أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

الخازوق الذي اسقط المبادرة " المؤامرة " الخليجية وأدواتها في اليمن !!

- الجزيرة توك - عباس الضالعي

الأحداث الدرامية التي شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء و انتهت يوم 21 سبتمبر 2014 مثلت صدمة كبيرة لدى الرئيس هادي وحكومات الخليج نظرا لعنصر المفاجأة المتمثل بتجاوز جماعة الحوثي " أنصار الله " الاتفاقات السرية مع اللاعبين الأساسيين في رسم المشهد وتحريك أدواته  ، وتحول دخول الحوثيين وسيطرتهم على صنعاء ومؤسسات الدولة الى خازوق كبير ! .

كل الأطراف نالت نصيبها من " الخازوق " هادي وسلطته والرئيس السابق وأنظمة بعض الدول الخليجية وتحديدا السعودية والإمارات،  هادي سقطت سلطته ومكانته وسيطرته على أدوات القوة " الدفاع والامن والاستخبارات " وصالح تبخر مخططه الانتقامي ،  ودول الخليج صعقت من البديل الذي يهدد أمنها القومي  .

صنعاء لم تسقط ،  عبارة صحيحة قالها هادي ،  والمؤكد ان سلطته سقطت ،  سقط في الحفرة التي حفرها بيده  وبمساعدة اللاعبين ضمن مشهد الدراما  ،  سقطت المبادرة "المؤامرة  " الخليجية !!  ،  سقط الرهان الخاسر الذي كان يسعى لضرب الشعب اليمني من خلال مؤامرة إدخال انصار الله والاصلاح وحلفائه في معركة عسكرية تفتك بهما بإعتبارهما خصما لأنظمة الخليج وخصما لقوى محلية  .

سقطت كل مشاريع وبؤر المؤامرة على اليمن ،  وفازت اليمن بدخول عنصر جديد يمنحها التوازن وهو حضور ايران كقوة فاعلة ومؤثرة في المشهد اليمني وهذا تغير ايجابي لصالح اليمن على المدى القريب اذا تم التعامل معه على اساس المصلحة العامة لليمن  .

انقلب الرئيس الغير شرعي هادي على كل شيء ، انقلب على التوافق والمبادرة الخليجية وشركاء المرحلة ، وقوى الثورة ( التي كان لها الفضل " بتوصيله " الى كرسي السلطة )  ومخرجات مؤتمر الحوار ،  وانقلب على نفسه وسلطته وجرد نفسه من اي مهام  للتمسك بالسلطة التي اطلقها عليه الشعب بعد تعيينه نائبا للرئيس السابق ( عبد ربه فاضي مركوز)  وهذه التسمية هي استنباط يتوافق مع شخصية هادي  .

 

انحراف هادي عن تنفيذ برنامج الفترة الانتقالية لصالح مخططات خارجية :

 

الفترة الانتقالية الذي اختير  هادي تولي رئاستها كان الهدف منها هو العبور باليمن الى مستقبل أفضل وتأسيس دولة مدنية يسودها القانون والعدل والمساواة ،  هادي اقسم على تحقيق تلك الأحلام ،  لكنه خان القسم والدستور والقانون ودمر حتى شكل الدولة التي ورثها من سلفه وهو الشكل الذي قامت عليه الثورة  .

استسلم  هادي لإرادات إقليمية ودولية كانت تتربص باليمن وأمنه واستقراره  ووجدت ان هادي هو الرجل المناسب لمهمة تدمير اليمن ،  جندته تلك القوى وقدمت له المخطط والبرنامج وقدمت التمويلات اللازمة ،  ومنحت المكافآت " الدسمة " مقابل جندية الرجل واخلاصه لتدمير شعبه والفتك بأمنه واستقراره ،   ليس حب المال هو الدافع الأول لهادي وان دافعه الأول هو الانتقام لشخصه نتيجة السنوات التي كان فيها حامل " مقص  " بدرجة نائب رئيس وان الفرصة  / الغلطة قد جاءت دون اي عناء وعليه استغلال هذه الفرصة لرد الاعتبار وتعويض النفسية الانهزامية التي عاشت 17 عام من التقزيم وسنوات قبلها ايام كان عسكري عادي ضمن المحسوبين على جماعة ابين  .

انظم  هادي لنادي محاربة التيارات الاسلامية في دول الربيع العربي التي تصنفها مشيخات  الخليج النفطية كخطر على مستقبلها في الحكم ،  وشاءت الاقدار ان  اليمن تضم عدوان للخليج  ( التيار الاسلامي بشقيه الاخواني والسلفي  والتيار الحليف لدولة ايران العدو التاريخي للخليج  ) وعلى هذا تم وضع مخطط لضرب الطرفين من خلال زجهما في حرب ثنائية بينهما للتخلص منهما   .

