وعلى الرغم من اجتماع دبلوماسيين أمريكيين مع المواطن الأمريكي الذي يعتبر في عداد المفقودين داخل نظام السجون العقابي في اليمن، فإنهم مصرون على عدم إخبار عائلته عن مكان وجوده، وقد قللوا من أهمية مسألة سوء معاملته.
وقال شريف موبلي البالغ من العمر30 عاما، لزوجته إن سجانيه، المدعومين من قبل الولايات المتحدة، قاموا باجباره على الشرب الماء بالزجاجة التي يتبول فيها، في حين قال احد مستشاري القنصلية الأمريكية في اليمن لعائلة موبلي إن اليمنيين ببساطة "طلبوا منه استخدام كأس غير نظيف."
يقول محامو موبلي الذي اعتقل في اليمن منذ ان اختطف من شوارع صنعاء في يناير/كانون الثاني 2010، انهم لم يستطيعوا مقابلته منذ فبراير/شباط ويعتبرون أنه في عداد "المختفين".
وقد اتهم موبلي رسميا بالقتل، كما كان يشتبه فيه في الماضي بأنه على علاقة مع الإرهابيين، وقال موبلي مؤخرا لزوجته في مكالمة هاتفية سرية الشهر الماضي انه يخشى على حياته.
ومن الجدير بالذكر أن لا يُعرف شيئ مؤكد عن محنة موبلي في الاسر منذ فبراير/شباط، بينما وصف كارلتون بنسون، وهو يشتغل قنصلا في السفارة الامريكية في اليمن، ظروف موبلي بشكل مبهم في رسالة بالبريد الالكتروني أرسلها إلى أسرته.
"ذكر شريف خلال زيارتي له في السجن إنهم يجبرونه على شرب الماء بكؤوس قذرة "، وكتب بينسون الى والدة موبلي، سينثيا، في 29 سبتمبر/أيلول في رسالة بالبريد الالكتروني حصلت عليها صحيفة الغارديان من قبل الأسرة. واقترح على سينثيا موبلي أن تعد لابنها شريف مجموعة "أكوب من البلاستيك أو الزجاج" النظيفة وترسلها له عبر وزارة الخارجية.
بينما قالت نزينجا إسلام، زوجة موبلي، إن زوجها شريف قال لها إن خاطفيه أجبروه على شرب الماء من الزجاجات التي يتبول فيها، وقال لها إن هذا جزء من خطة التعذيب المستمر.
وقالت زوجة موبلي لصحيفة الغارديان: "أشعر وكأن ليس لديهم أية نية ان يحتجوا حول أية معاملة يلقاها شريف".
ويُذكر أن بينسون هو واحد من قلّة من مسؤولي وزارة الخارجية الذين يدعون أنهم زاروا موبلي في السجن. ولم يكشف أي منهم عن مكان احتجاز موبلي أو لماذا تم تغييبه خمس مرات على الأقل عن المثول أمام المحكمة، مما يضاعف إهمال الولايات المتحدة الممنهج لمصير أحد مواطنيها الذي يحاكم على جريمة عقوبتها الإعدام في محكمة أجنبية.
وقال بينسون في بريده الإلكتروني لسينثيا موبلي، إنه يأمل أن "سلطات السجن قد تسمح لنا أن نعطيه الأواني البلاستيكية"، وهذه لهجة فيها ضعف وغريبة من قبل ممثل وزارة الخارجية، خصوصاً وأن الولايات المتحدة هي الداعم الأجنبي الأقوى لليمن.
وقال نمير الشبيبي، وهو باحث في منظمة ريبريف لحقوق الإنسان، التي تقدم المشورة القانونية لموبلي: "بعد أسبوع على إخبار شريف عائلته بانه مضطر ان يشرب من الزجاجات المستخدمة للتبول، وأن المسؤولين الامريكيين الذين زاروه يعرفون شكواه لكنهم اختاروا التعتيم على التفاصيل الهامة. ويتحدث مسؤولون أمريكيون وكأن مجرد تقديم أواني نظيفة لشريف خارج عن مقدرتهم".
وقالت زوجة موبلي لصحيفة الغارديان إن دبلوماسية أخرى، كيم ريختر، أشارت إلى أن زوجها محتجز الآن في مقر جهاز الأمن القومي، المدعوم بقوة من قبل أمريكا.
