في عام 2007م، هجرت جماعة الحوثي، العشرات من اليهود كانوا يقطنون منطقة آل سالم مديرية كتاف بصعدة، مبررة ذلك بقيامهم بأعمال تخدم الصهيونية وبث الرذيلة، وفي العام الحالي هجرت "اهالي دماج" بعد قتال دام خلف العشرات من القتلى، وخاضت الجماعة 15 حربا بقوة السلاح والمال الايراني.
ويقول الباحث بسام العريقي في حديث لـ(اليوم)، ان الحوثيين جماعة مسلحة، لها اطراف سياسية تعمل بشكل جيد، وهو ما جعل حدة تهجير اهالي منطقة دماج من السلفيين الى صنعاء وعدة مناطق اخرى، لا تجد اثرا كبيرا في الاوساط السياسية والحقوقية الدولية.
وتوجت لجان للوساطة قادها عدة شخصيات سياسية يمنية، عملها باتفاق يفضي بـ "ابعاد السلفيين من منطقة دماج وضمان تعويضهم من قبل الدولة وعلاج المصابين على نفقة الدولة"، ويقدر عددهم بنحو ثمانية آلاف شخص، فكانت الوجهة الى محافظة الحديدة الساحلية - غرب اليمن - لإنشاء مركز بديل عن دار الحديث. الوجهة، تغيرت الى العاصمة صنعاء، بعد الخطابات الرافضة لتواجد السلفيين في منطقة تعتبر احد معاقل المذهب الشافعي على حد تعبير بيان لما سمي الحراك التهامي والذي قال: ان انشاء مراكز سلفية في تهامة، "يعد بداية الصراع المذهبي والطائفي"، مشيرا الى ان تواجد السلفيين في الحديدة سيخلق احتقانا بين المواطنيين و"ينقل الحرب من دماج الى تهامة".
السخط المجتمعي
الصحفي والناشط الحقوقي مارب الورد، ذكر بالإعلان العالمي لحقوق الإنساني الذي ينص على أن " لكل فرد حرية التنقل، واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة "، وتهجير مواطني دماج وفق التوصيف القانوني جريمة ضد الإنسانية استناداً للمادة السابعة من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية.
وقال لـ"اليوم": التهجير كان مخططا له من قبل الحوثيين، وقال أحد قياداتها لرئيس اللجنة الرئاسية: إن هدفهم تطهير دماج ممن وصفهم بـ"الإرهابيين والمسلحين الأجانب"، ما يدل على أن التهجير مبيت بل وقد قايض به الحوثي في حروبه الست السابقة مع الدولة. رغم ذلك، قال انه لا يتوقع تهجير المحسوبين أو المؤيدين للحوثيين من أي منطقة، لأن ثقافة اليمنيين تقوم على التسامح والتعايش ونبذ الفرقة والخلاف عبر مختلف العقود، لكنه استطرد بالقول: يمكن أن يحدث هذا التهجير للحوثيين في حال كرر انصار الحوثي تهجير مواطنين عاديين غير منتمين لتيار بعينه من منطقة أخرى خارج صعدة.
فيما الباحث الاجتماعي "فؤاد الحميني" قال: ان سخط المجتمع ضد جماعة الحوثي بدأ يتنامى بشكل كبير خاصة المناطق ذات المذهب الشافعي او الزيدي، بسبب تكرار اعمال العنف والانتشار غير الجيد ونشر المذهب الشيعي في مناطق تعرف تاريخياً بأنها متعايشة مع الجميع.
المال الايراني
وأضاف لـ(اليوم)، الضغط الذي تقوم به جماعة الحوثي ضد المجتمعات المسالمة والهادئة، بقوة السلاح والمال الايراني وإنشاء مراكز شيعية بالقوة، قد يولد انفجارا مجتمعيا عنيفا ضد هذه الجماعة وأنصارها.
وكانت منظمة "سواء للدفاع عن حقوق الأقليات ومناهضة التمييز اليمنية"، قالت في تقرير بداية العام الحالي: إن جماعة الحوثي اصطدمت مع كل مخالفيها مذهبيا ودينيا وسياسيا، وقال: إن الجماعة قادت 15 حربا ضد مخالفيها، وأقدمت على طرد اليهود، وسعت إلى فرض امتدادها بالقوة على صعدة، وأجزاء من عمران والجوف وحجة.
