول..
مجتمعنا لا يقدر الكفاءات
ويؤكد الشرعبي بأن هناك صعوبات تواجه الكفاءات في حال عادت لليمن حيث يقول: "نحن في مجتمع لا يقدر الكفاءات ولا يعطي لها مكانها فمثلاً إذا عاد أحدهم بشهادة عليا وتقدم للتوظيف بها فإن الجهة التي سيعمل بها تتعامل معه وظيفياً من التسلسل الإداري الأول كمختص أو كرئيس قسم وفي نفس الوقت قد تجد المدير الإداري أو المدير العام القائم عليه لايحمل شهادة الثانوية أو الجامعية وهنا تفضل الكفاءات أن تستقر في بلدان المهجر لدى من يقدرها ويحترم مكانتها العلمية وخير دليل ماهو مُمارس حاليا في المستشفيات الحكومية والتي أدت إلى هجرة الكادر الطبي مؤخرا.. للأسف فالجهة المسؤولة هي البيئة الطاردة لهذه الكفاءات ويتحمل الجميع كل في مجال عمله جزء من المسئولية".
وفيما يخص الدور الذي تضطلع به الوزارة بخصوص تلك الكفاءات يقول الشرعبي : " حاليا إدارة العلاقات بالوزارة تقوم بدراسة شاملة على الكفاءات فمن خلال البحث للمواقع والكتب والصحف والمراجع في الوزارة لم نجد أي دراسة خاصة بالكفاءات العلمية المهاجرة ..وماهو موجود مجرد كتابات وأوراق عمل ومداخلات ..كما بدأنا في الشروع بعمل دراسة خاصة بهم وقد نستعين ببعض المراكز البحثية في الداخل".
تكوين قاعدة بيانات
ومضى مدير العلاقات بوزارة المغتربين يقول: يضيف بأن الوزارة بصدد البحث والتقصي حول أعدادهم وبلدان المهجر وتخصصاتهم وكذلك معرفة كم يمتلك الوطن من كفاءات في الخارج وماهي تخصصاتهم وأين يتمركزون وماهي الدول المستقبلة لهم ومعرفة ما الدوافع التي أدت إلى هجرتهم بالإضافة إلى تكوين قاعدة بيانات حقيقية عنهم.
كما تبحث الوزارة عن إمكانية تنفيذ مشاريع معينه مجانية فلو أدت كل كفاءة في الخارج واجبها الوطني في الداخل لمدة 10أيام كل في مجال عمله بالتنسيق بين الوزارة والجهة التي يرغب بتزويد خبرته لها .. يقول مدير عام العلاقات بوزارة المغتربين : " لو تمكنا من تحقيق ذلك لما احتجنا للخبراء الدوليين والوفود الزائرة ولهذا نطمح لتنفيذ هذه الدراسة مهما كانت الصعوبات لما لها من أهمية للباحثين والمهتمين وللدولة نفسها".
وختم حديثه: مانتمناه من وزارة المغتربين أن تعمل على إحياء جسور التواصل والعمل على تنفيذ مشاريع وبرامج ناجحة لهذه الكفاءات تستفيد منها الدولة بالدرجة الأولى والمواطن بالدرجة الثانية.

المصدر : الثورة نت

Total time: 0.0561