لا تحزن أيها الدكتور مرسي حتى لو وضعوا القيود في رجليك فإنما هي قُبْلَة تضعها على رجليك ، لا تحزن فقد وفيت لهذه الأمة في زمن الغدر والخيانة وبيع القيم والمبادىء ، لا تحزن إذا رأيت قادة الانقلاب وقادة الخليج يتودَّدون ويتقربون بحبسك وسجنك إلى أعداء الأمة فوالله إنك في نظر الأعداء قائداً شجاعاً مغواراً مخلصاً لدينه وأمته رفض ان يعطي الدنية في أرضه ووطنه، اما هؤلاء الخونة فإن الأعداء ينظرون إليهم باستحقار شديد حتى لو هملجت بهم الخيول فليسوا في نظرهم الا عبيد إستمرأو العبودية هم وآباؤهم منذ نعومة أظافرهم ، كيف وقد وصف هذا الحال المتنبي منذ عدة قرون عندما قال : ومن يهن يسهل الهوان عليه ما لجرحٍ بميِّتٍ إيلامُ
اما انت فقد شهد الأعداء بفضلك ووفائك وحبك لوطنك وأمتك وذلك على لسان وزيرة خارجية الاتحاد الأوربي كاثرين آشتون بعد اللقاء الذي جمعك بها في محبسك حيث قالت لو قلت لكم أني قابلت رجل لم أقابل مثله في حياتي لما بالغت ، لقد رأيته يعشق وطنه أكثر من نفسه حتى انه نسي نفسه واصبح يتابع اخبار وطنه. شهد العدا بحقهم وبفضلهم والحق ما شهدت به الأعداءُ .
كنت أقرأ في كتب التأريخ ان والي مصر حبس العالم الجليل المجاهد العز ابن عبدالسلام وكبَّله بالسلاسل وربطه إلى جوار خيمته ، فلما زاره قائد الصليبين إلى خيمته ورأى العز ابن عبدالسلام مربوطا ومكبلاً بالسلاسل إلى جوار الخيمة سأل الوالي وقال له من هذا ؟ فأجابه الوالي يريد ان يتقرب منهم ويرضوا عنه بإجابة ملؤها العمالة والخيانة والذل والعبودية : قال له هذا أكبر عالم دين في مصر يحرض الناس لقتالكم قد فعلت به ما رأيت . فأجابه القائد الصليبي إجابة كأنه صفعه على وجهه قال له : والله لو كان هذا العالم عندنا لغسّلنا رجله وشربنا مرقتها . كان الوالي يتوقع الشكر والاحترام من هذا القائد وإذ به يصفعه على وجهه بهذا الجواب فاستحى الوالي وأمر بإطلاق العز ابن عبدالسلام .
وعندما قيل للعز ابن عبدالسلام إن الوالي يقول لو قبَّلْتَ يده لتركك وشأنك فقال العز مقولة سمع لها التأريخ وأنصت لها الدهر : والله لو طلب مني الوالي ان يُقَبِّلَ يدي لرفضت فضلا عن ان أُقَبََّلَ يده .
وما أشبه الليلة بالبارحة الكل يتسابق على إرضاء الأعداء ذبحوا العراق وقدموه قربانا للأعداء لعله ان يرضي عنهم ومن قبلها فلسطين ومن بعدها مصر ودولٌ بين ذلك كثيرا.
إستخدموا نصف أموالهم في دعم الأعداء والأمة تموت جوعا والنصف الآخر استخدموه في تركيع الأمة لعدوها وكأن عقود الذل والعبودية التي مرًّت لم تكن كافية .
لا تحزن أيها الدكتور فالنصر آتٍ لا محالة وما تمر به الأمة ليست الا عملية غربلة نعم يغربل الطيب من الخبيث فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .
فقد سُجِنَ يوسف عليه السلام بضع سنين ليخرج بعدها ملكا على مصر .
فنحن نراه قريبا وهم يرونه بعيداً ولا تسأل كيف فكل يوم هو في شأن .
وما بين غمضة عينٍ وانتباهتها يغيِّر الله من حال إلى حالِ . اما هؤلاء العملاء لا تبالي بهم ولا تشغل بالك بهم فإنهم لا يزالون في سكرتهم يعمهون ، ودعهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههمُ الأمل فسوف يعلمون . ولو دامت لغيرهم ما وصلت إليهم . فلا تحزن ولا تيأس وتذكر دائماً ( وإن جندنا لهم الغالبون ) وتذكر أيضاً ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الأرض يرثها عبادي الصالحون ، إن في هذا لبلاغاً لقومٍ عابدين ) وتذكر أيضاً( حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنُجِّيَ من نشاء ولا يُرَد بأسنا عن القوم المجرمين ) ، ( وسيقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً)