أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

مستشار الرئيس هادي: ما يقال عن جماعة الحوثي تهويل لاستدراج الدولة إلى الصراع، والقبائل استشعرت الخطر بعد حاشد

- متابعة
عد كثير من المراقبين سقوط مناطق عدة في حاشد بمحافظة عمران شمال اليمن في يد الحوثيين بمثابة زلزال يهدد عرش أقوى قبيلة في اليمن, وهي حاشد التي يتزعمها صادق الأحمر, واعتبروا أن سيطرة الحوثيين على منطقة الخمري - معقل الزعيم السابق للقبيلة رئيس مجلس النواب الراحل عبدالله بن حسين الأحمر وتفجيرهم منزله بالديناميت - مؤشرا خطيرا يهدد معظم القبايل اليمنية, وينذر بحرب أشد ضراوة ضد الحوثيين من جهة, كما يمهد لاعلان ميلاد دولة الحوثيين من خلال توسعهم وتمددهم باتجاه العاصمة صنعاء بعدما سيطروا على محافظتي صعدة والجوف, وجزء من حجة, وتوغلوا في محافظة صنعاء عبر منطقة أرحب, واقتربوا كثيرا من إكمال سيطرتهم على محافظة عمران, وباتوا على بعد كيلومترات عدة من مطار صنعاء الدولي القريب من العاصمة.
 
حاولت "السياسة" ومن خلال مستشار الرئيس اليمني لشؤون الدراسات والبحث العلمي رئيس المركز الوطني للدراسات الستراتيجية الدكتور فارس السقاف والقيادي في الثورة الشبابية المحامي خالد الآنسي, استقراء نتائج ماحدث في حاشد ومستقبل القبيلة في اليمن وما سيترتب عليه مستقبلا?
 
اعتبر السقاف أن "الهزيمة غير المتوقعة التي تلقتها زعامة قبيلة حاشد ممثلة بأولاد الشيخ الأحمر على يد الحوثيين لن تكون نهاية للقبيلة لكنها بداية لتحجيمها". واضاف: "أعتقد أن هذه الهويات الصغيرة التي تخرج أو تنشز عن الهوية الوطنية الجامعة هي في حالة زوال وبالنسبة الى اليمن القبيلة متضخمة, وعوامل زوالها تكون موضوعية وطبيعية بحكم التطور, كالتعليم مثلاً وانخراط افرادها في الحزبية, إضافة إلى بروز جماعة الحوثي كقوة حجمت القبيلة واعادتها الى حجمها الاعتيادي بعد أن ظلت صاحبة النفوذ والسيطرة وتغولت منذ ثورة 26 سبتمبر في العام 1962 وحتى اليوم, وأصبحت هي الدولة, وهذا الضعف الموزع على القوى كلها في اليمن, سواء كانت قبيلة أو قوى اجتماعية أخرى ستتوافق وتنسجم مع الدولة والتطورات فما يحدث ليس زوالا للقبيلة, فالقبيلة ستبقى ولكن ستزول القبائلية التي تعني أن تصبح القبيلة هي الحزب وهي القوة وهي الأداة".
 
وقال: "في المقابل يخطئ من يقول إن حاشد أقوى القبائل قد فت من عضدها إلى حد كبير لأن أبناء القبلية نفسها هم من انشقوا عنها".
 
ورأى أن "استحقاقات مقبلة ستترتب على ما حدث في حاشد". وقال: "أعتقد أن الحوثيين أخطأوا في هذا الجانب لانهم استدرجوا إلى هذا الفخ بعلم أو من دون, إذ تتوارى خلف السلفية والقبيلة وحزب الإصلاح جماعة الإخوان المسلمين في اليمن, وتشكيلات عسكرية كلها يعبر عنها على أنها قبيلة حاشد, فالحوثيون سينظر إليهم أنهم مكون عسكري يعتمد القوة والسلاح ولديه ميليشيات, ولم يعد مبررا أن يعتدى عليهم وأنهم في حالة دفاع عن النفس خصوصاً أنهم شاركوا في مؤتمر الحوار الوطني, واليوم ستطالب وغيرها, وهي بشكل أساسي أن تسلم أسلحتها الثقيلة, وأن تنهي هذا التماهي بين العمل السياسي والحوار والعمل العسكري التوسعي, وأن تتأطر في إطار حزب سياسي يلتزم الدستور والقانون, وهذا الاستحقاق المقبل سيكون لصالح الدولة, فهؤلاء كلهم الآن يطالبون بوجود الدولة وحضورها وهي عليها أن تطرح مشروعها واشتراطاتها وأن تنهي هذا الأمر, فاستمراره ليس في مصلحتها ولا مخرجات الحوار ولا التسوية السياسية".
 
