نشرت جماعة أنصار الشريعة على حسابها بموقع التواصل الإجتماعي (تويتر) تقريراً تحدث عن الكواليس التي سبقت المذبحة التي تمت بحق جنود من الجيش اليمني بيوم.
وتحدث معد التقرير عن كيفية دخول التنظيم إلى مدينة القطن بحضرموت وعن مقابلة القيادات للأهالي هناك وكيف كان ردة فعلهم بعد سماعهم لفكر القاعدة.
واستعرض مراسلهم في تقريره عن استفسارات طرحها الأهالي على القيادات حول اختلاسهم لأموال البنوك وبعد علمهم بالتبريرات التي وضعوها بأن مثل تلك الأعمال تحل لهم انضم المواطنين إلى القاعدة للحرب معها –حسب ما جاء في التقرير-.
نص التقرير كما جاء على حساب أنصار الشريعة في تويتر:
مع خيوط الصباح الأولى من يوم الخميس الحادي عشر من شوال الجاري بدأ أنصار الشريعة اقتحامهم لمدينة القطن الواقعة بوادي حضرموت شرقي اليمن؛ ليقضوا فيها خمس ساعات تقريباً استهدفوا خلالها مقاراً عسكرية وأمنية ومبانٍ ومصارف يتبع جميعها نظام صنعاء.
اللافت في اقتحام القطن أنه جاء عقب ساعات من بث الإعلام اليمني بكافة أطيافه لموجة أنباء وتقارير يتحدث فيها عن نجاح الجيش اليمني المتحوث فيما وصفه بـ"تطهير" مدينة القطن، والقضاء على "الإمارة" التي أعلنتها القاعدة فيها. غير أن الوقت لم يدم طويلاً حتى جاء رد أنصار الشريعة عملياً عبر اقتحام جرئ للمدينة بدأ في تمام السادسة والربع بعد الفجر.
المجموعات الثلاث:
مجاهدو أنصار الشريعة اقتحموا القطن عبر ثلاث مجموعات رئيسية؛ استهدفت أولاها مقر قوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي سابقاً)، فيما استهدفت الثانية مقرات الأمن العام والبنوك الحكومية بالمدينة، أما الثالثة فقد كانت مهمتها تنفيذ مهام الإسناد لقوات المجاهدين المقتحمة للمدينة، فضلاً عن نصب الكمائن على مختلف الطرق تحسباً لقدوم أية تعزيزات من جانب الجيش اليمني، وهو ما لم يحدث إذ يبدو أن الوحدات العسكرية والأمنية التابعة للنظام اليمني فضلت المكوث في مقراتها إيثاراً للسلامة بدلاً عن دخول المدينة أثناء وجود أنصار الشريعة بها.
في بداية الاقتحام وفق الله المجموعة الثانية في إسقاط مقر الأمن العام الذي سرعان ما أحرقه المجاهدون وجميع محتوياته بشكل كامل بعد السيطرة عليه مباشرة. أما المجموعة الأولى فقد نجحت في تطويق مقر قوات الأمن الخاصة وبدأت الاشتباك مع الجنود الموجودين داخله، وذلك قبل أن يتم اقتحامه والصعود فوق مبانيه والسيطرة عليه. فيما انتشرت مجموعة الإسناد وتمركزت في مواقعها حسب الخطة المرسومة خلال نصف ساعة فقط من بداية الاقتحام.
موقف أهالي القطن:
قرابة الساعة والربع مرت قبل أن يتمكن أنصار الشريعة من تأمين المدينة من الداخل والخارج؛ ليبدأوا بعد ذلك الاختلاط بأهالي المدينة والحديث إليهم لشرح أسباب ودوافع المجاهدين وراء دخولهم المدينة ومهاجمة مصالح نظام صنعاء بها.
وكان من بين المتحدثين مع أهالي المدينة الشيخ حارث بن غازي النظاري عضو اللجنة الشرعية في أنصار الشريعة، والقائد الميداني جلال بلعيد المرقشي المعروف بـ"حمزة الزنجباري" وغيرهم من المجاهدين، حيث أكدوا جميعاً أن اقتحام المجاهدين للمدينة جاء دفعاً لعادية نظام صنعاء الذي حرك وحدات الجيش المتحوث لمهاجمة أهل السنة في وادي حضرموت؛ بينما تعامى وما يزال عن جرائم القتل والإرهاب والتهجير التي يمارسها الحوثي ضد أهل السنة في شمال اليمن في صعدة وحجة وعمران والجوف وغيرها.
