اخبار الساعة - أ.د ناصر بن سليمان العمر
كتب الأستاذ الدكتور ناصر العمر على موقع "المسلم" المشرف عليه مقالة تحت عنوان "دماج الكاشفة" وصف فيها ما حال إليه الأمر باليمن جراء تهجير السلفيين بقرار ظالم، وتخييرهم بين البقاء تحت القصف، او مغادرة دماج، والذي وصفه بالظالم.
وتحدث العمر عن تعاظم الحوثي وانه بات يشكل خطرا داخل اليمن وحتى على دول الجوار وفيما يلي نص ما كتبه:
مع القرار الظالم بتهجير أهل دماج التابعة لمحافظة صعدة اليمنية تتكشف أمور فاقعة في الصراع بين أهل السنة والحوثيين بالقرب من الحدود اليمنية السعودية..
فبعد حصار طويل المدى، واستنزاف شديد لقوة التيار السلفي التابع لدار الحديث التي يفد إليها طلبة علم من أنحاء مختلفة من اليمن وخارجه، والتي تتخذ منهجاً تصالحياً مع الرئيس والحكومة اليمنية على مر عقود، وتمارس عملاً تعليمياً لا ينخرط في السياسة بكل تعقيداتها وتحالفاتها، دخلت على إثره إلى أتون الصراع بين القوى المتصارعة في اليمن، ووجدت ذاتها هدفاً توسعياً لحركة الحوثيين الشيعية الإمامية التي تسعى إلى الهيمنة على سائر التراب اليمني بعد أن كانت تتطلع إلى السيطرة على الحدود اليمنية السعودية والإطلال على منفذ بحري يؤمن لها استقلالاً كاملاً عن الدولة اليمنية، ويمنح إيران بذلك حضوراً في أمن البحر الأحمر.. بعد الحصار، فرض على سلفيي دماج الرحيل بعد وساطة قضت بأن يسلم أهل دماج أرضهم ومواقعهم للجيش في مقابل تسليم الحوثيين أيضاً أماكن تمركزهم والأراضي التي سيطروا عليها للجيش أيضاً..
فوض سلفيو دماج الرئيس هادي منصور معتبرينه "ولي أمرهم" التصرف كاملاً، وذلك وفق وثيقة نشرتها صفحتهم على الفيس بوك، وجرى وقف إطلاق النار، والبدء بتنفيذ الوساطة، لكنهم فوجئوا بأنه قد تم ترحيلهم بعد تسليم مناطقهم، واستبقي الحوثيون في مواقعهم!
مائة يوم، مرت المحنة على أهل دماج، حتى قيل إن ذخيرتهم قد نفدت، وبات من الصعب عليهم ـ فيما يقدرونه ـ الاستمرار في المقاومة. ورحلوا قسراً. وهم يطلقون إذ ذاك صيحتهم: "ها هي بداية المؤامرة على أهل السنة بدأت تنجلي بوضوح ، ليعلم العالم مدى حجم المؤامرة على أهل السنة في دماج، وأن الجيش مغلوب على أمره ، محاصرٌ، لا قدرة له في مواجهة الحوثيين حاليا ، ومدى الذلة التى وصلت إليها حال القوات اليمنية المسلحة"، كما تقول صفحتهم على موقع التواصل.
الأمر بدا موحشاً، ومزعجاً إلى حد بعيد، فالمدة التي حوصر بها أهل دماج طويلة نسبياً، والقتال امتد لفترة أطول، ولقد هبت بعض القبائل لنصرتهم كذلك، لكن كل هذا لم يجد نفعاً، حتى الجيش لم يفلح أو لم يرد أو لأي سبب كان لم ينجدهم رغم ثقتهم الكبيرة التي أبدوها فيه، ورغم طبيعتهم غير الصدامية مع أركان الدولة اليمنية، وتقديرهم لقادتها، وتفويضهم لحل مشاكلهم؛ بما يؤشر في النهاية إلى أن قوة الحوثيين إلى تعاظم واضح، وأن ثمة متواطئين من داخل النظام معها، أو أن النظام قد بلغ من الهشاشة حدا غدا يهدد استقرار اليمن بالكلية، بل ربما دول جواره، وأن الحادثة على مرارتها وألمها بسيطة جداً إذا ما قورنت بما يمكن أن يتصور في حال انفجرت الأمور في أكثر من بقعة أو بلغت درجات المقاومة للنفوذ الحوثي، سواء على المستوى الرسمي أو القبائلي حدوداً أقل مما تبدو عليه الآن..