أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

"اهدى امه احدى كليتيه": قصة الشهيد البار "أنيس الخليدي" الذي استشهد في قصف دبابات الحوثي على دماج

- بشير سنان
كان من حفاظ كتاب الله .. ملازما للمساجد .. عاش بارا بوالديه .. أهدى أمه كليته .. بعد أن داهمها المرض .. وسكن فيهما الفشل .. عاش بكلية واحدة .. أما الأخرى .. فقد افتدى بها الأم الحنون .. لم تمضي أيام .. إلا وخفت بريق عيني الأم العظيمة ..في قضاء الله وقدره. 
 
احتسب ذلك عند ربه .. صبر وتحمل .. وحسبه .. أنه وهب الحياة .. لمن وهبته الحياة .. حتى لأيام .. أو للحظات .. وبعد الرحيل الفاجعة .. لنور العيون .. لازم نورا آخر .. الأب الشامخ .. عبقري العلوم .. وخبير النباتات .. وأهم منابر العلم في اليمن .. بل والوطن العربي .. كان .. مطيعا .. بارا .. صديقا .. صدوقا .. والوصف لأبيه عن شمائله .. وأخلاقه.
 
شد الرحال مهاجرا .. لحفظ كتاب الله .. ونهل العلم .. في دار الحديث .. بمدينة دماج .. قبل أيام معدودة .. حمل لأبيه البشرى .. بحفظه عشرون جزءا .. ولم يتبقى سوى نصفها .. ليرتقي عاليا .. مع الكرام البررة .. من حفظة كتاب الله . 
 
كان الأب العظيم .. يحمد الله ويثني عليه .. أن وهبه الذرية النافعة .. والولد الصالح .. الذي سيدعوا له .. حين يودع هذه الحياة .. وغير بعيد .. لم يكن يعلم .. ما تخبئه الأقدار .. ولم يدر بخلده .. ان ابنه أنس سيلتحق بأم أنس في الدار الآخرة !! 
 
مضت الأيام تباعا .. كان الجميع يترقب ليلة من ليالي العمر .. حين قرر شهيدنا .. اكمال نصف دينه بالزواج .. ليصبح القمر بدرا .. ولتشعل شموع الفرح .. في دار انطفأ نورها .. بل في أرض خلت من درة الكواكب .. حين رحلت الأم العظيمة. 
 
كان الوالد الدكتور .. يعد العدة .. لهذه الفرحة .. ومعه كنا كذلك .. ومعنا الأهل والأصدقاء .. الا أن الناعي الحزين .. صرخ مدويا .. وبصوت عالي.. رددته الجبال والوديان .. لقد استشهد البطل .. استشهد أنس .. تحت قصف دبابات الخوارج .. في دماج الحزينة .. سقط مضرجا بالدماء .. وبقي جسده الطاهر حتى اللحظة .. منعه أبناء المجوس .. من المواراة تحت التراب .. أما روحه الزكية .. ونفسه الطاهرة .. فقد صعدت الى بارئها .. يفوح منها شذى المسك .. وتنيثق منها رياحين الجنة.. في مقعد صدق عند مليك مقتدر. نحسبه والله حسيبه.
 
أكتب هذه الكلمات .. بالدموع الحزينة لفراقك .. أما عن نفسي .. فحسبها أنك رسمت لنا دربا من دروب الشهادة .. في زمن الذل والهزيمة .. رغم أن صداقتنا كانت قصيرة .. لكنها ستظل خالدة .. ولن تطويها صفحات الأيام .. لأنها لك أنت. 
 
بكتك كل العيون يا شهيدنا .. وامتزجت دموع الحزن لرحيلك .. بدموع الفرحة لنيلك الشهادة .. التي حلمت بها .. فنلتها .. ولعمري أن الأم العظيمة الآن .. فرحة في قبرها .. تترقب لقائك .. في دار الآخرة .. وأن الوالد العظيم .. يهلل فرحا وابتهاجا لنيلك الشهادة ومرددا قول الله تعالى .. 
 
وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) 
صدق الله العظيم 

Total time: 0.025