يروج الحديث في اليمن هذه الأيام عن وجود صفقة بين الرئيس عبد ربه منصور هادي وجماعة الحوثيين، تتضمن بقاء هادي في السلطة مقابل تخليه عن خيار الأقاليم الذي رفضه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي مساء أمس السبت.
اعتبر محللون وناشطون يمنيون أن رفض زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي خيار الفدرالية في اليمن واعتماد مشروع الأقاليم الستة المنبثق عن مخرجات مؤتمر الحوار، يعزز ما تردد مؤخرا عن وجود صفقة غير معلنة مع الرئيس عبد ربه منصور هادي تضمن بقاءه في السلطة مقابل تخليه عن خيار الأقاليم.
وفي كلمة متلفزة إلى أنصاره بمناسبة المولد النبوي مساء أمس السبت هاجم عبد الملك الحوثي مشروع الأقاليم الستة واعتبره "محاولة لتفتيت البلد وتجزئته إلى كيانات صغيرة وضعيفة يسهل التحكم فيها".
وأثار الموقف تساؤلات عن مبررات رفض الحوثيين خيار الأقاليم الذي وافقوا عليه في مؤتمر الحوار وكان أحد المطالب الثلاثة التي اتخذوها مبررا لإسقاط الحكومة السابقة، وعلاقة ذلك بإعلان لجنة صياغة الدستور قرب الانتهاء من المسودة النهائية المفترض تسليمها في يناير/كانون الثاني الجاري.
وذكرت وكالة "خبر" التابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح أن هناك اتفاقا "غير معلن" بين الرئيس هادي والحوثيين جرى التوصل إليه في العاصمة العُمانية مسقط يتضمن التمديد للرئيس خمس سنوات في الرئاسة، مقابل قيام الحوثيين بالضغط السياسي لرفض خيار الأقاليم الستة، ليكون مبررا لإبعاده من مسودة الدستور الجديد.
ويشمل الاتفاق أيضا تمرير صيغة الإقليمين "الشمالي والجنوبي" بالتنسيق مع الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم الجنوب سابقا قبل الوحدة اليمنية الاندماجية في 22 مايو/أيار 1990، وهو ما يخالف توجه غالبية القوى السياسية في البلاد المؤيدة للأقاليم والحكم الفدرالي.
تقاسم
ويرى باسم الحكيمي عضو مؤتمر الحوار السابق عن كتلة المستقلين، أن موقف الحوثي "يعزز وجود صفقة مع الرئيس هادي تضمن له التمديد مقابل حصول الحوثيين على خيار إقليمين أحدهما شمالي يتحكمون فيه".
وأضاف أن هذه الصفقة "تضمن للطرفين تقاسم السلطة والثروة جنوبا وشمالا على أن الأمور ستتضح أكثر مع تسليم لجنة صياغة الدستور للمسودة النهائية لمعرفة هل تضمنت بقاء خيار الأقاليم الستة أم استُبدل بها خيار الإقليمين.
واعتبر هذا التطور "انقلابا على مخرجات الحوار وتعاملا انتقائيا يفتح الباب لقوى أخرى للتملص من التزاماتها وإجهاض مخرجات الحوار بالكامل".
بدوره قال الناشط في الحراك الجنوبي أنيس منصور إن رفض زعيم الحوثيين خيار الفدرالية "يأتي بإيعاز إيراني لخلط الأوراق وخلق حالة من الارتباك في المحافظات السنية ذات الأغلبية السكانية، وهذا يمهد له الطريق لتفتيت مشروع ثورة 11 فبراير/شباط 2011 الرامي للتخلص من حكم المفسدين وإدخال البلاد في دوامة صراع طائفي ومذهبي".
من جهته رأى الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي، أن القوة العسكرية التي حصل عليها الحوثي بعد اجتياحه صنعاء "جعلته أكثر تناقضا مع التزاماته المعلنة تجاه عملية التسوية السياسية".
وأشار إلى أن البند العاشر في اتفاق السلم والشراكة الذي يستشهد به الحوثي بُني على مخرجات الحوار الوطني، وهو يدعو إلى إعادة النظر في إجراء مزيد من النقاش بين الأطراف السياسية حول مسألة عدد الأقاليم وليس إلى إلغائها.
ولم يستبعد التميمي أن يكون وراء إصرار الحوثي على هذا الموقف ما تم كشفه عن مقايضة سياسية مع هادي، على أساس التمديد خمس سنوات للرئيس مقابل إقرار صيغة الإقليمين أو إنهاء صيغة الفدرالية ذاتها، وتمكين الحوثيين أكثر من مفاصل القرار السياسي والأمني.