اخبار الساعة - عباس عواد موسى
سوريا : ثورة تسقط الخادع والمخدوع
عباس عواد موسى
منذ عام ونصف وعلى مدخل مخيم الزعتري حدثني اللاجئون السوريون عن ثورتهم . هناك , لمست تطوراً طرأ على ألسنتهم خلافاً لغالبية اللاجئين الذين كنت ألتقي بهم في محافظات المملكة . فكلما سألت أحد اللاجئين خارج المخيم من قبل كان يجيبني : يا ما احلى التلفزيون واكتفى بالذي قاله . باستثناء القليل منهم الذين حدثوني عن ثورتهم التي ستستغرق زمناً ليس قصيراً , وستستمر ريثما تعمل التغييرات في المنطقة والعالم أجمع في رسم شكل جديد لنظام عالمي آخر .
غازي النمر , أكد لي أن الشعب السوري انتفض في وجه طغمة حاكمة من طائفة باغية ظالمة تسللت إلى الحكم بدعم استعماري مجرم . وأضاف بأن العالم كله ضد الثورة السورية من هذا المنطلق . فقوى الإستكبار الغاشمة تأبى تبديل ما غرسته في الشأن الداخلي وتخشى من القادم .
كل العالم ضده فمن معه ؟
محمد رسلان بريجاوي 25 سنة وسيرين بسام السيد 17 كلاهما من حي الشاغور , فرّ هو من قزاز وهي من القداد والحيّين يقعان على طريق السيدة زينب . ألحاجة أم مروان وجدت لهما مسكناً إلى جوار منزلها في حي جبل الأمير فيصل أحد أحياء مدينة الرصيفة ضمن محافظة الزرقاء المجاورة للعاصمة الأردنية . ولأنهما لم يتمكنا من إتمام حفل زفافهما هناك , أقامته لهما الحاجة أم مروان هنا , وتقول : ( أنا من عائلة أبودية من عجّور الخليل , وأتذكر كيف هجّرتنا العصابات الصهيونية لكن نظام الكفر والعهر في الشام أشد بربرية ووحشية من الصهاينة . ومحمد كإبني مروان . أعلنت زفافه فاحتشد أهالي الحي واسألهم إن شئت عن جمال الحفل الذي تم . وتكاليفه تبرع بها السكان من مختلف العشائر وما قصّر أحد تجاه العروسين الفارّين من الشآم . إنهما ولدينا ) .
أما أم محمد فقد أظهرت غبطتها لأنها شاهدت الفرحة وقد ارتسمت على وجهي والدة العريس وأم العروس في الحفل البهيج الذي شارك في إقامته أهل الحي .
ألعريس محمد رفض الإلتحاق بجيش النظام وأضاف ولم يجبرني الفقر على العمل مع الشبيحة رغم الإغراءات واضطررت للجوء فلحقت بي خطيبتي .
ألشعوب العربية قاطبة تقف إلى جانب الشعب السوري , فضلاً عن مسلمي العالم أجمع . وها هم شهدائهم يبتسمون ودمائهم تروي الثرى السوري . وقد أرّخنا لعدد منهم من غير العرب , من روسيا والبوسنة والسنجق والصين وتركيا والشيشان وألبانيا وكوسوفا ومونتينيغرو ومقدونيا والنمسا وألمانيا وغيرها . حتى أنه لا يوجد بلد إلا وأتى منه نفير يقاتل نظامه الداعم للطاغية . فألقت الثورة السورية بظلالها على أمن كل البلدان .
ألإستعمار الخادع والنظام المخدوع
ألولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل أظهرتا منذ اللحظة الأولى للثورة السورية المباركة خشيتهما من أمرين : ألأسلحة الكيماوية والمقاتلين الميدانيين . ولم يكن وضع روسيا بخلاف ذلك . ولعل المتتبع لفبركات الضربة العسكرية يتبين ذلك بيسر وسهولة . فالولايات المتحدة التي أنهكتها حربا أفغانستان والعراق وأوردتاها إلى نقطة الهاوية تخشى مواجهة الذين هزموها هناك وكربيبتها إسرائيل باتت مذعورة من وقوع السلاح الكيماوي الذي أمدّت به ألمانيا وبريطانيا نظام الصنيعة الإستعمارية بأيديهم وكذلك روسيا فقادتا السيناريو وخدعتا النظام الذي استسلم وسلّم كل ما بجعبته لهم .
كنت قد نشرت لقاءاً بيني وبين الشهيد بإذن الله ياسر العبود قبل اغتياله بفترة وجيزة جداً . ومما قاله لي أن العالم بأسره طلب منا عدم التعاون والتنسيق مع الفصائل الجهادية , ونفى أن يكون قد طُلب منه محاربتهم غير مستبعدٍ من قبول شخصيات أخرى لتنفيذ الأمر . ولما سردت له عن بعض المواجهات التي وقعت أقر لي بوجود عملاء في قيادة الجيش الحر مؤكداً أنه سيرفض مقاتلة مجاهدين تحت أي ظرف . كان قد التقى قيادات عسكرية منشقة للتخطيط لتطهير درعا من النظام وأعوانه فأجهزوا عليه . ومعنى ذلك , أن الخادع وهو العالم بأسره أوجد أتباعاً للنظام في صفوف المعارضة لتحقيق الهدف الثاني المتمثل بتصفية الميدانيين أصحاب القرار والشرعية الحقيقية للثورة . وقد شاهدنا أكثر من مرة خروجاً بأعداد كبيرة من الجيش الحر لصالح التيارات الجهادية .
منعطفات وتحولات خطيرة
كلاهما مستعمر , ألولايات الصهيو أمريكية وروسيا الصهيو صفوية . وحتى تُبقي الأنظمة على أنفسها باقية فعليها أن تجهر قولاً وفعلاً بأن أمن الكيان الصهيوني أهم من أمن البلد الذي تحكمه وثانياً عليها أن تقصي الإسلاميين وتحارب الجهاديين ومطلوب منها لتأكيد امتثالها للأمر أن تنصاع للروافض وبات واضحاً أنه سيتم تنصيب إيران سيداً على المنطقة بعد أن برهنت على صدقيتها للبوابتين الأمريكية والروسية في العداء الصادق المتين للقوى الجهادية . وما جرى في أفغانستان والعراق لخير دليل على ذلك . لكنها عاجزة عن تحقيق نصرٍ دون دعم الأنظمة الأخرى التابعة لها , وهو الأمر العاجل جداً لإمبراطوريات متهاوية في هذه المرحلة .
أنظمة سينهيها فصامها
نترقب برويّة سقوط أنظمة تدّعي أنها ترغب في سقوط الطاغية وتدعم ( عويناته ) في صفوف المعارضة ممتثلة لأمر الخادع . ومصيرها لن يختلف عن حال مصير المخدوع الطاغية فكلاهما حتماً زائل .
المصدر : عباس عواد موسى