التمويل الخليجي الذي قدم للأطراف التي تكفلت بمكافحة الاخونة وذهب الكثير من هذا التمويل لجماعة الحوثي عن طريق وسيط محلي وتكفل هادي المسئول الأول عن الشعب ومكوناته المختلفة لحمايتهم من أي أضرار تلحق بهم مهما كانت الدوافع والأسباب  .

استجابة هادي لرغبات خارجية للتخلص من مكونات رئيسية للمجتمع اليمني خدمة لسياسة بعض البلدان التي تختلف مع اليمن اختلاف جذري فيما يتعلق بالمشاركة الشعبية وحرية الرأي والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وهذه كلها – لو توفرت – في شعوب الخليج فإنها كافية لحماية السلطة ولو توفر المناخ الديمقراطي فهو الكفيل بمكافحة أي سياسات تسعي للاستيلاء على السلطة .

 

الخليج اعتبر وجود هادي كدمية رئاسية لضرب عصفورين بحجر :

 

الخليج وجد فرصة كبيرة بوجود حاكم ( هش ) لليمن وعليه – الخليج – ان يوجه ضربه قاضية للاخوان وجماعة الحوثي بإعتبارهما امتداد لمصادر الخطر التي تهدد العائلات الحاكمة لدول الخليج ، ويأتي هذا بواسطة تشجيع طرف على طرف اخر من خلال تقديم الدعم المادي والسياسي والاعلامي من اجل التغلب على الطرف (الخصم) وتمكينه لاستفزازه على الأرض وهذا ما حدث مع حزب الاصلاح والسلفيين .

 

الغطاء السياسي الذي وفره هادي لانجاح المخطط كان قويا ونسبة الفشل ضئيلة بالمقارنة مع سير الاحداث وتعامل سلطة هادي معها ، لجان الوساطات وحياد الجيش وتقديم الدعم المالي لخصوم جماعة الحوثي ( الاصلاح وحلفائه من القبائل  ) وهذا الدعم هو عامل " تحفيز " لاتخاذ قرار مواجهة جماعة الحوثي والدخول في حرب عسكرية لا تنتهي الا بإنتهاء الطرفين او على الاقل اضعافهما الى الحد الذي لا يمكن قيامهما بأي نشاط وتحديدا القضاء على مراكز القوة لديهما واختفاء درجة الخطر كقوى مهدده لدول الخليج وفق التصنيف السياسي والامني الخليجي .

 

الاصلاح وحلفائه من القبائل وقادة الجيش وبالمناسبة هؤلاء هم خصوم الرئيس السابق علي صالح وقد كان لرغبته بضرب خصومه هو نقطة الالتقاء مع جماعة الحوثي ومنفذ لاستقبال التمويلات الخليجية لتغذية جماعة الحوثي وتمكينها كقوة عسكرية ضاربة على الأرض ، في الوقت ذاته كان هادي يقدم دعما مالي وأسلحة للقوى التي تواجه جماعة الحوثي من القبائل وبعض وحدات الجيش التي كانت محسوبة على اللواء علي محسن الاحمر ، ومع ضخامة التمويلات والدعم ومحاولة الزج بالاصلاح للحرب مع جماعة الحوثي الا ان الاصلاح كان قد استوعب المخطط وبدأ يتعامل معه بسياسة ومواقف افرغت الجانب المادي للمخطط .

 

كان الغطاء الدولي والاقليمي يحل من فترة إلى  أخرى وتوقفت المواقف الدولية عند التهديد والتلميح لاعطاء مساحة من الوقت يلتقي فيه الطرفان ( الاصلاح والحوثيين ) عمليا في ارض المعركة ، لكن السياسة التي اتخذها الاصلاح وحولة الحزب الكبير الى كتلة من الثلج امام استفزازات جماعة الحوثي وغطاء هادي المتمثل بوضع وظيفة سلطات الدفاع والأمن بموقف المتفرج أمام معارك ذهب ضحيتها الاف اليمنيين من الطرفين .

انتهت دماج وكتاف وانتصر الحوثي وانتقل الى حاشد وهي عمق استراتيجي للاصلاح وانتصر فيها وظهرت هزيمة ال الاحمر وكان الاسلوب الذي تعامل به الحوثيين مع آل الأحمر كافي لاستفزاز اليمن بسلطاته لكن فهم الاصلاح احال دون ان يلقى المخطط طريقه للتنفيذ ، وهذا يدل ان الإصلاح له قدرة كبيرة على السيطرة والتحكم بحلفائه القبليين والسياسيين وقدرته على ترويضهم للامتثال لسياسته التي تعامل بها مع المواقف الهادفة لاجتثاثه  ، هذا الإدراك والفهم لم يكون موجودا لدى جماعة الحوثي وكان غائبا بشكل كلي وسيطر عليها عامل النصر والهزيمة والتوسع جغرافيا بقوة السلاح .

