كشفت مصادر مطلعة عن توجه السلطات اليمنية لإنهاء كافة مظاهر الاحتجاجات وإخلاء الساحات في مختلف المدن من المعتصمين المرابطين منذ نحو أربعة أشهر.
وأوضحت هذه المصادر لـ" العربية.نت" أن اجتماع مجلس الدفاع الوطني برئاسة الرئيس علي عبد الله صالح يوم أمس الأحد والذي جاء في أعقاب إذاعة البيان رقم (1) لقادة القوات المسلحة المؤيدة لثورة
الشباب والذي أصدره عدد من كبار القادة العسكريين الذين انشقوا عن الرئيس صالح , قد أقر الشروع في فرض سياسة الأمر الواقع وإخلاء كافة ساحات وميادين الاعتصامات من المتظاهرين وبما يعيد
فرض هيبة الدولة وسيطرتها على الأوضاع دون انتظار أي إجراءات سياسية في هذا الجانب , وذلك في إشارة إلى المبادرة الخليجية التي كان ينص أحد بنودها على إنهاء كافة مظاهر وأسباب التوترات السياسية والأمنية والاقتصادية.
وأشارت هذه المصادر الى أن البداية لتنفيذ هذا التوجه جاءت من مدينة تعز " 256كيلومتر إلى الجنوب من صنعاء" والتي كانت شهدت البداية الأولى لموجة الاحتجاجات المطالبة برحيل الرئيس صالح والتي عمت لاحقا مختلف المدن اليمنية.
وفيما يرقد محافظ محافظة تعز حمود خالد الصوفي في أحد مستشفيات مدينة جدة السعودية بعد تدهور حالته الصحية , فقد عهد الرئيس صالح بمهمة إعادة السيطرة على الوضع في تعز إلى قيادة عسكرية برئاسة نائب رئيس هيئة الأركان العامة لشوؤن العمليات اللواء الركن علي محمد صالح والذي كان يتولى قيادة لواء تعز مطلع ثمانينات القرن الماضي إبان المواجهات العسكرية بين الحكومة اليمنية والجبهة الوطنية المدعومة من قبل النظام الماركسي في جنوب اليمن آنذاك.
وكانت قوات الأمن مدعومة بقوات من الحرس الجمهوري قد اقتحمت مخيمات ساحة الحرية بمدينة تعز يوم أمس الأحد مواصلة عملياتها التي أسفرت حتى مساء اليوم الاثنين 30-5-2011 عن مقتل أكثر من 20 متظاهرا وجرح العشرات.
ووفقا لمصادر محلية فقد تم استخدام الجرافات لإزالة خيام المعتصمين من الساحة , كما أن الانتشار الأمني والعسكري الكثيف في مختلف شوارع المدينة ومداخلها حال دون إعادة تجمع المعتصمين في أي ميدان.
وقال الناشط الشبابي قاسم غالب لـ" العربية.نت "أن الإجراءات القمعية غير المسبوقة تسعى الى اجتثاث كافة المظاهر الاحتجاجية في تعز تأتي كخطوة أولى على طريق انهاء الاحتجاجات في كافة المدن اليمنية , غير أن هناك تصميم من كافة التنظيمات الشبابية على العودة مجددا بحجم يفوق الحجم السابق.
وتعد محافظة تعز أكبر المحافظات اليمنية من حيث عدد السكان حيث يقطنها أكثر من 3 مليون نسمة وتعد في صدارة المحافظات لجهة نسبة التعليم وارتفاع مستويات الوعي ويطلق عليها العاصمة الثقافية لليمن.
وتصدرت تعز مشهد الاحتجاجات اليمنية , ففي 12 فبراير/ شباط الماضي فرقت قوات الأمن المتظاهرين من أمام مبنى المحافظة وشارع التحرير ليتحولوا الى منطقة أخرى تعرف بمنطقة " صافر " وأطلق عليها لاحقا ساحة الحرية التي شهدت انضمام المعتصمين من مختلف شرائح المجتمع وظهرت عدد من الحركات الشبابية مثل " الشعب يريد التغيير " و" شباب من اجل التغيير " و "حركة إرحل " وأيضا" شباب التغيير بتعز".
ومن ساحة الحرية بتعز انطلقت حملة 10 مليون توقيع تطالب برحيل الرئيس علي عبد الله صالح . وسقط أول الضحايا من المعتصمين في هذه الساحة في جمعة البداية في 18فبراير/ شباط الماضي . وفي مطلع ابريل/ نيسان الماضي شهدت ساحة الحرية بتعز أكبر حشد من المحتجين على مستوى الجمهورية اليمنية حيث بلغ نحو مليون ومائتين ألف مشارك.
ومن الشعارات البارزة التي يرفعها المعتصمون في تعز " يا علي اطوي فرشك ..من تعز يسقط عرشك " وربطت كثير منها بين صعود الرئيس صالح إلى الحكم من تعز والإصرار على إسقاط نظامه من تعز أيضا.
فقد كان الرائد علي عبد الله صالح " حينها يشغل قائدا عسكريا للواء تعز أغلب سنوات عقد السبعينيات وحتى تاريخ توليه سدة الحكم في 17 يوليو تموز 1978.
وعانى الرئيس صالح من حرب المناطق الوسطى في مواجهة الجبهة الوطنية الماركسية المدعومة من السلطات في جنوب اليمن , حيث شهدت كثير من مناطق تعز تلك المواجهات أواخر السبعينيات ومطلع ثمانينيات القرن الماضي.
وبعد تحقيق الوحدة اليمنية في 1990 أخفق حزب الرئيس صالح " المؤتمر الشعبي العام " في تحقيق نتائج مرضية في مدينة تعز التي تضم 43مقعدا انتخابيا ذهبت اغلبها للتجمع اليمني للإصلاح " ذو التوجه الإسلامي" والحزب الاشتراكي اليمني والتنظيمات الناصرية. وتنتمي العديد من القيادات البارزة في المعارضة لهذه المحافظة.