وأوضحت الصحيفة أن القتال الذي خلف 130 قتيلا في عشرة أيام لا علاقة له تقريبا بثورة الشباب الذين اعتصموا منذ بداية يناير/كانون الثاني الماضي مقتدين بما حدث في تونس.
ما يجري إعادة أحداث قديمة تتعلق بالسيطرة على السلطة والمال بين أنصار الرئيس صالح وعائلة الأحمر |
وقالت إن القتال الجاري في اليمن همّش الولايات المتحدة والجهود الإقليمية الهادفة إلى ترتيب خروج الرئيس صالح وتنظيم انتقال سلمي إلى الانتخابات، لكن عزم مقاتلي الأحمر في الأسبوع الماضي دفع المراقبين إلى توقع غرق اليمن في قتال بين طرفين متكافئين لا يملك أي منهما القدرة على الحسم.
وأضافت الصحيفة أن استمرار القتال سيصرف جهود القوات الحكومية عن عمليات مكافحة الإرهاب، وهو ما يؤدي إلى خلق فراغ يستغله المتطرفون مما سيؤثر على جهود الولايات المتحدة التي نقلت تجهيزات أمنية وعسكرية مهمة إلى اليمن من أجل ضرب فرع القاعدة في الجزيرة العربية، والتي سيطر موالون لها على مبان في زنجبار عاصمة محافظة أبين الجنوبية.
وأوضحت أن اللاعب الثاني في اليمن هو الجنرال علي محسن الأحمر الذي يقود الفرقة الأولى مدرع ودفع بجنوده لحماية المحتجين المعتصمين بعدما استهدفهم قناصة وقتلوا عددا منهم، لكنه لم يستخدم قواته ضد الرئيس صالح.
وقالت الصحيفة إنه حتى عهد قريب كانت المصالح المالية والاقتصادية بين عائلتي صالح والأحمر مرتبطة بشكل وثيق، لكن الاحتجاجات التي استهدفت الحكم الاستبدادي للرئيس صالح فتحت التوتر المشتعل منذ فترة طويلة حول تقاسم غنائم السلطة، ومنذ 23 مايو/أيار الماضي دخلت القوات الموالية للرئيس صالح في قتال عنيف ضد المسلحين القبليين لعائلة الأحمر.
وقالت أبريل آلي رئيسة المحللين في المجموعة الدولية للأزمات قسم الجزيرة العربية "إن القتال بين المجموعتين يهدد بإغراق اليمن في حرب أهلية، وهذا بالتأكيد يلقى بظلاله على جهود المحتجين الذين كانوا يأملون تغييرا هادئا للسلطة".
عائلة الأحمر ساعدت صالح على تولي السلطة عام 1978، لكنه عمد تدريجيا إلى تركيز السلطة حوله، وهنا بدأت القطيعة تنمو بين العائلتين |
وقالت الصحيفة إن عائلة الأحمر كانت حليفة للرئيس صالح منذ ساعدته على تولي السلطة عام 1978. وكان الشيخ عبد الله الأحمر أبرز شيوخ اليمن وزعيم قبيلة حاشد التي ينتمي إليها الرئيس صالح، وعندما توفي عام 2007 لم يستطع أي من أبنائه العشرة احتلال مكانته بمن فيهم خلفه وهو ابنه صادق الأحمر. ورغم استمرار نفوذهم وثرائهم، عمد الرئيس صالح تدريجيا إلى تركيز السلطة حوله وتوزيعها بين ابنه أحمد علي عبد الله صالح وأبناء إخوانه، وهنا بدأت القطيعة تنمو بين العائلتين كما تقول آلي.
وفي انتخابات 2006 وقف حميد الأحمر -وهو ابن عبد الله الأحمر وأحد كبار رجال الأعمال في اليمن- إلى جانب خصوم الرئيس صالح، بينما بقي والده في صف الرئيس. وفي عام 2009 تحدث حميد إلى قناة الجزيرة ودعا إلى رحيل صالح، وقال إنه متهم "بالخيانة العظمى"، واتهمه بتحويل اليمن إلى مؤسسة عائلية.
وفي مارس/آذار الماضي أيد الشيخ صادق الأحمر المحتجين وزارهم عدة مرات في ساحة التغيير، ودعا إلى رحيل الرئيس صالح.
أما صالح فقد وعد بالرحيل ثلاث مرات وفي كل مرة يتراجع، وكانت آخر مرة تراجع فيها الشهر الماضي عندما رفض اتفاقا يضمن حصانته من الملاحقة مقابل التخلي عن السلطة، وبدلا من ذلك اشتد القتال في الشوارع عندما هاجمت قواته مقر الشيخ صادق الأحمر.
وقال مدير مركز الدراسات المستقبلية في صنعاء فارس السقاف "عندما ظهرت فكرة تولي السلطة بعد صالح، رأى أبناء الأحمر أنهم أولى بها من ابن الرئيس صالح"، وأضاف "وهذا ما أدى إلى نقطة تحول في العلاقة بين عائلة الأحمر وصالح، وهذا هو سبب قرار صالح مهاجمتهم واعتبارهم منافسه السياسي الرئيسي".
عندما ظهرت فكرة خلافة صالح، رأى أبناء الأحمر أنهم أولى بها من ابنه، وهذا ما أدى إلى نقطة تحول في العلاقة بين عائلة الأحمر وصالح، وهو سبب قرار صالح مهاجمتهم واعتبارهم منافسه السياسي الرئيسي |
وقال كريستوفر بوسيك من معهد كارنيغي للسلام إن المحتجين يريدون المحاسبة والحكم الرشيد، ولا يريدون ذهاب عائلة ومجيء أخرى.
لكن هجوم صالح على منزل صادق الأحمر غيّر من نظرة بعض المحتجين لهم كما يقول عيسى عبد الله وهو أحد المعتصمين بساحة التغيير، إذ "كثير من الناس بمن فيهم بعض رجال القبائل كانت لهم نظرة سلبية تجاه عائلة الأحمر، لكن هجوم صالح عليهم جعل منهم أبطالا".
وقالت الصحيفة إن حميد الأحمر بعث إشارات عديدة تفيد برغبته في خلافة صالح كما قال عام 2008 لفيكتوريا كلارك مؤلفة كتاب "اليمن"، وهذا رغم أنه قال من قبل إنه يؤيد وجود جنوبي في رئاسة اليمن.
وقال بوسيك إن "عائلة الأحمر مسلحة لكنها لا تملك القدرة على إسقاط صالح، كما أن قوات الحكومة لا تملك القدرة على هزيمة عائلة الأحمر، وهذا قد يستمر طويلا ويمكن أن يتحول إلى الأسوأ".