أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

القصة الكاملة لجريمة بيع الغاز اليمني

- متابعات

كانت تشير الدراسات الأولية لمشروع الغاز الطبيعي إلى أن عوائده السنوية سوف تزيد عن 2 مليار دولار وقد تصل إلى 4 مليارات سنوياً وسوف يشغل المشروع أكثر من عشرة آلاف شاب عاطل عن العمل، ويتحقق إثر ذلك عوائد مالية كبيرة تعود إلى خزينة الدولة، في حال كانت الأيدي التي سوف تتسلم المشروع أمينة فعلاً على البلاد وعلى الثروة القومية لليمن..

 

ويذكر متابعين أنه لا يمكن للصدفة ان تدفع حكومة الوفاق ورئيسها والمبعوث الاممي للمطالبة بفتح ملف اتفاقية الغاز واستعادة الاموال المنهوبة ان تأتي دون ان يكون هناك ادلة مادية وبراهين لفتح هذا الملف ، إذ أن الادلة والبراهين هي من دفعتهم لذلك ، ولا يمكن استبعاد استقالة وزير النفط والمعادن التي افصح عن مضمون وسبب الاستقالة وان النافذين اصبحوا عائق ، العملية متعلقة بفضيحة بيع الغاز اليمني واتفاقية البيع ودور شركة توتال الفرنسية في العملية، وحديث رئيس حكومة الوفاق دولة الاستاذ محمد سالم باسندوة عن فتح ملفات الصفقات المشبوهة في مجال النفط والغاز وضرورة محاسبة المتورطين في عمليات الفساد تلك مقدمة لعمل وطني يعمل على سد الثغرة التي احدثتها اتفاقية بيع الغاز بسعر متدني جدا ولا شك انه عمل فدائي مقارنة بحجم العملية واطرافها ونتائجها وانعكاساتها على المرحلة القادمة.

صفقة مشبوهة

 

اتفاقية بيع الغاز صفقة مشبوهة بكل المقاييس وتعتبر تبييض للثروة السيادية اليمنية ، توقيع الاتفاقية كانت قد ابرمت في ظل اوضاع سياسية غير مستقرة وكان النظام السابق يشعر بالمصير المجهول وما كان عليه القيام به هو تأمين اكبر قدر من الثروة النقدية لرئيس النظام وحاشيته، ويأتي كلام رئيس الحكومة عن ملفات الفساد والصفقات المشبوهة خطوة ايجابية بحاجة الى تكاتف الجميع احزاب ومنظمات وافراد لان تلك الصفقات ومن يفقون ورائها تسببت بنهب ثروات اليمن ونهب الثروات خيانة عظمى يحاسب كل من تسبب بها، والمبررات الواهية عن بيع سعر الغاز اليمني لتوتال الفرنسية وكوجاز الكورية بسعر ثلاثة دولارات امر غير منطقي وغير مقبول ويدل على اختلاس مقونن للثروة السيادية

 

هذا مع أنه كان يمكن لمشروع الغاز في اليمن أن يكون نموذجاً رائعاً للنجاح والعبور بالاقتصاد اليمني نحو آفاقٍ عظيمة، وكانت البدايات التنفيذية للمشروع موفقة، ولكن سُوء الإدارة انعكس في أقبح صورة على أغلب وأهم تفاصيل هذا المشروع ليجعله حالة فشل ذريع مؤهلة بجدارة كحالة للدراسة المهنية والأكاديمية (Case Study)، يستفيد منها صُناع الطاقة، على أن يتم تدريس تفاصيل هذه الحالة الفاشلة التي صنعها اليمنيون بثروتهم الطبيعية بما يُسهم في تفادي مثل هذا الفشل في مواقع أخرى.

 

ولا يخفي اليمنيون بمختلف انتماءاتهم الجغرافية والفكرية والحزبية ودرجات ثقافتهم أن المشروع تحول من أمل إلى ألم وكابوس ومشكلة معقدة وعميقة، ويقينهم أنه لا مبالغة في القول إن أبعادها كارثية، وإن حال المشروع اليوم أشبه بمريض في وضع خطير للغاية ونزيفه مستمر، ولذا ينبغي إدخاله فوراً غرفة عناية مركزة ولا يحتمل أمر إنقاذه تبادل اللوم والتبريرات والبحث في الأوقات الضائعة عن ضحية سهلة, بل ينبغي تضافر جهود الجميع لهدف واحد فقط هو إنقاذه.

