اخبار الساعة - متابعة
جلس موفق الربيعي في مكتبه وخلفه تمثال للرئيس العراقي الراحل صدام حسين وعلى رقبته حبل المشنقة، وتذكر آخر دقائق في حياة الرجل الذي حارب إيران لثمان سنوات وزلزل العالم العربي بتصريحاته، وانتهت بلاده في يد الأمريكان وحلفاءهم.
موفّق الربيعي هو مستشار الأمن القومي السابق الذي شاهد عملية إعدام صدام حسين عام 2006 قال إن الرئيس العراقي الراحل كان قويًا حتى النهاية، ولم يعبّر عن أي ندم أو خوف أثناء إعدامه.
وأضاف موفق الربيعي في حديثه مع “وكالة الأنباء الفرنسية” كاشفًا التفاصيل الأخيرة في حياة صدام حسين قبل الإعدام: “مجرم؟! حقيقي. قاتل؟! حقيقي. جزّار؟! حقيقي. لكنه كان قوي حتى النهاية”.
وتابع: “لقد استقبلت صدام حسين على الباب. لم يدخل أحد معنا لا أجانب، ولا أمريكان” مضيفًا خلال حديثه الذي تم في مكتبه بالكاظمية شمال بغداد بالقرب من السجن الذي حدث فيه إعدام صدام حسين: “لقد كان يرتدي معطفًا، وقميصًا أبيضًا، طبيعي، ومسترخي، ولم أر أي علامات من الخوف عليه”.
“بالطبع بعض الناس طلبوا مني أن أقول أنه انهار أو أنه كان تحت تأثير المخدرات، لكن هذه الحقائق التي أقولها للتاريخ، أنا لم أسمع منه أي ندم، أنا لم أسمع منه أي طلب للرحمة من الله له، أو طلب العفو”، أضاف موفق الربيعي.
تفاصيل إعدام صدام التي لم يظهرها الفيديو الشائع
قال موفق الربيعي الشاهد على إعدام صدام يحكي تفاصيل هذاالمشهد: “حينما صحبته كان مقيد اليدين ويحمل القرآن الكريم، ذهبت معه إلى غرفة القاضيى وقرأ عليه قائمة الادانات فقال صدام حسين: الموت لأمريكا. الموت لإسرائيل. تحيا فلسطين. الموت للفرس المجوس”.
ثم بعد ذلك صحبه موفق الربيعي إلى غرفة الاعدام وقال الربيعي: “توقف ونظر نحو حبل المشنقة من الأعلى والأسفل”، وقال للربيعي:”دكتور هذا المكان للرجال”.
حينما حان الوقت لإعدام صدام حسين تيبست قدماه فكان على الربيعي ورفاقه أنه يسحبوه بضع خطوات. وقبل إعدامه قام أحد الشهود على الإعدام بالصياح قائلًا: “يعيش محمد باقر الإمام الصدر.. مقتدى مقتدى” حيث كان يشير إلى معارضي صدام حسين الذي قُتِل خلال فترة حكمه، والشخص الذي كان يهتف باسمه كان قريب له وأصبح صاحب ميليشيا قوية بعد عام 2003″.
ردّ عليه صدام حسين قائلًا: “هل هذه الرجولة؟”. وقال الربيعي إنه سحب الرافعة لشنق صدام حسين لكنها لم تنجح. فقام شخص آخر بسحب الرافعة ما أدى إلى استشهاد صدام حسين الذي قال قبل إعدامه: “أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد.” لكن الإعدام تم قبل أن يتمكن من قول الكلمة الأخيرة: “رسول الله”.
ماذا حدث بعد الإعدام؟!
ذهب الربيعي تحت حبل المشنقة لاسترداد الجثة، حيث وضعت في كيس أبيض على نقالة، ثم تم نقل الجثة على متن طائرة هليكوبتر أمريكية من السجن حيث تم اعدامه إلى مقر إقامة رئيس الوزراء حينها نوري المالكي في المنطقة الخضراء شديدةالتحصين.
المروحية كانت مكتظة بالناس، والجسم كان على الأرض، وأبواب المروحية كانت مفتوحة خلالالطيران لأن النقّالة كانت طويلة جدًا على مساحة المروحية.
وأضاف موفق الربيعي: “في مقر إقامة رئيس مجلس الوزراء سلّم علينا ثم قال: بارك الله فيكم. قُلت له اذهب وانظر إليه. فذهب وكشف عن وجهه الغطاء ونظر إلى وجهه وشاهد صدام حسين”.
وتابع الربيعي:”لم يسبق لي أن أشعر بهذا الشعور الغريب. لقد ارتكب صدام حسين جرائم لا تعد ولا تحصى، وكان يستحق الإعدام ألف مرة، وأن يحيا ثم يعدم مرة أخرى، لكن هذا الشعور هو شعور غريب. الغرفة كانت تمثل الموت”.
واستطرد: “كان من المقرر إعدام صدام حسين بعد مؤتمر عبر الفيديو كونفيرنس بين المالكي، وجورج دبليو بوش الذي قال للمالكي ما الذي ستفعله في هذا المجرم؟ فأجاب المالكي: سنعدمه. فرفع بوش ابهامه له ليقول له رأي صائب ويبدي موافقته”.
رجل يحتاج لكتابة ألف مقال عنه
صدام حسين الذي حكم العراق ما يزيد عن عقدين من الزمان رأى فيه البعض أن حكمه تميّز بالقمع الوحشي، والحروب الكارثية، والعقوبات الدولية، أعدم شنقًا بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية لقتل ما يقرب من 148 قروي شيعي في الدجيل عام 1982.
وكان رئيسًا من يوليو 1979 حتى مارس 2003 حينما تم الغزو الأمريكي للعراق، وعثرت عليه القوات الأمريكية مختبئًا في حفرة بمزرعة بتكريت في شهر ديسمبر من نفس العام، وأعدم بعد ثلاث سنوات في 30 ديسمبر 2006 بعد محاكمة صورية.
بعض العراقيين خاصة السُنّة ينظرون لصدام حسين نظرة اعتزاز خاصة فترات الاستقرار الداخلي التي تقف في تناقض صارخ مع العنف الوحشي الذي ابتليت به البلاد بعد الإطاحة به.
ولا يمكن نسيان مواجهة صدام حسين في حرب الثمان سنوات مع إيران من عام 1980-1988، ومواجهته الولايات المتحدةالأمريكية، وحليفتها اسرائيل، ورباطة جأشه خلال إعدامه التي تم تصويرها بكاميرا هاتف محمول.