سجلّت الأوساط السياسية اليمنية بدء ممارسة الفريق عبدربّه منصور هادي مهامه كرئيس بالإنابة عبر توقيعه قرار إقالة قائد اللواء 33 مدرع المرابط في مدينة تعز، والذي اتهم بالوقوف وراء المواجهات المسلحة التي وقعت في المدينة الأسبوعين الماضيين، وسط رصد تراجع المعارضة عن فكرة تشكيل مجلس انتقالي بسبب معارضة الجانب الدولي لهذه الفكرة، بالتزامن مع توقعات بنقل السلطة الأسبوع المقبل، في حين أعلن عن وفاة وكيل وزارة الأوقاف اليمنية محمد الفسيل متأثرا بجراحه التي أصيب بها في الانفجار الذي استهدف مسجد الرئاسة في صنعاء مع الرئيس علي عبدالله صالح وأركان الدولة.. في وقت سيطر الهدوء بشكل غير مسبوق على أنحاء اليمن: من شمال صنعاء وحتى جنوبها، ووصولا إلى تعز.
لكن المصادر المطلعة ذكرت أن هذا الهدوء لا يعكس انفراجا في الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ ستة شهور، بقدر ما يغطي حالة رعب تنتاب الشارع العام خشية فشل المفاوضات الخاصة بانتقال السلطة إلى الفريق عبدربه منصور هادي.
وفي حين نقلت مصادر سياسية التأكيد على أن عملية انتقال السلطة ستتم خلال الأسبوع المقبل.. رصدت المصادر أن هادي بدأ بممارسة جزء من مهامه كرئيس بالإنابة، حيث وقع على قرار إقالة قائد اللواء 33 مدرع المرابط في مدينة تعز والذي اتهم بالوقوف وراء المواجهات المسلحة التي وقعت في المدينة الأسبوعين الماضيين. كما نقل عنه وعده، خلال لقاء مع ممثلين عن قيادة الحركة الشبابية التي تمثل المعتصمين في ساحة التغيير في صنعاء، بإتمام عملية انتقال السلطة قبل نهاية الشهر.
تراجع عن المجلس الانتقالي
في هذه الأثناء، يبدو أن المعارضة بدأت بالتراجع عن فكرة تشكيل المجلس الانتقالي بسبب معارضة الجانب الدولي لهذه الفكرة، وبسبب المخاطر الدستورية التي ستترتب على هذه الخطوة، لأنها ستفتح المجال أمام أقارب الرئيس صالح لمواجهتها عسكريا لأنها لا تقوم على أساس دستوري؛ كما أنها ستدفع بالقوى المتصارعة على السلطة نحو الاقتتال حين يستند طرف إلى الشرعية الثورية في مواجهة الطرف الآخر الذي سيحمل قميص الشرعية الدستورية، بحسب ما أفادت مصادر سياسية متابعة.
وفيما يواصل الجانبان الأميركي والأوروبي بالتعاون مع الجانب الخليجي مساعي إتمام عملية انتقال السلطة، تعهد منصور هادي بتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع أتباع زعيم قبيلة حاشد الشيخ صادق الأحمر في صنعاء ومع أحزاب تكتل اللقاء المشترك المعارض في تعز.
إلى ذلك، يعتبر المراقبون أن عدم مباشرة اللجنة المكلفة بتهدئة الأوضاع الأمنية والإعلامية لعملها حتى الآن يعكس حجم التحديات التي يواجهها القائم بأعمال الرئيس الذي فشل حتى الآن في معالجة أزمة الوقود وانقطاع الكهرباء عن العاصمة وعدد من المدن الرئيسية، وهي الأزمة التي فاقمت من معاناة السكان ومن الأوضاع المعيشية المتدهورة.
على صعيد آخر، سادت موجة من الحزن والقلق في العاصمة صنعاء خلال الساعات الماضية بعد الإعلان عن وفاة وكيل وزارة الأوقاف اليمنية محمد الفسيل متأثرا بجراحه التي أصيب بها في الانفجار الذي استهدف مسجد الرئاسة في صنعاء. وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية ان نائب الرئيس بعث ببرقية عزاء إلى أسرة الفسيل الذي كان أصيب «إثر الاعتداء الإرهابي الغاشم على مسجد دار الرئاسة يوم جمعة أول رجب المحرم». ولم تشر الوكالة الى ما إذا كان الفسيل قضى نحبه في اليمن أم في السعودية، حيث كان نقل مع عدد من كبار المسؤولين الذين أصيبوا في الانفجار، ومن بينهم الرئيس علي صالح، في الرابع من الشهر الجاري .
أعلن في ساحة التغيير في جامعة صنعاء مساء أمس عن مشروع المجلس الانتقالي الوطني لشباب الثورة، الذي أعده التحالف المدني للثورة الشبابية.
ويعتبر المشروع، بحسب مسودة أولية، «ضمن الخطوات التي يتخذها شباب الثورة في المرحلة المقبلة بعدما يتم إسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح ورموزه بالكامل».
وقال التحالف المدني إن المشروع جاء في «ظل أوضاع وتدخلات من قبل الأطراف السياسية الداخلية وأطراف خارجية تسعى لإجهاض ثورة الشباب السلمية الشعبية»، بحسب تعبيره.
ومن مهام المجلس الانتقالي، الذي دعا له التحالف المدني، «تشكيل حكومة كفاءات مؤقتة وصياغة دستور جديد لدولة مدنية حديثة تعتمد على مبدأ الفصل بين السلطات، واستقلال كامل للقضاء والتداول السلمي للسلطة وحياد القوات المسلحة والأمن ويكفل تحقيق تنمية شاملة».
وطالب بيان مشروع المجلس استعادة كامل الأموال العامة المنهوبة والمغتصبة لخزينة الدولة. وإنشاء هيئات أو محاكم متخصصة للبت بالمظالم التي ارتكبت في حق الكثير من أبناء الشعب واسترجاع حقوقهم التي نهبت في ظل استقواء واستبداد النظام السابق وتعويضهم عن ما فاتهم من كسب ولحق بهم من خسارة». كما طالب بصياغة قانون انتخابات «يتفق مع شكل الدولة الجديدة، وتشكيل الجنة العليا للانتخابات من شخصيات نزيهة ومحايدة ولديها مؤهل وكفاءة وغير متورطة بقضايا الصراعات السياسية السابقة».
وطالب البيان بمحاكمة المتورطين بقتل وقمع احتجاجات الثورة السلمية واحتجاجات الحراك الجنوبي ومرتكبي جرائم الحرب في حروب صعدة، والتعويض العادل لأسر الشهداء والجرحى وجبر ضررهم وأسرهم.