لغة الارقام

 

فبحساب بسيط للأرقام، نستطيع أن ندرك أن حجم المشكلة كارثي بكل المقاييس، وأولها مالي، حيث تحتسب خسائر اليمن بمليارات الدولارات، ومازال الهدر والنزيف مستمراً، ولا يخفى على أحدٍ أن بقاء الأمور على ما هو عليه يُؤسس لتعقيدات ومشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية آنية ومستقبلية، يُدرك المختصون والخبراء في صناعة النفط والغاز الحجم القياسي لعدم توازن اتفاقيات البيع للغاز اليمني ومدى الغبن على الجانب اليمني في هذه الاتفاقيات، ويدركون كذلك - بالإضافة إلى كل أطراف المشروع - الضرورة القصوى لتصحيح الوضع إذا ما أرادوا ضمان نجاح المشروع حتى نهايته وتوسيعه والعمل على تأسيس شراكة استراتيجية حقيقية، وبلا شك، فإن المأزق الحقيقي والخطير اقتصادياً الذي تمر به اليمن اليوم هو فرصة حقيقية للشركاء الآخرين للتقدم وخطوة كبيرة لاستعادة الثقة وتأسيس شراكة استراتيجية حقيقية قابلة للبقاء والتطوير وتحقق لهم مكاسب اقتصادية وحتى أخلاقية كبيرة على المدى القريب والبعيد.

 

وفي خضم التراشق وتبادل التهم، اتهمت الحكومة اليمنية الرئيس اليمني السابق علي عبد الله بـ"الفساد" بشأن اتفاقية بيع الغاز المسال لشركة توتال الفرنسية وشركة كوغاز الكورية، وهددت باللجوء إلى القضاء المحلي والدولي لمقاضاة المتورطين. وقالت الحكومة في بيان "إن هناك شكوك تتعلق بقيام النظام السابق ببيع سعر الغاز إلى توتال الفرنسية بدولار أميركي واحد، وللشركة الكورية كوغاز بثلاثة دولارات و15 سنتا للمليون وحدة حرارية". وأوضح البيان أن أسعار الغاز في ذلك الوقت كانت تتراوح بين 11 و12 دولارا للمليون وحدة حرارية.

 

واعتبرت الحكومة في بيانها "سكوت النظام السابق وعدم الرد على الاتهامات أو تقديم مبررات على إبرام تلك الصفقة التي وصفت بـ(المجحفة بحق الوطن والشعب اليمني)، يشير إلى وجود صفقة فساد رافقت الاتفاقية". وقال مصدر مسؤول في رئاسة مجلس الوزراء، أن حكومة الوفاق "لن تسكت عن هذا الأمر وستتخذ كافة الإجراءات اللازمة بحق كل من يثبت تورطه في هذه الصفقة، بما في ذلك اللجوء للقضاء المحلي والدولي لمقاضاتهم، سواء كانوا جهات أو مسؤولين أو نافذين".

مطالبة

 

وجراء الضرر الكبير الذي لحق باليمن، من جراء هذه الصفقة، طالب رئيس الجمعية اليمنية لحماية الثروات الطبيعية الخبير النفطي الدكتور محمد عبد العزيز الزوبة حكومة باسندوة بتعديل اتفاقية بيع الغاز اليمني المسال مع شركة توتال الفرنسية إلى مستويات مقبولة. وأوضح ان التعديل في اتفاقيه سعر بيع الغاز اليمني المسال من 3.2 دولار الي7.2 دولار لكل (مليون وحده حرارية) لايمثل حقيقه التصحيح المطلوب او السعر العادل المطبق عالميا المساوي 20 $ دولار، وأكد الزوبة ان الاتفاقية المبرمة بين بلادنا وشركه توتال لاتزال تمثل كارثة وطنيه وجريمة فساد يعاني منها الوطن وثروته في الوقت الحاضر وفي مستقبل أجياله.

