أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

عدل إسرائيلي ولا تسامح عربي

- د. فايز أبو شمالة
في خطوة قضائية إسرائيلية تبدو عادلة، وتشف عن مجتمع إسرائيلي يرفض الظلم، ويصر على المساواة بين الناس جميعهم، أصدرت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس المحتلة قراراً بضرورة أن تقوم القناة الثانية الإسرائيلية بالتوضيح والاعتذار إلى نجلي الرئيس الفلسطيني" طارق وياسر عباس"، عما بثته القناة من ادعاء باطل لملكيتهما شركة الاتصالات الوطنية. وقد صدر مساء 20/5/2010 نص الاعتذار عن القناة التلفزيونية، ويقول: تأسف القناة الثانية الإسرائيلية لأي امتعاض نفسي حصل لنجلي الرئيس جراء التلميح الذي فهم منه أن أبناء السيد محمود عباس هم أصحاب أسهم في الشركة الوطنية.

      انتهى الأمر، وتمت تبرئة نجلي الرئيس، فهل تمت المصالحة بين القناة الثانية الإسرائيلية وبين عائلة عباس؟ وهل الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين يمكن حصره في خلاف شخصي يمكن للمحاكم الإسرائيلية أن تفصل فيه، وأن القضية محور النزاع لا تتعدي تشهير، وخلل إعلامي؟ أم أن الوقائع تقول: إن صلب الصراع بين الفلسطينيين واليهود يقوم على تحديد من هو صاحب الأرض التي تقام عليها المحكمة الإسرائيلية، وتقام عليها القناة التلفزيونية الثانية، هل اليهود هم أصحاب هذه الأرض، أم السيد عباس وأولاده وشعبه هو صاحبها؟ وهذا السؤال لا يحتاج إلى مفاوضات مع إسرائيل، وإنما يحتاج إلى معدات، وهنا قد يقول البعض: إن اليهود اغتصبوا الأرض بالقوة، ولا طاقة لنا بهم في هذه المرحلة، وعلينا بالحيلة، والصبر، والتفاوض!. إنه منطق سياسي رفضه الشاعر محمود درويش بجملة شعرية واحدة تقول: خذوا أرض أمي بالسيف، لكنني لن أوقع باسمي على بيع شبر من الشوك.

      إن صلب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا تفصل فيها محاكم، ويتوجب على الفلسطيني ألا يجامل في حقه الكامل بفلسطين، وألا يجمّل محاكم الغاصبين، فقضية الصراع لا تقتصر على تشهير، أو خبر زائف، القضية تتعلق بمصير ملايين اللاجئين، وعلى رأسهم أبناء السيد محمود عباس أنفسهم الذين طردوا من بلدتهم صفد، فكيف ستعتذر القناة الثانية عن حرمانهم من العودة؟ وكيف ستصدر المحكمة المركزية حكماً في أحقية السيد محمود عباس، وسكان مخيم الأمعري، والدهيشة، والفوار وذريتهم بالعيش على الأرض التي تقام عليها المحكمة المركزية ذاتها؟ وكيف ستعوضهم المحاكم الإسرائيلية عما لحق بهم من إيذاء معنوي، ومادي ما زال يعصف بأمثالهم، وجيرانهم، وأصدقائهم، منذ عشرات السنين.

      إن الامتعاض النفسي الذي لحق بنجلي الرئيس عباس جراء الاتهام بملكية شركة لا يذكر قياساً إلى الفاجعة التي حلت بشعب طرد من أرضه، ولن يكون قضاء دولة الإرهاب منزهاً، وهو يطور من قدراته الفتاكة، ليطرد مزيداً من الفلسطينيين من أرضهم، ويطاردهم في مستقبلهم، ويحاصر ذريتهم، ويعذبهم بالموت والسجن، ويذبح براءتهم، ويهين كرامتهم.

Total time: 0.0493