 

عمران .. وضوح النوايا ونضوج الرؤية :

 

كانت معركة عمران معركة فاصلة واستراتجيه للمنتصر ، وكان النصر حليف جماعة الحوثي والهزيمة بجانبها الشكلي للجناح القبلي والعسكري لحزب الاصلاح المتمثل بأولاد الأحمر واللواء علي محسن الاحمر ، وهزيمة حقيقية للدولة وسلطاتها الأمنية والدفاعية وهزيمة للرئيس الانتقالي هادي وهو مادفع الدول العشر (رعاة المبادرة والمبارزة !! ) ودول مجلس التعاون الخليجي ( رعاة المؤامرة ) والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة للتنديد والشجب وترتب على هذه المواقف الانفعالية ( ظاهريا ) بخروج قرار من مجلس الامن يهدد ويتوعد جماعة الحوثي ومن يقف معها  .

 

الارتباك بدأ من معركة عمران ، ارتباك محلي وإقليمي ودولي وأممي وكانت زيارة هادي لعمران ( وهي الزيارة التي مثلت اكبر انتكاسة لسلطة هادي)  الهدف منها هو محاولة تخفيف الصدمة للرعاة الداعمين والمشرفين الذي تسبب الاصلاح بها نتيجة برود مواقفه .

تماثل الكل من الصدمة وقام بهادي بمحاولة ذر الرماد على عيون الإصلاح وحلفائهم وتخاطب مع كل طرف بما يهدأ من روعته ورحل الأسباب الى رصيد الرئيس السابق الذي حمله مسئولية ما حدث في عمران ،  دون ان يعرف ما تخبي له الحكمة ، وبعد وعود هادي الطنانة بفرض هيبة الدولة ، ومعرفة الاصلاح وحلفائه بأن تلك الوعود ما هي الا مخدر وقتي عساها ان تدفع بهم لاتخاذ قرار المواجهة مع جماعة الحوثي .

تم استقدام جماعة الحوثي الى بوابات العاصمة صنعاء " مركز الدولة ورمز سلطاتها " بعد ان منحهم هادي المبرر المنطقي والمقبول وهو تحرير اسعار المشتقات النفطية من الدعم وبشكل مخالف لما اتفق عليه وبعد رفض الحكومة ورئيسها وأعضائها الى درجة ان نجل هادي وبعد تعيينه لأحد الاشخاص مديرا عاما لجهة تنفيذية وبعد صدور قرار تعيينه طلب منه التوقيع على الاسعار الجديدة للمشتقات النفطية بذاك المستوى المبالغ في نسبة الزيادة وتولى اعلام هادي بعملية التسويق واقنعوا الشعب بأن القرار اتخذ بناء على موافقة كل الاطراف المشاركة في الحكومة وهو ما ثبت عكس ذلك بعد أيام .

 

مؤامرات هادي :

 

أول ثمار رفع أسعار المشتقات النفطية هو إزاحة الصخرة التي وقفت بوجه هادي وأولاده والمتمثل بوجود صخر الوجيه وزيرا للمالية ومعه وزير الداخلية ووزير الكهرباء والإعلام وكلهم من حصة المشترك ما عدا وزير النفط الذي سبق وقدم استقالته بفترة بناء على تدخلات نجل الرئيس وأقاربه في عمل الوزارة  ، وهناك جانب آخر من الثمرة ويتعلق بالحكومة وهو ازاحة رئيسها الأستاذ محمد سالم باسندوه الذي كان يعتبر  هادي وجوده عقبة أمام أي محاولة ل " لهف الدولة وخزينتها " فأتخذ قرار بتغيير الحكومة ورئيسها ، للرئيس هادي محاولات سابقة من خلال تفريخ بعض الفعاليات المشوهة مثل حملة نور الجروي التي كان الهدف منها استثارة الغضب الشعبي ضد باسندوه ورغم التمويلات الضخمة إلاَ أنها باءت كلها بالفشل بسبب توزيع الحصص المالية التي كانت تصرف من قبل نجل هادي عبر طرق مختلفة وحين فشلت خرج اعلام هادي ومن بينهم أعضاء قياديين في الحملة وقياديين في مطبخ هادي ورموا بالتهمة على الرئيس السابق علي صالح وقالوا ان هذه الحملة خاصة به وانه يقف ورائها .

