الساعة الواحدة وثمانية وأربعين دقيقة بعد منتصف الليل، في أحد أودية منطقة الاهجر(محافظة المحويت) كنت مازلت أمضغ بعض عشيبات القات،واتجاذب الحديث مع كائنات بشرية فاقدة لمعنى الحياة، تماماً كذاك الداعشي الذي أحرق المواطن الطيب والطيار القاتل معاذ؛لكنه بالتأكيد لست "أنا"صديقي الحوثي أعادني إلى حلبة السياسية ،بخفة دم تعبر عن البلادة خصوصاً في مثل هكذا موقف لا يحتمل المزاح والتلاعب بالتهم جزافا، لكنه ذهب يقول :((إن محاولات تبريرك لجريمة حرق الطيار الأردني بسبب شعورك أنك متهم))،بهذه العبارة السخيفة حولني إلى قاتل من العيار الكبير، وألبسني تهمة، كنت قد سخرت ممن يطالبون بقلب الكون، وإعلان مزيداً من النفير العام إزاءها ، قلت هذا في سياق تعليقي على الجريمة ، فالتقط صديقي الخبير في علم نفس الجريمة هذا الموقف وسارع إلى الإمساك بي ،كما لو كنت متلبساً بالجريمة في تلك اللحظة، وممسكا بقارورة البنزين وعود الثقاب؛ استعدادا لتأدية فريضة الجهاد وحرق ذاك الإنسان المكبل في صندوق القتل، ولو كان صديقي يعلم أني في نزهة منذ ثلاثة أيام ؛قصدت بها الخروج من حالة الطوارئ السياسية التي اعيشها منذ أشهر؛لكان تجنب حماقته تلك وألبس نفسيته العارية، بقايا وشاح من شعار الموت الذي ترفعه جماعته،أعود قليلا إلى مدار الموضوع وأكون صريحاً إذا قلت أني لم أشاهد بعد فيديو حرق الطيار،فقد كنت مشغولاً ،بكتاب فلسفة العصر لزكي نجيب محمود،فأغلقت الكتاب وفتحت الواتساب فإذا بي أعكر صفاء فكري الذي قضيت وقتاً طويلاً في الوصول إليه بذاك الخبر المشؤوم عن حرق الطيار الأردني، وببساطة كتبت أن هذه الحادثة ليست أكثر جرما من ذبح2000 واحد من البشر في محرقة رابعة الشهيرة، وإن كنت قد ذهبت بعيداً في المقارنة إلا أن صاحبنا تلبس عليه الفهم وراح يستنتج على طريقته الخاصة، ويفجر مفاجأته تلك معلنا قبضه على المجرم الذي عجزت مخابرات العالم في اكتشاف لحظة تنفيذه للجريمة ولا أين تم تنفيذها..؟؟ مع أن أقمار التجسس وطائرات المراقبة تحوم في أجواء العراق وسوريا مدار الساعة،إلا أنها فشلت ونجح صديقي في القبض على المجرم ،من على الواتساب عبر سبره لمنشور لأحد أعضاء داعش المتنكرين برداء ، الديمقراطية الزائفة، وإلى جانب نجاحه هذا انتصر صديقي الغبي في اختطافي لمنازلته مع احتياطي الدائم في الحفاظ على تلك النشوة الصوفية التي عشتها مذ غادرت المدينة إلى إحدى شعاب الريف ؛للاختلاء بذاتي ؛واعاده إعمار روحي المنهارة؛ جراء الارتطامات العديدة التي تعرضت لها طوال الأربعة الأشهر المنصرمة، وإذا ما كنت أكتب إليه على وقع أنغام "فيروز" وضوء القمر البهيج ومن تحت عشة بها فتحات عديدة استرق منها نظرات تشدني لإكمال هذه المقالة؛ فهذا يؤكد حرصي على الإمساك بحالة السكون الروحية التي تكاد تتفلت مني جزاء انجراري وراء تعليق تافه وذهابي بعيداً في تفكيك تلك الكلمات المرتجلة التي تعكس حالة الخواء الفكري لدى صاحبها، إلى الآن ما زلت محتفظا بروح مبللة بنور القمر، وممتلىء بتراتيل الليل الندية وفيوضها