 

 وقال الزوبه " ان ضعف الأداء وقله الخبرة وتواصل مسيره الفساد في ظل حكومة باسندوة تسير علي نهج تدمير واهدار للثروات الوطنية بدون وازع من ضمير او توقع للحساب". واستغرب من قبول الجانب اليمني المتمثل في وزارتي النفط والمالية علي القبول بمثل هذا التعديل". وكان اليمن توصل الى اتفاق مبدئي مع شركة توتال لتصحيح أسعار الغاز اليمني المسال، من سعره السابق 3.2 دولار لكل مليون وحدة حرارية، إلى مستويات تقارب السعر في المؤشر العالمي لأسعار الغاز المتمثل في 11.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية. وتمتلك توتال الفرنسية نسبة 39.62% من مشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال، فيما تساهم مؤسسة إس كي الكورية بحصة 9.55%، وشركة كوجاز الكورية 6 %، وشركة هيونداي الكورية 5.88%، وشركة هنت الأمريكية للنفط 17.22%. بالاضافة إلى 16.73% حصة الشركة اليمنية للغاز و5% حصة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.

تقارير

 

وكان اليمن بدأ إنتاج الغاز في العام 2009م وأشارت التقديرات الأولية لدراسة الجدوى الاقتصادية لمشروع الغاز الطبيعي المسال آنذاك أن هذا المشروع سيرفد الخزينة العامة للدولة بمبلغ من 4 إلى 5 مليارات دولار سنوياً، لكن سرعان ما تبددت أحلام اليمنيين بعد قرابة عامين أو ثلاثة، خاصة بعد أن تقاعست شركة توتال الفرنسية عن توريد حتى نصف الرقم السابق خلال الأعوام الأربعة المنصرمة حيث أشارت التقارير النفطية غير الرسمية إلى أن توتال لم تورد لخزينة الدولة اليمنية سوى 700 مليون دولار فقط خلال الأعوام 2009م 2010م 2011م 2012م 2013م في وقت يقول خبراء محليون إن المبالغ التي حصلت عليها توتال خلال الأعوام المذكورة تزيد عن 25 مليار دولار، خاصة وأنها دخلت المشروع مع الحكومة اليمنية دون أن تدفع فلساً واحداً للبنية التحتية لمشروع الغاز المسال وإنما تحملت أعباءه الحكومة اليمنية كاملاً..

 

 

وتشير معلومات إلى أن السعر العالمي للمليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعي تباع بسعر 19 دولاراً بينما لا يصل السعر الذي تدفعه توتال للحكومة اليمنية حتى إلى 2 دولار للمليون وحدة حرارية، هذا في الوقت الذي تبيع فيه الحكومة اليمنية المليون وحدة حرارية من الغاز للمواطنين بأكثر من 12 دولاراً.. وهذا التفاوت الكبير ناتج عن عمليات فساد كبيرة في السعر المحلي والبيع خارجياً أدت إلى فقدان اليمن مليارات الدولارات خلال الخمس السنوات الماضية، ويتحجج الجانب الرسمي اليمني بأن هناك اتفاقيات موقعة بين اليمن والشركات الأجنبية صادق عليها البرلمان.

غير لائق

 

 حيث قال مصدر مطلع لـ"الشموع" إن وزير النفط الحالي خاطب مدير شركة توتال في اليمن السيد ريفان بضرورة تعديل سعر الغاز، لكن رد مدير الشركة على وزير النفط دارس كان مستفزاً وغير لائق، حيث وصف السيد ريفان وزير النفط أنه لا يفهم في الغاز.. يشار إلى أن الحكومة اليمنية وبحسب قانونيين إذا ما أرادت إلغاء اتفاقية بيع الغاز المجحفة بحق اليمن مع الشركات الأجنبية والموقعة لفترة تصل إلى25عاماً والتي قد تخسر اليمن بموجبها ما يزيد عن 200 مليار دولار، فليس أمامها إلا أن يصدر رئيس الجمهورية قراراً بإلغاء الاتفاقية وتحويلها إلى البرلمان للمداولة وإلغائها أو التصديق عليها.. هذا وكانت معلومات شبه مؤكدة نمت إلى الصحيفة تشير إلى أن تحقيقات تجريها المحكمة الإدارية بالعاصمة صنعاء مع عدد من المسؤولين في وزارة النفط وشركة الغاز والنفط في النظام السابق في قضية بيع الغاز اليمني لشركة توتال الفرنسية، وأشارت المصادر إلى مثول عدد من المسؤولين في وزارة النفط وشركة الغاز والنفط سابقاً تم استدعاؤهم وأخذ أقوالهم حول الاتفاقية المجحفة بحق اليمن بين الحكومة اليمنية وشركة توتال الفرنسية..