 

وقف هادي عائقا أمام أي نجاح لحكومة الوفاق بهدف افشالها وهذا الافشال له علاقة بمخطط تصفية الجانب الاسلامي المشارك فيها وهو ذات الجانب المحسوب كخصم للرئيس السابق وهذه الخصومة سهلت على هادي الركوب على ظهر رغبة صالح بالانتقام لإضعافه بنهاية المشوار وتحت إشراف هادي ذاته  ، ومن هذه العرقلة التفجيرات المستمرة لأنابيب النفط وأبراج الكهرباء واحتجاز ناقلات النفط والغاز والانفلات الامني وكانت كل هذه الاعمال يحملها مطبخ هادي الاعلامي على الرئيس السابق ونجح كثيرا بإقناع الاغلبية – وكاتب هذه السطور واحدا من الذين اقتنعوا – بينما الحقيقة والواقع تؤكد على ان هادي مسيطر على سلطة الجيش والامن وهو صاحب القرار بتوجيهها علما انه سحب ملف  صلاحيات رئيس الحكومة الذي يتعلق بالدفاع والامن .

 

كان وجود جماعة الحوثي وسيطرتها على مداخل صنعاء بالاف المسلحين هو الضامن الأكيد للزج بحزب الإصلاح وحلفائه العسكريين والقبليين في معركة مضمونة النتائج لصالح المخطط نتيجة الترتيبات  والخدمات التي ستقدم للجماعة ، رغم الاستفزاز الكبير لجماعة الحوثي للإصلاح وقياداته وحلفائه وتهديدها لهم بتعليقهم على المشانق ، الا ان الإصلاح رفع مؤشر ضبط النفس مع استعدادات بسيطة قد تكون خارجة عن سيطرته في ذلك الوقت القصير ، وجه زعيم جماعة الحوثي ( انصار الله ) خطابا حدد فيه نقل الاعتصامات الى وسط العاصمة وارفقها بتهديدات للسلطة وأجهزتها بعدم التعرض لتحركات وانصار الجماعة وبعد ايام قليلة اعلن عن برنامج تصعيدي من مراحل قصيرة بدأها بقطع الشوارع وحفر الخنادق والاستعداد القتالي وكلها تصرفات تذيب برود الاصلاح للخروج بموقف يقتضي مواجهة الحوثي عسكريا .

 

ترافق مع حشد جماعة الحوثي عسكريا وتهديدها بإسقاط العاصمة من خلال عناوين اسقاط الجرعة والحكومة وتطبيق مخرجات الحوار !! تحركات لهادي وإعلانه مواقف مخادعة ، اصدر توجيهات (واضحة !!) للجيش لرفع الاستعداد القتالي لحماية العاصمة ، وطلب من الشعب ضرورة الاصطفاف الشعبي والحزبي لمساندة ( قرانديزر هادي ) وهدد عبر تسريبات اعلامية نجح مطبخ " العفن " التابع لنجله بتصويره وكأنه اول قائد تاريخي سيتولى مهمة الدفاع عن العاصمة الى درجة ان المطبخ سرب خبرا عن قيام هادي بزيارة " فجرا " لقيادة قوات الاحتياط وهو مرتدي البزة العسكرية !! وطالبنا بعض العاملين في المطبخ بتزويدنا بصور الزيارة وكان الطلب يقابل بالوعود المطاطية وبعدها تهربوا جميعا وحينها تكونت لدي قناعات أخرى دفعتني لمغادرة الاصطفاف مع " مؤامرة " ضد الوطن !! .

ضل هادي يتلاعب ويتوعد ويرسل اللجان ويصدر الساعات الزمنية لخروجه عن صبره !! وكلها رسائل لتسخين الاصلاح الذي يواجه ضغوط داخل صفوفه بضرورة المواجهة ! لكن الاصلاح لم يتزحزح واثناء وجود جماعة الحوثي داخل العاصمة ومع بداية سيطرتها على بعض اطراف العاصمة استخدم الاصلاح سياسة هدفها المحاولة مع الطرف الاخر لاقناعة بجزأ من المخطط الذي يستهدف جماعة الحوثي وكان لهذا التوجه نتائج ايجابية جدا على الميدان .

 

 

إرهاصات الساعات الأخيرة وتغلب العقل على القوة :

 

كانت مواقف وتصرفات هادي الرسمية  تحاول الدفع بالإصلاح لمواجهة الحوثي داخل صنعاء بعد ان فشل مخطط مواجهتهم عند أبواب العاصمة ،  أما مواقفه الأخرى التي تعبر عن ما بداخله وتعبر عنها بوضوح من خلال الخطاب الإعلامي المبالغ بقوة الاصلاح العسكرية وتجهيزه لمفاجئات تقضي نهائيا علي جماعة الحوثي  وتولت المواقع الاخبارية التي تمول من جلال هادي تسخين وشحط همم الإصلاحيين الى درجة افلام المعارك العسكرية 3D وان الاصلاح جهز كتائب قتالية من سبعون ألف مقاتل  وانه جهز 4000 سيارة ،  ووصلت الفبركات الى عمل تصاميم لسيارات  " أطقم " مسلحة وبشعار خاص باللجان الشعبية وصمموا مواكب كبيرة منها نفذت اول استعراض داخل العاصمة  لمحاولة استفزاز جماعة الحوثي واستنهاض الاصلاح

