عملية اجتياح صنعاء مسرحية سيئة الاخراج وقد كتبت مقالة في وقت سابق ذكرت بأن إخراج مسرحية الثورة المضادة في مصر افضل إخراجا وأكثر عقلانية وتقبل لجملة أسباب منها ان الظروف الذاتية والموضوعية كانت مؤهلة لتلك التحولات فالإخوان كانوا هم السلطة بالكامل بينما في اليمن لا يمثلون سوى جزء من السلطة من اللقاء المشترك ، بينما النصف حسب المبادرة الخليجية للمؤتمر ، مع انه كان عمليا اكثر من النصف فالدولة العميقة والمؤسسة العسكرية كانت تدين بالولاء للرئيس الذي منح حصانة لما تقدم وما تأخر من ذنوبه ، ولانه لم يؤسس دولة مدنية وانما جيش طائفي ، ويؤكد ذلك سهولة سقوط صنعاء بيد الفاتحين الجدد.
في مصر نصف الشعب تقريبا كان مع الثورة المضادة وكان فوز الإسلاميين بزيادة ضئيلة على النصف وحسب المعايير الديمقراطية فالشرعية هي لهذا الفريق حتى يثبت فشله ، الأمر الآخر خرجت ملايين مع الثورة المضادة ولم تسقط القاهرة بالدبابات والفتح المبين بل كان لمحاولة التغيير صبغة شعبية محكمة الاخراج ، رغم تجاوزات امنية وليس عسكرية في فض اعتصامات ميدان رابعة ، وعموما فقد وصل السيسي في مصر لكرسي الرئاسة بعد عملية انتخابات بغض النظر عن صحت تلك العملية من عدمها ، بينما في اليمن وصولي سيدي عبدالملك عبر فوهة البندقية ، وكيف يتم توقيع شراكة تحت ظلال السيف والرعب والاجتياح ويتم التوقيع على جزاء من الاتفاق ويتركون مالا يرغبون به ، ويتأخر التوقيع لنحو يومين لحين انجاز الفتح المبين ، ولم ينته الامر بالتوقيع الاحتفالي بل اعقب ذلك اجتيا لمنازل الخصوم وتصريح رئيس الدولة بأن ماحصل هو مؤامرة ، الحقيقة ان تصرفات قادة اليمن حيرت اعتى المحللين السياسين والمراقبين وجعلتهم في حيرة من امرهم!
الملاحظة المهمة خلال الايام القليلة الماضية هناك شيئين في حالة تغير وهما عدم انقطاع الكهرباء بصورة عما كانت عليه قبل أيام ، وكذا لا يوجد زحمة في محطات المشتقات النفطية ، وهذا يدل على ان كل ذلك كان مصطنعا وأن حياة المواطن وتنكيد عيشتهم هو بسبب انتقامات الزعيم وخصومه، والاغرب انه توارى عن المشهد السياسي في الإعلام رغم انه يعشق الظهور والميديا ، بمعنى ان اليمنيين تجرعوا المصاعب والالام سوا كانوا متحالفين او مختلفين ، هي فقط مجرد أحقاد وانتقام ولؤم وشهوة السلطة والظهور ليس الا ، الزعيم حظى بما يشبه العفو من الفاتحين الجدد (وقد منح وجه الامان) مقابل تقديم الدعم الكبير لهم منذ شهور نكاية بخصمة الجنرال المنشق ، وربما كان وراء الكواليس ايحاء بأنه لم يكن السبب الرئيس لمقتل السيد حسين الحوثي وأن كل الحروب ورائها الجنرال المنشق، والاصلاح ، وكنا نعتقد بأن الفاتحين سيستهلون الانتقام برأس الزعيم ولكن المصلحة تغلب الايدلوجيا ، ولا يريدون يثيرون غضب قواعد المؤتمر على الاقل في المستقبل المنظور حتى يستتب لهم الامر.
في ثورة 2011 وأحداث سقوط صعاء وكل ماحصل في اليمن ويحصل خلال سنوات مضت اثبت بما لايدع مجال للشك بأن اليمنيون مجرد بيادق على رقعة الشطرنج واليمن ضمن لعبة الامم ليس الا.
اجمالا انصار الله اليوم امام امتحان صعب فقد لايستطيعون ان يسيطروا على عناصرهم وكل يدعي ان أي تصرف سلبي هو سلوك شخصي ، والمواطن لايهمه شخصي او سلوك عام ففي نهاية الامر ضرر ملموس ضد كرامة وحرية المواطن ، وقد رصدت منظمات حقوقية مستقلة عشرات الانتهاكات في الأربعة الأيام الماضية ، حتى وأن كان سلوكهم كالاولياء الصالحين الا انهم لا يمثلون الا جزاء بسيط من الامة ويحتكرون الدين ويجعلون من مشروعهم مفروضا على الجميع وهذا يتنافى مع دساتير ومواثيق اليمن والعالم والانسانية ومع الدستور المقترح الذي قفزو عليه وكذا مخرجات الحوار الذي نسفت واصحبت من الماضي .