 

وبناءً عليه وللوصول إلى نتائج جيدة ينبغي عليهم التحلي بالصبر والمثابرة والإيمان أولاً بقدراتهم وإمكانياتهم ومعرفة أن الأمور عندما تُدار بشكل مهني احترافي وبلا تسييس فإن احتمالات نجاحها تتضاعف كثيراً؛ لأنها تصبح خاضعة لميزان المصالح الاقتصادية المتبادلة والتي تستوعبها الشركات العالمية كشُركاء اليمن في المشروع وليست خاضعة لأهواء وتوازنات ومصالح السياسيين وإمكانية مُمارسة ضغوط عليهم، لذا عليهم الآن التقدم خطوات عملية وبحرص مع عدم الخضوع لمحاولات المحبطين أو ابتزازات سيئية النية المحتملة للنيل من همتهم وهز ثقتهم وتصميمهم من قبيل التهديد والتخويف من التحكيم والتقاضي الدولي أو التلويح بإمكانية الانسحاب من اليمن؛ لأنه يمكن إيجاد أرضية قانونية تدعم الموقف، ولأن الانسحاب سيعني خسائر لا قبل لشركائهم بها، كما أن الإبقاء على الوضع سيعني خسائر لا تحتمل أيضاً.

صراع

 

ومن المتوقع في المرحلة القادمة – وقريبا- ان صراعا سيحتدم على هذا الملف وسيتحول الصراع الى خارج اليمن وسيكون لمجلس الامن يدا فيه وربما ان يتسبب هذا الملف الى تعقيد الازمة وقد يصاحب هذه التطورات اغتيالات وقرارات وحراك الى درجة شديدة بين هادي والرئيس السابق واطراف سياسية اخرى، والمهم ان الحكومة بدأت تسير بالطريف الصحيح والقيام مواجباتها بحماية مصالح الشعب وهو الموقف الذي يجب ان يلاقي دعم كل الاطراف وان لا تتجه الامور الى خانة التبريرات.

 

إذ لا يمكن لشركة توتال الفرنسية القبول بالتعديل دون استرجاع اموالها المنهوبة التي دفعتها نقدا مقابل توقيع الاتفاقية المجحفة ، فتوتال تعتبر انها جازفت ودفعت اموالا طائلة خارج اطر الاتفاقية وخارج المؤسسات المالية اليمنية الرسمية، وما المح اليه وزير النفط احمد دارس في استقالة بشكل مقتضب (حجم الضغوطات التي تواجه (الرئيس) من أصحاب المصالح الشخصية الضيفة واصفاً إياهم بأصحاب (النفوذ) الأمر الذي أصبح يشكل عائقاً رئيسياً أمام أي مصلحة عامة أو خير للبلد، علاوة على ما تشكله من حائط صد كبير لأي إنجازات تقدم عليها الوزارة أو أي تطوير عملي يراد به تحسين الأداء العام للوزارة.

تحويل مسار الغاز

 

وفي أكبر فضيحة كذب علنية على الرأي العام زعمت الحكومة اليمنية كنوع من الدعاية السياسية الزائفة للرئيس عبدربه منصور هادي إنها نجحت في تعديل أسعار بيع الغاز اليمني من 3 دولار إلى 7 دولار غير إن الحقيقة التي مرت بسلام وكأن المجتمع اليمني غير معني، أن الاتفاقية لم تعدل قط ولم تمس وأن توتال قامت فقط بتحويل شحنات الغاز من أمريكا إلى أسيا بسبب انهيار أسعار الغاز في بورصة هنري هوب الأمريكية إلى أقل من 2 دولار (لاحظوا في الصفحة الثانية هشاشة توقعات الحكومة اليمنية عن أسعار هنري هوب على مدى 20 عاماً وأنها ستكون في المتوسط بمعدل 4.5 دولار). وأي خبير اقتصادي يعرف أن تحويل الشحنات من سوق لآخر أمر وارد في سوق الطاقة بتراضي الطرفين وبما يحقق مصلحة الطرفين، بل إنه مذكور كحل اضطراري في آخر 3 أسطر من الصفحة الثانية أمامكم. و سواء بيع الغاز اليمني بالسعر القديم (3.2) دولار أو بالسعر الجديد المزعوم (7.2)دولار فإن الحقيقة الصادمة التي يغفل عنها اليمنيون إن حكومتهم تستورد الغاز المسال من الخارج بـ13.5 دولار ويستورد الغاز المنزلي بـ32 دولار عن كل برميل.

