لقد خرج ماركس من قبره وأصبحت له اليد العليا في حكومة شرف، ولأنه شديد العداء للدين عامة وللإسلام خاصة فقد وضع شروطا يستحيل توافرها في أي مكان بالقاهرة الكبرى لبناء مسجد وحيد، تتساوى في ذلك المناطق الشعبية العشوائية: كبولاق وعين شمس وعزبة النخل وأمبابه، مع المناطق الراقية: كالزمالك والمهندسين وجاردن سيتي ومصر الجديدة.
إن لم تصدقني عزيزي القارىء فلك مني ألف جنيه عن كل مكان تجده في القاهرة الكبرى تتوافر فيه الشروط الخمسة لماركس ولينين لبناء المساجد وهي باختصار: قطعة أرض فضاء لا تقل عن ألف متر مربع، وتبعد عن أقرب مسجد بمسافة ألف متر، ولا تكون على ضفاف النيل، ولا على أرض زراعية، ولا أسفل أو أعلى عماره.
قد يقول قائل: إن المساجد الموجودة بالقاهرة الكبرى كثيرة جدا، وإن المسافة بينها في بعض الأماكن لا تزيد عن عشرات الأمتار. والحق أن الأمر كذلك، ولكن ليس هذا هو معيار بناء أو منع بناء المساجد، العبرة في البناء أو المنع متعلقة بأمرين:
1) قدرة المساجد الحالية على استيعاب المصلين: يتبين جليا لكل ذي عينين أنها تعجز عن استيعاب المصلين يوم الجمعة فيضطرون في معظم مناطق القاهرة الكبرى إلى افتراش الأرصفة والشوارع للصلاة.
2) المعايير التي وضعتها الأمم المتحدة: حددت الأمم المتحدة حد أدني وحد أقصى للمساحة الواجب توافرها للفرد في دور العبادة، الاحتكام لهذه المعايير يحقق ثلاث أهداف:
أ) يدفع عن الحكومة والدولة تهمتي الإضطهاد أو التدليل.
ب) الأرتياح النفسي للمصريين جميعا، فلا أحد يشعر بأن الأخر فرض عليه رأيه أو شريعته.
ج) فضح المتطرفين من الجانبين، فرفض الاحتكام للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية هو التطرف بعينه.
فأي منطقة يتوافر بها دور عبادة تتناسب مع معايير الأمم المتحدة، يجب منع بناء دور عبادة جديدة بها. وإن لم تتوافر فيجب تقديم كافة التسهيلات لبناء دور العبادة.
الميزة الوحيدة (لقانون ماركس ولينين) المسمى خطئا (بقانون دور العبادة الموحد) أنه فضح الكثير!!.
أول المفضوحين: حكومة شرف: فقد ثبت إنها تضم أعضاء - لهم اليد العليا والرأي المسموع - يكنون العداء للإسلام والمسلمين بدرجة أكبر من عداء نظام مبارك نفسه الذي تعفف عن إصدار مثل هذا القانون رغم الضغوط التي تعرض لها.
ثاني المفضوحين: شيخ الأزهر:
1) السكوت علامة الرضا، لن تجد له في جميع وسائل الإعلام انتقادا واحدا لقانون منع بناء المساجد. في حين تجد ثمانية أخبار عن رفض الكنائس لهذا القانون - في الموقع الإلكتروني لليوم السابع فقط - خلال الفترة من 26/5/2011 حتي 15/6/2011 ومطالبات بتعديلات عليه، سيتبين لك بعد قليل أنها من قبيل طلب لبن العصفور.
ولنحمد الله أن فضيلته لم يطالب بهدم المساجد الموجودة فعلا والمخالفة للشروط!!
2) تبديل المواقف: صرح قبل ثورة 25 يناير بأن مصر غير محتاجة لقانون دور العبادة الموحد في حين يلتزم الصمت حاليا تجاه هذا القانون بالرغم من تضمينه شروطا تمنع بناء المساجد منعا تاما.
ثالث المفضوحين: الكنائس المصرية الثلاثة: فقد تقدمت بتعديلات تفضح حقيقة أزمة بناء الكنائس في مصر، فالمشهور إعلاميا أن رفض المسلمين لبناء الكنائس هو سبب الأزمات. فهل هذا هو السبب الحقيقي لهذه الأزمة؟ أقرءوا معي التعديلات التي طلبتها الكنائس لتعرفوا الحقيقة:
1) (وبناء كنيسة ما دام وجد 50 شخصا يريدون الصلاة فإنهم يستحقون دور عبادة) المصري اليوم 14/6/2011.
