بعد اتفاق اليمنيين وقبولهم بـ"المبادرة الخليجية"، التي رسمت ملامح مرحلة جديدة، لدولة يستشري فيها الفقر، وينتشر السلاح، ويضطرب الأمن، فضلا عن وجود البيئة المناسبة لجماعات إرهابية بأيديولوجيات عدة، عوّل الكثير على مرحلة ما بعد إزاحة النظام السابق، واستبشر البعض، فيما قدم البعض الآخر مصالح ومكاسب سياسية شخصية على مصالح الدولة.
مع الوقت، قدمت الحكومة اليمنية خطوة إصلاح مفروضة عليها دوليا، تقوم على رفع دعمها عن المشتقات النفطية، لتوفير أكبر قدر من المال في خزينة الدولة، نظير تكبدها خسائر ومصروفات كبيرة من خلال ذلك الدعم، الذي وجدت أنه ينتهي الأمر به في جيوب متنفذي الدولة لا للشعب اليمني، في وقت كانت فيه، وعلى مدى عامين من الزمان، تعتمد على الدعم النفطي السعودي لتغطية العجز ـ المالي والنفطي ـ وإن كان بشكل جزئي، لكنها وجدت نفسها أمام مطالب إصلاحية طالبتها بها مؤسسات دولية، سبق تقديمها لصنعاء قبل أحداث 2011، لتتوافق أسعار النفط في البلاد مع الأسعار العالمية.
أن تخرج جماعة "أنصار الله" المعروفة بتبعيتها علانية لملالي طهران، وتضع مشروع رفع الحكومة دعمها عن مشتقات الوقود، شعارا تتبناه نيابة عن الشارع اليمني للضغط على الحكومة؛ ففي الأمر ريبة لا محالة. الأكثر ريبة مما سبق، وبعيدا عن تلقف تلك الورقة التي قادت لنزولها إلى الشارع، إقرار جماعة الحوثي للدولة اليمنية توفير ما يمكن أن يوصف بـ"إمداد" خزينة الدولة بقيمة الدعم المرفوع عن المشتقات النفطية لمدة 6 أشهر مقبلة، لكن صنعاء رفضت ذلك، إيمانا منها بأن الجماعة تسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية، سيأتي يوم ما وتستخدم للضغط على الحكومة.
المتابع للمشهد اليمني، سيجد نفسه أمام سؤال كبير، كيف لجماعة تعمل عكس أجندة الدولة، وعلى زعزعة المنطقة، أن تضع نفسها بمقارنة الدولة، من جهة توفير الدعم المالي المرفوع، وعلى من تعتمد في تمويلها المالي؟!
في هذا يتضح سعي طهران لتكرار تجربتها مع حزب الله في لبنان، مع جماعة الحوثي في اليمن، وإن ربطنا ذلك بمطالبة الرجل الأول في اليمن عبدربه منصور هادي، لإيران أكثر من مرة برفع يدها عن اليمن، حتما سنجد إجابة ذلك السؤال الذي قد يكون في حجمه، أكبر من الجماعة نفسها.
الشروط السبعة التي قدمها الحوثيون للرئيس هادي لوقف التصعيد تؤكد أن هذه الجماعة تسعى لتغليب أجندتها الخاصة على مصلحة اليمن.
الصورة من اعتصامات جماعة الحوثي