هذا من اجل إرسال إيحاءات ايجابية للرأي العام بتجاوب الاصلاح مع دعوة هادي بتشكيل لجان شعبية لحماية العاصمة ،  استمات هاذي بدفع الاصلاح وحلفائه لاعلان قرار الحرب ،  كانت آخر محاولة لهادي هو تكليف اللواء علي محسن الأحمر لقيادة العمليات العسكرية للدفاع عن العاصمة من داخل قيادة الفرقة الاولى مدرع سابقا "المنطقة السادسة حاليا "  بعد تسريب أخبار عبر مواقع نجله جلال بأن قائد المنطقة السادسة سلم النقاط العسكرية شمال غرب العاصمة لمسلحي الحوثي وتبنت تلك المواقع خطابا تحريضيا ضد اللواء الحاوري في حين ان انسحاب الجيش من النقاط جاء بتوجيهات من هادي ووزير الدفاع ،  وهدف هذه الإجراءات هو استفزاز الاصلاح وحلفائه من القبائل والعسكر  لاتخاذ قرار مواجهة جماعة الحوثي عسكريا   .

 

توجيهات هادي ووزير دفاعه وتحركاتهم  تشير بعدم وجود اي استعدادات على الارض  وان الاستعدادات المتواصلة تأتي من جماعة الحوثي ،   قام وزير الدفاع بجولة على بعض المواقع والمرافق الامنية والعسكرية في شمال غرب العاصمة واصدر توجيهاته بعدم مواجهة جماعة الحوثي وقال ولا تطلقوا طلقة واحدة هذه ليست حرب الدولة في اشارة واضحة بأنها حرب الاصلاح والحوثي ،  ومع بداية المعارك التي افتعلها وزير الدفاع كخطوة أولى للتحرش بجماعة الحوثي ونجاحه باستثارتها وكانت البداية من التلفزيون  حيث قامت جماعة الحوثي بالهجوم عليه بالمدفعية الثقيلة وحصاره وبعد يومين من الحصار والقصف المتواصل  دون اي تعزيزات من وزارة الدفاع تم السيطرة على التلفزيون وتوقف بث التلفزيون الرسمي وهي خطوة مقصودة لإثارة غضب الإصلاح ،  واعلن هادي ان ماتقوم به جماعة الحوثي هو انقلاب على السلطة ، 

 

جمع هادي قادة البلد ووضعهم امام الصورة وكأن الأمر  " جد الجد " الكثير من الأطراف والقيادات صدقوا مسرحية هادي والإصلاح هو الوحيد الذي يفهم انها مسرحية  ،  رغم التهويل الإعلامي لهادي وتقدم جماعة الحوثي على الأرض بشكل سريع قام هادي بآخر محاولاته للزج بالإصلاح بإستدعاء قيادات الاصلاح للاجتماع معه بشكل عاجل وأثناء الاجتماع الذي ظهر وكأن الوطن  يتعرض  لمؤامرة كبيرة ان هناك خيانات داخل الجيش وأشار ان هذه الخيانات سيتكرر معها ما حدث في عمران ورد عليه احد قادة الاصلاح بقوله أنت تقصد  يا فخامة الرئيس سيناريو عمران  قد يتكرر في صنعاء فكان جواب هادي نعم  وقالها " بثقة " فتبسم بعض قادة الاصلاح ابتسامة خفيفة!!  وقالوا له ماهو المطلوب من الاصلاح ؟!  فقال بما معناه انا لم اعد واثقا بالجيش والأمن وثقتي بكم وبرجالكم ،  فكان الرد من رئيس الاصلاح ،  عفوا يا سيادة الرئيس الاصلاح حزب مدني وكل ممارساته سلمية وحماية صنعاء والمؤسسات العامة بداخلها والمواطنين والاصلاح مسئولية الدولة ( الجيش والأمن)  وموقف الاصلاح سيكون مساندة الجيش حين يطلب من الشعب ذلك  !.

 

انتهى الاجتماع الطويل دون نتائج ،  رغم العروض والمغريات التي عرضها هادي علي الاصلاح سواء السلاح بمختلف أنواعه او المعدات او الأموال  التي تغطي نفقات اي تجييش شعبي يأتي عن طريق الاصلاح !!

