لا جرم أن النفعيين في شعوبنا يتكاثرون كحبات الرمل حيثما وليت بوجهك فثم العشرات منهم يتعطشون وبجنون إلى ركوب البراق والعروج إلى عروش التسلط والطغيان ولو كانت من قش.
إن ضحايا هؤلاء هم أهل الطهر والنقاء النفسي والأخلاقي، هم أصحاب الفطرة السليمة لا يمكن عدهم ولا حصرهم إنهم بالآلاف بل شعوبا وقعت فريسة استغلالهم أم لضعف أم جهل أم عوز وفاقة.
النفعيون فلاسفة الصيد "الرحيم" "مقافطهم" تقفط أي شيء يلمسها وعلى أصوات "مآذنهم" ودعاء "صلواتهم" وإغراءات رحماتهم المادية و الرمزية يقذف بالمتطهرين إلى معركة مصالحهم، وبشجاعة الانقياء وعلى ظهورهم يقفزون إلى أعلى عليين في التملك والمطاولة وتمتلئ خزائنهم بالأموال ومساكنهم بالبنيين.. تفلسفهم بالأموال غير المشروعة وبمناصب المغنم قصة طويلة حزينة ومؤلمة يصعب على كل نقي سماعها أو روايتها لما لها من وقع سيء على مشاعره وأحاسيسه خاصة والناس عموما إما بالسذاجة أو الجبن وقلة الحيل و العجز عن رد الجور وسردها تحتاج مجلدات ضخمة خاصة وصرخة حقائقها مستمرة صباحا ومساء.
النفعيون أشكالا وألوانا متعددة وأسمائهم متنوعة لكنهم في الهدف لون واحد.. الاستغلال دينهم.. الهيمنة مذهبهم.. الاستحواذ طريقتهم .. الاستبداد مرجعيتهم.. الديمقراطية والشورى عدوهم الأول.. دين المقصد الإنساني عندهم زندقة..الوطنية بمفهوم الكرامة والحرية للجميع شعارات فارغة يرددها الأعداء .. والولاء لهم مشروط بالموت والحزن في سبيل سعادتهم على نافلة" الحب العذري".. هذه إيمانياتهم غير المقبول الخروج عنها والفاعل يسمى ابق.
النفعيون بلية من ضمن البلايا التي ابتليت بها "العربان" يأخذون الأبرياء التائهين بين "مآذنهم" لحما ويرمونهم عظما ومحكوم عليهم بالعيش في العزلة.. العزلة عن المحيط القريب والبعيد عن الحقيقة التي لم تعد عذراء،نزعوا العجلتين الأماميتين للمركبة وابقوا على الخلفيتين كيلا يستطع احد السير قدما انه اللعب بالشيء ونقيضه.. عزلة جسدت وتجسد أن مذلة الوطن أقسى ألف مرة من مذلة الغربة.
وكما ذكرنا في أكثر من مقال إننا نعيش حالة ترويض الزمن ترى العيون فيها ما لم تراه من قبل لا يتوقف عن كشف ما وراء ألباس من العورات بل ما وراء الجسد وحقيقة النفعيون فيها واضحة وجلية أنهم غير قادرين بأدواتهم السحرية إخفاء إنهم من يصنعون احباطات الواقع ويعجزون في ذات الوقت عن تجاوزها.
هذه الاحباطات بالنسبة للانقياء هي اختبار وهي تطهر نهايتها اختفاء القلق والتيه وبداية الانسجام مع العالم الحر المتعطش للحياة الكريمة.. وهكذا سوف تنتهي متاهة النفعية المريضة أما نهاية النفعيون فلا جديد فيها أنها نهاية المطمر في الذات وشرنقة الأهواء وتقلباتها سوف تكون كما جرت عليها العوائد "ياليتني كنت نسيا منسيا".