أكد باحثون وسياسيون، أن مستقبل الثورة اليمنية لا يرتهن للمبادرات والحوارات وإنما يستمد قوته من الثورة ذاتها التي تعمل على إسقاط النظام عنوة وليس عبر التفاوض، إذ لا يمكن للثورة أن تفاوض النظام القائم على إسقاط ذاته والتخلي عن الحكم وتسليم السلطة؛ إنما تسقطه عنوةً وإكراهاً وتجبره على مغادرة السلطة وتخلعه خلعاً. مؤكدين أن الثورات هي عملية هدم لكل ما هو قائم وبناء كل ما هو متوقع. مشيرين إلى أن الثورة الشعبية ليست لها مصلحة في المبادرة الخليجية التي قالوا إن مبادئها لا تنفع مع الثورة.
وفي ندوة: "مستقبل الثورة اليمنية في ظل المبادرات"، التي أقامها منتدى قبائل اليمن، أمس الأحد في ساحة التغيير بصنعاء، أكد المحلل السياسي محمد الغابري، أن المبادرة الخليجية، لم تخدم الثورة أصلاً وهي في الأصل لا تنسجم معها، وقال إن العملية عملية تغييب للثورة وإيجاد حلول خارج إطار الثورة نفسها. معتبراً أن الجانب الروحاني والايجابي في المبادرة هو فقط شعور دول مجلس التعاون الخليجي بأن أمن اليمن جزء هام من أمنها واستقرارها وأمن المنطقة.
وقال إن المبادرة من حيث المضمون وإن أرادت ترحيل صالح إلا إنها في كثير من بنودها في الواقع تحافظ على النظام نفسه، وقد تم تعديلها وفقاً لأهواء النظام، وبالتالي فأنها مبادرة تناقض بعضها. مؤكداً إن الثورة ليست لها مصلحة في المبادرة؛ اللهم إلا مصلحة جزئية وهي أن اللقاء المشترك يفاوض كعمل سياسي ويحاول تقليل الخسائر.
وأشار المحلل السياسي، إلى أن الدول التي تقدمت بالمبادرة دول أنظمتها ملكية وراثية ليس لها علاقة بالثورات، إذ لم يسبق لها أن أدارت أزمة من قبل وليس لها مراكز أبحاث لبناء رؤية معينة حيال قضية معينة، معتبراً أن المبادرة جاءت مثل أنظمة وحال دول المجلس باستثناء دولة قطر التي لديها رؤية لسياستها الخارجية وتتميز بأنها تستطيع التعامل مع أطراف متناقضة ولا تقطع علاقتها بالخصوم وليست علاقتها بالأصدقاء علاقة تبعية.
ورأى الغابري، أن دول المجلس لا تريد ولا تتمنى أن ترى اليمن قوة ناهضة، وبالتالي فأنها تتخوف من نجاح الثورة الشعبية اليمنية وأن تأتي بنظام وطني وأن يرتقي اليمن ويصبح قوة في المنطقة.
من جهته تحدث الباحث والإعلامي نبيل البكيري، عن مواقف نظام صالح من المبادرات المتعددة والذي قال بأنها مواقف مهزوزة وتتسم بالمراوغة والخداع والتظليل على الرأي العام واللعب بورقة الزمن.
وقال البكيري، إن النظام لجأ إلى المبادرات بعد أن كان قد سقط ولم يبق منه إلا الجثة الهامدة، معتبراً المبادرة الخليجية بمثابة التنفس الاصطناعي الذي أعاد نوع من الحياة لنظام الرئيس صالح الذي قال إنه هدف من المبادرات "المفخخة" إلى المراوغة وكسب مزيد من الوقت وترتيب أوضاعه وصفوفه التي قال إنها كانت قد انهارت. وأشار إلى أن النظام فقد جميع أوراقه باستثناء ورقة الوقت، وأنه يدرك تماماً أنه راحل. وقال إن المجتمع الدولي يدرك أن صالح لا يصدق مع نفسه ولا مع الآخرين وأنه تعود على عدم الوفاء بالاتفاقات والوعود التي تعود على النكث بها طوال فترة حكمه.
الباحث والكاتب زايد جابر، قال إن الخليجيين يريدون رحيل صالح لكنهم في نفس الوقت لا يريدون قيام ثورة في اليمن، وإنهم يخشون أن يصدر النجاح السلمي للثورة الشعبية اليمنية إلى بلدانهم، وقال إنهم حاولوا أن يذهب صالح بدون ضجيج ثورة وأن يتحكموا بنتائج الثورة.
وأكد جابر، أن شباب الثورة المرابطين في الساحات لا علاقة لهم بالمبادرات والتفاوض، وقال إن النظام حاول جرهم إلى اختيار من يمثلهم كطرف في المفاوضات وهذا برأيه خطأ فادح كان يمكن أن يوقعهم فيه، حيث أن دخول الشباب في المفاوضات سيحرقهم في الاختلاف على التفاصيل.
وقال الباحث والكاتب، إن سقوط الرئيس هو الهدف الأساسي للثورة "وإذا سقط الصنم الأكبر سيتهاوى بعده الأصنام الأخرى". مضيفاً: "يجب البحث في النموذج الخاص الذي قدمه الشعب اليمني، ونحتاج إلى تصعيد سلمي كالعصيان المدني والتوسع والتمدد وخيار إسقاط بعض المحافظات والتوافد إلى العاصمة صنعاء".