لم يكن أحد في اليمن يتوقّع تعيين حمود خالد الصوفي، رئيساً للجهاز المركزي للأمن السياسي، أحد فرعي جهاز الاستخبارات اليمنيّة، كما لم يكن متوقعاً تعيين علي حسن الأحمدي، رئيساً لجهاز الأمن القومي، الفرع الثاني في الاستخبارات اليمنيّة. ويرتبط عنصر المفاجأة بعدم وضوح أيّ ارتباطات أمنيّة للرجلين، اللذين كانا يشغلان، سابقاً، مناصب إداريّة مدنيّة، وليس في سيرتهما الذاتيّة ما يشير إلى تمتّعهما بمؤهّلات أمنيّة.
وفي حين يأتي تعيين الأحمدي في منصبه هذا، بعد ترؤسه جهاز الأمن القومي في 11 سبتمبر/أيلول 2012، وتنقّله قبلها بين مناصب وزاريّة ودبلوماسيّة، عدا عن منصب محافظ محافظة شبوة، شرقي البلاد، حيث ينتمي، يبدو لافتاً خلو قرار تعيين الصوفي من أي توضيح لرتبته أو مؤهّلاته الأمنيّة.
ويأتي تعيين الصوفي، مساء الأحد الماضي، رئيساً لجهاز الأمن السياسي، خلفاً للواء جلال الرويشان، الذي اختير وزيراً للداخليّة في حكومة الكفاءات اليمنيّة، علماً أنّه سبق له وشغل مناصب عدّة، آخرها محافظاً لمحافظة تعز، التي ينتمي إليها.
وكان الصوفي، المولود في أغسطس/آب 1959، في قرية "بني شعب" في مديرية شرعب السلام في محافظة تعز، أحد قادة حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يقوده الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، وهو عضو في البرلمان عن دائرته الانتخابيّة، ممثلاً لحزب المؤتمر.
تلقّى الصوفي تعليمه الأولي في بعض الكتاتيب، ثم التحق بالدراسة النظاميّة حتى حاز بكالوريوس في الشريعة والقانون، وتابع في دورات عدّة في مجالي الحاسوب واللغة الإنجليزيّة. عمل مديراً عامّاً للمؤسّسة العامة لصناعة الإسمنت في مدينة تعز عام 1979، قبل تعيينه عام 1990، عضواً في النيابة العامة في مدينة تعز. وبعد تعيينه عام 1996، وكيل نيابة لمديريّات خَدير والقبّيْطة والصُلو، انتخب عضواً في مجلس النواب عام 1997، وأعيد انتخابه عام 2003، ليعيّن بعدها وزيراً للخدمة المدنيّة والتأمينات.
وعام 2008، انتُخب محافظاً لمحافظة تعز، قبل أن يخلفه شوقي هائل، في المنصب ذاته، بقرار جمهوري في أبريل/نيسان 2012، بعد اتهامه من شباب الثورة بقمع ساحات الاعتصام في تعز في عام 2011.
بعد تركه منصب محافظ تعز، انتظرت الساحة السياسيّة تعيينه سفيراً في العاصمة السعودية، وفقاً لبعض التسريبات الصحافية، وتمّ تعيينه سفيراً في وزارة الخارجية، قبل تعيينه، الأحد الماضي، رئيساً لجهاز الأمن السياسي.
ويعرف عن الصوفي أنه ذو خلفيّة ناصريّة، كما يُعرف عنه كتابة الشعر والميل إلى الأدب، وهو حال سلفه في المنصب اللواء، جلال الرويشان، الذي يعرف بأنّه روائي، وله رواية منشورة بعنوان "من مأرب إلى طشقند". ويعتبر الصوفي ثاني شخصيّة، تتولّى رئاسة جهاز الأمن السياسي في عهد الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، منذ عزل اللواء غالب مطهر القمِش، الذي ظلّ رئيساً للجهاز على مدى عقود.
وكان جهاز الأمن السياسي جهاز الاستخبارات الوحيد في اليمن، الناجم عن دمج جهازي استخبارات دولتي الشمال والجنوب، قبل توحّدهما في مايو/أيار 1990، إلى أن تمّ تأسيس جهاز الأمن القومي، مطلع العقد الماضي، بدعم من الولايات المتحدة الأميركيّة. ومع ذلك، يظلّ جهاز الأمن السياسي الأكثر انتشاراً على مستوى محافظات الجمهوريّة، على الرغم من نقل الكثير من صلاحياته إلى جهاز الأمن القومي، ومنها التفتيش في المطارات والموانئ والتنصُّت على مكالمات السياسيين. ويشترك الجهازان في ملاحقة تنظيم القاعدة، الذي نفّذ 23 من عناصره المحتجزة عملية هروب نوعيّة من سجن الأمن السياسي، في مقرّه الرئيس في صنعاء في فبراير/شباط 2006، عبر حفر نفق من داخل السجن إلى خارجه.
وتتعرّض فروع الجهاز بين الحين والآخر لهجمات من عناصر "القاعدة"، بهدف تحرير سجناء من عناصر التنظيم، كما سقط العشرات من منتسبي الجهاز، ضحية عمليات اغتيال غامضة في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وخصوصاً في محافظات حضرموت وعدن ولحج والعاصمة صنعاء.