الثرة التي اكرمتني بها وما زالت؛تضامناً مع ذاتي التي تتعرض للسعات البرد القاتلة و مراقبة مخابرات قوات التحالف الدولي التي تحلق باستمرار للظفر بتلك الروح الشريرة، والفتك بها حتى وإن كانت تسمع للموسيقى وتقرأ لجيمس واطسون وفرويد وهيجل وهيجو، وزد على هذا يقرأ بعض الأبيات الغزلية لنزار قباني،وللتؤ أكمل مهاتفة صديقته الفيلسوفة صاحبة القلب العذب والروح الطفولية المدهشة، كل هذا لا معنى له ويجب شطبه بالكامل ومحاكمة هذا الشاب الذي يجرؤ على الاستهزاء بالحراك العالمي ضدّ جريمة الحرق للطيار ، فقط منشور صغير كفيل بتحويلك إلى مجرم يستحق السحق من الوجود، لا استعطفكم إن قلت أني أشعر بحزن عميق جراء هذا الفجور المدوي الذي يمارس بإسم الخلافة الداعشية؛لكني لم أجد فرقاً بين الموت بالبراميل المتفجرة وصواريخ سكود والكيميائي وبين الذبح والحرق،حتى الحديث الذي يجري عن بشاعة القتل،باعتقادي لا معنى له، فلا يوجد قتل بشع وقتل لطيف؛بل على العكس قد يكون ذبح أو إحراق شخص واحد أهون من إبادة 1000طفل بالكيماوى في الغوطتين من قبل سفاح القرن السوري، واقترب قليلاً لاجزم أن جريمة حرق الطيار الأردني أقل بشاعة من جريمة القتل والصلب والتمثيل بالجثة التي تعرض لها اللواء القشيبي،فإذا كان الرجل المحروق يمارس عملا عدائيا ضد المواطنين فالقشيبي كان يدافع عن كرامة بلد أمام حشود الخراب الزاحفة من الكهوف بغية التهام المدينة، وإذا كان الطيار رجل بكامل صحته البدنية وأن الإفراج عنه قد يجعله يشارك في أعمال قصف للتنظيم؛فإن الحال يختلف بالنسبة للقشيبي فهو رجل عجوز مقعد مشلول إذا جرد من قوته لن يستطيع الفرار بنفسه فضلاً عن المشاركة في حرب ضد الجماعة، التي ارتأت تصفيته بتلك الطريقة الوحشية ولم تعرض مطلقاً صفقة لإطلاق سراحه؛بعكس داعش التي كانت أكثر كرما في عرض الإفراج عنه مقابل فدية؛لكن الجماعة.
في الحقيقة لم يكن الحوثي يعلم أن يوماً ما، سيأتي فيه مراهقا محسوب عليها يدين حرق الطيار!! في مقابل مسح أحذية من صلبوا القشيبي!! والدعاء في السجود لأكبر طاغية في القرن الحادي والعشرين(بشار) ويزيد على هذا فيتهم شاب يتباهى بتقديس الكائن البشري بأنه مرتكب جريمة حرق الطيار،دونما ذرة من حياء!! وبكل بساطة يزيح الستار عن العلاقة المشبوهة بين داعش وأعظم حركة إسلامية سياسية عرفها التاريخ الإسلامي( الإخوان المسلمين) ليتوصل إلى نتيجةً مفادها أن ذكر محرقة رابعة من قبل أحد أعضاء الإخوان يؤكد ضلوعه في تلك الجريمة؛بل يشكف حالة التنسيق الإعلامي والعملياتي بين التنظيمين ( غفرانك يارب) لم أعد بإمكاني مواصلة الحديث ولا أدري ما إذا كنت قد أذنبت حين منحت صديقي المغفل "ساعة"من وقتي المقدس وفي اللحظات الأكثر متعة والاشد بهجة... لمناقشة استنتاجه الأبله أم كنت مصيبا في الحديث عن مثل هكذا سخافة أراها تتكرر كثيراً لدى "أنصار الرب" !! فهأنذا أعلن انسحابى من هذه النقاشات الخنفشارية،مع صديقي الحوثي الذي يقتات من الأوهام...ويرضع من تلك الخطابات الفضفاضه لسيده الساكن في "جحر الضب