أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

مشاهدات صحفي لقرية أثناء احتلالها من الحوثيين ونزوح أهلها ومرافقتهم بعد العودة إليها بهمدان

- عدنان الجبرني

مشاهدات صحفي لقرية أثناء احتلالها من الحوثيين ونزوح أهلها ومرافقتهم بعد العودة إليها
هذا ما رأته عيناي ووثقته عدستي في همدان

عدنان الجبرني

هذا المساء عدتُ من همدان، زرتُ المناطق التي احتلها الحوثيون، تمنيت أني لم أدخل تلك المناطق، رأيتُ الإنسانية عارية تماماً.

قبل يومين كنت في قرية ذرحان، وثّقتُ بعدستي غزو مجاميع الحوثيين للقرية، كانوا يتقدمون مسنودين بأسلحة ثقيلة تمطر القرية، كنت أراهم يتساقطون بين قتيل وجريح، كانت لديهم عناصر تأخذ من يسقط، من كانوا يأخذون القتلى يعتقدون أنهم يأخذون جثةً غدت روحها في الجنة، فيما يواصل البقية تقدمهم بحثاً عن  الأعداء المفترضين.
حين اقترب الجند الصغار من القرية صرخت إحدى النساء" يا صحفي انت مجنون عيقتلوك وانت فارح تصوّر".. كانت تلك المرأة تأخذ طفلها وتحكم إغلاق باب المنزل وهي تردد"الله يجعل لهؤلاء الحوثة جحفة(مصيبة) ما تخلي منهم واحد".
غادرت تلك المرأة القرية مسرعةً.. وحين سألتها عن وجهتها قالت أنها لا تدري أين تذهب! زوجها عسكري في حضرموت، وأنها ستلجأ الى قرية اللكمة المجاورة عند خالتها.
اشتد القصف على القرية وتساقطت القذائف بالقرب منّا، أنا ومصوري قناتي الجزيرة وسهيل، تجاوزنا القرية إلى أطرافها بعد عناء طويل وكلما اقتربت المليشيات من القرية ازداد عدد العائلات التي تنزح منها على عجل، لن أنسى مشهد رؤيتي لتلك العائلة التي حشرت ما استطاعت من عدتها وغادرت القرية على متن سيارة "هايلوكس" وكيف أنها استجمعت كل أفرادها في لحظات.. وعندما كانت العائلة على أطراف القرية شاهدتُ إحدى النساء تدير رأسها للخلف وتحدق في القرية بعينان مكتضتان بالدمع.. لم تصمد عيناي طويلاً أمام ذلك المشهد.

أمس عدتُ إلى تلك القرية "ذرحان" بيوتٌ صورتُها قبل يومين، لم أجدها إلا مجموعة أحجار متناثرة.. يا إلهي.. كانت هنا بيوت ونساء وأطفال وشيوخ يتكئون على ظهر أحد الجدران التي بنوها بعرق جبينهم.
لم أجد سوى وجوه يتوزعها الخوف، وملامح مكتظة بالألم.. إما لفقد قريب.. أو مأوى، تجولتُ في أحياء القرية.. أربعة منازل سوِّيت بالأرض.. ستة منازل تم نهبها بكامل ما فيها، أحد ملاك البيوت المنهوبة اقتادني إلى منزله، كل أبواب المنزل التي كانت مقفلة فُتحت بالرصاص، أحصى لي صاحب المنزل خسائره بما يقارب ثلاثة ملايين ريال، بين نقود وأثاث وجنابي وذهب نسائه، وخمسين برميل من الحبوب، حتى أواني المطبخ تم نهبها.. فتح لي صاحب المنزل "الدولاب" الخاص به وقال" لقد سرقوا حتى ثيابي".

كنت مصدوماً من أفعال هؤلاء الذين يدعون أنهم أصحاب مسيرة قرآنية، على أي دين اعتمد هؤلاء ليبرروا كل تلك الفظاعات التي ارتكبوها، ومالذي أتو من أجله الى هنا، هل هذا هو دفاع عن النفس كما يدّعون..؟ وهل حقاً فعلوا كل ذلك انتقاماً لأحد قياداتهم الذي قتل في القطاع القبلي قبل بدء اجتياح هذه المناطق..؟
سألتُ شاباً عن سبب مجيئ مليشيات الحوثي إلى قريتهم..؟
أجاب باقتضاب وحِدّة " خزّنوا بالمدرسة، وأضافوا أعداد جديدة إلى المقبرة".


* الصورة لمنزل خالد الجماعي تم التقاط صورة له قبل تفجيره بساعات، والصورة الأخرى بعد تفجيره من قبل مليشيا الحوثي

Total time: 0.0644