أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

باسندوة: قدمت استقالتي أكثر من مرة، وحميد الأحمر مثل ابني (مقابلة)

- اليقين

دافع عن الحكومة.. وهاجم البرلمان.. والتمس العذر للأجهزة العسكرية والأمنية.. واعترف بتقديم استقالته أكثر من مرة..  وكشف عن مصفوفة الإجراءات الإنقاذية.. وأكد أن استمرار دعم المشتقات سيؤدي إلى انهيار الدولة بصورة عامة.. ووصف رسالة النواب للرئيس بـ(رسالة ماء الوجه).. وتحدث عن علاقته بحميد الأحمر..

دولة رئيس الوزراء.. أ. محمد سالم باسندوة لـ(اليقين):

لم أتردد عن تقديم استقالتي والمطالبون بسحب الثقة من الحكومة لا يستطيعون سحب أعضائهم منها

(1-2)

* كيف تنظر إلى التقييمات المتباينة لمستوى أداء حكومة الوفاق الوطني منذ تشكيلها وحتى اليوم؟

موضوع تقييم مستوى أداء حكومة الوفاق الوطني هي مسألة نسبية ترتبط بمن يقوم بهذا التقييم، ولا شك أننا سنحصل على تقييمات كثيرة، بعضها إيجابي وبعضها سلبي، وكل هذا يندرج في إطار وجهات النظر التي نحترمها جميعاً، بما في ذلك وجهات النظر التي نختلف معها.

* هل تعترف بفشل حكومة الوفاق الوطني في تنفيذ مهامها؟

قبل الحكم على فشل الحكومة لا بد أولاً من الالتفات إلى الظروف الاستثنائية التي تعمل فيها، حيث جاءت هذه الحكومة كنتاج لتوافق بين قوى متصارعة، ولم يكن هذا في الوهلة الأولى يشير إلى إمكانية أن تتشكل حكومة ناجحة وقادرة على أن تقوم بمهامها؛ لأن الوضع آنذاك كان متفجراً وكان هناك انقسام عميق في بنية الدولة وفي أجهزتها. وهذه الحكومة عندما تشكلت كان يتوقع الكثير فشلها منذ الوهلة الأولى، ولكن كما نلاحظ الآن بعد أن مضى كل هذا الوقت منذ تشكيلها ما تزال الحكومة موجودة وقادرة على القيام بأعمالها بنوع من الانسجام بين أعضائها، في ظل الظروف التي استمرت ولا زلنا نواجهها حتى هذه اللحظة.. وهي ظروف صعبة؛ لأن الانقسام الداخلي لم ينته حتى الآن رغم أن مؤتمر الحوار الوطني قد عُقد وصدرت عنه مقررات عديدة، وافق عليها الجميع.

لكن نحن نعلم تماماً بأنه لا تزال هناك هوة بين الأطراف المتصارعة على الساحة.. وبسبب هذه الظروف نشأت مشكلات عديدة تواجهها الحكومة وبالذات المشكلات المتعلقة بالموارد.

المعروف أن الميزانية العامة للدولة في بلادنا تعتمد تقريباً 85% من مواردها على النفط، ولكننا نعلم جيداً الآن أن هناك من يقوم بتفجير أنبوب النفط بين وقت وآخر..

وهذا أدى إلى حرمان الميزانية العامة للدولة من مليارات الدولارات. كما أن هناك أعمالاً تخريبية تتمثل في ضرب أبراج الكهرباء وهذا أيضاً تترتب عليه خسائر مادية كبيرة، بالإضافة إلى الحالة الأمنية التي لا زال حتى الآن يصعب السيطرة عليها بشكل كامل.

لكن بالمقابل إذا ما نظرت إلى هذه الحكومة كجهاز مسؤول عن إدارة الدولة أستطيع أن أقول بأن الحكومة نجحت في أن تحقق قدراً لا بأس به من الانسجام والتناغم بين مكوناتها، والانقسامات القائمة في البلد لا تظهر الآن على الحكومة؛ فالحكومة رغم أنها تمثّل أطرافاً مختلفة لكنها تعمل بانسجام أكبر.. وهذا يمثّل في نظري نجاحاً سياسياً مهماً؛ لأن اليمن كانت تقف أمام مصير مجهول عندما تم التوقيع على المبادرة الخليجية والشروع في تشكيل حكومة الوفاق الوطني.