لو استجيب لهذا الطلب لاحتاجت مصر ذات ال 85 مليون نسمة إلى ما يقرب من 2 مليون دار للعبادة !!!
2) (واتفق على ضرورة ملاحظة القانون للطوائف المسيحية الثلاث أن يكون لها دار للعبادة فى نفس المنطقة، دون التمسك بهذه المسافة، وأن تكون المسافة بين دار عبادة وأخرى لنفس الطائفة) اليوم السابع 15/6/2011 .
لو استجيب لهذا الطلب لأصبحنا أمام وضع في غاية الكوميديا!! المسلمون أكثر من 90% من السكان معترف بهم كطائفة واحدة، سيكون لهم في المنطقة الواحدة مسجد واحد. والمسيحيون أقل من 10% من السكان معترف بهم كثلاث طوائف، سيكون لهم ثلاث كنائس!!!
هل عرفت لماذا تتزامن الأزمات والفتن مع بناء الكنائس؟ لأن القيادات الكنسية لا تريد كنائس للصلاة، ولا تريد كنائس تتناسب مع معايير الأمم المتحدة، ولا تريد كنائس تتناسب مع الحاجة الفعلية لها، بل تريد كنائس لأمرين:
أ) تغير بها الهوية الإسلامية لمصر. وهذا ما يرفضه المسلمون الذين لا يقبلون بهوية أخرى غيرها.
ب) تخدم مشروعها السياسي المتمثل في أنهم أصحاب البلد الأصليين، وأن المسلمين: غزاة، محتلين، ضيوف، عليهم الرحيل سلما أو حربا إلى الجزيرة العربية.
لا تتسرع باتهامي بالمبالغة والتهويل، فإليك بعض أسماء القيادات الكنسية التي عبرت بصريح القول عن هذا المشروع: بيشوي، توماس، بسنتي، عبدالمسيح بسيط ... هل تستطيع أن تذكر أسم قيادة كنسية واحدة رفضت القول بأن الأقباط هم أصحاب البلد الأصليين وأن المسلمين غزاة أو محتلين أو ضيوف؟.
الترجمة الصريحة لمشروعهم السياسي يتمثل فيما صرح به أحد زعماء أقباطا المهجر: إننا نتطلع لليوم الذي نحرر فيه مصر من العرب كما حرر اليهود فلسطين، وإنشاء دولة قبطية تبدأ من الإسكندرية وتنتهي بأسوان.
لا تتعجب فقد تم طرد المسلمين من الأندلس بعد 800 عاما، فلماذا لا يطردوننا من مصر ولو بعد 2000 عام!!!!
إنهم يشعلون صراعا على الوجود... وليس مجرد خلافا على الحقوق، فأفيقوا أيها المسلمين المصريين قبل فوات الأوان.
رابع المفضوحين: الإعلام الغارق في سيطرة رأس المال الطائفي، وعقيدة ماركس ولينين:
كيف كان سيتعامل الإعلام لو طالب أحد الإسلاميين ببناء مسجد لكل 50 شخص؟ كيف كان سيتعامل الإعلام لو كان المسلمين هم ال 10% والمسيحيين هم ال 90% ورغم ذلك طالب المسلمين بثلاثة مساجد في مقابل كنيسة واحدة؟
هل قرأت مقالا واحد، أو كاريكاتير واحد، يندد بهذه الطلبات؟
هل وجدت هذه الأخبار في مانشيت واحد في الصحف، أم دسوها بين الأخبار لعلها تمر مرور الكرام؟
خامس المفضوحين: بعض الإسلاميين: –عديمي الخبرة بالمحاورة والعمل السياسي- الذين لا يحسنون الدفاع عن الحق فيقول أحدهم: (هيئة النقل العام بالقاهرة جعلت المسافة بين كل محطة 500 متر فكيف نجعل المسافة بين المساجد بهذا الشكل) وهو بهذا القول يعطي موافقة ضمنية ليقوم الماركسيون بالحكومة بتخفيض المسافة بين دور العبادة إلى 500متر، فيلبسون ثوب غير المتعنت، في حين أن تخفيض المسافة بين دور العبادة ومثيلاتها إلى 500 متر لا يغير من الأمر شيء بالنسبة للمساجد نظرا للكثافة السكانية المرتفعة جدا، ويستحيل توافر هذا الشرط بعد التخفيض علي أي مكان بالقاهرة الكبرى.