تناول “HowStuffWorks” في تقرير مفصل آلية عمل الصناديق السوداء التي توضع على متن الطائرات ويتم الاستعانة بها عقب وقوع حوادث، حيث تثار العديد من التساؤلات بشأن أسباب سقوط الطائرات، وهو ما يجعل المحققون يتجهون نحو مسجل الأصوات في قمرة القيادة – المعروف أيضاً باسم الصندوق الأسود للحصول على الإجابات الصحيحة حول أسباب الحادث.
يتراوح سعر الصندوق الأسود بين 10 آلاف و15 ألف دولار، ويتم الكشف من خلاله عن تفاصيل الأحداث التي وقعت فور الحادث، وفي هذا التقرير، سيتم مناقشة كيف ينجو الصندوق الأسود من الحادث، وكيفية تحليله والحصول على معلومات منه.
بداية العمل بالصناديق السوداء.
- بدأ العمل بالصناديق السوداء في الطائرات عقب الحرب العالمية الثانية، حيث استخدمت تكنولوجيا الشرائط المغناطيسية لأول مرة في ستينيات القرن الماضي لتسجيل الأصوات.
- منذ تسعينيات القرن الماضي، بدأ استخدام نوع جديد من الشرائط يعتمد على لوحات صلبة للذاكرة وتحوي رقائق ثابتة لا تشمل أجزاء متحركة – وهو ما يعني عدم حاجتها للصيانة وانخفاض فرصة تلفها أثناء الحادث.
- هناك نسختين من الصناديق السوداء أولهما يسمى “مسجل بيانات الرحلة بسعة تخزين 25 ساعة، والآخر مسجل قمرة القيادة بسعة تخزين في الذاكرة لتسجيل أصوات لمدة ساعتين.
- يتم تجهيز الطائرات بأجهزة مستشعرات لجمع البيانات، ولا تتأثر هذه الأجهزة بأداء المحرك أو درجة الحرارة أو نسبة الضغط.
- من أجل جمع البيانات بشكل آلي، تحتاج المستشعرات لبرمجيات حديثة مقارنةً بالنسخ القديمة، ويوضع الصندوق الأسود عادةً أسفل قمرة القيادة، ويتم الحصول على البيانات بالكامل من المستشعرات وتخزينها.
- يزود الصندوق الأسود بمولدين أحدهما يحصل على الطاقة من محركات الطائرة، وتبلغ قدرتهما 28 فولت و115 فولت بتردد 400 “هرتز”.
النوع الأول من الصناديق السوداء: مسجلات الأصوات بقمرة القيادة
- في كل طائرة، يوجد مسجلات – تصل إلى 4 في بعض الأحيان وتتصل ببعضها البعض – لجميع الأصوات والضوضاء والأحاديث بين طاقم الرحلة، وترسل الأصوات إلى الصندوق الأسود ليتم تخزينها مع إمكانية تضخيم الصوت بواسطة وحدة تحكم مترابطة.
- توضع سماعات للرأس على الطيار ومساعده لجمع الأصوات، وفي الماضي كانت أول شرائط مغناطيسية ذات قدرة تخزين لمدة 30 دقيقة فقط، في حين تصل سعة تخزين الرقائق الصلبة – التي طورت بعد ذلك – إلى ساعتين.
النوع الثاني: مسجلات بيانات الرحلة
- صمم لتسجيل البيانات من أنظمة الطائرة عن طريق مستشعرات في عدة أماكن متصلة بوحدة جمع، وهي دقيقة بالشكل الكافي لرصد كافة ما يحدث بحد أدنى للتخزين يتراوح من 11 إلى 29 باراميتر بناءً على حجم الطائرة، وهناك مسجلات تصل قدرتها إلى 100 “بارميتر” وربما آلاف(هذا يعني تسجيل عدة تيرابايت من البيانات في كل رحلة).
- في يوليو/تموز عام 1997، أطلقت وكالة الطيران الفيدرالي قانوناً تنظيمياً يقضي بضرورة وصول سعة التخزين إلى 88 “بارمتر” على الأقل لجميع الطائرات التي تصنع بعد 19 أغسطس/آب عام 2002.
- تشمل عمليات التسجيل أيضاً رصد الزمن والضغط والسرعة والارتفاع والقدرة على التحكم بشكل عام والتحكم في العجلات وتدفق الوقود والاستقرار الأفقي.