حضر قادة الاصلاح الاجتماع  مع هادي وهم يعرفون حجم المؤامرة ويعرفون تفاصيل المسرحية وانصرفوا دون ان يطرأ اي جديد على موقف الاصلاح سوى انهم تأكدوا انهم الهدف وان هادي هو المشرف  على المخطط  ،  وهذا ما دفعهم لضرورة اقناع الخصم " جماعة انصار الله " بوجود مؤامرة تجتث الطرفين ،  تسارعت الاحداث على الارض وتسارعت معها الحلول السياسية التي نجحت في اللحظة الحرجة حين وصل تيار العقل والحكمة داخل انصار الله الى قناعات ثابتة بوجود مؤامرة تستهدف الطرفين  فتغلب العقل والحكمة علي موقف الطرفين وصدرت التوجيهات الي انسحاب العناصر المسلحة للاصلاح واستجابة اللواء علي محسن الذي كان احد العارفين بتفاصيل المؤامرة وكان يعرف ان توجيه هادي بتكليفه لقيادة العمليات من داخل مقر الفرقة سابقا هدفه تصفية اللواء جسديا من قبل هادي وتحت ذريعة مواجهته لجماعة الحوثي .

 

تصفية اللواء الأحمر أهم فصول مسرحية السيطرة على صنعاء :

 

بعد سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء دون تسجيل أي مقاومة تذكر للجيش ماعدا المقاومة التي كانت تستهدف مقر المنطقة العسكرية السادسة ( الفرقة الأولى مدرع ) لأسباب رسمية ليس لها علاقة بموقف الجيش ولها علاقة بمخطط تصفية اللواء علي محسن الاحمر الذي كلفه الرئيس هادي بقيادة معركة مواجهة جماعة الحوثي دون ان يكلف أي من وحدات الجيش بمواجهة الجماعة .

فهم اللواء الأحمر لمخطط تصفيته داخل مقر الفرقة الاولى سابقا ما دفعه بمغادرة المقر واصدار توجيهاته للجنود بالانسحاب بعد تعرض مقر الفرقة الى ضربات عسكرية بالمدفعية والاسلحة الثقيلة من المعسكرات المتمركزة بجبال صنعاء التابعة لالوية الحماية الرئاسية التي تخضع لقيادة الرئيس هادي ونجله مباشرة  ، ولضمان نجاح خطة تصفية اللواء الاحمر في حال فشلت التصفية سواء بضربات المدفعية او على يد مسلحي جماعة الحوثي تم تجهيز طائرات حربية في قاعدة العند الجوية لتوجيه ضربة عسكرية على اللواء الأحمر وهذا بحسب مصدر عسكري مسئول  لكن الرئيس هادي ابلغ من غرفة العمليات التي كان يتواجد فيها وزير الدفاع بمغادرة اللواء علي محسن وهو ما أربك المخطط وافشل محاولة تصفيته ، وعلى هذا قامت الرئاسة ومن خلال المطبخ الاعلامي بنشر رواية عن الساعات الأخيرة  ذكرت فيها ان اللواء توجه الى منزل الرئيس هادي وكان بصحبته اللواء الحاوري قائد المنطقة السادسة وهو الذي أشاع مطبخ هادي الاعلامي عن مقتله في ظروف غامضة وهو الخبر الذي يبرر توجيهات هادي بسحب النقاط العسكرية من الشوارع والطرقات في شمال العاصمة صنعاء ويوحي بتحمل اللواء الحاوري مسئولية ذلك القرار  .

 

الحقيقة أن اللواء الأحمر لم يغادر الى منزل هادي ولم يلتقي به إطلاقا وكان آخر لقاء جمعه مع هادي هو اليوم الذي تم تكليفه بالتوجه الى مقر قيادة المنطقة العسكرية السادسة أي قبل المغادرة بيومين تقريبا ، وان كل المعلومات التي تم نشرها بعد يوم 21 سبتمبر كلها مضللة ولا تنتمي للحقيقة بشيء وان هادي لو كان يعلم بخط سير اللواء محسن فإنه قام بتصفيته بضربة جوية عن طريق الطائرات التي تم تجهيزها بقاعدة العند الجوية

نجاة اللواء الاحمر من مخطط التصفية الذي اعده هادي ووزير دفاعه كان معجزة الهية بكل المقاييس ونجاته أغضبت الرئيس هادي الذي صب كل غضبه على وزير دفاعه الذي اتصل به بعد فقدان اثر اللواء الأحمر ووجه له كلاما جارحا واتهمه بعدم الكفاءة  ، وهذا ما دفع مطبخ هادي بنشر معلومات مرتبكة تفيد بأن اللواء الاحمر في قبضة جماعة الحوثي وانه موجود لديهم في صعده .

