ما كنت لأكتب هذا المقال لولا أن ألسنةً استطالت وقاءت خُبثاً وحِقدا على الأخت المناضلة / توكل كرمان..فأثارت أن اكتب وأُبين أنها امرأة تخطئ وتصيب وليست معصومة من الزلل غير أن اخطاءها لم تصل إلى الحد الذي يستطيلُ في حقها حاسدوها فقلبها كقلب بقية عباد الرحمن يُقلبهُ الرحمن كيف شاء وثبات القلب على المبادئ السامية والقيم العليا حصريٌ على المؤمنين والمؤمنات وما يُلقى ذلك الا الذين صبروا واستعذبوا الآلام في سبيل الآمال .
بقليل عقلٍ ودين صنعت توكل مالم يصنعه المُكثرين من العقل والدين فكانت في موقع الريادة والقيادة وتبوأت السؤدد لأنّ نصب عينيها وأمام ناضريها وهجٌ يتسع ضوءه كلما عظم الخطب وزادة المحنة وتستمد من ذلك الوهج الطاقة لمواصلة السير في دروب التغيير والبناء والتنمية المحفوف بالمهالك ..
رماها الحاقدون بـ ( سجاح ) بينما كانوا يبايعون نبيهم ويستلذون بجلده لظهورهم وأخذ أموالهم بل لقد اقتربوا من الشرك حين تضرعوا اليه ولجؤا اليه واستحالوا الحياة بغيره حين رفعوا شعارهم ( مالنا الا ... ) بينما توكل كانت مسلمةً لله مع قومها ولم تنحني يوما للشمس كـ ( بلقيس ) وماكان شعارها وقومها الا ( مالنا الا الله ) فبِعراهُ الوثقى استمسكت وعليه توكلت وباسبابه مع الشباب والمشترك عمِلت فرحّلت (عدو شعبها ) وأسقطت..
لم يكن يومها يراودها المنصب والكرسي والرُتب رغم عرضها لها من عدو شعبها أفترجوه اليوم وتطلبه من شركائها في الثورة والتغيير ..؟ لم تكن تعرف ( نوبل ) ولم يكن يعرفها ولم تكن تسعى يوما إلى مافي جعبته من العطايا..لقد نقل خبرها إليه رياح التغيير ونسائم الربيع فعرف قدرها حين جِهلها بعض قومها وكرّمها حين انتقصها هذا البعض ..، لم تذِل نفسها أمام السفارات لترجوا (فيزاتهم ) ولا جنسياتهم وإنما تشرفت تلك الدول والحكومات بمنحها جنسيتها وافتخرت لأن يكون لها من الإيمان والحكة نصيب ..
لقد أضحى حِجابها في ميزان ربها خيرٌ من ألف ( طاقية مدنية وعسكرية ومن ألف شال وشماغ وعقال وعِمامة ) فأضحت بحجابها سفيرة لدينها وعروبتها ووطنها ونقلت للعالم ان هناك قوماً أَفلحوا حين كان للمرأة شرف المشاركة فيما هو أجل من الحُكم والإدارة إنه شرف المشاركة في الريادة والقيادة للثورة ونصرة المظلوم ، يكفي اليمن فخرا بها أنها جعلت أهل الغرب والشرق يُقلِبون التاريخ ويبحثون في أطلس الجغرافيا عن موقع اليمن والذي كان قد طمسه حكامه بعنصريتهم واستبدادهم وعزلتهم له فرأى العالم أن اليمن موقع استراتيجي وتاريخ عريق وحضارة تتجدد..
توكل لا تنتظر أن تؤدي القسم أمام رئيس لجمهورية أضاعها لتنال حقيبة وزاريه فهي قد أقسمت في ميادين النضال وساحات التغيير أن تكون للوطن لا للمناصب وأنها رفيقة درب المحرومين والمظلومين من الأسرى والمختطفين وراعية لأسر الشهداء والجرحى.. إنها خُلقت لتكون قريبة من المحكوم لا الحاكم..وتعتقد في سرها وجهرها أنها لم تصل إلى ما وصلت إليه لولا عون ربها وتثبيته لها وإلى شركائها ورفاق دربها في مسيرة الثورة والتغيير ..إنها تدرك أن أي حقيبة وزارية اليوم لن تكون إلا حقيبة مُفخخة سينالها منها من الأذى الشيء الكثير وهو فخُ وقع فيه شركاؤها في التغيير وجُحرٌ لُدغوا منه مِرارا ولم يعتبروا ويتعظوا مصرين على المضي في طريق الشراكة والتسليم..
لقد أوفت بوعدها حين خلَف المانحون وعودهم فأعطت فضل ربها دون مَنٍ أو أذى لمن قدموا أبناءهم وآباءهم وإخوانهم وأزواجهم قرابين في سبيل الحرية والكرامة فاستحقت أن تتصدر الصفوف وتسبق الألوف كيف لا وهي من واجهة المنايا والحتوف ولم تتراجع عن قدَر ربها الذي اختاره لها ..ولكم كان موقعها متصدرا في المنتديات المحلية والعالمية يُجلها ويُكبِرها من يخالفونها دينها غير أنهم أدركوا من خلالها أن الإسلام والعروبة وقيمهما السامية تُجسدهما المناضلة توكل حينما ضيعهما رجالٌ كُثر من العرب والمسلمين ..
توكل لم تكن بمنأى عن الأذى وعن انتهاك حُرمات دارها من قبل المليشيات الحاكمة والمتحكمة اليوم في الدولة من (شارعها إلى قصرها) فلم تأبه لذلك لأنها تعلم علم اليقين أن اليمن هي دارها الأكبر والأهم والذي من اجله نالها مانالها غير أن كل ذلك يهون أمام تضحيات الاخرين الذين جادوا بارواحهم في سبيل الوطن والجمهورية .. ولو كُنّ النساءُ كمن (ذكرنا) :: لفُضِلتِ النساءُ على الرجال .