* ما أهم المنجزات التي حققتها حكومة الوفاق؟

طبعاً لا أزعم بأن هذه الحكومة حققت إنجازات كبيرة وخارقة للعادة، خاصة أننا قد سئمنا من أحاديث الإنجازات التي كنا نسمعها في الفترات السابقة، ولكن ما استطاعت الحكومة أن تحققه شيء يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار: أنها أولاً تمثّل جهازاً سياسياً قائماً. وهذا يساعد الدولة اليمنية على أن تبقى مستقيمة على قدميها. ثم أن الحكومة بذلت جهودها فيما يتعلق بالحفاظ على استقرار سعر العملة عند مستوى ثابت لا يتجاوز حاجز 215 ريالاً للدولار الواحد، وللعام الثالث على التوالي، رغم الصعوبات الاقتصادية ورغم ما نواجهه من حصار قوي للموارد.

وأيضاً الحكومة استطاعت أن توفر وظائف لما يقارب مائة ألف موظف منها 60 ألف وظيفة كان النظام السابق قد وعد بها ولكن هذه الحكومة هي التي نفذت هذا الوعد، بالإضافة إلى تعديل أسعار بيع الغاز المسال لشركتي (توتال) الفرنسية و(كوجاز) الكورية.

بالإضافة إلى النجاح الذي حققته الحكومة في كبح معدلات التضخم وتسجيله تراجعاً مستمراً، مما شجّع البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة من 23 بالمائة إلى أقل من 16 بالمائة، بهدف المساعدة في إنعاش الاقتصاد الوطني، فضلاً عن الآثار الإيجابية لذلك في خفض معدلات الدين العام الداخلي.

* ماذا عملت الحكومة بشأن أزمة المشتقات النفطية؟

هناك جانبان لهذه المشكلة.. الجانب الأول مرتبط بشحة الموارد لأن عائدات الميزانية العامة من العملة الصعبة تراجعت إلى حد كبير بفعل الضرب المتكرر لأنبوب النفط.. إذ وصل حجم الخسائر جراء ذلك إلى ما يقارب 280 مليار ريال خلال العام الماضي فقط، الأمر الذي دفع بالحكومة لصرف 3 مليارات دولار لشراء مشتقات نفطية لتغطية احتياجات السوق المحلية في 2013م، و 2,6 مليار دولار عام 2012م.

وهذا أدى إلى وجود صعوبات في توفير السيولة المالية الكافية لتغطية الدعم الذي تقدمه الدولة للمشتقات النفطية وهو دعم يصل إلى  (  330 بليون ريال يمني).. وهذا مبلغ كبير لا يمكن تحمّله خاصة في ظل هذا الحصار الذي تواجهه الدولة وخاصة فيما يتعلق بموارد ميزانيتها العامة.

والجانب الآخر مفتعل، وهناك من يحاول أن يستفيد من هذه الأزمة من خلال بيع المشتقات النفطية في السوق السوداء؛ كما أن هؤلاء يكسبون أموالاً طائلة من وراء الدعم الذي تقدمه الدولة للمشتقات النفطية.

طبعاً نحن أكثر من مرة نقوم بتوزيع كميات كبيرة من المشتقات النفطية على محطات الوقود وبالذات في أمانة العاصمة، ولكن نفاجأ بأنها تختفي بسرعة، مع أننا نحرص على توفير المشتقات النفطية بأكثر من الكمية المستهلكة في العاصمة، ولكن ما يحدث هو أن هذه الكميات تختفي بسرعة في الوقت الذي تظل رائجة في السوق السوداء.. وفي ظني أن هناك بعض الأطراف تحاول أن تكرّس هذه الأزمة معتقدة بأنها تستطيع أن تستثمر حالة الصخب لدى الناس ضد الحكومة.

وعلى هؤلاء أن يفهموا بأن التفكير بهذه الطريقة هو عمل مدمّر؛ لأنه في الأخير محاولة لتحقيق الأهداف السياسية من خلال افتعال المعاناة وتغذيتها ثم استثمار هذه المعاناة.

أيضاً بعض الأطراف تقوم بالترويج لهذه الأزمة وتحاول أن تستخدمها كوسيلة إثارة كبيرة. ونحن ندرك بأن شحة المشتقات النفطية يسبب مشكلات كبيرة للناس وهذا أمر نعرفه، ولكن يكون الأمر مثار استغراب عندما تكون الأصوات العالية أكثر من غيرها هي لأولئك الذين يسعون وبشكل مثابر لخلق هذه الأزمة وتغذيتها وجعل أهدافهم مرهونة باستثمار هذه الأزمة التي ساهموا في إيجادها.