 

السلطة في قبضة الجماعة :

 

دخول جماعة الحوثي المسلحة العاصمة اليمنية صنعاء وفقا للسيناريو الذي تم اعداده مسبقا وتحت غطاء اسقاط الجرعة والحكومة وتطبيق مخرجات الحوار وهي الشروط الثلاثة التي رفعتها الجماعة كمبرر لدخول صنعاء .

سقوط صنعاء بيد جماعة الحوثي لم يكون وفق المخطط المرسوم والمتفق عليه مع هادي ووزير دفاعه وبعض الأجهزة الاستخبارية الإقليمية والدولية وبعض الأطراف المحلية الفاعلة ، حيث تفاجئ الجميع بخروج الجماعة عن الاتفاق ، وخروجها عن الاتفاق بدا واضحا من خلال سيطرتها على المعسكرات وسحب الاسلحة الثقيلة والمعدات العسكرية وإرسالها الى عمران وصعده ، إضافة الى سيطرتها على مؤسسات الدولة الرسمية ومنها مقر رئاسة الحكومة ومجلسي النواب والشورى وباقي وزارات الدولة ومؤسساتها وقامت الجماعة بفرض عناصرها على كل مؤسسات الدولة بما فيها دار الرئاسة ( قصر الحكم ) وهو الشيء الذي لم يتوقعه هادي ووزير دفاعه والأطراف المحلية  والإقليمية والدولية .

إشارة السيطرة وإعلان الانتصار جاء سريعا من طهران التي قالت ان ثورة " انصار الله " أسقطت الحكومة اليمنية وسيطرت على مفاصلها وأعلنت ان صنعاء هي العاصمة الرابعة التي أصبحت تحت قبضتها .

أصبحت صنعاء وسلطتها تحت قبضة الجماعة التي باتت هي الحاكم الفعلي لليمن وان أي سلطة غيرها لا تمثل أي أهمية عملية وان توقيع اتفاق السلم والشراكة بعد سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة والسلطة هو بمثابة تغطية على التطور الجديد .

خروج هادي على الاعلام واعلانه بأن ما حصل هو انقلاب هي رسالة للخارج وخاصة للدول الاقليمية ليعلن تنصله عن ما حدث ولتبرير فشله على سوء إدارته لمخطط إسقاط الاصلاح وأجنحته العسكرية والقبلية .

عمليا سلطة الرئيس الانتقالي انتهت ولم يعد له أي سلطة سوى سلطته على المواقع الإخبارية التي يمولها بأضخم ميزانية ويمارس من خلالها " الفضفضة " وإخراج الغيظ  الذي بداخله الذي تراكم نتيجة فشله بإدارة الفترة الانتقالية .

 

الخازوق للكل :

نيابة عن دول الخليج ونيابة عن الرئيس السابق   هادي استقبل " الخازوق " الكبير الذي وضعه له الاصلاح وحلفائه في اللحظات الاخيرة حين حضرت الحكمة لدى الاصلاح وجماعة انصار الله وانتباههم بوجود مخطط يستهدفهما للفتك بهما تحت ذريعة المواجهة العسكرية فيما بينهما ، الخازوق انهى سلطة هادي ومكانته وشرعيته  وخمد مخطط المؤامرة نهائيا ، قياديون بجماعة انصار الله أثارهم صمت الجيش وقيادته وعرفوا ان الزج بهم لمواجهة الاصلاح وحلفائه عسكريا له علاقة بالتآمر عليهم خاصة حين بدأت الجماعة تستولي على مقار المؤسسات الحكومية الذي قابلته سلطة الجيش والأمن بالحياد وهذا موقف مستغرب ويدعو للمراجعة وهو ما تم فعلا .

خازوق دخول صنعاء وسيطرة جماعة  الحوثي عليها وعلى مؤسسات الدولة استقر هادي وسلطته وصالح ونفوذه ودول إقليمية ودولية ،  "الخازوق  " كان قويا ومفاجئا وغير متوقعا وهو ما دفع وسائل الاعلام الخليجية لاثارة الشارع الديني لديها من خلال خروج بعض علماء السعودية والكويت والإمارات الى اعلان الجهاد ضد جماعة الحوثي بإعتبارها جماعة رافضية شيعية اثني عشرية تهدد الاسلام وهي الادعاءات الكاذبة والغير مقبولة وحين فشلت هذه الدعاوي تطورت المواقف من الاعلامية الى الرسمية الأمنية حيث عقد اجتماع طارئ لوزراء داخلية دول مجلس التعاون الخليجي بجدة لمناقشة التطورات في اليمن وهذا الاجتماع هو اول رد رسمي على " الخازوق " وعلى فشل مخطط تدمير جماعة انصار الله وحزب الاصلاح .

