اخبار الساعة - عبده عايش
في بيت شعبي مستأجر، يفتقد الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء، تسكن أم أحمد الخولاني مع نجلها الوحيد وزوجته وأطفالهما السبعة، بحي الروضة الغربي في شمالي العاصمة اليمنية صنعاء.
رائحة الفقر تحيط بالمكان، وآثار قسوة المعيشة بادية على الوجوه، إلا أن الابتسامات الرقيقة والضحكات البريئة تغرد بها شفاه الصغيرات وهن يلعبن غير مكترثات بمشاكل الفقر ومصائبه.
ويبدو منزل الجدة أم أحمد نموذجا لأسر كثيرة باليمن تكابد الفقر والحاجة، إلا أنها تحكي وضع عائلتها بعزة نفس وتعفف، وصبر على أوجاع الحياة بكل ضروراتها وتتحدث عن أحوال أسرتها الصعبة، بينما تروي تقاطيع وجهها سنوات الشقاء وآلام العوز، وتفصح عن حالة عجز مادي بسبب البطالة ومرض اثنين من أحفادها، أحدهما معاق ذهنيا والآخر معاق جسديا.
جوع وظلالم
وتقول أم أحمد للجزيرة نت إنهم يعيشون في الظلام بلا كهرباء منذ ثلاثة أشهر، بسبب عجزهم عن تسديد رسوم الكهرباء التي تراكمت ووصلت إلى أكثر من عشرين ألف ريال.
وعلى موقد شعبي يعمل بالفحم تطهو أم أحمد وزوجة ابنها طعامهم اليومي، الخالي غالبا من اللحوم، والسبب كما تقول هو عجزهم عن شراء أسطوانة غاز، ولافتقادهم أساسا لوجود المطبخ وأدواته.
وتروي أم أحمد أن وضعهم المتدهور يرجع لأكثر من 14 عاما عندما نزحوا من قريتهم بسبب نزاع قبلي كاد ينهي حياتهم، فاضطروا للفرار وترك منزلهم في القرية ونزحوا إلى صنعاء، أملا في الأمن والحياة الهادئة بعيدا عن الصراعات القبلية.
وعقب وصولهم إلى صنعاء على متن سيارة يملكها ابنها، وليس له رأس مال سواها، اتخذها مصدرا لرزقه لإعالة أسرته بالعمل عليها، لكن بعد أربع سنوات حدث ما لم يكن في الحسبان وتعرضت السيارة للسرقة.
الوضع المعيشي لأم أحمد يشبه في تفاصيله القاسية، حكايات آلاف الأسر في اليمن، التي تعاني الفقر والنزوح والبطالة والجوع.
وضع بائس
وكانت منظمات دولية بينها برنامج الغذاء العالمي قد أعلنت أن نحو عشرة ملايين يمني على وشك الانزلاق إلى فئة الجوعى، بينهم أربعة ملايين ونصف المليون شخص حياتهم مهددة بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية.
ودعا البرنامج العالمي لمساعدة خارجية عاجلة لملايين السكان باليمن، لأنهم لا يجدون ما يأكلون بشكل يومي، كما أن هناك نحو خمسة ملايين على وشك الانتقال إلى مرحلة انعدام الأمن الغذائي.
ويعتقد خبراء اقتصاديون أن الوضع المعيشي والاجتماعي لكثير من سكان اليمن "في غاية السوء"، لكنهم اختلفوا مع الأرقام التي تعلنها المنظمات الدولية، والتي تقول أن نحو عشرة ملايين يعانون من خطر الجوع، وأن هؤلاء الملايين ينامون بدون وجبة العشاء كل يوم.
وبحسب تقارير حكومية فإن الفقر يبرز واضحا في المناطق الريفية حيث يقطن 70% من سكان اليمن، فيما تبلغ نسبة الفقراء في الريف حوالي 84% من إجمالي الفقراء الذين تقدر نسبتهم وفقا للإحصاءات الرسمية بنحو 47%.
ويعتقد أن أحداث الثورة الشعبية في 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، قد شلت أداء الحكومة، وتسببت التطورات اللاحقة في توقف مشاريع التنمية والخدمات والرعاية الاجتماعية والصحية.
وأدت الأحداث بالسنوات الثلاث الماضية إلى زيادة أعداد الفقراء، كما برزت أزمة الجوع وسوء التغذية بسبب غلاء الأسعار والبطالة، وبذلك صارت الحكومة تواجه تحديات صعبة بالمرحلة الراهنة في وقت تنتظر فيه الدعم الدولي والإقليمي لعله يساعد بإخراج اليمنيين من مخاطر أزمة الفقر والجوع.
المصدر : الجزيرة