* لماذا تقف الدولة مكتوفة الأيدي أمام الأزمة الخانقة للمشتقات النفطية ولم تقم بمعاقبة أو إيقاف المخربين والمعتدين على النفط والكهرباء والتهريب والمتاجرة في السوق السوداء؟

الحكومة تعلن بين وقت وآخر عن المسؤولين عن هذه الأعمال؛ لأننا نعتقد بأن الرأي العام يمكن أن يمارس نوعاً من الضغط على هؤلاء، لكن كما يبدو أن هذا الأسلوب لم يحقق نتيجة فعالة، ويبقى لا بد من التعامل مع هذا الموضوع بطريقة أخرى؛ إذ لا بد أن تلجأ الدولة إلى استخدام القوة مع هؤلاء الذين يعبثون بمصالح الناس ويحاولون تحقيق مكاسب شخصية وغير مشروعة عن طريق أعمال مضرة للغاية بأمن البلاد واستقرارها وبحياة الناس. وسبق أن وجهت باستخدام القوة والتعامل الحازم مع هؤلاء، ولكن نحن نعلم نوع وحجم الظروف التي تمر بها البلاد خاصة في ظل وجود أكثر من توتر وأكثر من مواجهة في أكثر من مكان داخل البلاد.

وأنا هنا لا أبرر للأجهزة العسكرية والأمنية، ولكن أود من الناس أن يتفهموا طبيعة المهام التي تواجهها الأجهزة العسكرية والأمنية والتي تجعل قدرتها على التسريع في تحقيق السيطرة على أوضاع البلاد ليست كما يجب.

* من هي الجهات تحديداً التي تقف وراء الاعتداءات والتخريبات والأزمات؟

لا تبرز في الواقع بشكل واضح جهات يمكن مخاطبتها، ولكن تبدو أنها أعمال من نوع قطع الطرقات واحتجاز الشاحنات التي تحمل المشتقات النفطية إلى العاصمة وبقية المحافظات. وأحياناً مثل هذه الأعمال الخارجة عن القانون تدعي بوجود مطالب معينة لأصحابها، ولكن نحن نقول: إذا كانت المطالب مشروعة فلا يجب أن تؤخذ بوسائل غير مشروعة من أجل تحقيقها. ثم أن هذه الأعمال تترتب عليها أضرار كبيرة على قطاعات واسعة من المجتمع اليمني، في الوقت الذي يمكن فيه طرح تلك المطالب بطريقة أخرى وبوسائل أخرى، ونحن على استعداد أن نستمع للمطالب المشروعة ونسعى لمعالجتها، لكن أحياناً هناك مطالب غير مشروعة مثل مطالب الإفراج عن بعض القتلة وقطاع الطرق وغيرهم، فمثل هؤلاء يحاولون أن يبتزوا الحكومة في ظل الظروف الصعبة التي تعمل في ظلها.

لا أعتقد بأن هذا الوضع سيستمر إلى ما لا نهاية، ولا بد من أن نطوّر أساليبنا الأمنية والعسكرية في مواجهة هذه الأعمال لأنها تلحق أضراراً بالغة بمصالح الناس إلى درجة لا نستطيع معها تحمّل هذه الأضرار، بل أصبحنا نشعر بأهمية متزايدة لمواجهة هذه الأعمال وبقوة أكبر.

* هل أنت موافق على إقرار الجرعة التي أشار إليها رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة الذكرى ال24 للوحدة اليمنية؟

نحن الآن نقف أمام خيارين.. الخيار الأول أن تستمر الدولة في دعم المشتقات النفطية في ظل محاصرة الموارد؛ وهذا سيجبرنا على استخدام الاحتياط النقدي للبلد من أجل تغطية أسعار هذه المشتقات، وسيترتب على هذا الإجراء انهيار اقتصادي شامل، وليس فقط الحياة المعيشية هي التي ستنهار إذا ما ارتفع سعر الدولار إلى أضعاف مضاعفة، ولكن أيضاً ستنهار الدولة بصورة عامة.. وهذا يعني أن خيار استمرار الدعم هو مغامرة بمصير البلاد من خلال قبول الانهيار الاقتصادي وبالتالي انهيار الدولة بصورة عامة.