أموال البنوك!
بشكل عام اتسمت الحوارات بين المجاهدين وأهالي القطن بالود والصراحة؛ إذ طرح الأهالي كل ما في جعبتهم من أسئلة وشبهات يثيرها العدو والإعلام الدائر في فلكه حول أنصار الشريعة وأهدافهم. وكان من بين الأسئلة التي وجهها أحد أبناء القطن للمجاهدين هو: هل جئتم لأخذ أموال البنوك؟ وعلى الفور أجابه القائد الزنجباري قائلاً: "لم نأت لأخذ أموال البنوك وإنما جئنا لقتال هذا الجيش الشيعي، وأما بالنسبة لأموال بنوك النظام فهي أموال المسلمين ونيتنا مبيتة بأن نعطيها لكم يا أهل القطن." ولم يمض وقت طويل على هذا التصريح حتى فتح المجاهدون أبواب البنوك المملوكة للنظام أمام المسلمين من أهالي المدينة ليأخذوها كاملة غير منقوصة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد إذ وزع أنصار الشريعة كذلك الغنائم العينية التي حازوها من المقرات الحكومية -مثل الثلاجات والمكاتب والمكيفات وغيرها- على أهالي المدينة.
بدأ تجمع أهالي القطن للحديث مع المجاهدين حوالي الثامنة صباحاً في ثلاثة أماكن رئيسية وهي سوق المدينة، وجولتها العامة (ميدانها العام)، وأمام بنك اليمن الدولي التابع لنظام صنعاء. وبعد التجمع وتبادل الأحاديث بين الأهالي وأنصار الشريعة؛ جاءت ثلاث سيارات يقودها مجاهدون ومحملةً بغنائم عينية (مكيفات-ثلاجات-حواسيب آلية-أثاث) حازها أنصار الشريعة من بنوك النظام، ثم تكلم القائد حمزة في أهالي القطن قائلاً: "هذه أموالكم أيها المسلمون عادت لكم فخذوا منها ما شئتم".
وفي هذا الموطن ينبغي التنبيه إلى أن وسائل إعلام محلية كانت قد نقلت أنباء تفيد أن المجاهدين نهبوا أموال البنوك وممتلكات خاصة، وهي ادعاءات ليس لها أساس من الصحة، ولو كان هدف المجاهدين نهب الأموال لاقتحموا شركات الصرافة في القطن كشركتي العمقي والكريمي وغيرها، والتي قد تحتوي أموالاً أكثر مما في البنوك وهو ما لم يحدث كما هو معلوم.
مشاركة قتالية:
التفاف وتلاحم أهالي القطن لم يقف عند حد تبادل الأحاديث وإنما تعداه لمشاركة مجموعة من شباب المدينة في القتال جنباً إلى جنب مع إخوانهم مجاهدي أنصار الشريعة ضد وحدات القوات الخاصة والأمن العام بالمدينة، فضلاً عن تضييف الكثير من أبناء المدينة للمجاهدين بتقديم المشروبات المتنوعة والشاي الذي يعد المشروب الشعبي الأول في اليمن.
بعد أن اطمأن الأهالي وأمنوا بوجود المجاهدين فيما بينهم بدأوا ممارسة حياتهم الطبيعية بشكل معتاد، فعلى سبيل المثال فتح أصحاب المحال التجارية أبوابها، واستأنفت المدينة حياتها بالشكل المعتاد، وعند الساعة الحادية عشرة تقريباً بدأ المجاهدون الانسحاب إلى مواقع خارج مدينة القطن وسط دعوات الأهالي لهم بالنصر والظفر.
وهكذا انتهت زيارة أنصار الشريعة المفاجئة لمدينة القطن، ولكن متابعات ردود أفعال الأهالي في اليومين التاليين لهذه الزيارة غير الاعتيادية؛ يؤكد أن ذكرياتها لن تُمحى من عقول وأفئدة أهالي المدينة لفترة غالباً ما قد تطول بإذن الله.