استدعاء جمال بن عمر الى الرياض في زيارة رسمية له علاقة بمناقشة فشل ادارة المخطط وقبل ان يتوجه الى الرياض اعلن ان صنعاء اصبحت محتلة من قبل مليشيا الحوثي وهذا التصريح جاء بعد ايام من توقيع اتفاقية السلم والشراكة وتوقيع الملحق الامني ايضا ، وتصريحات بن عمر لا تتطابق مع طبيعة مهمته في صنعاء وعلاقته بمخطط التصفية لبعض القوى اليمنية .

الانفعال الخليجي بعد سقوط سلطة هادي ومخطط تصفية بعض القوى والقيادات اليمنية هي مواقف انفعالية لن تؤثر على الوضع الميداني وهي مواقف لا تتسم بالحكمة والدبلوماسية وهدفها مخاطبة الشارع الخليجي اكثر من كونها مواقف سياسية ودبلوماسية وحقيقتها مواقف تمثل احتضار السياسة الخليجية الفاشلة .

 

 

ملامح المستقبل :

 

ما من شك بأن الوضع السياسي والامني الجديد في اليمن يعتبر مغايرا للوضع السياسي في دول الخليج بل اصبح وضعا خارج عن سيطرتها لاول مرة منذ اكثر من خمسين سنة  ، وما من شك بأن ايران أصبحت تتحكم بجنوب الجزيرة ، لكن هذا التحكم لا يمثل خطرا كبيرا على الأوضاع في الداخل اليمني ، التغيرات الجديدة تمثل عنصر قوة لليمن التي تنظر لها دول الخليج  وتتعامل معها بسياسة التهميش والحصار السياسي والاقتصادي ، الان اليمن الجديد يستطيع فرض شروطه على دول الخليج ويستطيع إنهاء سياسة الحصار والتهميش والقيود المفروضة على العمالة اليمنية وغيرها من القرارات والسياسات العقابية المفروضة بشكل مباشر او غير مباشر على اليمن .

كما ان الوضع السياسي الجديد في اليمن ينهي سياسة التدخلات الدولية والاقليمية التي أثرت على مكانة اليمن حين تحولت الى شرطي ضعيف لمكافحة الارهاب دون أي فائدة تعود على اليمن من خلال هذه السياسة ، اليمن الان يمتلك حرية القرار بعد ان حرر إراداته السياسية من الارتهان للخارج وان لم يكون حررها بشكل كامل فإنه ازاح عنصر الهيمنة .

مستقبل اليمن تحدده الأطراف السياسية اليمنية اذا عملت على ازالة الفوارق والحواجز فيما بينها وفي مقدمة هؤلاء أنصار الله وحزب الإصلاح بالدرجة الأولى ، ويتوقف مستقبل اليمن على مدى فهم واستيعاب القوى الفاعلة لوضع برنامج يمني يمني خالي من المؤثرات الخارجية ، وجود الأثر الإيراني حاضرا في المشهد اليمني هو عامل دفع وتوازن لحل كثير من مشاكل اليمن شرط فهم واستيعاب القوى اليمنية وقد يتحول الى مصدر قلق اذا تم التعامل معه بناء على تأثيرات إقليمية ودولية فإن اليمن سيتحول الى ما يشبه الوضع في سوريا والعراق ..

 

ما يجب على أنظمة الخليج فهمه ان اليمنيين لن يقبلوا بالاقتتال فيما بينهم خدمة لمشاريع ورغبات الطبقة العائلية الحاكمة لشعوب الخليج  ،  وان اليمنيين لن يستجيبوا لدعوات اعلان الجهاد ضد طرف يمني ،  وعلى دوائر الحكم الخليجية ان تفهم ان أنصار الله "الحوثيين " هم مكون يمني 100% ولا صحة للإشاعات التي يسوقها الاعلام لتخويف العامة بها ،  وعليهم ان يفهموا ويثقوا ان الحوثي والإصلاح  احرص الأطراف على اليمن ومصالحه العليا ،  وعليهم ان يعرفوا انه لا جدوى من جرهما "الحوثي والإصلاح " الى معركة ممولة من خزائن الخليج المالية  ... وعلى الخليج  - حكاما وعلماء ومثقفين واعلاميين  -  ان يفهموا ان النفخ في نار المذهبية والطائفية قد أخمدها الإصلاح وأنصار الله الحوثي !!

فهموا او لم يفهموا  ... يجب ان يدركوا ان المبادرة "المؤامرة " الخليجية التي كانت سلم للمؤامرة والعبث بأمن اليمن ومكوناته الأساسية  أصبحت من الماضي ،  وان أدواتها وعناصرها المحلية باتت في حكم المحتضر المنتهي !!

المصدر : الجزيرة توك

Total time: 0.0462