والخيار الآخر هو خيار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، ولكننا ندرك بأن خيار رفع الدعم أيضاً هو خيار قاسٍ وخاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة وفي ظل شحة الدخول وفي ظل اتساع مساحة الفقر والبطالة في مجتمعنا، فنحن نعرف بأن اتخاذ إجراءات رفع الدعم عن المشتقات النفطية سوف تترتب عليه صعوبات جديدة علاوة على الصعوبات التي يعيشها المواطن اليمني.

ونحن أيضاً نرى أنه من غير المقبول أن نُقدم على خطوة من هذا النوع بدون أن نتخذ إجراءات عديدة من ضمنها محاصرة الفساد. ونحن الآن بصدد الإعداد لعملية صرف مرتبات منتسبي القوات المسلحة والأمن عن طريق البريد، وتطبيق نظام البصمة في السلك العسكري والأمني. وهذا سيؤدي إلى انتهاء عشرات الآلاف من الأسماء الوهمية.

أيضاً لا بد من إجراءات أخرى تهدف إلى تطوير الإدارة والحد من الفساد والحد من الإنفاق، وأيضاً اتخاذ إجراءات باتجاه تخفيف آثار أي سياسات اقتصادية أو مالية ترتبط برفع الدعم عن المشتقات النفطية كلياً أو جزئياً.

من الصعب أن نُقدم على رفع الدعم عن المشتقات النفطية دون أن نحقق بشأنها تفاهماً وتوافقاً سياسياً ووطنياً واسعاً، يقوم على إدراك المصائر الصعبة والمخاطر التي تحدق بالبلد.

* ماذا عن مصفوفة الإجراءات الهادفة إلى معالجة الاختلالات الاقتصادية والأمنية التي أعدتها الحكومة بتكليف من الرئيس هادي؟

مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير يوم الثلاثاء أقر هذه المصفوفة وأعتقد بأنها ستكون فعّالة إلى حد كبير في مجابهة الأزمة التي نواجهها في الوقت الحالي.

* هل أنت راضٍ عن نفسك وعن أدائك في رئاسة حكومة الوفاق الوطني؟

أنا كثيراً ما أحاسب نفسي وأنا في موقع المسؤولية على ما يدور في البلد، بدون شك لست راضياً عما يحدث في البلد وأنا جزء منه، ولكن لا أستطيع أن أراهن على النوايا الطيبة، فقد تكون نوايانا طيبة ولكن لدينا ظروفاً صعبة وأوضاعاً غير مساعدة على أن نحقق جميع أو معظم الأهداف التي ننشدها. وكثيراً ما أسأل نفسي: لماذا قبلت تحمّل هذه المسؤولية؟ ولكن عندما أعود بذاكرتي إلى أوضاع تلك الأيام  أقول بأن قبول المسؤولية كان أمراً لا بد منه؛ لأن المهمة التي كانت أمامنا آنذاك هي مهمة إنقاذية لحفظ البلد من أن تسقط في هاوية الفوضى. وأنا حقيقة أبذل ما أستطيع من جهد ولكن لا أقول بأي حال من الأحوال بأنني راضٍ لأن أية جهود تبذل في مثل هذه الظروف هي لا تحقق إلا أقل القليل مما نتوخاه.

* هل تتوقع أن تنجح بلادنا في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وتطبيق فيدرالية الأقاليم رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها بلادنا؟

لا أظن بأن اليمن أمامه خيارات كثيرة، وإنما خياراته محدودة للغاية. في تقديري بأن السير نحو تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني هو الخيار المأمون والواقعي الذي يمكن أن يحقق للبلد ما تصبو إليه. ولا شك أننا سندخل تجربة جديدة فيما يتعلق بتأسيس الدولة الاتحادية وعمل الأقاليم.. ونحن في اليمن ليس لدينا خبرة في هذه الأمور، فنحن سنخوض تجارب وسنواجه صعوبات وأيضاً سنحقق نجاحات؛ لأن الدولة الاتحادية بأقاليمها هي التي ستحقق اشتراكاً أوسع لدى الأوساط المختلفة في المسؤولية، وأستطيع أن أقول بأن الكل سيجد نفسه مجبراً على أن يبذل جهداً أكبر من أجل أن تنجح هذه التجربة. وأتمنى من أعماقي أن نتجاوز هذه الظروف وأن تنجح التجربة التي نحن بصدد التهيئة للشروع فيها.

