أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

جيش تركيا ودع السياسة واحتفل بعيد النصر

- الجزيرة نت

على وقع تنصيب أول رئيس تركي بالانتخابات المباشرة، احتفل الجيش التركي بعيد النصر باستعراض عسكري مهيب، في رسالة بدت متناغمة وإن كانت غير مقصودة بتكريس النظام المدني بتركيا، بعد أن ودعت البلاد حقبة الانقلابات التي عاشتها لعقود خلت.

أحيت تركيا امس السبت عيد النصر ويوم القوات المسلحة المعروف باسم "الظَفَر"، بعد يوم من الاحتفال بتنصيب رجب طيب أردوغان رئيساً للبلاد، في رسالة بدت متناغمة وإن كانت غير مقصودة من حيث التوقيت مفادها أن الجيش ودع حقبة الانقلابات والتدخل في السياسة التي تركها للمدنيين.

وتعد احتفالات "الظَفَر" تقليدا سنويا متبعا منذ عام 1922، لتخليد انتصار الثوار الأتراك في حرب الاستقلال على قوات الحلفاء والجيوش اليونانية، التي غزت أراضي الدولة العثمانية نهاية الحرب العالمية الأولى واحتلتها.

واحتفل الجيش التركي بالمناسبة في وقت بات يركز فيه على حماية الوطن، بعد تكريس إقصائه من السياسة الذي بدأ بالتدرج منذ وصول حزب العدالة والتنمية للحكم عام 2002.

وشهدت إسطنبول عروضا عسكرية، وشارك أردوغان وقادة مؤسسات الحكومة والبرلمان والقضاء والجيش والمعارضة في الفعاليات البروتوكولية بأنقرة لإحياء عيد الظَفَر، في مشهد يعكس استقرار  تركيا التي ودعت عهد الانقلابات العسكرية.

ويُبرِز الانتقال السلس للحكم في تركيا -في ظل القدرات الكبيرة للقوات المسلحة- مدى تكريس الحكم المدني في البلاد التي عانت لأكثر من خمسة عقود من الانقلابات العسكرية وتدخل الجيش في العملية السياسية.

وسبق للجيش التركي أن نفذ عدة انقلابات، كان أولها عام 1960 حيث أطاح بالحكومة المنتخبة وأعدم رئيسها عدنان مندريس، ثم انقلاب عام 1971 ضد حكومة سليمان ديميريل، وانقلاب عام 1980.

بينما كان إقصاء الإسلامي نجم الدين أربكان عن الحكم على يد الجيش عام 1997 آخر الانقلابات.

ويعزو ساسة وخبراء استقرار الحكم المدني في تركيا وعودة العسكر إلى ثكناتهم في عهد حزب العدالة والتنمية إلى أسباب عدة، أبرزها: تعديلات الدستور، والشرعية الشعبية المتجددة للحزب، وحاجة تركيا لتطبيق معايير الحكم المدني للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ويرى النائب البرلماني السابق رسول طوسون أن الجيش كان يوظف بنود الدستور والمواد القانونية في تدخله في الحياة السياسية.

وأشار للجزيرة نت إلى أن حزب العدالة والتنمية لجأ إلى إغلاق منافذ العسكر إلى الحكم منذ وصوله إلى السلطة عام 2002.

ويقول طوسون إن العدالة والتنمية وظّف شعبيته المتصاعدة في كل انتخابات لإجراء تعديلات على بنود القوانين التي طالما استغلها الجيش للانقلاب على حكومات البلاد، معتبرا ذلك أسلوبا حكيما في التدرج نحو تثبيت الشخصية المدنية للدولة.

وينظر طوسون إلى استفتاء عام 2010 -الذي عُدِّلت بموجبه بنود جوهرية في الدستور، من بينها إقرار انتخاب رئيس الجمهورية بطريقة التصويت المباشر- كحجر زاوية لترسيخ نظام الحكم المدني في تركيا.

بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد أوزتورك أن الشرعية الشعبية المستمدة من صندوق الاقتراع منحت حزب العدالة والتنمية فرصة لإنهاء عهد الانقلابات العسكرية وتثبيت نظام الحكم المدني.

وأشار أوزتورك للجزيرة نت إلى أن فوز العدالة والتنمية في تسع استحقاقات انتخابية متتالية جعله يتدرج في "حالة الاقتدار" حتى تمكن من إبعاد مراكز القوى التي كانت تتحكم في الدولة عن مؤسسات الحكم.

كما يؤكد أهمية فوز رجب طيب أردوغان من الجولة الأولى في أول انتخابات رئاسية مباشرة في منحه شرعية أضعفت قدرة مراكز القوى الأخرى على استعادة دورها في التدخل في الحياة السياسية.

وحدّت صفة المدنية المطلوبة لالتحاق تركيا بالاتحاد الأوروبي من شهية الجيش للعودة إلى السلطة، وهو الأمر الذي عبر عنه أوزتورك بوضوح بقوله إن "تطبيق الأنظمة التركية المعايير الأوروبية أسهم في تعزيز نظام الحكم المدني".

ويشير أوزتورك إلى أن مجلس الأمن القومي التركي كان سابقا يتشكل من ضباط كبار يهيمنون من خلاله على الحكم ويختارون رئيس البلاد، لكنه أصبح أكثر مدنية، ولم يعد يضم سوى عسكري واحد.

ويستشهد الخبير السياسي بتكريس مدنية الحكم في تركيا باختيار وزراء الدفاع من مدنيين يتبعون رئاسة الحكومة وليس قيادة الأركان، التي باتت تركز على مسؤولياتها في الدفاع الوطني وحماية البلد من العدو الخارجي، على حد قوله.

Total time: 0.0593