لخص تقرير لمؤسسة القدس الدولية الإجراءات التهويدية التي قامت بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي من بداية السنة الحالية وحتى نهاية مارس/آذار في مدينة القدس المحتلة، لافتا الأنظار إلى أن هذه الإجراءات تسعى إلى تغيير وجه المدينة وواقعها السكاني بما يتجاوز حدود أي مفاوضات سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين.
وجاء في التقرير ربع السنوي الذي أصدرته المؤسسة أمس الجمعة، الذي يحمل عنوان "حال القدس" أن المواقف العربية والإسلامية لم ترق إلى مستوى المسؤولية في مواجهة هذه المشاريع.
وذكر التقرير بإنهاء الاحتلال في يناير/كانون الثاني العمل أحد أهم وأكبر مواقع الحفريات، وهو نفق يصل بين الجزء الجنوبي والجزء الغربي من المدينة اليهودية التاريخية التي يبنيها المحتل أسفل المسجد الأقصى ومحيطه، لتصبح هذه المدينة مكتملة ومتصلة الأطراف بشكل مباشر.
كما أشار إلى قيام جرافات الاحتلال بهدم فندق "شيبرد" في حي الشيخ جراح فب 9 يناير/كانون الثاني، وذلك تمهيدا لإقامة مجمع استيطاني يضم أكثر من 70 وحدة سكنية على أرض الفندق.
وقالت المؤسسة التي تتخذ من بيروت مقرا لها، إن هذا المشروع الاستيطاني يعد الأكبر في محيط البلدة القديمة منذ أكمل الاحتلال استيلاءه على كامل القدس عام 1967.
وبهدم هذا الفندق يكون الاحتلال قد تجاوز أحد أصعب العقبات في إطار مشروع تهويد الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة والمسجد الأقصى، الذي يهدف لفصل الأحياء العربيةّ في قلب المدينة عن الأحياء العربية في الأطراف ويقطع التواصل الجغرافي فيما بينها، مما يفرغ أي سيادة فلسطينية مستقبلية على هذه الأحياء من محتواها.
أما على مستوى التهويد الديموغرافي فقد أقر الاحتلال في الشهور الثلاثة الماضية بناء أكثر من 1500 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنتي "جيلو" جنوبا و"بسغات زائيف" شمالا.
الضغط على المقدسيين
وقالت
المؤسسة إنه وفي إطار محاولة سلطات الاحتلال تثبيت وضع القدس "عاصمةٍ
يهودية"، أقرت في فبراير/شباط الماضي خطة لبناء قاعدة لجيش الاحتلال في قلب
مدينة القدس على بعد مئات الأمتار شمال شرق البلدة القديمة، وذلك في إطار
السياسة التي بدأت منذ العام 2005 في عهد رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون
لنقل كل المقرات المركزية لمؤسسات الدولة إلى القدس.
ونوه التقرير إلى أن هذه المشروع الأخير "ينهي أي مستقبل لسيادة فلسطينية على المنطقة، وحتى على الأحياء العربية فيها، ويجعل الحديث الأوروبي والأميركي عن القدس عاصمةً لدولتين مجرد كلامٍ في الهواء".
من ناحية ثانية، سلط التقرير أضواء على قيام سلطات الاحتلال بزيادة الضغوط على السكان المقدسيين، عبر إصدار وزارة المعارف في منتصف مارس/آذار قرارا يقضي بمنع استخدام المناهج الأردنية أو المناهج الفلسطينية الرسمية في مدارس القدس جميعا، بما في ذلك مدارس الأوقاف والمدارس الأهلية، واستبدالها بمناهج شبيهة بتلك المفروضة على العرب داخل الأراضي المحتلّة عام 1948.
واعتبرت المؤسسة أن "الغائب الأكبر عن المشهد المقدسي كان الجانب العربي والإسلامي الذي لم يصدر عنه في الفترة الماضية أي تحرك جدي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية باستثناء إدانات خجولة صدرت من مصر والأردن لهدم فندق شيبرد".
واعتبرت المؤسسة الوقائع يفرض على الفلسطينيين فضلا عن الجانب العربي والإسلامي "الارتقاء بمستوى أدائهم السياسي بعيدا عن التسليم بالأمر الواقع، وعن المزايدة وتسجيل النقاط، بحيث يتمكنون من التوصل لرؤية سياسية جامعة قابلة للتطبيق تستند إلى كل عناصر القوة .. سواء على مستوى قدرات المقاومة أو على مستوى قوة القانون الدولي الذي يشكل عاملا ضاغطا على دولة الاحتلال وحلفائها