تحذيرات

 

ويقول البروفيسور سيف العسلي، أن هناك فارق بين سعر الغاز في ميناء بلحاف (ميناء التصدير) وميناء الاستيراد في كوريا، ففي ميناء التصدير يكون السعر ما بين (3-4) دولارات، وهذا هو ما يهم اليمن، كونه سيتحدد نصيبها من المشروع على هذا الأساس، وليست معنية بنفقات نقله إلى ميناء الاستيراد ونفقات إعادته إلى غاز وتوصيله إلى المستهلك النهائي، والتي تصل أسعاره ما بين (12-13) دولاراً، ولفت إلى أن الفارق هو تكاليف وليس أرباحاً، ولا علاقة لليمن به من قريب أو بعيد.

 

وحذر العسلي من مخططات وراء إعادة إثارة القضية ستلحق أضراراً كبيرة جداً بالأمن القومي للبلد، أعلاها الاحتلال، وأدناها التعويض الذي لن تقدر عليه اليمن حتى لو سخَّرت موازنتها بالكامل لهذا الغرض لعشر سنوات، وتابع: يبدو أن هناك نية للاستيلاء على هذه المنشأة، بلحاف، وتحويلها إلى مستثمرين محليين عن طريق إلغاء الاتفاقية الموقعة مع شركة توتال الفرنسية، وهو ما سيعرض اليمن إلى عواقب وخيمة، لأنه هذه الاتفاقية لا يمكن تغييرها إلا ودِّياً، أو عن طريق التحكيم، وفي الحالتين لا يمكن التفاوض إلا على السعر الأساسي (3-4) دولارات، ولفت إلى أنه في حال تم اعتماد السعر الدولي سيكون الفارق بين ما هو قائم الآن وما سيكون 50 فلساً فقط، ومن يقول إن الفارق ما بين (3-14) دولاراً واهم، وذهب العسلي إلى ما هو أبعد من ذلك، مؤكداً بأن الإلغاء التعسفي لهذه الاتفاقية قد يدفع بالدول التي لها شراكة مع هذه الشركة، وهي أمريكا وفرنسا، إلى احتلال موقع المشروع لضمان تشغيله، لأن اليمن لا تستطيع أن تتحمَّل تعويضها عن قيمة المشروع وهي عشرات المليارات، فالأمر ليس مجرد مناكفة أو استغلال رخيص لتحقيق مكاسب شخصية.

 

وزاد: إذاً، فإن من يريد أن يستولي على هذا المشروع بهذه الحجة (فارق السعر)، فإنه يعرض اليمن لخسارة كبيرة جداً، إما التعويض الذي لا تقدر عليه البلد أو الاحتلال، فضلاً عن أنه لن يكون هناك استثمار بعد ذلك في هذا المجال في اليمن، وبالتالي يجب إيقافه بكل الطرق، واختتم العسلي تصريحه بالقول: إن الاستغلال السياسي أو الشخصي في هذا المشروع خطير جداً ويستهدف الأمن القومي للبلد.

 

وعن مدى أهمية توجه الحكومة إلى إصلاح اتفاقية بيع سعر الغاز للشركة الكورية وكذلك عدم صدق الحكومة فيما تعلن عنه، قال العسلي: أنا كدارس وعارف ومتابع لهذه الاتفاقية وذهاب وزير النفط للإعلان عن التوصل إلى حل مع الشركة الكورية بهذا الخصوص ثم الإتضاح بعد أيام أن ما صرح به مجرد فقاعة إعلامية؛ فإننا نقول ما قد ذهب لا يمكن استرجاعه، ونصوص الاتفاقية تقول إنه يمكن فقط تغيير الأساس السعر، لكن المعاملات التي تُحسب عليها فهذه لمدة عشرين سنة، أما الأساس فمعناه إذا كان سعر البرميل 25دولاراً فإنه لا ينخفض وإذا كان 40دولاراً، لا يزيد وهذه محددات أساسية.