صنعت لتنجو
- أخذ القائمون على صناعة الطيران في حساباتهم ضرورة استيعاب الصناديق السوداء لكافة العوامل من درجة حرارة مرتفعة والضغط، وتم وضع ثلاث طبقات من المواد على وحدات الذاكرة المضادة للتحطم داخل صندوق مستطيل.
- الطبقة الأولى من الألمنيوم الرقيق حول بطاقات الذاكرة، والثانية لعزل الحرارة المرتفعة وهي كثيفة يبلغ سمكها 2.54 سنتيمتر، والطبقة الثالثة عبارة عن واقي من الصلب، وأحيانا تصنع من التيتانيوم عالي الصلابة.
- يتم اختبار وحدة الذاكرة المضادة للتحطم لتأمين جودتها وقدرتها على استيعاب جميع الأجواء وإمكانية الحصول على المعلومات اللازمة حال وقوع أي حادث.
- تشمل الاختبارات القدرة على تحمل درجات الحرارة العالية والضغط المرتفع وغمرها تحت المياه ودرجة الملوحة والحرائق.
بعد التحطم
- رغم أن اسمها الصناديق السوداء، إلا أنها مطلية باللون البرتقالي الزاهي لكي يمكن فرق البحث من اكتشاف موقع الطائرة المحطمة في الماء، ويرى البعض أنها طليت في بادئ الأمر باللون الأسود، وهذا سبب التسمية.
- يحتوي الصندوق الأسود على مرسل لاسلكي لبعث إشارات من تحت الماء، وهو عبارة عن جهاز صغير جداً يقع على أحد طرفيه.
- إذا سقطت الطائرة في الماء، يرسل هذا الجهاز نبضات فوق صوتية لا تسمعها أذن البشر، ولكن يمكن التقطاها بمستشعرات خاصة، وهناك مستشعرات أيضاً على هذا المرسل اللاسلكي يتم تنشيطها وتفعيلها إذا لمست الماء.
- يمكن أن ترسل المستشعرات نبضة كل ثانية لمدة 30 يوماً بتردد 37.5 كيلو هرتز من عمق يصل إلى 4267 مترا تحت الماء.
استرجاع المعلومات
- بعد اكتشاف الصندوق الأسود، يرسل إلى معامل خاصة لاسترجاع المعلومات المسجلة ومحاولة الوقوف على أسباب الحادث بالتفصيل.
- يمكن أن تستغرق هذه العملية أسابيع وشهور، ويمكن أحيانا أن يحترق المسجل أو يتلف، وفي هذه الحالة، تزال رقائق الذاكرة ويجري تنظيفها ثم ربطها ببرنامج خاص لاسترداد البيانات.
- يتم إحضار فريق من الخبراء لتفسير البيانات المسجلة، ويشمل مسؤولين من الشركة المصنعة للطائرة المنكوبة ومتخصص في عوامل الأمان ومحقق، وفي بعض الأحيان مترجم.
- تعد عملية شديدة التعقيد لتفسير كل صوت بدقة شديدة، وهذا الأمر يستغرق أسابيع – وربما أشهر – ورغم التقدم التكنولوجي، ستظل الصناديق السوداء هي الملاذ الذي يقصده المحققون لبيان سبب الحادث.
مستقبل الصناديق السوداء
- تجري العديد من التحديثات على تكنولوجيا الصناديق السوداء باستمرار، ومن الممكن أن تتطرق لتسجيل فيديو وليس أصوات فقط، ولكن بعض الطيارين يرفضون ذلك بزعم أنها تتعدى على خصوصياتهم.
- تعد تكنولوجيا التصوير جاهزة للعمل بالفعل لدى بعض الشركات حيث أطلقتها “إيرباص” على مروحياتها بكاميرا تحمل اسم “The Vision 1000” يتم تثبيتها خلف رأس الطيار لتصوير جميع حركاته وسكناته.
- هناك تحديث آخر يلقى رفضاً، وهو تشريع في أمريكا يقضي بإمكانية وضع مسجلات إضافية يمكنها الانفصال ذاتيا عن الطائرة مثل مقعد قائد المقاتلات الحربية الذي يندفع بشدة خارجها عند تأكد تحطمها للنجاة بنفسه.
- من السهل معرفة أماكن هذه المسجلات كما أنها لن تتعرض لأي تلفيات، ولم يتم تمرير هذا التشريع بعد من الكونجرس الأمريكي.
- لا تقتصر الصناديق السوداء على الطائرات، بل تم وضع أجهزة مشابهة لتسجيل الأحداث في السيارات يستخدمها المحققون لمعرفة أسباب الحادث، وربما لا يعلم الكثيرون بوجودها أصلا في سياراتهم.