أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

اعرف نفسك ..!!

- هايل علي المذابي

كل شيء كان في العتمة.. هكذا وجدت أعماقي في أول زيارة.. كنتُ غشيماً تنقصني المعرفة.. ينقصني الضوء.. ينقصني الدليل، فالأعماق فلاةٌ لا غور لها وبحرٌ من الظلمات..

 

ولطالما تساءلت: لماذا يُمجَّد الناس أولئك الذين استشهدوا في ساحة المعركة؟ إذ إن المرء ليُبدي شجاعةً مماثلة وهو يغوص في أعماق نفسه..!!

 

وعلى ذلك فإن استجابة الأديب لنداء أعماقه هو مقياس أصالته وهنا يتفاوت الكُتابُ.. فالنداء الباطن حاجة مُلحة إذا لم تُلبّ فإن المبدع العظيم يشعر بأنه سيموت...!!

 

أول زيارة كانت مأهولةً بخوف البدايات والمرء لا يؤاخذ على النظرة الأولى في عالم القيم بعدها تكررت الزيارات، إذ كنتُ كلما وجدتُ فرصةً للاختلاء بالنفس انسربت إلى الأعماق ولكن على وجسٍ خيفة أن يحس بي هذا العالم المأفون..!!

 

زائر الأعماق « مازوكي « بطبعه كمن يهاب مشاهدة أفلام الرعب بيد أنه لا يجد اللذة والمتعة إلا في مشاهدتها.. أو كمن يتلذذ بسادية الآخرين..!!

 

كل مرةٍ كنتُ أغوص فيها إلى أعماقي كان سقراط معي « اعرف نفسك « وبوذا « كما في أعماقك هكذا تكون « لأجل ذلك كان يلزمني المعرفة « معرفة الباطن « فالسطح شأن الجيف وعالم الحمقى والعبرة ليست في العالم الذي نسكنه بل في العالم الذي يسكننا.

 

في الأعماق لا يوجد أنصاف حلول ولا أنصاف مواقف، والأشياء كلها ملتبسة التباس الرؤى للرائي في علم النظرة،..

 

في الأعماق ثمة مسالك.. كلها زلقة، حوافها، حيطانها، ولا ما تتشبث به فإن سلكت فكن شجاعاً والشجاعة لا تعني انعدام الخوف بل وجود الخوف مع قوة الإرادة للمتابعة.. وإن أنت سلكت المسلك الخاطئ فسيكلفك ذلك أن تظل - ومن دون أن ترى - على خطأ حتى آخر رمقٍ في حياتك.. وقد تكون من أصحاب المنح فتجتمع لك كل المسالك في مسلكٍ واحد فتبدع فيها جميعاً ولكن تحت مسمى واحد هو اسم المسلك نفسه، ومثلما يقول المعلم الكبير بابا « موكتاننداBaba muktannda»:

 

«كثيرٌ موجودٌ في واحد.. وواحدٌ موجود في كثير.. فكثيرٌ من الأواني تُصنع من طين واحد.. ومن مختلف النيران يسطع النور.. اعرف نفسك ستعرف السعادة الكامنة في باطنك.. فابحث عنها في الباطن..»

Total time: 0.0587