 

وأضاف: وبالتالي كم معدل الزيادة طوال الفترة وهنا يمكن التفاوض على الأساس السعري، وأكرر أن المشكلة في هذه الصفقة ليس السعر, فالفارق بسيط لكن هذا المشروع أُعطي للشركة الفرنسية مجاناً وكذلك الشركات الأجنبية الأخرى مجاناً، وأكد أن الجانب السياسي لعب الدور الأكبر في هذه الصفقة التي لو حدثت في دولة أخرى من دول العالم لأحدثت ضجة وأسقطت الحكومة وقدمت المسؤولين إلى المحاكمة العاجلة، فهي أبشع صفقة فساد في العالم أجمع وعليه أنصح وزير النفط أن يكف عن مثل هذه الترهات، وإلا ما معنى أن يقول إنهم توصلوا إلى حل في هذا الخصوص، هذا معناه أنه غبي أو لا يفهم إطلاقاً.

اعتراف رسمي

 

وكانت قد أقرّت حكومة الوفاق للمرة الأولى رسمياً بوجود فساد في صفقة بيع الغاز الطبيعي المسال التي أبرمت عام 2005 وبدأ تصديره فعلياً عام 2009. وأعلن مصدر مسؤول في رئاسة مجلس الوزراء اليمني في بيان أن «هناك شكوكاً متعلقة بقيام النظام السابق، الذي تزعمه الرئيس علي عبدالله صالح، ببيع الغاز لشركة توتال الفرنسية بدولار واحد لكل مليون وحدة حرارية وللشركة الكورية كوغاز بثلاثة دولارات وخمسة عشر سنتاً، فيما كانت الأسعار السائدة آنذاك تراوح بين 11 و12 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية».

 

وأضاف المصدر: «السكوت المريب يؤكد غياب مبررات إبرام تلك الصفقة المجحفة بحق اليمن والشعب اليمني، ما يشير إلى فساد رافق عملية إبرام اتفاق بيع الغاز لكل من توتال وكوغاز». وأبدى استغرابه من «عدم تقديم النظام السابق أي توضيحات في شأن الاتهامات الموجّهة إليه في صفقة بيع الغاز اليمني المسال، أو على الأقل الأسباب التي دفعته إلى بيع هذا المورد السيادي المهم بثمن رخيص، بينما كانت دول أخرى تبيعه بأسعار عالية تفوق سعر بيع الغاز اليمني بعشرة أضعاف».

 

وأكد المصدر أن «الحكومة لن تسكت عن هذا الأمر وستتخذ الإجراءات اللازمة بحق كل من يثبت تورّطه في هذه الصفقة، بما في ذلك اللجوء للقضاء المحلي والدولي لمقاضاتهم سواء كانوا جهات أو مسؤولين أو نافذين». ولفت إلى التعديل الكبير الذي توصلت إليه حكومة الوفاق الوطني في سعر بيع الغاز لـ «كوغاز»، والذي وصل إلى 14 دولاراً للمليون وحدة حرارية، في وقت خُيّرت «توتال» بين سعر البيع المتفق عليه مع الشركة الكورية أو ربطه بسعر النفط في السوق الدولية.

 

وتابع: «ستواصل الحكومة جهودها لتصحيح أسعار بيع الغاز المسال والوصول بها إلى الأسعار السائدة في الأسواق الدولية، ووفقاً لآلية التفاوض الخاصة بتعديل أسعار الغاز والمقرّة من قبل مجلس الوزراء». ورفضت مصادر مقرّبة من حكومة الرئيس اليمني السابق اتهامات الحكومة الحالية ووصفتها بـ «عدم الفهم والعجز والفشل والمغالطة والتضليل في سرد المعلومات»، مطالبة بإحالة الملف إلى القضاء، سواء كان محلياً أم دولياً، ومحاكمة المتورّطين سواء كانوا في الحكومة السابقة أو الحالية ومحاكمة كل من يطلق «ادّعاءات باطلة».

 

وتبلغ كمية احتياط الغاز المؤكدة في قطاع «18» بمحافظة مأرب (وسط اليمن)، والمخصّصة لمشروع الغاز الذي تقوده شركة «توتال»، 9.15 تريليون قدم مكعبة، يخصص منها نحو تريليون لتلبية حاجات السوق المحلية، كما يوجد احتياط آخر يقدر بنحو 700 بليون قدم مكعبة، في حين سيُنقل الغاز المخصص للاستهلاك المحلي عبر خط أنابيب فرعي إلى مدينة معبر الواقعة بمحافظة ذمار. وتسوّق «توتال» ثلثي الكمية السنوية، أي 6.7 مليون طن متري، بينما تباع الكمية المتبقية لـ «كوغاز».

