أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

"الهدف الخامس" هدف مقدس له حرمته لا ينتهكها الا جاهل

- هايل علي

الوحدة اليمنية، كانت من أهم الأهداف في أجندة الثورة السبتمبرية التي لا مساومة فيها أو عليها مهما تغيرت القيادات وتعاقبت الحكومات، بمعنى أن الهدف الوحدوي لم يضره تغير الزعامات ، وقد تلملمت الأسباب وتهيأت الظروف لصناعة هذا الحدث وهذا المنجز التاريخي العظيم، ولعل  العناية واليد الإلهية وهو ما لاشك فيه ، كان لها التدخل الكبير في ذلك بيد أن الحكاية التي صنعت الهدف الخامس، قد تكون مثيرة للإشفاق ومجسدة حين نقرأ تفاصيلها بتمعن لعظمة الهدف

ولعل البداية كانت من المذبحة التي راح ضحيتها الشيخ ناجي الغادر ورفاقه على يد النظام في الجنوب متمثلاً في قيادته، إذ تمت تصفيته ورفاقه بعد استمالتهم إلى الجنوب، وبعد تواصله مع وزير الداخلية في الجنوب محمد صالح مطيع في حينها محاولةً منه ،أي الغادر، مساومة النظام الجمهوري في الشمال والإخوان السعوديين بعد أن رفضوا تنفيذ مطالبه وتسويغها، وهماً منه بأنه بهذا قد يشكل ضغطاً على الطرفين ،بيد أن الرياح جاءت بما لا يشتهي الفلاح ،-

ولعل التاريخ قد يعيد نفسه اليوم إذ أن هناك من يعزف على نفس الوتر لمآرب يعلمها الله -  إثر ذلك وبعد هذه المذبحة ومن ضمن الأسباب التي تلملمت وانسكبت من ثم في حضن أوقيانوس الأسباب التي سوغت تحقيق الهدف الخامس ، التحرشات التي نفذها الجنوب في حق الشمال سواءً في كمران وميون أو كرش والشريجة والراهدة أو البيضاء وغيرها والتي سببت قلقاً كبيراً يهدد دعائم الجمهورية المؤسسة حديثاً والتي كانت ما تزال في حالة صراع مع بعض ممن لم يفيقوا  من التنويم الأمامي المتخلف عدا ذلك أن الجنوب حينها كانوا على اتصال وثيق بجهات خارجية منها جهاز المخابرات السوفيتية الـK .G.B وأخرى وهذا هو ماسبب مخاوف لدى الثوار في الشمال

ورغم ذلك فقد ذاد الشمال متمثلاً في الجمهوريين عن حماهم ويردوا الحجر من حيث  جاء فالشر لا يدفعه إلا الشر لتنطلق من ثم شرارة 1972م بين الشمال والجنوب، وتُقسم المهام بين الضباط الأحرار رواد الثورة والجمهورية وكلف كلٌ منهم بمهمة من أجل احتواء النزاع والسيطرة على الموقف وهنا نتذكر إنجاز المهمة بنجاح من الجميع عدا شيء واحد كان له تبعاته فيما بعد وهو أن الحمدي الذي كان ضمن الضباط المكلفين بالمهمة بدلاً من أن يسيطر كأقرانه على المناطق والمنافذ المكلف بها استغل الأمر وبرم حلفاً وعلاقة مع الجنوب حينها لمآرب خاصة وشخصية، وهو نفسه الأمر الذي نجده اليوم ممن يستغلون الأزمة التي تمر بها البلاد بسياسة أعجز عن إيجاد تصنيف لها إلا أنها تعبر عن مصالح شخصية بحتة لها أبعادها السياسية المستقبلية الخاصة والتي لايُحمد عُقباها

بمعنى أن البلاد قادمة على دوامات أكثر خطورة مما نحن فيه طالما وأن الشباب هم الواجهة التي يتستر خلفها هؤلاء بذريعة حمايتهم وتقديم الحماية لهم حتى تصل الأزمة إلى الذروة فيظهرون بعد أن ذروا الرماد على العيون وهذا لايعتبر على الإطلاق حُباً للبلاد والحال هُنا كـــقولهم " لاحُباً في علي ولكن كُرهاً في معاوية "، وبعد هذا الاستطراد المقارن نعود إلى أصل الحكاية الهدف الخامس، فبعد ما دار من صراع في المنافذ وتمت السيطرة عليه من قبل الجمهوريين كان  التدخل المسئول من قبل جامعة الدول العربية لحل الأزمة وفك الصراع بين الطرفين وترى في الختام أن الحل الوحيد هو لم الشمل بينهما وتحقيق الهدف الخامس، فكانت النار التي اندلعت بمثابة الرعشة الأولى للطائر والتي هي مقدمة للتحليق..!!

بعد ذلك جاءت قمة الكويت لرسم التفاصيل التي شكلت معالم الجنين في الرحم ثم تلتها قمة طرابلس ثم أخرى ودواليك حتى تحققت عام 1990م

ولعل من أهم ما يثير الدهشة والإجلال أيضاً أن الهدف الخامس ظل وسيظل ثابتاً ثبات الجبال تحرسه العناية الإلهية ويبدو لي أن الصراع وتعاقب الحكومات لم يكن سوى شغفاً ورغبةً في نيل شرفه وشرف تحقيقه وليس طمعاً، كما قد يخال البعض، في الكرسي أو هوساً بالسلطة وإمساك مقاليد الحكم بدليل أن كل  حكومة كان لها دورها في التقدم نحو تحقيق هذا الهدف الذي كان الهدف  الخامس من الأهداف الثورية السبتمبرية الستة، لقد كانوا أشبه بالفراش التي تحلم وتأبى أن تهلك إلا في حضن النور الذي  هو فلك جمال ومدار حياة ، وذلك النور لم يكن سوى تحقيق " الهدف الخامس " " الوحدة " ..!!

أليس جديرٌ بنا بعد هذا أن نفقه جيداً عظمة المسئولية التي على عاتقنا وهي الحفاظ على "الهدف الخامس " والذي نجده هدفاً مقدساً له حرمته لاينتهكها إلا جاهل ومن أقترب منها أو حاول تدنيسها فقتله فيما أحل الله لأن الوحدة جمعت الأخ بأخيه والأم بأبنها ولمت شعباً عاش مشتتاً قروناً من الزمن يشبهها تفصيل أعضاء جسد واحد ومن كان في شكٍ من هذا فليقرأ تاريخ اليمن القديم وسيعرف كل التفاصيل ..

Total time: 0.0404