*هل المرحلة القادمة تبشّر بالخير؟ أم أن الأمور ستزداد سوءاً؟

أعتقد بأن الإجابة العاطفية التي أشعر بالرضى عنها هي أن تتحسن الأمور، وما أستطيع قوله بهذا الصدد أن علينا فعلاً أن نثابر في بذل الجهود من أجل أن تكون الأمور أحسن.. ليس في المستقبل البعيد فحسب، بل وحتى في المستقبل القريب.

أنا أناشد الجميع بأن يستلهموا واجباتهم ومسؤولياتهم إزاء هذا البلد وإزاء مستقبله، وأن لا يتوانوا في بذل الجهد اللازم لتحسين أوضاع البلد.

* أنت اعترفت بأن الحكومة ليست حكومتك، وإنما حكومة أحزاب، فلماذا أنت مستمر في رئاستها ولم تقدم استقالتك منها؟

موضوع الاستقالة فكرت فيه مرات عديدة، وليس خافياً بأنني تقدمت بطلب استقالة أكثر من مرة وتحدثت بهذا الأمر مع رئيس الجمهورية ومع قيادات اللقاء المشترك ومع المبعوث الأممي جمال بنعمر، ولكنني كنت أواجه دائماً بالقول: إذا حدثت هذه الاستقالة فإن أول شيء سيتم مواجهته هو صعوبة التوافق على بديل والبلد لا تحتمل أن تواجه ظرفاً من هذا النوع وأن لا يكون لديها حكومة، وأيضاً الكل مارس معي الضغوط من أجل الاستمرار في رئاسة الحكومة.

لكن مع هذا كله، فأنا لم أتخلّ كلّية عن فكرة الاستقالة، ولكن عندما أشعر بأن هناك ظروفاً أفضل وستكون هذه الاستقالة مقبولة فلن أتردد في تقديمها.

* ما تعليقك على فشل البرلمان في سحب الثقة عن الحكومة؟

عندما طُرحت مسألة سحب الثقة من الحكومة في البرلمان، فالذين طرحوا هذا الموضوع كانوا يدركون مسبقاً بأنه لم يعد من صلاحية هذا البرلمان سحب الثقة من أحد؛ لأنه بعد (11) عاماً من عمره وبقائه هذه السنوات الطويلة التي استنفدت فيها شرعيته، وصارت شرعية البرلمان –كما هي شرعية الحكومة- متحققة من خلال الاتفاق السياسي المبني على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. والحكومة للعلم هي مشكلة من كافة الأحزاب الموجودة في البرلمان ولا يوجد حزب في البرلمان ليس ممثلاً في هذه الحكومة. وأنا كنت دائماً أقول بأن الذين يريدون أن يستخدموا شعار (سحب الثقة) عن الحكومة بمقدورهم فعل شيء أبسط من هذا وهو أن يسحبوا ممثليهم في الحكومة، والحكومة هنا ستسقط بكاملها، ولكن كانوا يعلمون مسبقاً بأن هذا الموضوع لا يمكن تحقيقه وأن أعضاءهم لن يستجيبوا لهم، فإذا كانوا عاجزين عن سحب أعضائهم فكيف بسحب الثقة عن الحكومة!! غير أن البعض استمرأ تحويل قضية سحب الثقة إلى نوع من المزايدة السياسية أو بمعنى أصح نوعاً من الدعاية الانتخابية المبكرة. والبعض يريد أن يستفيد من الصعوبات التي تواجه البلد ويستثمرها بشكل شخصي. وأنا أقول أن طرح سحب الثقة بتلك الطريقة ينمّ عن رغبة في المماحكة، ولكن في الأخير هذه المسألة سقطت كليّة.. وحتى الرسالة التي رفعوها لرئيس الجمهورية هي نوع من محاولة الحفاظ على ماء الوجه؛ لأن المبادرة الخليجية حددت آلية تعامل البرلمان مع المسائل التي لم يتم التوافق عليها؛ إذ ليس من حق البرلمان أن يتخذ فيها قراراً أو تفويضاً وإنما يرفعها إلى رئيس الجمهورية.