 

وطالب الباحث الاقتصادي خالد البريهي بـ «رفع أسعار العقود الثلاثة ضمن معادلة السعر فوراً إلى ما لا يقل عن 15 دولاراً للمليون وحدة حرارية، في ظل مراوحة سعر برميل النفط عالمياً بين 100 و110 دولارات للبرميل»، مشيراً إلى أن «أسعار شرق آسيا حالياً تجاوزت حاجز 20 دولاراً للمليون وحدة حرارية، وهذا سعر عادل للطرفين». وكشف البريهي أن «خسائر اليمن الإضافية المتوقّعة خلال فترة مشروع تصدير الغاز جراء تسليم لقيم الغاز إلى ميناء بلحاف تراوح بين 8.8 و10.3 بليون دولار، نتيجة فقدان إنتاجية القطاع من النفط الخام والمكثفات بسبب هبوط الضغوط المكمنية والغاز المنزلي».

تضاعف الاسعار

 

وتفيد وثائق نُشرت ان الأسعار التي حصلت عليها اليمن من السوق الكورية قديمة وما كان ينبغي الموافقة عليها بأي حال من الأحوال حيث أخذت عام 2002م وليس في 2005م عند توقيع الاتفاقية أو في 2009م عند بدء التصدير حيث تضاعفت أسعار الغاز المسال ثلاثة أضعاف ووصلت إلى 14 و17 دولار عن كل مليون وحدة حرارية، وأقرت الحكومة اليمنية حرفياً في منطوق قرارها،وكان وقتها يتراوح بين 11 و14 دولار في حين وافقت هي على بيع الغاز اليمني بأقل من السعرين القطري والعماني ثلاثة أضعاف. وبخلاف ما كان شائعاً لسنوات لدى النخب الاقتصادية والبرلمانية والرأي العام اليمني تكشف الوثيقة أن أدنى سعر بيع مقدم من الشركة الكورية يبدأ بـ2.8 دولار عن كل مليون وحدة حرارية وليس 3.16 دولار.

 

وهذا يتزامن مع استيراد الحكومة اليمنية سنوياً ملياري لتر ديزل ومازوت لاستخدامه في توليد الكهرباء في حين أن بمقدورها، في حال استبعاد 150 ميجا من الكهرباء المولدة بالديزل واستبدالها 150 ميجا غازية، إيجاراً أو بناءً، وتحقيق تخفيض 5% فقط في أسعار شراء المشتقات النفطية سيحقق وفراً يعادل رفعاً لسعر الديزل على المواطن بمقدار 11 ريال للتر الواحد، وسيوفر للحكومة ما يعادل 31% من دعمها للديزل" من دون رفعه وتضرر المواطن والمزارع.

رفد الخزينة

 

وتوتال كانت ملتزمة برفد خزينة الدولة اليمنية بمبلغ “500″ مليون دولار سنوياً كحد أدنى وفي العام 2010 – 2011م لم تستطع توتال دفع سوى 98 مليون دولار إلى الحكومة اليمنية ولم تحرك الحكومة يومها ساكناً فلماذا إذن نبيع الغاز اليمني بأسعار بخسة وحسب اتفاقيات مجحفة فيما نحن اليمنيين أصحاب الأرض والثروة في أمس الحاجة إليه، ثم ما هي الدوافع لتوقيع اتفاقية طويلة الأمد تصل إلى 25 عاماً في وقت لم يتم فيه تحديد السعر العالمي أو التماشي مع أسعار السوق العالمية؟! هل يعقل أن نبيع الغاز اليمني بـ7 دولارات وطيلة 25 عاماً؟ ثم ما هي مبررات الحكومة عندما تكون حصتها لا تصل حتى إلى 20% بينما تصل حصة الشركات المنقبة والمساهمة إلى 80% فهل الأرض فرنسية أو كورية واليمن ذهبت لتستثمر في الـ20%.

 

 

الاقتصادي/نبيل الشرعبي

 

المصدر : اخبار اليوم

Total time: 0.0693