دعوة للحوار بداخل العاصمة السعودية قدمها هادي بعد هروبه إلى عدن، دعوة قوبلت بالترحاب من الملك السعودي، وحتى اليوم أعلنت أطراف يمنية قبولها بالسفر إلى هناك، ماعدا حزب المؤتمر الذي لم يصدر عنه موقف رسمي حتى الان وكذا جماعة الحوثي التي صدر عن زعيمها تصريح يؤكد أن ثمة تواصل مع السلطات السعودية لكنه لم يشر إلى موقف واضح من دعوة السفر إلى الرياض.
يأتي هذا والحوار الموفنبيكي الذي يديره بن عمر لم يتوقف من شهور، ويعلن يومياً عن جلسات بين نفس الأطراف التي يقال أنها تستعد للسفر إلى الرياض، بل كل يوم يتم تغيير أعضاء في الأحزاب المفاوضة في موفنبيك كالمؤتمر أو الإصلاح، هذا كله يجعل المواطن اليمني في حيرة مالذي يحدث؟هل يتحاور الساسة اليمنيون في صنعاء أم في الرياض؟ وإذا كانوا قد اتفقوا على السفر؟ فما فائدة حوارهم في صنعاء الذي لم يتوقف ولايعلم تفاصيله الدقيقة؟؟؟!!!.
للتذكير لم يتوقف اليمن عن الدخول في مسلسل ممل من الحوارات منذ 4سنوات، ومنذ دخل هذه الدوامة وكل حوار لايفضي لأي استقرار بل ينتج عنه حروب ومشكلات وأزمات وصراعات وتفتت للبلد وتدهور اقتصادي، رغم أن الساسة المتحاورين يصرحون بعد كل اتفاق يبرمونه أن نتائج حوارهم سينتج عنها الفردوس الأبدي لليمنيين، وكان بائعا الوهم لليمنيين أي هادي وبن عمر يصرحان بإن ماتم التوقيع عليه هو الحل السحري وأنه معجزة وأن العالم وقف مشدوهاً بالتجربة اليمنية!!!.
يمكن بالتالي تأكيد أن أكثر الأشياء في اليمن هي: الأحزاب والفقر ومؤتمرات الحوار، وتحوير أبيات أحمد مطر لتصير: في بلادي ثورة تدفن ثورة ..حوار يدفن حوار .. والهتافات تطيش.
لاينظر الجميع للحوار باعتباره وسيلة للحل وليس غاية بحد ذاته وهنا المشكلة الحقيقية، كما لايتم توصيف المشكلات التي يبحث اليمنيون عن حلها بشكل دقيق ولاينطق أحد بما يريده اليمنيون جميعاً من أي حوار ومن أي حاكم وهي الفلسفة المختصرة للحياة أي (الإطعام من الجوع ثم الأمن من الخوف) يتم الهروب بشكل دائم من المشكل الاقتصادي واطعام الناس من الجوع، كما يتم الهروب من المشكل الأمني غالباً، ليستعيض الساسة بمفردات أخرى(اليمن الجديد-الحرية-الديموقراطية-الثورة-الأقاليم- التوزيع العادل للسلطة والثروة- الانطلاق نحو المستقبل..الخ) لا أحد يتكلم عن الاقتصاد وعن الأمن كمتلازمتين تختصر كل مشاكلنا ويتم القفز إلى عبارات الهذيان سالفة الذكر وغيرها! باختصار ساسة اليمن يتقنون فقط بيع الأوهام ويتلذذون أكثر بالسفر كل يوم في مدينة بزعم التحاور!!.
مع تواتر أخبار انعقاد مؤتمر الرياض (وإن كنت شخصياً غير متيقن من إمكانية انعقاده) لابد من تذكير اليمنيين وجارتهم السعودية بمجموعة من التساؤلات التي تتكرر منذ 2011 وبالذات منذ التوقيع على المبادرة الخليجية، بدءً من سؤال هل الحوار غاية أم وسيلة؟ وماهي الغاية التي يريدها اليمنيون من استمرار مسلسل الحوارات التي تنتهي بعد شهور بالحروب؟ ثم هل المهم هو الحوار والدخول فيه والتوقيع على اتفاقيات أم الأهم هو تنفيذ تلك الاتفاقات؟ يلي ذلك التساؤل الأهم من الذي أفشل الاتفاق الانتقالي الأول أي المبادرة الخليجية وهل التزم عبدربه منصور بمدة المبادرة الخليجية التي قيل أنها زمنت بدقة كل التفاصيل لتنتهي في 21 فبراير 2014 بانتخابات رئاسية جديدة؟وهل كان كل مانعيشه اليوم في اليمن من فوضى نتاج طبيعي لترك تنفيذ الانتقال السياسي عبر الانتخابات الخيار الأقل كلفة على اليمن؟وهل تستطيع دول الخليج بمؤتمر الرياض الجديد أن تفكك المشكلات التي نتجت عن رئيس كذاب كذب عليها بعد أن كذب على شعبه فسبب لليمن كل هذه الفوضى؟ وهل يمكن تغيير الوقائع على الأرض في اليمن عبر التوقيع على أوراق واتفاقات لا يمكن تطبيقها ولايوجد أي ضامن لتنفيذها؟ وهل ستقبل الأطراف المسيطرة على الأرض؟ الأسئلة لايمكن حصرها ويمكن اختصار المقال بسؤال واحد:هل سيحل مؤتمر الحوار في الرياض مشكلات الحوارات السابقة، أم أنه سيصفر عداد المشكلات لتبدأ بعده المشكلات بوتيرة أعلى؟.
أخشى أن يتحول مؤتمر الرياض إلى اتفاقية طائف جديدة لازال اللبنانيون يعيشون جحيمها بعدما قيل أنها أوقفت الحرب الأهلية اللبنانية، حذارِ من طائف يمنية لن تصبح اليمن بعدها سوى قطعة من الجحيم .