في تعز الحالمة( مش حتقدر تغمض عينيك)
منذ الأحد 852011 والنائمة تعز تعجز عن النوم إلا بعد أن تغني الرشاشات والمسدسات على رأسها سيمفونية الخوف والموت تماما كما عجزت الحالمة تعز أن تحلم منذ عقود خلت بأي شي جميل حتى لو كان ذاك الحلم حلم يقظة بعد أن أخذت رحى الفساد تطحن أحلامها وتقلع بذور تلك الأحلام لتغرس بدلها كوابيس الإحباط وبذور الأزمات المتتالية حتى بات اكبر حلم لتعزي أن يسبق دائما الكهربا حتى يتسنى له مرة كي الملابس قبل الخروج ومره حتى يتمكن شاحنه الكهربائي أن يرشف قليلا من الطاقة والتي دائما ما تعجز عن الصمود لطول ساعات الانقطاع الكهربائي أو حتى أن يأتي مشروع المياه قبل أن يشتري (الويت)الثالث في غضون أربعين يوما فيدفع بذلك ستة الآلف ريال (للويتات) زائد ستة الآلف أخرى هي فاتورة المياه التي لم تأتِ.
-في نفس ذلك التاريخ تجددت الاشتباكات على اثر تخييم المعلمين هذه المرة والذين حركتهم لقمة العيش الناشفة والتي لم تصل هذه المرة إلى أفواه جيوبهم بعد أن خٌصم منها أكثر من النصف ،لقد سمعت كغيري من الناس أن الكثير من أولئك المعلمين لم يكن لهم أي موقف من الأحداث الراهنة إما لتوجسهم من التغيير أو لعدم ثقتهم بالشباب أو لخوفهم على لقمة العيش ولكن وعندما سٌرقت لقمة العيش تلك بات أولئك على يقين أن التغيير هو الحل وأنه لا بد من ا لخروج حتى لو تغمست تلكم اللقمة بدمائهم البريئة شريطة أن يأكل أبنائهم من بعدهم لقمتهم دون خوف من خصم جائر أو اعتقال فكري أو جسدي .كان حصيلة ذاك الأحد عشرة جرحى وقتيلين بينهم خلدون راشد العبسي ساقي الثوار وكُتبت يومها جمله على مبنى التربية و الذي أغلقه الثوار ستدخل التاريخ لعظمتها لأنها بشرت بان الزمن القادم هو زمن الشعوب وليس الانظمه حتى لو كانت تلك الجملة قد كٌتبت بأكثر الأدوات تواضعا – بالبخاخ- (مٌغلق من قبل الشعب) وأعلن المعتصمين يومئذ بداية ما أسموه الحسم وفي اليوم التالي أي في يوم الاثنين 952011افاقت تعز مفزوعة من نومتها القلقة أصلا في ساعات الصباح الأولى على صوت زمجرة المسدسات والقنابل المسيلة لدموع والمطاردة الداؤبة والشرسة خلف المعتصمين لتفرقة المخيمين أمام مبنى التربية..عاشت تعز يوما أسوء أيامها منذ اندلاع الثورة - وأتمنى أن يكون الأخير- فقد استمر إطلاق النار حتى الساعة الثانية ظهرا غير أن نصيب الأسد من تلك الأحداث يومها كان لشارع المسبح والضربة تحديدا مع شارع جمال عبد الناصر وما زاد الطين بله خروج طلاب مدرسة سبأ للبنيين الثانوية في مظاهره في تمام الساعة الثامنة صباحا منددين بقرار تقديم الامتحانات النهائية مما عمل على جذب الشرطة والأمن من شارع جمال عبد الناصر إلى شارع الضربة لتستمر الملاحقة لساعات حتى أن الغاز المسيل لدموع تسلل عنوة إلى أكثر من بيت وحسب وكالات الأنباء كان حصيلة ذاك اليوم 64 مختطف و4 مفقودين و3 شهداء و81 جريح و300 حالة اختناق بالغاز.
وفي نفس اليوم تناقلت وكالة الأنباء خبر احتجاز ستة عشر ناشطه أمام فندق ديلوكس ورشهن بمياه المجاري بل واعٌتقل طقم طبي كان متجها نحو المشفى الميداني للمشاركة في علاج الجرحى .
وفي يوم الثلاثاء تناهى إلى مسامع تعز الوجلة رصاص من هنا وهناك لم يسفر عن قتلى وجرحى من أبنائها وفي اليوم التالي الأربعاء 1152011ألحق المعتصمين مكتب الخدمة المدنية ومؤسسه النفط والغاز بمكتب التربية وأصبح الثلاثة في عصمة الشعب الذي قرر اغلاقهما وأيضا باستعمال البخاخ، فوقع من وقع بين شهيد وجريح بينما أشعل غضب المعتصمين قسم شرطة الجديري ثأرا لمعتصم اعزل أطلق النار عليه مباشره من قبل الأمن. وفي المساء أيضا نالت الحالمة الوجلة قسطها من وجبة الخوف والموت قبل أن تخلد لفراش النوم الشائك بالذعر . كان يوم الخميس125 2011 هو اليوم الخامس لتصعيد كما قال الثوار ونال نصيب الأسد هذه المرة حوض الأشراف وبحسب ما روته وكالات الأنباء اختنق 150 شخصا وجرح بالرصاص عشرون شخصا وأربعه عشر آخرون بالهراوات وحتى يوم جمعه رحيل الانظمه المزمنة (جمعه مباركه على الجميع) رحل قبل رحيل النظام ثلاثة من أبناء الحالمة الجزعة لا يعملون أصلا في النظام إلا كمواطنين وجاء يوم السبت وأفاقت تعز كباقي المدن الطبيعية دون هدير الرصاص لكنها كانت احذق مما نتصور فلم تجلس وتمدد ساقيها بل جلست القرفصاء تأهبا وكان عند حدسها الخبر اليقين وها نحن ذا في يوم الأحد..الاثنين ..الثلاثاء..في قمة القلق وفي بؤرة الترقب وفي فوهة اليقظة ففي تعز الحالمة الجزعة الوجلة (مش حتقدر تغمض عينيك )
ياسمين العثمان