عندما حزم ابن علي حقائبه وأمتعته وفرَّ هارباً صوب الرياض تحت ظغط ثورةٍ شعبيةٍ عارمة ، وعندما ترنَّحَ فرعون مصر وسقط السقوط المدوي بفعل ثورة شعبية سلمية لم يشهد لها التاريخ مثيل ، وعندما خرَّ طاغية العصر معمر القذافي صريعاً مجندلا ومضرجاً بدمائه وتم نقله الى معسكر الموتى وطويت صفحته ورُمِيتْ الى مزبلة التأريخ ، إذا بمعارضة اليمن يسيل لعابها وهي ترى أنها الفرصة الذهبية التي يجب ألا تضيعها لكي تتخلص من عدوها اللدود وخصمها التأريخي علي عبدالله صالح .
وهي تنظر الى كرسي السلطة بشراهة وخُيِّلَ إليهم من سحر السلطة أنها اليهم تسعى . عندها فجروها ثورة عارمة تارة باسم الحرية وأخرى باسم العدالة وثالثة باسم الخلافة ورابعة باسم الحكم الإسلامي الرشيد .
كل هذا كي يصلوا ويستولوا على كرسي السلطة واستخدموا السُّذَّج من اتباعهم والمغفلين من أبناء هذا الشعب وقودا لهذه الثورة الملعونة بل سُلَّماً كي يصلوا الى مآربهم ومصالحهم الشخصية الضيقة الدنيئة . ووصفوا كل من لم يؤيدهم من عقلاء وعلماء وحكماء انهم خونة وعلماء سلطة ومأجورين وغيرها من الألفاظ القبيحة .
وبعد شد وجذب وكاد الوطن ان يسقط في مستنقع حرب أهلية طاحنة لولا عناية الله وحده التي منعت هذا السقوط بل والدخول في نفق مظلم لا ندري أوله من آخره. تنحى علي عبدالله صالح عن السلطة إلى نائبه تَنَحِّيا صورياً ضمن ما يُعرَف بالمبادرة الخليجية ، وعنده قوائم طويلة بالشخصيات التي ساندت المعارضة من مدنيين وعسكرين وقام بتصفيتهم واحدا واحدا ، بل قام بضرب أنابيب النفط شبه يومي وقطع خطوط الكهرباء يوميا وعاث في الارض فساداً كل هذا وحكومة النفاق الوطني لم تحرك ساكن ولم تمسك بقاتل ولم تلقي القبض على قاطع طريق ولم يستطيعوا ان يمنعوا او يحموا خطوط الكهرباء او أنابيب النفط . بمعنى أوضح حكومة لا تملك من الأمر شيئا .
وبدأ السيناريو المرعب وهو الثورة المضادة المتمثلة في مليشيات الحوثي التي زرعها علي صالح بيده وترعرعت في عهده بل نشأت تحت سمعه وبصره ، وافتعل لها الحروب الهزلية التي قَوَّتْ شوكتها وكانت هذه المليشيات محرقة لكل من عارض حكم الرئيس السابق وهاهي اليوم على أبواب صنعاء وحكومة النفاق الوطني لم تستطع ان تفعل شيء سوى التوسل بالرئيس هادي والجيش ليحملها من جيوش علي صالح التي عمل على تجهيزها عشرات السنين وهي تعتبر لصالح خط الرجعة الرئيسي الى السلطة . وكل ما يفعله الطرفان ليس الا انتقاما من الوطن والمواطن ويدفع ثمن هذا الصراع الشعب المسكين والمغلوب على أمره .
بالله عليكم حكومة لا تملك من أمرها شيء ولا تستطيع فعل شيء ولا حتى تدفع عن نفسها شيء ولا تأمر ولا تنهي هل هذه تُسَمى حكومة . لقد عرَّفهم المخلوع حجمهم وجعلهم يلعنون اليوم الذي خرجوا فيه للثورة وعلَّمهم انهم لا يفقهون من أمر الواقع ولا من أمر السياسة شيء مع انهم صدعوا رؤسنا بفهمهم للواقع وانهم فقهاء الواقع ، نقول لهم يجب ان ترجعوا من حيث أتيتم وان تعترفوا بفشلكم وان تغوصوا في بحر الظلمات فهو انسب مكان لكم كي تستريح الشعوب من شركم فقد وصل الوطن الى حالة يُرْثى لها من الفقر وعدم الأمن والاستقرار وهاهي الجرع على الأبواب ولم تستطيعون ان تحركوا ساكنا ، كنتم ستجرون الوطن الى الهاوية في سبيل الوصول الى السلطة وعندما وصلتم لم تستطيعوا فعل شيء ولا حتى ان تدفعوا عن أنفسكم الضر .
وصدق القائل يوم قال :
أَرَبٌ يبولًُ الثُعْلَبَانُ برأسهِ ؟ لا خير في من بالت عليه الثعالبُ ..!