فردوس صنعاء
ووجد السلفيون المهجرون من دماج، في مدينة سعوان غرب صنعاء، والقريبة من مقر السفارة الامريكية بصنعاء، مكانا امنا، ويقول احد مهجري دماج لـ(اليوم)، انه ترك في دماج منزلاً وحديقة لكنه انتقل الى هنا مع زوجتيه وأطفاله، وهو يقطن الان في ساحة مسجد الفردوس مع اصدقاء له من دماج، فيما يقطن اخرون في جامع السنة القريب من المكان.
وقال: ان الحصار الخانق والقتال مع الحوثيين على حد تعبيره، جعل فرصة الموت كبيرة، والجميع التزم بتعليمات الشيخ يحيى الحجوري شيخ دار الحديث بدماج - بالرحيل عن المدينة التي اقمنا فيها لسنوات طويلة.
ونصبت الخيام في ساحة جامع الفردوس، وقال احد سكان الخيام: ان جامع النساء مزدحم بالأطفال والنساء، واشار عبدالله الخضيري، وهو شاب ينتمي الى محافظة ذمار، الى ان بعض الاسر لم تأت الى العاصمة صنعاء لكنها ذهبت الى مناطق اخرى، واغلب من لم يجدوا مأوى لهم من الاسر او طلاب العالم، اتوا الى صنعاء. عندما شاهدني مجموعة من المهجرين التقط صورا للخيام، طلبوا مني "حذف الصور" بحجة ان الصور "حرام " والابتعاد عن المكان. كانوا جادين في طلبهم، وطلبوا ذلك بأدب.
انتشار مسلح
عبده الوصابي، احد القاطنين في مدينة سعوان، شكا من حجم الانتشار الامني السلفيين في المدينة وإقامتهم نقاطا امنية، تمنع مرور المركبات من طرقات تؤدي الى مكان تجمع السلفيين المهجرين.
ونص الاتفاق مع السلفيين، على ان ينتقل السلفيون من دماج الى اي مكان يختارونه بأسلحتهم، من دون اعتراض الدولة على ذلك، ما يجعل الوضع قابلا للانفجار بين السلفيين والحوثيين في صنعاء، وهي فرضية اكدها الخبير العسكري "ثابت صالح" والذي اضاف لـ(اليوم) وجود مسلحين من الطرفين في توقيت صعب مثل الذي تمر به البلد من حالة الا استقرار يجعل خيار الموجهات والاقتتال واردا في اي لحظة، مطالباً بإبعاد صنعاء، عن اي صراع طائفي او مذهبي يذهب ضحايا الابرياء وتستخدمها قوى لها اجندة خاصة.
ردود الافعال
منظمات حقوقية وأحزاب سياسية، وشخصيات عامة، انتقدت بشدة "قبول السلطات تهجير السلفيين" واعتبرت ذلك "سابقة هي الأولى من نوعها والتي ستفتح الباب واسعاً لتكرار هذه الحوادث وإحداث فرز طائفي البلاد. وقال حزب اتحاد الرشاد السلفي في اليمن في بيان وزعه للصحفيين مطلع الاسبوع الحالي: إن تهجير أبناء دماج بعد حصار وحرب دامت أكثر من ثلاثة أشهر تعد من "أبشع الجرائم". مطالباً الدولة والأحزاب السياسية والمجتمع الدولي بإدانة هذه "الجريمة"، كما طالب بإحالة "قيادة جماعة الحوثي وميليشياته إلى القضاء العادل". وحذر من "خطورة هذه الأعمال العدوانية التي تفتح الباب على مصراعيه للفتنة الطائفية والمذهبية والمناطقية وتهدد النسيج الاجتماعي في اليمن".
والحرب بين السلفيين والحوثيين، لم تكن الاولى ولن تكون الاخيرة في ظل الشحن الطائفي، والمحاولات المستميتة للحوثيين لنزع الشوكة في طريقهم "مركز دار الحديث السلفي"، لذا كان من الممكن ان تتجدد الموجهات الدامية وترتفع حصيلة القتل بين الطرفين، ويقول الكاتب اليمني همدان العليي: ادعاءات الحوثيين لن تصمد أمام الحقيقة الحارقة، فقد طردوا اليهود، وطردوا المؤتمرين – انصار حزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح -، وطردوا الاصلاحيين –انصار حزب التجمع اليمني للإصلاح "الاخوان المسلمين" - وطردوا السلفيين. وتابع حديثة بالقول: ترقبوا التالي .. سيطردون أي مخالف من بينهم.