وقد تحدث ريختر مع زوجة موبلي في 26 سبتمبر/أيلول لابلاغها عن زيارة دبلوماسي أمريكي لزوجها الذي يُعتقد الآن أنه محتجز في قاعدة عسكرية في صنعاء، لكنه رفض أن يذكر لها مكان احتجازه "خشية انتشار المعلومة".
لكن عندما سألت زوجة موبلي ريختر حول إعادة زوجها إلى سجن صنعاء المركزي أجابها ريختر أن ادارة السجن "ستراجع ذلك مع جهاز الأمن القومي".
جرى تاسيس جهاز الأمن القومي ما بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 في إعادة هيكلة للأجهزة الأمنية المنقسمة ومتداخلة في اليمن، كما قال سفير سابق للحفاظ على "التعاون الوثيق" مع السفارة الامريكية، وتعتبره واشنطن انه وكيل لمهاجمة التنظيمات المحلية التابعة لتنظيم القاعدة. في حين أن مبلغ التمويل الذي تقدمه له واشنطن غير معروف، وقد طلب ممثلو جهاز الأمن القومي عدم ذكر مسألة مساهمة الولايات المتحدة في مشاريع هامة.
وكشف تقرير وزارة الخارجية الامريكية حول حقوق الإنسان لعام 2011 أن مهام الجهاز قد "تطورت من حماية [اليمن] من التهديدات الخارجية" وتحولت الى ملاحقة المعارضين السياسيين. وقد جاء في برقية دبلوماسية أميركية كشفت عنها منظمة "ويكيليكس" أن جهاز الأمن القومي ما بعد محاولة تفجير رحلة الطيران 253 متورط في اعتقال مواطنين أمريكيين في اليمن.
بعد شهر من محاولة تفجير الرحلة 253 لشركة طيران الشمال الغربي في عيد الميلاد لعام 2009، خطف مسلحون ملثمون موبلي من شوارع صنعاء، وأطلقوا النار على في ساقه. وبعد ذلك زار محققان موبلي في المستشفى عرفوا عن نفسيهما بأنهما "مات من مكتب التحقيقات الاتحادي، وخان من وزارة الدفاع،" اللذين أرادا معرفة صلاته بالإرهابيين، لكن موبلي نفى مثل هذه الاتصالات.
وبالرغم من أن الولايات المتحدة تريد من هذا الجهاز ومن أجهزة الأمن الأخرى المدعومة من واشنطن أن تركز على تنظيم القاعدة، فإن لجهاز الأمن القومي أجندته الخاصة. وفي برقية أخرى نشرتها ويكيليكس يخبر عقيد في جهاز الأمن القومي دبلوماسيين أمريكيين في عام 2009 "أن الحرب لزعزعة الانفصاليين الحوثيين ليست انحرافا عن الحرب على الإرهاب، بل هي الحرب على الإرهاب ذاتها".
وقد رفض موظفو الخارجية الأمريكية منذ أشهر التعليق عملياً على قضية موبلي بحجة خصوصيته، وقد رفض بينسون التعليق على هذه الأخبار في رسالة إليكترونية رد فيها على طلب الغارديان، كما أن رسالة الغارديان إلى الناطق الرسمي باسم السفارة الأمريكية في اليمن، محمد الباشا، لم تحظ بالرد.
واضاف السيد الشبيبي "كما تدعم الولايات المتحدة بقوة الجهات سيئة الصيت وراء اختفائه الثاني، ولا تزال ترفض أن تقول لعائلته ولمحاميه عن مكان وجوده، ويبدو أنهم أصحاب مصلحة في الظهور بمظهر الضعيف وغير القادر على مساعدة مواطنها موبلي، رغم تورطها الكبير في اختفائه وتعذيبه".
في يوليو/تموز، وبعد أربعة أشهر منذ أن فقد محامو موبلي الاتصال معه، قال أحد موظفي السفارة الأمريكية في اليمن لمحامٍ من ريبريف أن موبلي كان "في صحة جيدة دون أية شكاوى هامة". لكن زوجة موبلي تقول إن ريختر قد أخبرها أنه لدى استفسار الدبلوماسيين الأمريكيين من ادارة السجن عن سوء معاملة موبلي، كان ردهم: "عندما يكون سلوكه (موبلي) غير لائق أو عندما يسبب المتاعب، تحدث له هذه الاشياء."