أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

ورقة الرئيس اليمني الاخيرة: الحرب الاهلية

- صحيفة القدس العربي
قصف بيت صادق الاحمر شيخ قبائل حاشد بالقذائف والصواريخ من قبل القوات الحكومية، يؤشر لاندلاع شرارة الحرب الاهلية في اليمن، وقرار الرئيس علي عبدالله صالح حسم الامر بالحلول الامنية، واسدال الستار بالكامل على المبادرات السلمية لانهاء صراعه مع المعارضة والثورة الشعبية السلمية التي تطالبه بالرحيل يؤكد ذلك.

الرئيس علي عبدالله صالح استمر في الحكم لاكثر من ثلاثين عاما استنادا الى معادلة راسخة للقوة، حكمت علاقته مع مشيخة قبيلة حاشد التي ينتمي اليها، ملخصها: لك رئاسة اليمن ولنا زعامة القبيلة ورئاسة البرلمان، وحصة لا بأس بها من التجارة وقطاع الاعمال اي 'البزنس'.

الشيخ المرحوم عبدالله الاحمر كان رجلا يتمتع بذكاء فطري وحكمة يمانية، وزعامة كاريزمية، وقد وظف كل هذه الصفات لحماية هذه المعادلة وتثبيتها حفاظا على اليمن واستقراره، وبقاء الحكم في القبيلة، دون الصدام مع القبائل اليمنية الاخرى، وخاصة قبيلة بكيّل المنافسة.

بعد انتقال الشيخ الاحمر الى الرفيق الاعلى بدأت هذه المعادلة تتآكل، وتتساقط اضلاعها الواحد تلو الآخر، وساعد على ذلك استفحال الفساد والمحسوبية والتفرد بالسلطة من قبل الرئيس والمجموعة المحيطة به.

ابناء الشيخ الراحل لم يتعايشوا مطلقا مع هذه المعادلة ولم يقبلوا بها، خاصة بعد ان تابعوا جهود الرئيس اليمني ومحاولاته لتوريث الحكم لابنه احمد، وتوزيع قيادات المناصب الامنية والعسكرية على ابناء اشقائه، ولذلك وجدوا انفسهم في حل من الالتزام بأي هدنة مع النظام بعد وفاة والدهم الذي عمل دائما على كتم تمردهم بالاقناع والحكمة، واعتبروا انفسهم احق بالحكم من ابن الرئيس، ولذلك انضموا منذ اليوم الاول الى الثورة الشعبية، وانسحب بعضهم من الحزب الحاكم، بينما انسحب البعض الآخر من البرلمان، والشيخ صادق الاحمر الرئيس خلف والده في هذا الموقع.

الرئيس علي عبد الله صالح كان على علم بالمشاعر الحقيقية لابناء الشيخ الاحمر تجاهه، وخاصة الدهاة الثلاثة منهم حمير وحسين وقائدهم حميد الذي يتمتع بثقافة عالية، وتعليم راق وقدرة على الحديث بلغات اجنبية، والانكليزية منها على وجه الخصوص.

المتحدثون باسم الرئيس اليمني يقولون ان قصف بيت الشيخ صادق الاحمر جاء رداً على محاولة اتباعه مدعومين بحشود شعبية اقتحام وزارات عديدة من بينها وزارتا الداخلية والتجارة ومبنى الاذاعة والتلفزيون، ولكن هذه الحجة لا تبرر قصف منزل الشيخ ومقتل ستة من انصاره.

الرئيس علي عبد الله صالح قطع شعرة معاوية مع شيخ قبيلته، وانهى هدنة مع زعامة اسرته استمرت لعقود مضت، وهذه مغامرة، او مقامرة، قد تكون مكلفة للغاية له ولليمن واستقراره، لان الحرب الاهلية اذا اندلعت من الصعب وقفها، او معرفة نقطة النهاية فيها.

من الواضح ان الرئيس اليمني اقدم على هذه الخطوة كخيار اخير لانهاء الثورة الشعبية، وتحديد هوية الاعداء من الاصدقاء بشكل واضح وحاسم، وهو رجل لا يقدم على خطوة كهذه دون اجراء حسابات دقيقة، الا اذا كان قد فقد البوصلة، ودخل في مرحلة من الارتباك وانعدام الخيارات الاخرى فقرر ركوب المجهول.

وما يجعلنا نرجح تمهيده لهذه الخطوة الاخطر في تاريخ حكمه، استنفاده كل اساليب المناورة لتعطيل توقيع مبادرة السلام الخليجية التي توفر له رحيلاً كريماً الى منفى آمن، وباتت قدرته لكسب المزيد من الوقت محدودة للغاية، ولهذا قرر استخدام الورقة الاخيرة في جعبته، وهي الحلول الامنية العسكرية لوضع حد للثورة الشعبية واستعادة هيبة الحكم الضائعة.

لا يمكن ان يقدم الرئيس اليمني على معاداة زعامة قبيلته، ويخلق حالة ثأر معها الا اذا كان يملك خطة لتقسيمها، اي القبيلة، وربما خلق ثورة داخلية لقلب زعامتها، واعادة خلط الاوراق، والدخول في تحالفات قبلية اخرى منافسة.

الايام المقبلة ستكشف خطط الرئيس علي عبد الله صالح، وهي خطط من الصعب الحكم عليها قبل معرفة تفاصيلها، ولكن ما يمكن التنبؤ به هو ان خطوته الخطيرة هذه مشروع فتنة، وتفجير لحرب اهلية، من الصعب، بل من المستحيل ان يخرج منها منتصراً، او حتى حياً يرزق.
تعليقات الزوار
1)
ابو محمد -   بتاريخ: 10-06-2011    
لو كان الرئيس يريد حربا فهو القادر عليها لكنه اثبت انه بطل السلام والصبر والحلم والتسامح حتى بعدما قصفوه الى المسجد وهو يصلي فمن يقول بعد ذلك انه يريد حرب اهلية فهو بلا عقل ومدفوع من قبل تجار الحروب الخونة الذين اذا لم يتخلص منهم الرئيس فسوف نقطعهم بأسلحتنا واسناننا ونرميهم للكلاب .

Total time: 0.0612