*ما الذي استفدته على الصعيد الشخصي والعائلي من وراء منصبك كرئيس لحكومة الوفاق؟

أنا لم أحقق أية مكاسب شخصية من وراء هذا المنصب، وما تواجهني هي تضحيات.. وأنا منذ الوهلة الأولى قلت بأنني أشعر بأنني أمام مهمة فدائية ليست سهلة، ومن خلال عملي أحاول أن أقدم مَثَلاً وأسوة حسنة للآخرين. ولم أكن أحبذ الحديث حول هذا الأمر، لكن وطالما قد سألتني عن ذلك فأقول بأنني تنازلت عمّا هو حق شخصي لي كرئيس وزراء من علاوات ومن سيارات وتذاكر سفر، وسكن رسمي تتحمل خزينة الدولة صرفياته وغيرها من الامتيازات المنصوص عليها في لائحة المجلس والتي كانت تُعطى لرؤساء الحكومات السابقة. فأنا على سبيل المثال لم أستلم أي سيارة من الحكومة، بل أرجعت سيارتي السابقة، كما رفضت أن أسكن في المنزل المخصص لرئيس الوزراء، وقمت بتخفيض نثريات مجلس الوزراء إلى 50%، وأيضاً جميع سفرياتي ورحلاتي العلاجية أنا وأفراد أسرتي على نفقتي الخاصة. بالإضافة إلى أنني لم أعيّن أياً من أولادي أو أقربائي في أي منصب، بل أنني قمت مؤخراً بدعوة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للحضور إلى مجلس الوزراء بهدف التأكد من أي حالة فساد فيه.

* برأيك لماذا تتزايد الهجمات الإعلامية ضدك أنت بالذات من قبل إعلام الثورة المضادة؟

لا أستطيع أن أستخدم مصطلح (إعلام الثورة المضادة) ولكن أقول بعض الأطراف السياسية التي لم تستوعب ما حدث داخل البلد ولا يزال الماضي يشدّها بصورة كبيرة ويتحكم في نفسياتها ومشاعرها..

هذه القوى أستطيع أن أقول بأنها غير محقّة في إلقاء اللائمة ضدي أنا لوحدي؛ لأن ما حدث هو أن الشعب بكامله تحرّك من أجل التغيير، وأنا كنت واحداً من هذا الشعب الذي خرج يطالب بالتغيير وأقدمنا على هذا العمل ونحن ندرك مخاطره، وما دمنا قد سرنا خطوات على طريق التغيير فعلى الذين لا زالوا مشدودين للماضي أن يقتنعوا بأن هذا الماضي من الصعب أن يعود وعليهم أن يغيروا من أسلوبهم وخطابهم الإعلامي والسياسي، وأن يعيدوا النظر في أوضاعهم وأن يتكيفوا مع المتغيرات وأن يتقبلوا بأن هذا البلد لم يعد من السهل السيطرة عليه بالوسائل القديمة، ولا بد من أن يقبلوا بمنطق الشراكة وبعملية التغيير السلمي ودونما استبعاد لهذا الطرف أو ذاك.

* ما العلاقة بينك وبين رجل الأعمال حميد الأحمر؟ وما حقيقة أنك تتلقى التوجيهات منه وتنفذها؟

أنا أتابع ما يُنشر بهذا الصدد، وأجد أن البعض تقريباً يستمرئ توجيه التهم للآخرين، وأقول لهؤلاء: لا تستسهلوا مثل هذه التهم والإساءات.. وإذا كان هناك علاقة فأولاً حميد الأحمر مثل إبني، وأنا وهو شاركنا مع بعض القوى السياسية في تشكيل لجنة الحوار الوطني ثم المجلس الوطني لقوى الثورة الذي لا زال حتى الآن يضم قوى وأحزاباً عديدة، ولا أزال أنا على رأس هذا المجلس، كما أن حميد الأحمر لا يزال عضواً قيادياً فيه، إلى جانب أعضاء آخرين في قيادة المجلس الوطني. وأنا أستمع للجميع من موقعي كرئيس لهذا المجلس وأحاول أن أوفّق بين الآراء والخيارات المطروحة، وما أتوصل إليه ليس هو رأي طرف معيّن، وإنما الرأي الذي يكون مقبولاً لدى مختلف الأطراف في إطار المجلس. ولكن لا تربطني بحميد الأحمر أي شكل من أشكال العلاقات الأخرى التي يتحدث عنها البعض بطريقة فيها إساءة ورغبة في التجريح والتشكيك.

Total time: 0.045