وبشأن ما يراه البعض من أن السلطات بغضها النظر وتأخر تدخلها في إيقاف المواجهات في حاشد اوحى أنها راضية عما يحدث من كسر لشوكة القبيلة عموما, وحاشد خصوصا على يد الحوثيين? قال السقاف :"هذا ربما بالنتيجة ولكن ليس الدافع من الدولة لأنها لم تخترع هذه الحروب فهي لو تدخلت في هذا الظرف فذلك سيتطلب دخول الجيش, وربما يتورط ويبقى في معركة ستدمره, وربما يراد له أن يدمر خصوصاً أنه في طور استكمال هيكلته, فالدولة غير قادرة, ولا تريد أن تتورط في هذا الأمر, وقد تمكنت من إيقاف المواجهات والجيش سينتشر في المناطق التي أخليت من المسلحين, وما يقال عن أن الحوثيين سيدخلون إلى العاصمة وستعود الملكية فهذا تهويل لاستدراج الدولة الى الصراع وجعلها طرفا فيه, وكأنما الدولة ومعها المجتمع الدولي سيقفان عاجزين, لكن هذا الأمر غير قابل للتحقق".
 
واوضح: "أن تخلص بعض القبائل من هيمنة آل الأحمر في حاشد ووقوعهم في قبضة الحوثيين قد أوقعهم ذلك في مشكلة أكبر", واردف قائلا إن: "استبدال سلطة ونفوذ آل الأحمر بنفوذ وسلطة الحوثيين في حاشد سينتقل معه رجال قبائل حاشد من مشكلة إلى مشكلة أخرى, فهم لم يحلوا مشكلتهم, بل ستكون هذه ساحة صراع, ولن يرضي قبيلة حاشد أو أولاد الأحمر أن يستمر سيطرة الحوثيين على هذه المناطق, وما يقوله الحوثيون إنهم ملكوا هذه المناطق لأهلها وهم سيدعمونهم ربما ليس في الواجهة لكن أن تكون واجهتهم هذه فذلك لن يحل المشكلة, ويجب أن تقف الدولة موقفا حازماً في هذه المسألة اذ ليس من توسع ووصلت أقدامه إلى منطقة معينة وسيطر عليها تصبح المنطقة بحوزته".
 
واستطرد :"مشكلة محافظة صعدة لا تزال قائمة فهي تحت سيطرة الحوثيين, فهل دخولهم إلى عمران يعني وقوعها تحت سيطرتهم كما حصل في صعدة? لا. يجب أن تعالج مشكلة صعدة نفسها والمناطق التي وصل إليها الحوثيون وهذا لن يكون إلا بفرض الدولة نفوذها في القريب العاجل والالتزام بالدستور والقانون وبمخرجات الحوار والالتزام بالعمل السياسي الحزبي السلمي".
 
وعما يقال عن أن صنعاء يحاصرها الحوثيون وان بإمكانهم إسقاطها خلال ساعات رد السقاف: "كان النظام السابق يقول إنه يحاصر صنعاء بالقبائل السبع, وهذه القبائل إذا أرادت أو أريد لها أن تدخل صنعاء وتنهبها وتسيطر عليها يمكن أن تفعل ذلك, لكن بالنسبة الى الحوثيين لا أعتقد أنهم من الغباء الى حد أن يفعلوا ذلك اذ لن يعترف بهم أحد, لا في الداخل ولا في الخارج, فأقصى ما يمكن أن يفعلوه هو أن يسيطروا على المناطق التي بأيديهم ويشاركوا في العملية السياسية مع الآخرين في المحافظات الأخرى, وفي صنعاء لهم مشاركات من خلال مخرجات الحوار في مجلس الشورى, ولجنة تقسيم الأقاليم وصياغة الدستور, وستكون لهم مشاركة في الحكومة ولا يمكن أن يسيطروا على العاصمة, كما أن صعدة لا يمكن أن تبقى حالها خارجا عن سيطرة الدولة, فمهمة الرئيس عبدربه منصور هادي أن يجعل القوة كلها تحت امرة الدولة حتى لا يمتلك أي طرف أي قوة وتكون العاصمة وغيرها مهددة, لأن إخضاع أي محافظة لسلطة جماعة مسلحة هو اقتطاع من سلطة الدولة".
 
اما بشأن من يرى أن حروب الحوثيين هي ثورة امامية مقابل من يقول إن مواجهات القبائل في حاشد امتداد للدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري, قال السقاف :"لا أتفق مع هذا القول, هذه مجرد شعارات, فهناك امور كثيرة تتردد, مثل أن هذه الحرب الدائرة خصوصاً التي يشنها الحوثيون يريدون من خلالها اعادة الأمامية والملكية, وأنها حرب مذهبية, أي يريدون أن يمذهبوا البلد بأكمله وأنهم وكلاء لإيران, فكل هذا قد يكون في المضامين لكن في الواجهة والشعارات ليس كذلك, والحقيقة هي سياسية وسلطة ونفوذ في هؤلاء ومماثلة لـ"حزب الله" في لبنان ولن تتعداه ضمن الصفة السياسية, فالحوثيون يمتلكون السلاح بحجة الاعتداء المتكرر عليهم وعذرهم في أن السلاح تمتلكه قوى أخرى, ولسان حالهم يقول سلموا الاسلحة ونحن سنسلم, ولهم واجهة سياسية, وحاليا هم يعملون على صعيدين الأول السياسي والثاني إبقاء قوتهم العسكرية".
 
