حينما تسمع أن الأمم المتحدة أو لجنة العقوبات الدولية تصدر قرارا ضد الرئيس السابق صالح يجب ألا تُفرط بالتفاؤل وألا يأخذك السرور إلى أبعد مدى وعليك أن تتريث قليلا وأنت تقرأ أي قرار أممي أو حتى تقرير وتجول ببصيرتك في الواقع لتبحث عن سبب وزمنية هذا القرار والتقرير وهل هذا القرار أو التقرير من أجل خاطر سواد عيون هذا الشعب ولإعادة رسم الإبتسامة على اليمن السعيد ؟
كثير ما يطالعنا الخارج بقراراته وتقريراته وحديثه عن معرقلي التسوية وفرض عقوبات عليهم والحديث عن فتح مدرسة الأمم المتحدة للفصل السابع والبحث عن زبائن لهذا الفصل فلم تجد بدا من( صالح وشخصين آخرين حوثيين) لإدخالهم الفصل السابع وبالنظر إلى هذا القرار والتمديد والحديث عن تقرير لجنة العقوبات الدولية فهل سيكون له أثره الايجابي على سير العملية السياسية أم أن الأمر مجرد قرارات ورقية يستخدمها الموظف الأممي لتبريد نفسه من الحر أو هش الذباب الذي قد يقع على أنفه ، فمنذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقراراً يقضي بتجميد أموال تابعة لصالح واثنين من قيادات جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، بتهمة عرقلة التسوية السياسية في البلاد وقيادة انقلاب بالتنسيق مع الحوثيين لإفشال الفترة الانتقالية وعرقلة حكم الرئيس الحالي، عبدربه منصور هادي لكن القرار في الواقع ما كان إلا قوة دفع لصالح هذا التحالف الحوثي الصالحي والذي دفع بالحلف إلى التغول والسيطرة على معظم المحافظات الشمالية واحكام السيطرة على ما تبقى من مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وأخيرا مؤسسة الرئاسة والتي حوصرت وأُسقطت حتى وصل الأمر إلى حصار شخص الرئيس هادي وحكومة بحاح المستقيلة .
اليوم وبعد تهريب الرئيس هادي إلى عدن فإن لجنة العقوبات تصدر تقريرا عن حجم أموال صالح 60 مليارا وتتحدث أنه كان يجمع ملياري دولار سنويا منذ 1978م وأن أصول ثروته مخبأة في 20 بلدا على الأقل، بمساعدة شركاء في أعماله وشركات وهمية ....الخ التقرير ، هذا يدلل على أن الخارج كان شريكا في كل هذا النهب المالي وإنما هو اليوم يستخدم تهديداته ليس لإرجاع كل ذلك المال لصالح الشعب والذي يحتاج لــ سدسه تقريبا لحل مشاكله الاقتصادية وإنما لأدراك الخارج أن صالح ماعاد يرجى عودته ولا شراكته لإتمام مخطط الخارج في تجديد عقد الهيمنة الاقتصادية والسياسية على اليمن وإنما لوضع حد لصالح ومنعه من عرقلة شريك الخارج الجديد الرئيس هادي والذي تعثر في مهامه بسبب صالح وأمواله وتحالفاته والتي لم تمكن لهادي في تحقيق ما يصبو إليه الخارج وهاهو اليوم الخارج والمتمثل بأمريكا يحاول ترميم صورة هادي المهزوزة وإعادة بث الروح فيه من عدن عبر التأكيد على شرعيته والتلميح بتهديد مناوئيه بعد افتضاح أمرهم هذا من جهة ومن جهة أخرى تحاول أمريكا لملمة المكونات السياسية وتجميع بعض الرموز المدنية والعسكرية ووسطاء الخارج للتوافد إلى عدن لمعاضدة هادي وتقوية شرعيته بالإضافة إلى تحشيد الشارع اليمني معه وكل ذلك وللمرة الألف ليس إلا ضمانا لمصالحها لا مصالح الشعب اليمني ، ومع ذلك فالخارج سيظل يمارس الكيل بمكيالين ولعب دورين فمتى ماتقاعس هادي عن دوره التفت الخارج إلى دعم آخرين لمناوئته وسيظل الخارج في ممارسة هذا الدور البشع حتى يقف عند خادم يحقق مصالحه بينما تظل المكونات السياسية في تبعيتها وحماقتها متعللة بالحفاظ على كينونتها من الزوال .
عن لجنة العقوبات وأموال صالح
اخبار الساعة - عبدالخالق عطشان