لم يكن أمام تلك الأحداث المتسارعة إلا خيار الاستسلام للتحليلات وفق إشاعات تكتنف غالبية الأمور ولم يكن يعرف المواطن اليمني أن الرئيس عبدربه منصور "هادي" يقبع في منزله محاصراً تحت وطأة سلاح جماعة "الحوثي" التي باتت تسيطر على العاصمة ، تداولنا في العديد من مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من التكهنات التي كانت جميعها تناقض بعضها ولم نعترف بفرضية الحرب أو السلام ، كل ما وصلنا أن جماعة "الحوثي" عبر تحالفات استطاعت أن تتوسع لتسقط المعسكرات والألوية والمدن بما فيها العاصمة اليمنية صنعاء ، وفي ليال معدودة سقطت العاصمة وبات الرئيس وحكومته تحت رحمة الجماعة ، التكهنات كانت كثيرة حول مصداقية تلك الرواية المتسارعة لكن سرعان ما أعلنت جماعة الحوثي تشكيل مجلس ثوري ليقود البلاد بدلاً عن الرئيس "هادي" وليأتي السيطرة على دار الرئاسة وأجهزة الإعلام الحكومي في مقدمة ذلك قناة اليمن ووكالة سبأ الرسمية ، وبات الأمر حتى اللحظة تحت سيطرة جماعة "الحوثي" وأتباعهم خاصة في المناصب التي أصدر بها تعيينات مباشرة من رئيس اللجان الثورية التي قاموا بتشكيلها ، الشراهة التي فتحت أبواب الاستحواذ على المناصب الحساسة في كثير من أجهزة الدولة كانت كفيلة بأن تجمع أصحاب المصالح والباحثين عن مغانم حول هذه الجماعة ، تاركة جميع القوى السياسية والأحزاب وراء ظهرها هذه حقيقة اغتصاب السلطة بين ليلة وضحاها مع استخدام جمع مقدرات الجيش في سبيل التوسع إلى مدن ظهر فيها الصراع الطائفي الذي زاد من هوة الصراع في تلك المناطق .
اليوم الأول كان وصول "هادي" إلى عدن بعد أن أصدر بيان مذيل بتوقيعه كرئيس شرعي يلغي كل ما أصدرته الجماعة في صنعاء ، أما اليوم الثاني فكان الظهور الذي قيل أنه اجتماع مع محافظين وأعضاء من السلطة المحلية ويظهر في الصورة هادي إلى جانب العديد من الشخصيات ، هذه الرسائل الواضحة جعلت مناهضي جماعة "الحوثي" إعلان عودة الشرعية برئاسة هادي وإسقاط تلك المتارس في دار الرئاسة ، لعل الأيام القادمة ستكون حبلى بالمفاجئات لكن بات الجميع يتوقع الأسوأ ولم يعد هناك سوى التشكيك أو إصدار الأحكام ، ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل يوحي بحالة المجتمع بأكمله ولن يتفق الجميع عن حالة التذمر والتخبط وإصدار النتائج المسبقة وتطبيقها على تجارب باتت متكررة ، آخر تلك الاختلافات التي لا تزال تتداولها قاعدة عريضة عن خروج "هادي" من العاصمة واختلاف وجهات النظر حول ذلك ابتداء من طريقة الخروج من منزلة الكائن في الستين بالعاصمة صنعاء ومروراً بتلك الخطوط التي عبر من خلالها إلى مدينة عدن بعد أن ضج الجميع حول الطريقة التي تتعامل بها تلك الميليشيات بعزل هادي ووضعه مع أفراد حكومته تحت الإقامة الجبرية ومنعه من العلاج وسط تكهنات بتدهور حالته الصحية .
الترقب الذي يثبت شرعية "هادي" من عدمه تلك الأيام القادمة التي بدأت بإنشاء عدن حاضنة للرئيس القادم من صنعاء مع وجود قوة شعبية قد تتحالف معه وتستقطب غالبية الأحزاب ليكونوا بصفه الرئيس الذي يعيد نسج خيوطه إن كان قادراً على مواصلة السير ، وإن كان الكثير قد وصل إلى حد اليأس من "هادي" الذي يبدوا في الكثير من المواقف خاصة تجاه جماعة "الحوثي" بالضعيف وصاحب المواقف المتذبذبة خاصة وأن الكثير من المواقع العسكرية قد سقطت تحت بصره وسمعه قبل دخول الجماعة العاصمة ، وبحسب كل التوجهات التي تدعم استمرار هادي كرئيس توافقي نتوقع أن يزيد ذلك من دفعه إلى واجهة استعادة دولته وإن أستدعى ذلك تقديم الدعم العسكري والوجستي ، المرحلة الأخطر وهي الولوج في دوامة حرب بين طرفين لتكرار سيناريو الصراع بين هادي الذي يقود الجنوب بنكه جنوبية والحوثي وصالح الذي يتمترس في صنعاء ويمتلك أسلحة الجيش وأسلحة قد تصله من بعض الدول الحليفة خاصة وأن منافذ بحرية باتت تحت سيطرته ، ولن يكون ذلك إلا إذا تمكنت جماعة الحوثي وصالح من إصباغ الموقف بصبغة المناطقية واصطياد مواقف تدعم ذلك التوجه خاصة مع وجود حراك سياسي في الجنوب يناهض "هادي" لتراكمات تاريخية ، بقاء "هادي" لفترة طويلة في عدن يعني التمهيد للخروج من عباءة الوحدة خاصة إن لم يتم إظهار موقف حازم من "هادي" نفسه بأسرع وقت ممكن وإصدار قرارات سريعة ، وما يهمنا في سيناريو الأحداث هو هل سيعمل "هادي على استعادة الكيان الواحد للجيش اليمني عبر دعوة موحدة واستعادة الأسلحة والألوية المنهوبة ..!! ، وماهية القرارات التي سيصدرها "هادي" بحق رجالات المناصب التي تعاطعت مع الحوثي وأعلنت الولاء له كالمحافظين وقيادات أمنية في مناصب حساسة ، من خلال مواقف سريعة ومعالجات يجب أن يظهر من خلالها "هادي" شخصياً في مقدمتها الظهور الإعلامي لقطع الطريق أمام تلك التكهنات التي تمر هنا وهناك وإعادة الثقة إذا كانت هنالك نية باستعادة المؤسسات الحكومية ، يبقى الرهان الأهم هو مدى جدية "هادي" في استعادة ما تركة في صنعاء والأجدر من ذلك العمل على بناء دولة تحميه في صنعاء كما تحمي غيره في عدن .
"هادي" في ثالث أيامه ..!!
اخبار الساعة - زكريا السادة