يعتبر التعاون سمة متأصلة في تاريخ اليمن عبر العصور قديماً وحديثاً ويؤكد الباحثون ان الحضارات اليمنية المتعاقبة استندت في مجملها على تعاون المجتمعات المحلية في تنفيذ النشاط الزراعي وتشييد المدرجات وإقامة السدود والحواجز المائية وشق القنوات وغيرها والتي ازدهرت تقريباً في ظل هيئات التعاون الأهلي للتطوير.. وانطلاقاً من هذه التجارب المتوارثة والعمل على احيائها وتطويرها نهجاً وممارسة بما يخدم العملية التنموية الشاملة.
يذكر ان الحركة التعاونية اليمنية مثلت نقطة مشرقة في تاريخ اليمن الحديث , واسهمت في احداث نقلة نوعية لليمن عقب قيام ثورة سبتمبر 1962م في إيصال كثير من الخدمات الأساسية من طرقات , مدارس , منشآت صحية , ومياه إلى أغلب مناطق الريف اليمني، ما يستدعي الحاجة الى اعادة تفعيلها خدمة لتحقيق اهداف التنمية المحلية الشاملة والمستدامة.
وفي هذه المرحلة تحديداً شهدت اليمن ازدهاراً واسعاً كان المجتمع بكل فئاته شريكاً فاعلاً في صناعة هذا الواقع الذي أخرج البلد من عزلته الطويلة، وربط البلد بمدنها وقراها في شبكة طرقات ترابية مترابطة ببعضها البعض، وذلك بدعم من مؤسسة الدولة، حيث عرفت بعض المناطق ولأول مرة العديد من مشاريع البنى التحتية، وعلى وجه الخصوص المدارس والمستوصفات، وتوسعت خدمات الإنارة في مشروعات أهلية متنوعة، فهناك آلاف من قطع ووحدات الشق التي غيرت الواقع المحلي، وأصبحت بالتأكيد رأسمال المجتمعات المحلية ،فأصبحت كل وحدة إدارية تملك العديد من القطع اليابانية الممتازة “كوماتسو” التي مكنت هذه المجتمعات من تحقيق حلمها في إيجاد ازهدهار هو الاهم في تاريخ اليمن قديمة وحديثة..
وهي التي قهرت الطبيعة القاسية وأحدثت تحولاً إنمائياً رائعاً لامس مختلف الأنشطة الاجتماعية والخدمية، فقد كانت مرحلة المجالس المحلية للتطوير التعاوني التي أعقبت هيئات التعاون الأهلي للتطوير وأصبحت وحدات الشق التي حصل عليها المجتمع دعماً من الرئيس الحمدي..
وعلى ضوء ذلك عقدت العديد من اللقائات والندوات لاعادة ألق تلك المرحلة من قبل الاستاذ/ علي محمد اليزيدي ـ وزير الادارة المحلية والاستاذ/ عبد الرقيب سيف فتح ـ نائب الوزير حيث ناقش الاستاذ/علي محمد اليزيدي وزير الإدارة المحلية في لقائه مع الهيئة التنفيذية لاستعادة وتطوير الحركة التعاونية برئاسة الدكتور عبد العزيز الترب الآليات المتصلة بتطوير الحركة التعاونية واستعادة دورها الاجتماعي والتنموي.
في اللقاء أعرب الوزير اليزيدي عن أمله بعودة الألق للحركة التعاونية في ظل نظام الدولة الاتحادية وإعادة إحياء روح التعاون والتكاتف في اوساط المواطنين باعتبار ان جذوتها لازالت حاضرة في اوساط المجتمع.. مبديا استعداد الوزارة تقديم التسهيلات لما يسهم في تحقيق اهداف الهيئة التنفيذية للحركة التعاونية الرامية الى تفعيل المبادرات التعاونية وتوظيفها في خدمة التنمية المحلية والوطنية.. مستعرضا في الاطار ذاته ما حققته الحركة التعاونية في الماضي من مشاريع تنموية وخدمية اسهمت بفاعلية في تحسين مستويات المعيشة للمواطنين .
من جانب أخر أكد نائب وزير الإدارة المحلية عبد الرقيب سيف فتح أهمية دور الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني في إعادة الألق للعمل التعاوني من اجل تحقيق تقدم اقتصادي ونهوض تنموي.
وأشار فتح في افتتاح الملتقى التشاوري الأول لرواد الحركة التعاونية في اليمن المنعقد اليوم بصنعاء بحضور عدد من الشخصيات الوطنية لتدشين إعادة إحياء التجربة التعاونية الى أهمية العمل التعاوني للسير بالوطن نحو التقدم المنشود في إطار الدولة الاتحادية التي يشترك فيها كل المواطنين في السلطة والثروة.
وأن البلد لا يمكن أن يخرج من أزماته إلا بتحفيز المجتمع والقطاعات الخاصة والعمل التعاوني الجاد الذي يعتبر أحد أبرز مميزات العمل الاتحادي .مضيفا أن الأقاليم تعتبر محددات إدارية وليست محددات سياسية وذلك من اجل تحديد المسئوليات وحل مشاكل أبناء الأقاليم في إطار الحدود الإدارية لكل إقليم.
وأقر المشاركون في اللقاء تشكيل لجنة تأسيسية لتقييم مسيرة الحركة التعاونية التي شهدتها المحافظات الشمالية من اليمن أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينات من القرن المنصرم، لتعزيز الايجابيات في الحركة التعاونية وتلافي سلبياتها، وإقرار وثيقة التصور الأولي لاستعادة وتطوير الحركة التعاونية في ظل اليمن الاتحادي الجديد, واعتبارها برنامج عمل المرحلة التأسيسية لها, بالإضافة الى تشكيل لجنة تنسيق للتحضير لإعادة إنشاء الهيئات التعاونية في مختلف الوحدات الإدارية للجمهورية, على أن يكون قوام هذه اللجنة واحد خمسين(بإضافة عشرين عضوا من الشباب) عضوا يمثلون المحافظات ومن ذوي الخبرة والكفاءة في العمل التعاوني .
وأكد المشاركون في بيانهم الختامي القيادة السياسية ممثلة بالأخ / عبدربه منصور هادي ـ رئيس الجمهورية, رعاية العمل التعاوني في انطلاقته الجديدة كحق وطني وخيار حضاري ومدني لمسيرة التغيير والتحديث للنهوض باليمن الاتحادي الجديد ودعا المشاركون كافة التعاونيين من جميع المحافظات والمديريات وشباب الوطن والمرأة إلى استنهاض الروح التعاونية وذاكرة العمل التعاوني لدى أفراد المجتمع , للشروع في تأسيس الهيئات والجمعيات التعاونية وفقا للقوانين والنظم .
.أنتهى