في السياق ذاته قال المحامي خالد الآنسي: "هناك نوع من غض الطرف, وقرار رسمي, بتمكين الحوثيين من كسر شوكة آل الأحمر, فقد قاتلوا بإمكانات الدولة وفقاً للتقارير الميدانية, بدليل أن هناك ضباطا وجنودا من الحرس الجمهوري السابق قتلوا في صفوفهم وبدعم من الرئيس السابق علي عبدالله صالح, وبقرار خارجي بالتخلص من حلفاء حزب الإصلاح والتحالف مع الحوثيين, فالمعركة اليوم أصبحت واضحة وهي انها تدور في إطار استنساخ النموذج المصري ولكن بطريقة مختلفة, ففي مصر جرى دعم انقلاب عسكري لإسقاط "الإخوان" وفي اليمن هناك مسعى لاسقاط "الإخوان" بضرب حلفائهم والتي تعتبر القبيلة واحدة من مصادر قوتهم".
 
وأضاف :"ما حدث في حاشد يمكن أن يصب في مصلحة مشروع الدولة المدنية الحديثة لو لم يكن ما يقوم به هم الحوثيون فلديهم مشروع للقضاء على الدولة وإقامة نظام معين, ولايستطيع أحد القول إن هذا في مصلحة مخرجات الحوار لأن الحوثيين يعملون لحساب مشروع خاص بهم وهو إقامة دولة إمامية ملكية, لكن أيضاً تستطيع الدولة أن تستفيد مما حدث في حاشد لأنه سيؤدي الى قناعة أن الاعتماد على الحماية الذاتية وعلى البندقية كمصدر للقوة غير صحيح, وستصبح الرسالة للقبيلة أنها تحتاج إلى دولة كحاجة اليمنيين إليها تحميهم وتكفل مصالحهم أكثر من حاجتهم إلى حماية أنفسهم".
 
واوضح: "ان هذا البعد يمكن أن يخدم لكنك لا تستطيع أن تراهن على الحوثيين أنهم يعملون لصالح مخرجات الحوار أو لصالح الدولة, فهم يعملون لمصلحة مشروع سلالي عنصري قائم على فكرة مذهبية والحق الإلهي في السلطة والثروة, ومن ثم لا يمكن أن نقول إن هذا المشروع يأتي لتنفيذ مخرجات الحوار أو لخدمة الحوار وقد يخدم عرضاً من دون أن يقصد الحوثيون ذلك, لأنها ستوصل رسالة مفادها أن مهما كانت القبيلة لديها قوة واعتمدت عليها في حماية نفسها, فهذه القوة ستواجه بقوى مماثلة لكن عندما تأتي قوة أكبر وبدعم أكبر يمكن أن تخسر هذه القبيلة مهما كانت إمكاناتها, وأن تتنازل للدولة التي ستؤدي وظائفها لأن الدولة هي الأقدر على الحماية".
 
ويرى "أن ممارسات جماعة الحوثي خدمت خصومهم, فعندما فجروا منزل الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر في منطقة الخمري فجروا ثقة الناس فيهم في أن يكونوا مشروعا بديلا تعايشيا مدنيا حداثيا, وباتت الناس مقتنعة أن الموضوع ليس الحوثيين ولا بيت الأحمر, وليس مواجهة مع "الإصلاح" وإنما هو صراع مع النظام الجمهوري, فما يمارسونه هو انتقام لنظام الأئمة الذي سقط بثورة 26سبتمبر من العام 1962, وحتى خطابهم الإعلامي بدأ يتحدث عن هذا الأمر, وعما لقيه الهاشميون بعد ثورة سبتمبر, بالإضافة إلى تغيير مظاهر الجمهورية اليمنية في صعدة".
 
واكد ان "الحوثيين بتصرفاتهم هذه واستعجالهم تحقيق المكاسب أشعروا حتى خصوم بيت الأحمر أن الخطر لا يقتصر على قبيلة بعينها أو أناس معينين, أو على حزب من الأحزاب ,وإنما هم خطر على المجتمع كله, وعلى المدنية في البلد والمساواة, فمشروعهم هو مشروع ردة إلى الماضي يرفضه عدد كبير من الهاشميين لما كان يمثله من قهر وعنصرية وتخلف".

Total time: 0.0464